فى محاولة لتبرير الهجمة الآثمة على قضاء مصر العظيم، يتم الترويج لمشروع القانون المشبوه للتخلص من ربع قضاة مصر بأنه رد على أحكام براءة صدرت بحق رموز النظام السابق، وبأن مَن أصدروها هم من أنصار هذا النظام الذى ينبغى التخلص منهم.. ولهذا تنطلق الحملة ل«تطهير القضاء»!! كاذبون كعادتهم.. يفضحهم المرشد السابق مهدى عاكف، فى حواره الأخير الذى يقول فيه إن مجلس الشعب السابق كان سيصدر هذا القانون، ويحدد العدد الذى سيتم التخلص منه ب3500 قاضٍ، بل.. يقول إن الحكم بحل مجلس الشعب جاء لقطع الطريق على هذا القانون!! كاذبون بالتأكيد.. لأن مساعدة رئيس الجمهورية السيدة «باكى نام» تقول إن الصدام بين القضاء والسلطة التنفيذية (أى الرئاسة) بدأ مع صدور الحكم بحل مجلس الشعب.. أى قبل صدور أحكام البراءة التى تستخدم الآن لخداع الناس وتبرير العدوان على القضاء!! وكاذبون مرة أخرى.. لأن مَن ينزعج من أحكام البراءة على بعض رموز النظام، لا يجرى لعقد الصفقات مع رموز أخرى، ولا يفتح أبواب الصلح فى قضايا الفساد، ولا يتحالف مع مَن يسميهم ب«الفلول»، استعدادًا للانتخابات!! وكاذبون.. لأنهم مَن رفضوا مبدأ العدالة الانتقالية واستبعدوا مشروعات القوانين التى قدّمت إلى مجلس الشعب بهذا الشأن قبل حله. ولأنهم هم مَن رفضوا مبدأ المحاكمة السياسية وأصرّوا على أن تتم المحاكمات أمام القضاء الطبيعى وبالقوانين العادية، مبررين ذلك بالحرص على استعادة الأموال المهربة للخارج!! وكاذبون.. لأنهم يعلمون أن تغيير سن الإحالة للمعاش بالنسبة إلى القضاة لن يغيّر من الأمر شيئًا بهذا الشأن.. وأن التخلّص من أكبر القادات القضائية كما يقضى المشروع المشبوه، لن يكون له تأثير على القضايا الخاصة بالنظام السابق، وأن أى قاضٍ لن يحكم إلا وفق القوانين السارية والوقائع الثابتة. وكاذبون.. لأن ما يريدونه شىء آخر. يريدون التعلل بخروج ربع القضاة من الخدمة، لكى يفتحوا الباب لتعيين آلاف الأنصار والمضى خطوة كبيرة على طريق «أخونة» القضاء. ويريدون ترويع مَن يبقى من القضاة بفتح الباب لما يسمونه «تطهير القضاء»، لكى تطلق أياديهم لاستكمال المذبحة والتخلص من كل مَن لا يدين لهم بالسمع والطاعة!! وكاذبون.. لأنهم لو كانوا حريصين على تطبيق العدالة، لما كنا أمام هذا السيل من الجرائم المدبّرة ضد القضاء، من حصار المحاكم، إلى الانتقام من المحكمة الدستورية، إلى عزل النائب العام وتعيين آخر بقرار باطل!! ولو كانوا مؤمنين حقًّا باستقلال القضاء لما توالت محاولاتهم للتدخل فى شؤونه، ولما كانت جريمة الجرائم بالإعلان الاستبدادى الذى صدر فى نوفمبر الماضى، ليمنع القضاء من إعمال صحيح القانون والحكم ببطلان لجنة الدستور ومجلس الشورى!! وكاذبون.. لأنهم لو كانوا حريصين على القصاص للشهداء، لما أضافوا إليهم فى شهور قليلة أكثر من مئة شهيد. ولما استهدفوا أنبل شباب الثورة بالقتل والتعذيب، ولما ظل قتلة «جيكا» و«الجندى» و«أبو ضيف» وغيرهم مطلقى السراح!! وكاذبون.. لأنهم يريدون -قبل كل شىء- حماية أنفسهم من الحساب على جرائم ارتكبوها، ولأنهم يخشون أن تظهر الحقائق فيجدون أنفسهم فى قفص الاتهام جنبًا إلى جنب مع رموز النظام السابق!! إنهم يعلمون أنه لا فرق بين إدانة تمت للرئيس السابق بتهمة عدم إيقاف قتل الشهداء، وبين إدانة واجبة للرئيس الحالى على نفس التهمة!! وهم يعرفون أن تعذيب الأبرياء وقتلهم على أسوار قصر الرئاسة جريمة لن تسقط بالتقادم، وأن استهداف الشباب والاغتصاب الذى تم على يد عصابات مدرّبة لن تمر بلا عقاب مهما طال الزمن، ومهما حاولوا طمس الحقائق!! وكاذبون.. لأنهم لا يريدون العدل بل يخشون منه، ولا يبحثون عن الحقيقة بل يريدون إخفاءها!!.. لا يريدون أن نكتشف قتلة شهدائنا فى سيناء وبورسعيد وغيرهما. ولا يريدون أن نعرف الحقيقة عما حدث فى اقتحام السجون فى أثناء الثورة على يد عصابات منظمة ومدربة كانت تعرف طريقها لأداء مهمتها، كما قال للمحكمة المدير السابق لسجن وادى النطرون، حيث كان يُحتجز الرئيس مرسى وقيادات الجماعة!! ولا يريدون أن تتكشّف أسرار الهجوم على مقرات مباحث أمن الدولة وإحراق ملفاتها، حتى لا نفاجأ بأن بعض أشد المتحمسين للقانون المشبوه للنيل من استقلال القضاء بدعوى حماية الثورة، كانوا هم أنفسهم مَن يكتبون التقارير لأمن الدولة من ميدان التحرير فى أثناء الثورة!! إنهم لا يريدون العدل بل يخشون منه. إنهم لا يحمون الثورة بل ينقضّون عليها ليقيموا دولة أخرى للاستبداد. أعماهم الضلال فلا يدركون أنهم يسيرون نحو الهاوية!!