إلغاء الضرائب على الأوراق المالية اتسم بالانحياز لأصحاب رؤوس الأموال «اللجنة المالية والاقتصادية فى مجلس الشورى ألغت ضرائب مقترحة على التوزيعات النقدية وعمليات الاستحواذ والاندماج فى سوق المال خلال مناقشتها لقانون الضرائب رقم 101 لسنة 2013»، هذا ما أكده عبد الله شحاتة، مستشار وزير المالية، أمس. بينما علمت «التحرير»، إن السبب فى هذه الخطوة المفاجئة من جانب وزارة المالية هو الضغوط التى مارسها عدد من العاملين والجمعيات فى سوق المال، بالإضافة إلى أحد الأحزاب الإسلامية الكبرى، حيث هددوا باتخاذ موقف قانونى حال صدور هذا القانون بعد أن أُعفى قانون الصكوك الذى أقره مجلس الشورى مؤخرا من هاتين الضريبتين، مما كان يهدد بالطعن بعدم دستورية هذا القانون إذا صدر، خصوصا بعد أن أكدت مصادر عدم تقبل ممثلى بعثة صندوق النقد الدولى هاتين الضريبتين. وعن ضريبة الدمغة أكدت مصادر ل«التحرير» أن العاملين وجمعيات سوق المال ما زالوا يطالبون بإلغائها لتأثيرها على صغار المتعاملين بسوق المال المصرى و70% من المتعاملين داخل البورصة الذين تقل استثمارات كل منهم عن 50 ألف جنيه. فى الوقت ذاته انتقد الخبير الاقتصادى محمد نور الدين، عشوائية الاختيار فى الإبقاء والإلغاء لنوعيات الضرائب المقترحة، وقال: «فى الوقت الذى يتم فيه الإبقاء على ضريبة الدمغة (الواحد فى الألف) على التعاملات اليومية بالبورصة والتى تمس صغار المستثمرين بالدرجة الأولى، وهى الضريبة التى ستكون حصيلتها هزيلة تم إلغاء الضريبة على الاستحواذات والاندماجات، والتى تتم بمبالغ كبيرة وتتعلق بأصحاب رؤوس الأموال لا صغار المستثمرين، والتى تسهم فى إدخال مبالغ كبيرة للخزانة العامة»، مشددا على أنه كان ينبغى دراسة مشروع القانون جيدا لتحديد أولويات الإبقاء والإلغاء وفقا لمصلحة الدولة والمستثمرين. ومن جانبه قال محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، إن الإبقاء على رسم الدمغة على التعاملات اليومية يضر بصغار المستثمرين الذين يعدون القطاع الأكبر فى البورصة المصرية، لأن فرضه على ذوى الدخول المنخفضة للأفراد محدودى الدخل يقلل من مقدرتهم على الاستهلاك وكذلك على الإنتاج، وهو ما يؤدى إلى انخفاض مستوى الدخل القومى وبالتالى يؤدى ذلك إلى انخفاض ونقص فى الإيرادات العامة للدولة، ولذلك فعلى صانع السياسة المالية أن يراعى إحداث قدر من التوازن بين هدفين أساسيين، هما: تشجيع الادخار والاستثمار من جانب، وتحقيق العدالة الضريبية من جانب آخر، ولذلك فعند فرض الرسم الجديد، فإن قيمة الحصيلة المتوقعة للدولة مع هذا القرار لا تتماشى مع حجم خسائر الاستثمار التى قد تترتب على تأثيراته. فى السياق نفسه لاقى قرار إلغاء ضريبتى الاستحواذات والتوزيعات ترحيبا واسعا بين العاملين والمتعاملين بسوق المال، إذ قال المحلل المالى صلاح حيدر، إن الرسم الضريبى الجديد يمكن أن يؤدى إلى تغيير هيكل الاستثمارات، وذلك بسبب ما تؤدى إليه من توسع فى الاستثمارات الأقل خطورة والتى يمكن تصنيفها بسهولة (سحب الاستثمارات من سوق المال وتحويلها إلى ودائع بنكية على سبيل المثال)، بحيث يصبح الاقتصاد أكثر حساسية للضغوط التضخمية وأقل فاعلية استثماريا وأقل قدرة تمويليا، كما أن محدودية الحصيلة المتوقعة لا تتماشى مع التأثر السلبى للقاعدة العريضة من صغار المستثمرين الموجودين فى سوق المال المصرى والذين يعتمدون كدخول شبه ثابتة على التعاملات ونواتجها بما لا يعطى مرونة لضغوط فرض هذه الرسوم الجديدة عليهم.حيدر أضاف أن جانبا رئيسيا من المستثمرين من المؤسسات فى سوق المال المصرى هم جهات تابعة للدولة على سبيل المثال (البنوك العامة - صناديق التأمينات الاجتماعية - هيئة البريد - الشركات القابضة - الهيئات العامة) وهو ما يعنى اتساع مساحة التأثير بصورة واضحة على موازنة الدولة من جانب آخر غير منظور من خلال انخفاض فى عوائد استثمارات الدولة بالبورصة، مشيرا إلى أن انخفاض قيمة التداولات بالبورصة المصرية تجعل القيمة المستهدفة من تطبيق هذه الرسوم تتراوح سنويا ما بين 200 و300 مليون جنيه فقط، وهى حصيلة لا توازى الأثر السلبى الذى سيحققه فرض مثل هذا الرسم الضريبى على التعاملات بسوق الأوراق المالية المصرية.فى حين أشار حيدر إلى أن غالبية الدول الناشئة تقوم بإعفاء تلك الرسوم والضرائب، وتتجه بعض الدول إلى إعفاء الأجانب أو إعفاء صغار المستثمرين من هذه الرسوم. كما أن منطقة الشرق الأوسط بأكملها لا تفرض ضرائب أو رسوما باستثناء إسرائيل تقريبا. وبالنسبة إلى القارة الإفريقية فجنوب إفريقيا فقط هى التى تفرض ضرائب ولا تفرض رسوما يضاف إلى ذلك أنه يوجد عدد محدود للغاية من دول العالم تطبق مثل هذه الرسوم فى بورصاتها. وعلى صعيد الأسواق المجاورة والناشئة وهى الأسواق المنافسة للبورصة المصرية لا توجد أى سوق تطبق هذه الرسوم، وأضاف قائلا: «المبدأ الأساسى الذى نرى ضرورة الالتزام به هو عدم خضوع التعاملات فى البورصة للرسوم أسوة لما هو متبع فى جميع الأسواق الناشئة المنافسة لمصر فى اجتذاب المستثمرين».