أصدر الكاتب الصحفي والناشط الحقوقي، حسام بهجت، اليوم الثلاثاء، بيانًا يوضح فيه ملابسات التحقيق معه من قبل النيابة العسكرية، بعدما تم احتجازه بمعرفة المخابرات الحربية. وقال بهجت: أود في البداية أن أعرب عن شكري لجميع من تضامنوا معي بأي صورة على مدى الأيام الثلاثة ل"استضافتي" من قبل الجيش المصري، المجال والتوقيت غير مناسبين هنا لرواية تفاصيل الأيام الثلاثة، ولذلك سأكتفي هنا بتسجيل الوقائع بإيجاز، متابعًأ: "توجهت صباح الأحد الموافق 8 نوفمبر لمقر إدارة المخابرات الحربية، بناءً على استدعاء كتابي للحضور، تسلمته على عنوان منزلي قبلها بثلاثة أيام، وقضيت قرابة ثلاث ساعات في المخابرات قبل أن يتم اقتيادي من سيارة عبر باب خلفي، وتحت حراسة مسلحة، إلى هيئة القضاء العسكري، بعد أن تم رفض طلبي الاتصال بأسرتي أو بمحامي أو بزملائي المنتظرين خارج المبني". وأكمل: "في القضاء العسكري تم الإبقاء عليّ تحت الحراسة في السيارة لمدة تجاوز خمس ساعات، وبعدها مثلت أمام عضو بنيابة شمال القاهرة العسكرية للتحقيق معي كمتهم، قاومت محاولات عديدة من الترغيب والترهيب للتنازل عن حقي في استدعاء محامي، ولكن تصميمي على موقفي انتهى بالسماح لي بإجراء مكالمة واحدة لإخطار صديق بمكان تواجدي وباحتياجي لمحامي". واستطرد: "مع حضور عدد كبير من الزملاء والأصدقاء والمحامين من رفاق نضال السنوات، بدأ التحقيق معي بمعرفة العقيد رئيس النيابة شخصيًا، وفي حضور قرابة 25 من محامي الدفاع المتطوعين، وانصب التحقيق حصريًا على تحقيق صحفي نشرته في موقع مدى مصر، 13 أكتوبر الماضي، بعنوان تفاصيل المحاكمة العسكرية لضباط بالجيش بتهمة التخطيط لانقلاب، والتحقيق جرى على خلفية بلاغ مقدم ضدي من المخابرات الحربية". وأضاف: "في نهاية التحقيق أخطرني رئيس النيابة أنني متهم بإذاعة أخبار كاذبة من شأنها إلحاق الضرر بالمصلحة الوطنية، وبنشر معلومات تضر بالسلم العام بسوء قصد، بموجب المادتين 102 مكرر و188 من قانون العقوبات، وبعد انتهاء التحقيق وصرف المحامين، تم تسليمي للمخابرات الحربية مرة أخرى، وانتظرت في نفس السيارة حتى الحادية عشرة مساءً، قبل أن تحضر سيارة أخرى على متنها ثلاثة مسلحين يرتدون الملابس المدنية، فتشوني بعناية فائقة، ثم نقلوني إلى سيارتهم ووضعت عصابة لتغمية عيني، وطٌلب مني خفض رأسي على المقعد المقابل لي". وأدرف: "وصلت إلى مكان لا أعلمه، ووقفت فترة في العراء، وجاءني خلالها طبيب سألني إن كنت أشكو من أمراض أو أتناول أدوية، ثم طلب مني خلع القميص والبنطلون وعاين جسدي ظاهريًا، وبعدها سُمح لي بإعادة ارتداء ملابسي وتم اصطحابي لداخل المبني ونزع العصابة عن عيني، والتحفظ على كافة متعلقاتي ومن بينها نظارتي الطبية، ثم اصطحابي إلى زنزانة ضيقة مظلمة خالية من أي شئ إلا بطانيتين على الأرض". وأكمل: "بعد حوالي ربع ساعة في الزنزانة، جاء الحارس لتغمية عينيّ مجددًا، واصطحبني للحديث مع مسئولين لم يفصح عن هويتهما، الذين أخبراني بأن المسألة ستنتهي في الصباح، وأمرا بتحسين ظروف احتجازي ونقلي إلى (الفيلا)، وتم اصطحابي إلى غرفة متواضعة نظيفة إلى حد كبير، بها سرير وملحق بها حمام صغير، وسُمح لي بإدخال بعض الطعام والشراب الذي حصلت عليه من المحامين في النيابة". واستطرد: "بقيت داخل الغرفة المأمنة بباب خشبي خلفه بوابة حديدية منذ منتصف ليل الأحد 8 نوفمبر، وحتى ظهيرة اليوم الثلاثاء 9 نوفمبر، وخلال هذه الفترة لم يتم التحقيق معي، وباءت كل محاولاتي بالفشل في مطالبة الحراس بإبلاغ المسئولين رغبتي في معرفة قرار النيابة العسكرية بشأن احتجازي، أو معرفة وضعي القانوني كمحبوس احتياطي أو محال للمحاكمة أو مخطوف أو حتى بمقابلة أي من الضباط". وتابع: "ظهيرة اليوم الأحد تم تغميتي مجددا، واصطحبني حارس مسلح في سيارة إلى المخابرات الحربية مجددًا، حيث اجتمعت لمدة ساعة بضابطين برتبة لواء ومقدم، وعلمت للمرة الأولى منهما بأن النيابة قررت حبسي أربعة أيام على ذمة التحقيق، ولكن المخابرات الحربية قررت إطلاق سراحي اليوم، وفي ختام اللقاء تم إملائي إقرارا كتابيا نصه، أنني ألتزم بالإجراءات القانونية والأمنية في نشر أي معلومات تتعلق بالقوات المسلحة، وأنني لم أتعرض لأي إيذاء بدني أو معنوي خلال فترة احتجازي بالمخابرات الحربية، ثم تم تسليمي متعلقاتي الشخصية والسماح لي بالمغادرة، ولا أعلم حتى الآن مصير التحقيق معي بشأن التهمتين المذكورتين وسيحاول محامو الدفاع استجلاء الأمر في الأيام القادمة". وعقب بهجت: "طوال فترة التحقيق معي في النيابة العسكرية، حرص المحققون على التأكيد أكثر من مرة أنني لا أتتمع بالحماية القانونية والنقابية المكفولة للصحفيين لكوني غير مقيد بنقابة الصحفيين، ومع شكري لنقابة الصحفيين على ندب محام لحضور التحقيق معي، فإنني أناشد مجددًا مجلس النقابة وجمعيتها العمومية اتخاذ خطوات فورية لتوفير مظلة الحماية النقابية لكافة ممارسي المهنة دون تمييز". واختتم: "في النهاية كنت محظوظًا بهذا القدر الهائل من التضامن والتعاطف، والذي ضمن حسن معاملتي إلى حد كبير، وقصر من فترة إقامتى في الحجز رغم المخالفات الإجرائية لحقوقي كمتهم، والتي أشرت إليها أعلاه، ولا يسعني إلا أن أشكر مجددا كل المحامين والزملاء والأصدقاء والرفاق والمنظمات المصرية والدولية، الذين تدخلوا للإعراب عن مساندتهم وتقديم العون لي.. أتمنى الحرية لآلاف المعتقلين ظلمًا في السجون المصرية، وأشدد مجددًا على رفض وإدانة تجريم العمل الصحفي، واستخدام مواد قانون العقوبات في حبس الصحفيين، ومحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري".