لعلنا نتذكر ما حدث فى مجلس الشعب عند مناقشة قانون الضريبة العقارية، والمعروف باسم «قانون غالى» نسبة إلى د.يوسف بطرس غالى، وزير المالية الأسبق، الذى أراد من خلال هذا القانون أن يحصد من جيوب المواطنين مزيدا من الأموال، لكى تصرف على أمن النظام ورفاهيته! وقد اعترض عدد كبير من أعضاء مجلس الشعب على صدور هذا القانون الجائر، بما فى ذلك أعضاء الحزب الوطنى المنحل، وعند التصويت على الموافقة على مواد القانون، لم يصوتوا معه فى سابقة معروفة، إلا بعد أن أشار إليهم أحمد عز، مهددا بيده، فصوتوا مرغمين! أما أكثر مواد قانون الضريبة العقارية إثارة للجدل، فكانت تلك المادة المتعلقة بالمسكن الخاص، فكثير من شعبنا قد شقى لسنوات طويلة، سواء فى خارج مصر أو داخلها، من أجل الحصول على شقة سكنية له ولأسرته، فكيف تطلب منه الحكومة ضريبة عن شقته التى يمتلكها، ويعيش فيها، وكأنه يدفع إيجارا لما يمتلكه؟! وكان أغلب أعضاء مجلس الشعب يريدون إعفاء مسكن واحد لكل أسرة من هذه الضريبة، لكن يوسف غالى وأحمد عز وفتحى سرور رفضوا تماما ذلك الإعفاء بناء على تعليمات عليا! وثمة مادة أخرى عجيبة فى هذا القانون، وهى مبلغ الخمسمئة ألف جنيه للوحدة كحد إعفاء من الضريبة العقارية، وقد قيل إنه سيتم رفعه إلى مليون جنيه! ولكنه لم يرفع، لماذا؟ لأن الخريطة العقارية فى مصر تضم أكثر من 30 مليون وحدة عقارية، سيخضع منها فورا 10 ملايين وحدة للضرائب. وكل سنة جديدة ستخضع ملايين أخرى للضريبة، لأنها ستتجاوز حاجز نصف المليون جنيه عند تقدير مصلحة الضرائب العقارية لقيمتها! كان هذا القانون مسلطا على رقاب العباد على أساس أنه سينفذ بداية من يناير 2011، فقامت ثورتنا العظيمة، وقال رئيس مصلحة الضرائب، إنه تقرر تأجيل تطبيق القانون إلى أجل غير مسمى، وقيل إن د.عصام شرف أصدر قرارا بتجميد العمل بهذا القانون. لكن فجأة أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة مرسوما عسكريا بعودة قانون الضريبة على العقارات المبنية رقم 196 لسنة 2008، دون تعديلات، وينص المرسوم على تطبيقه ابتداء من يناير 2012! أما د.حازم الببلاوى، نائب رئيس الوزراء وزير المالية، الذى كنا نأمل فيه خيرا، فقد قال «إن صدور المرسوم لا يمنع إعادة النظر ودراسة القانون مجددا، أو إبداء أى ملاحظات عليه، حيث سندرسه وفق ما يتطلب الأمر، مؤكدا أن التفعيل يتفق مع احتياجات الدولة للموارد، ولا مانع من إبداء أى اقتراحات حوله للنظر، فيما إذا كان يحتاج إلى بعض الرتوش»! ورفض د.الببلاوى فكرة رفع حد الإعفاء، على اعتبار أن مبلغ الخمسمئة ألف جنيه لا يمكن لشخص متوسط الدخل الحصول على عقار بهذا السعر! وكأنما سيادة النائب لا يعيش معنا فى مصر، ولا يعلم أن أسعار الشقق التى اشتراها المواطنون من عشر سنوات، أو من عشرين سنة، قد تضاعف سعرها اليوم أضعافا كثيرة. والسؤال الآن: أما كان أولى بالمجلس العسكرى أن يترك هذا القانون إلى مجلس شعب منتخب، يقرر مصيره، سواء تم إلغاؤه أو تم تعديله؟