كتب: أكرم مدحت هل يصطدم التنشيط السياحي بعدم وجود خطوط طيران في بعض الأسواق؟، تساؤل تم طرحه لنبحث عن إجابات لدى خبراء السياحة والطيران، فوزارة السياحة دائمًا ما تضع خطط تنشيطية لفتح أسواق جديدة واعدة دون التنسيق الفعلي مع قطاع الطيران، وهو أهم وسيلة لجلب السائحين من شتى بقاع الأرض، وبالتالي دائمًا ما تصطدم بواقع عدم وجود خط طيران وصعوبة المخاطرة بتشغيل رحلات دون جدوى اقتصادية مدروسة من كافة الأطراف المعنية، مما يتسبب في فشل تلك الأنشطة الترويجية، وبالتالي إهدار المال العام، كما وصفه بعض خبراء السياحة. وأكد بعض خبراء السياحة على أهمية سوق أمريكا اللاتينية الواعدة، وضرورة تنشيط الحركة السياحية بها، ولكن بشكل مدروس وفعَّال، وليست مجرد رحلة لعقد لقاءات روتينية تقليدية منتظرين دائمًا المبادرة من الطرف الآخر، ولكن عدم وجود خط طيران يسهل عملية نقل السائحين، ومشاركة قطاع الطيران في القوافل السياحية الشهرية خلال الربع الأخير من العام الجاري، لعدد من دول أمريكا الجنوبية والشمالية من قبل وزارة السياحة واتحاد الغرف السياحية، يضعف من توقعات حصاد نتائج إيجابية. وقال الطيار علاء عاشور، رئيس سلطة الطيران المدني المصري السابق، إن أساس حركة الطيران أن تكون هناك اتفاقية ثنائية تضمن حقوق النقل الجوي بين البلدين، فلابد أن تنسق وزارة السياحة مع وزارة الطيران المدني متمثلة في السلطة للتأكد من وجود اتفاقيات نقل جوي ثنائية مع الأسواق المستهدفة، تضمن حقوق النقل بالشكل المناسب الذي يخدم الحركة السياحية، دون شروط تمنع النمو في المستقبل، وتساهم في وجود عدد مناسب من المقاعد المتاحة، وتشغيل الشركات، أي أن تكون اتفاقية تخدم مصالح مصر في جلب السياحة، ونبدأ إجراء دراسة جدوى التشغيل الاقتصادية لخط طيران لهذه الأسواق. آليات مقترحة لتفعيل قوافل أمريكا الجنوبية أضاف عاشور أنه في هذه الحالة هناك حلان، إما استخدام آلية "تحالف ستار"، وهو السبب الأساسي في انضمام شركة مصر للطيران له، بأن تمتد شبكة الخطوط إلى أبعد من قدرة الشركة، فتصبح ضمن فريق التنسيق بالقوافل السياحية، وتبرم اتفاقيات مشاركة بالرمز مع حلفائها للأسواق التي تستهدفها وزارة السياحة وهذا بشكل مبدئي، وبالتالي نضمن وجود مصر على خريطة السفر من دول أمريكا اللاتينية. وتابع: "يأتي الراكب على الشركة التي أبرمنا معها الاتفاقية، من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا، وتختار مصر للطيران نقاط مناسبة لها هناك، ليأتي على إحدى طائراتها إلى القاهرة، أو مباشرة إلى الوجهة السياحية التي يشملها برنامج الرحلة، وفقًا للاتفاق مع منظمي الرحلات الأجانب، على أن يتم التحضير لهذه الاتفاقيات والخطط من مصر قبل السفر، بالتنسيق مع الأطراف المعنية"، لافتًا إلى أن خطوط "تام" الجوية البرازيلية، أحد أعضاء "تحالف ستار"، تُعد أبرز المرشحين لتلك الاتفاقيات، كونها من كبرى الشركات في أمريكا الجنوبية. وأشار إلى أنه في حالة زيادة حجم الطلب على المقصد المصري، وتحقيق معدلات تشغيل مرتفعة للرحلات، من خلال المشاركة بالرمز، يتم زيادة الترددات وتكبير طراز الطائرات، لضمان توفير فرص مناسبة للسفر، لتجنب اختناق السوق والاعتماد على طائرات صغيرة للشركات المتعاقد معها أو عدد رحلاتها منخفض، وبالتالي لا يجد المسافرون أماكن بما يحول دون نمو حركة السياحة، وبالتالي يجب دراسة الأمر لوضع طائرات تتناسب سعتها مع حجم النمو المتوقع عند الترويج بالقوافل المخطط لها من قبل وزارة السياحة. وذكر عاشور أن وزارة السياحة يمكنها إنجاح قوافلها الترويجية في أمريكا الجنوبية في حالة إبرام اتفاقية مع منظمي الرحلات بتشغيل طيران مباشر منتظم أو عارض "شارتر" إلى مصر بدعم من وزارة السياحة، في حالة وجود اتفاقية نقل جوي، بالتنسيق مع سلطة الطيران المدني لمنحهم التراخيص وتسهيلها، طالما يخدم الاقتصاد القومي، ولا يحق لمصر للطيران التدخل في هذا الاتفاق خاصة أنها لا تعمل في هذه السوق، ولا يضر مصلحتها. وأوضح رئيس سلطة الطيران المدني السابق أن فتح خط طيران يحتاج إلى وصول حركة السفر بين البلدين إلى ثلثي طاقة تشغيله، من خلال وجود مصالح مشتركة اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية، والثلث الباقي يُستغل في حركة الترانزيت، وفي حالة أمريكا اللاتينية لا توجد مصالح مشتركة وبالتالي سوق السفر ضعيف جدًا لاتخاذ قرار فتح خط، وهذا ما تؤكده الدراسات التسويقية. وأضاف أن مصر للطيران لا تستطيع الانتشار عالميًا برحلات في كل نقطة بتردد ضعيف، على عكس المتبع في سياسة تشغيل شركات الطيران المنتظمة بين الدول، وهو التواجد القوي الكثيف لتستحوذ على حصة سوقية، وتقلل مصرفات تشغيلها، وبالتالي إتاحة المقاعد على الطائرات بأسعار مناسبة للمنافسة لتجتذب حركة سفر. الازدواج الضريبي من ناحية أخرى، قال عاشور إن أزمة الازدواج الضريبي التي حالت دون تشغيل خط طيران مباشر إلى البرازيل، خارجة عن إطار اتفاقيات النقل الجوي، التي تتيج حقوق نقل فقط دون فرض ضرائب، رغم تقدم وزارة السياحة بمقترح دعم هذا الخط بنحو 21 مليون دولار خلال عام 2013، ولكنها إحدى القواعد الضريبية الخاصة بالأعمال التجارية بالبرازيل وتُطبق على وكلاء السفر، ومكاتب شركات الطيران التي تعمل هناك، وفي هذه الحالة يجب أن توقع الدولتين على اتفاقية منع الازدواج الضريبي بعيدًا عن اتفاقيات النقل الجوي. «السياحة» و«الطيران» كل واحد في وادي شدد عاشور على ضرورة تعميم تجربة مشروع حفر قناة السويس الجديدة التي كانت نموذجًا للتنسيق والعمل الجاد والتركيز والإرادة وتحديد الأهداف، على كافة القطاعات، وبالتالي إذا استهدفت الدولة الاستثمار بمنطقة معينة لجلب سياحة، يجب على كل الوزارات المعنية أبرزها السياحة والطيران، الاجتماع على طاولة واحدة بهدف إعلاء المصلحة العامة، دون تضارب في المصالح بين الأفراد، وطرح الآليات البديلة في حالة ضرر أي طرف، أو عدم تحقيق ربح، في مقابل خدمة الاقتصاد الوطني، فيجب أن يكون هناك تنسيق وعمل مشترك بين الأطراف المعنية لفتح أسواق أمريكا الجنوبية، ولكننا نفتقر التواصل الفعَّال بين الوزارتين. يُذكر أن وزارة السياحة أعلنت عن إطلاق 3 قوافل سياحية في أشهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر من العام الحالي بالتنسيق مع اتحاد الغرف السياحية، إلى كندا، المكسيك، والولاياتالمتحدةالأمريكية ودول أمريكا الجنوبية، بهدف الترويج للمقصد السياحي المصري، وزيادة الطلب على منتج السياحة الثقافية. وعلى جانب آخر، قالت أماني الترجمان، عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف السياحية وعضو لجنة السياحة الخارجية بغرفة الشركات، إن أسواق أمريكا اللاتينية ليست سريعة في ردود الفعل؛ لأنها تضع جداولها وتروج للحجوزات وتبرم التعاقدات قبل الرحلة بفترة طويلة، إذ يتم الاتفاق حاليًا على موسم 2016/2017، موضحة أن هذه القوافل لا تستهدف الحجوزات على المدى القريب، وعندما يأتي حجم طلب مقبول من هذه الأسواق يتم البدء في التفاوض مع وزارة الطيران لتشغل شركة مصر للطيران خطوط مباشرة إلى تلك الأسواق، وأبرزها أمريكا الجنوبية تلك السوق الواعدة، وتسهم بشكل فعال في انتعاش السياحة الثقافية؛ لأنها تركز عليها. واقترحت الترجمان أن تتضمن القافلة أحد مسئولي شركة مصر للطيران لدعم القوافل بتوفير خط طيران إلى الدول الأكثر طلبًا للسفر إلى مصر، ودراسة الجدوى الاقتصادية ومساهمة السياحة في دعمه إذا تطلب الأمر. وفي سياق متصل، أكدت منال عمارة، مدير التعاقدات لأسواق أسبانياوأمريكا اللاتينية بشركة "آتون" للسياحة، أن الطيران مشكلة أساسية تواجه توسع النشاط السياحي والترويج لبرامج الرحلات المصرية في دول أمريكا الجنوبية، ونظرًا لبُعد المسافة لا نستطيع تقديم أسعار تشجيعية، كما أن أسعار الرحلات الداخلية لمصر للطيران مرتفعة، فضلًا عن عدم إمكانية تنظيم الرحلات من البرتغال أحد أبرز الدول التي يتجه إليها السائحون القادمون من البرازيل أو الأرجنتين، وشددت على أن نجاح القوافل السياحية المقرر انطلاقها يعتمد على توافر عنصري الأمن وخط الطيران. وأشارت عمارة إلى أن سائحي أمريكا اللاتينية يركزون على السياحة الثقافية ويتوافدون بأعداد قليلة، نظرًا لصعوبة الرحلات إلى مصر وعدم وجود طيران مباشر، مضيفة أنه من الصعب تسيير رحلات طيران عارض "شارتر" لأنها تمثل تكلفة مرتفعة ومخاطرة بالنسبة لمنظمي الرحلات الأجانب. رحلات بلا جدوى انتقد عادل شعبان، عضو الجمعية العمومية لاتحاد الغرف السياحية، انطلاق تلك القوافل معتبرها إهدارًا للمال العام، لأنها فاشلة ولم تُطرح للمناقشة على شركات السياحة، خاصة العاملين مع هذه السوق أو أعضاء الاتحاد، وبالتالي تفتقر الخطط الترويجية والبرامج السياحية المناسبة لهذه الأسواق، مشيرًا إلى أنه سيطالب مجلس إدارة الاتحاد بإلغاء هذه القوافل. وأوضح شعبان أن عدم وجود خط طيران ليس المشكلة الأساسية، ولكن هناك عدد من الشركات السياحية الأوروبية الكبرى تسيطر على أسواق أمريكا الجنوبية وهي تركيا وفرنسا وإسبانيا، وبالتالي مصر مجرد جزء من الرحلة، ونحصل على نسبة ضئيلة من الأعداد السياحية التي تضخها أمريكا الجنوبية، وشركات طيران تلك الدول هي الأكثر استفادة، والسبب ضعف آليات وخطط التنشيط، وعدم وجود تواصل مباشر مع منظمين الرحلات هناك، والتنسيق مع الشركات الأوروبية المسيطرة على السوق لتنظيم برامج رحلات تعظم الاستفادة من هذا السائح، تتضمن عدة دول شاملة مصر، وتقديم عروض تحفيزية لا تعتمد على تخفيض تكلفة الرحلة، ولكن على تنوع وثراء البرنامج السياحي الشامل. تعرّف على السياحة من أمريكا الجنوبية تفيد الإحصائيات أن السياحة الوافدة من الأمركيتين تمثل 2.8% من الحركة السياحية إلى مصر، خلال النصف الأول من العام الجاري 2015، بإجمالي أعداد بلغت 112 ألف سائح. وكانت أكبر دولة حققت معدل زيادة في عدد السائحين هي الأرجنتين بنسبة 102%، ليحققوا توافد 3809 سائحين خلال تلك الفترة، وكانت أيضًا أكبر الدول تحقيقًا للنمو في عدد الليالي السياحية بنسبة 37%. وفي عام 2014 الذي كان يعد عام التحسن النسبي في السياحة بلغت مساهمة الأمريكتين 2.5% فقط من إجمالي الحركة السياحية الوافدة إلى مصر، وبلغ إجمالي عدد السائحين منها نحو 244 ألف سائح، من إجمالي 9.9 مليون سائح زاروا مصر العام الماضي. وفي أفضل الأحوال خلال عام الذروة 2010 لم تتعدى نسبتهم 4%، يمثلهم 560 ألف سائح، من إجمالي 14.7 مليون سائح. وتستحوذ الولاياتالمتحدةالأمريكية على نحو 60% من الحركة الوافدة من الأمريكتين، في حين أن 3 دول في أمريكا الجنوبية، الأكثر تصديرًا للسياحة إلى مصر، هي البرازيلوالأرجنتين وكولومبيا، مع إضافة المكسيكبأمريكا الشمالية، لا يمثلون سوى 10% فقط، وتعد البرازيل هي الأولى في أمريكا الجنوبية من حيث أعداد السائحين إلى مصر.