بعد مرور عامين على أول انتخابات شهدتها ميانمار بعد عقود من الحكم العسكرى، وهى الخطوة الأهم فى مرحلة انتقال البلاد إلى الحكم المدنى، وتقدم الاقتصاد بشكل رائع تحت حكم الرئيس ثين سين، يبقى عدم التوصل إلى حل للصراعات العرقية المستمرة منذ فترة طويلة خطرا يهدد كل ما حققته البلاد. العلاقات المتوترة بين حكومة بورما والأقليات العرقية تعتبر عقبة فى الطريق إلى الاستقرار والرخاء، حيث إن تاريخ بورما الحديث قد شهد أعمال عنف عرقية وصراعات طويلة مع الحكومة، خصوصا فى ولايات كارين، وشان، وكاشن، وهو ما قد يهدد عملية الإصلاح. لطالما تعرضت الأقليات العرقية فى بورما التى تضم ما يقرب من 40٪ من السكان للاضطهاد وسوء المعاملة، ونتيجة لذلك، فإنهم غالبا ما كانوا يلجؤون إلى حمل السلاح للمقاومة. الخطر الحقيقى هنا يكمن فى أن معارضى الانتقال فى بورما قد يستغلون هذه التوترات، وتأجيج الصراعات العرقية من أجل عرقلة جهود الإصلاح. فى حين أن الرئيس سين وقع اتفاق وقف إطلاق النار مع عشرة من الجيوش العرقية منذ أن تولى المنصب، إلا أن هناك حاجة إلى المزيد من الاتفاقيات الدائمة لضمان سلام دائم. ويبقى اثنان من الصراعات العرقية العنيفة منذ زمن طويل بعيدا عن التوصل إلى حل، وهما فى ولاية كاشن الشمالية وراخين الغربية. ولاية كاشن الغنية بالمصادر الطبيعية التى تعد طريقا مهما إلى الصين، كانت قد شهدت صراعا عنيفا منذ انهيار الهدنة التى استمرت 17 عاما بين جيش بورما وجيش الاستقلال فى كاشن. كما أنه فى يناير الماضى، نشر الجيش طائرات ومقاتلات فى لايزا، مما أدى إلى فرار ما يقرب من 7500 من السكان. رغم أن المفاوضات بين الحكومة وزعماء المقاومة التى عقدت فى فبراير ومارس كانت غير ناجحة، فإن الطرفين اتفقا على استكمالها فى هذا الشهر. لكن المخاطر كثيرة، حيث إن الفشل قد يشعل الصراع المدنى ويدمر أى أمل متبق فى المصالحة. الصراعات العرقية أيضا تشتد فى ولاية راخين الغربية، بسبب العلاقة بين الأغلبية من البوذيين ومسلمى روهينجا المشتعلة منذ فترة طويلة. حيث إن الروهينجا غير معترف بهم من قبل القانون فى بورما، ويواجهون تمييزا على المستوى الرسمى ومعاملة سيئة، بما فى ذلك العمل القسرى والتجريد من مواطنتهم منذ قانون الجنسية عام 1982. وعلى الرغم من الخطوات الكبيرة التى اتخذتها بورما خلال العامين الماضيين، شبح الصراعات الطائفية لا يزال يطارد الانتقال إلى الديمقراطية. كما أنه إذا لم تحقق الحكومة أى تقدم حقيقى قريبا، من المرحج أن يتبدد دعم المجتمع الدولى المتحمس لجهود الإصلاح فى البلاد، وهو ما يهدد الجهود المبذولة فى مستقبل المفاوضات ويهدد آفاق الديمقراطية فى بورما.