بلاغ بتعرض سيارة أموال للسطو المسلح، تهرع قوات الشرطة للتعامل، فتجد أنه بلاغ وهمي، والأمر ليس أكثر من كمين أعدته مجموعة من البلطجية المأجورين، أو عناصر إرهابية لاصطياد رجال الشرطة، وينتهي المشهد بوقوع ضحايا قتلى ومصابين من الطرفين. الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل أحيانًا تنصب الكمائن الوهمية في الطريق المعتاد للدوريات الأمنية وخطوط السير المعتادة لرجال الشرطة، وهو ما يتطلب استراتيجية أمنية جديدة؛ للتعامل مع مثل هذه البلاغات والكمائن الوهمية؛ لحماية رجال الشرطة. كمين البدرشين
الوقائع التي تُشير إلى ذلك كثيرة، آخرها ما شهده مركز البدرشين بالجيزة في الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية، وأعد مسلحون مجهولون كمينًا لقوة من رجال المباحث، وأطلقوا الرصاص صوبهم، ليتحول إطلاق النار إلى اشتباكات بين الطرفين، ما أجبر المسلحين على الهرب مستغلين المنطقة الزراعية. وأكد مصدر أمنى بمديرية أمن الجيزة وقتها، أن مجهولين أطلقوا الرصاص صوب عدد من سيارات الشرطة بمنطقة البدرشين، وتم تبادل إطلاق الرصاص معهم، مضيفًا أن الأمر بدأ بتلقي بلاغ بتعرض سيارة ملاكي للسطو المسلح. وانتقل رجال المباحث إلى محل الواقعة، وفوجئوا عقب وصولهم بإطلاق نار مكثف صادر من مجهولين يختبئون بمنطقة زراعية، مما دفع القوة الأمنية لمبادلتهم إطلاق الرصاص، وفرَّ المسلحون هاربين، ولم تسفر الاشتباكات عن وقوع إصابات بين رجال الشرطة. بلاغ ينتهي باستشهاد مجند ومنذ أسبوعين، كانت البدرشين على موعد مع حادث مشابه، حين أطلق مجهولون الرصاص على قوة أمنية كانت قد تحركت بناء على بلاغ بوجود عملية سرقة بالإكراه، ما أسفر عن استشهاد المجند محمود السيد، وإصابة الضابط رفاعي محمد، وتمكن الجناة من الفرار، والاختباء بالمنطقة الزراعية. "الإسلامبولي" ضحية بلاغ سطو مسلح العميد عاطف الإسلامبولي، مفتش مباحث شرق الجيزة، كان من أشهر الشهداء الذين تعرضوا لمثل هذا النوع من الكمائن، وكانت واقعة استشهاده بدأت بتلقي بلاغ بوقوع حادث سطو مسلح على سيارة نقل أموال تقل مبلغ 5 ملايين جنيه، أثناء سيرها على الطريق الدولي في طريقها إلى أسيوط، اعترضها 5 مسلحين. فانتقلت قوة أمنية من شرطة مباحث شرق الجيزة إلى مكان الواقعة، وفوجئت بإطلاق نار من مجهولين، فتبادلوا إطلاق الرصاص معهم، وأسفرت الاشتباكات عن استشهاد العميد الإسلامبولي، وتمكن الجناة من الهرب. وأشارت مصادر أمنية، إلى أن هولاء الأشخاص ارتكبوا وقائع مشابهة منها الاستيلاء على السلاح الميري لضابط أمن مركزى بعد نصب كمين وهمي له. كمائن إلكترونية على "فيسبوك" لم تكن الكمائن على الأرض هي الطريقة الوحيدة التي يتبعها الإرهابيون والبلطجية المأجورون، ولكن هناك طرقا أخرى من نوع مختلف وهي الكمائن الإلكترونية، حيث لجأت الجماعات الإرهابية إلى حيلة جديدة للحصول على المعلومات، وتتبع ضباط الشرطة والجيش عن طريق تدشين صفحات وحسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، تحمل أسماء ضباط شرطة وجيش، ويقوم أعضاء الجماعات بتلقي بلاغات من المواطنين، ويسعون للحصول على معلومات خاصة بالضباط وعناوين سكنهم وأسرهم وصور زوجاتهم؛ لاستخدامها في أعمال تخريبية. وحذرت الجهات المعنية ضباط الجيش والشرطة والمواطنين من الإدلاء بأية معلومات لحسابات مشكوك بها على "فيسبوك"، مشددة على ضرورة التأكد من هوية الطرف الذي يحادثه، وعدم الإدلاء بأية معلومات من الممكن أن تستخدمها العناصرالإرهابية في تنفيذ أعمال عدائية. خريطة بالمناطق الخطرة ويقول اللواء مجدي عبد العال، مدير الإدارة العامة للبحث الجنائي بالجيزة، إن البلاغات الوهمية خطر يهدد رجال الشرطة، مؤكدًا أن هناك إجراءات أمنية يتم اتخاذها من أجل مواجهة تلك البلاغات، ومحاولة التقليل من مخاطرها. ويُضيف "عبد العال"، أن رجال البحث في الجيزة يضعون خريطة بالأماكن التي تتكرر فيها مثل هذه البلاغات والكمائن للتعامل معها بحذر شديد، كما أن رجال الشرطة يتعاملون بكل جدية مع البلاغات بكافة أنواعها، وفي حال وجود مثل هذا النوع، يتم التعامل الفوري مع العناصر الخطرة. وأشار اللواء مجدي عبد العال إلى أن هناك مناطق وطرقا في مراكز البدرشين، والعياط، والصف، تشهد غالبية الجرائم، ويتم التعامل معها بكل حذر، بالإضافة إلى تكثيف الوجود الأمني فيها. الخناجر والكمائن الوهمية ويرى العميد خالد عكاشة، الخبير الأمني، أن هذا النوع من الكمائن يمثل خطورة كبيرة، وأنه ليس الوحيد فقط من بين المخاطر التي تواجه رجال الشرطة في هذا السياق، مؤكدًا أن ما يحاول بعض عناصرالجماعة الإرهابية القيام به مؤخرًا من طعن لبعض رجال الشرطة ب"الخناجر" هو أيضًا خطر، يضاف إلى هذا النوع من الأساليب التي تتبعها جماعة الإخوان. وعن الكمائن الأرضية، يقول "عكاشة" إن وزارة الداخلية يجب أن تتبنى استراتيجية أكثر تطورًا لحماية وتأمين رجالها، فضلاً عن طرق وأساليب جديدة لرصد المناطق التي يستغلها الخارجون عن القانون، وينصبون فيها هذا النوع من الكمائن، وتزيد من الوجود الأمنى فيها للحد من خطرها.