قانون مكافحة الإرهاب أثار ضجة كبيرة منذ أن كان فى صورة «مشروع قانون»، وظهرت ضده اعتراضات بسبب مساسه بالحقوق والحريات، إلا أن الرئيس أصر على صدور القانون، وخرج بالفعل بعد أن صدق عليه ونشر فى الجريدة الرسمية يوم السبت الماضى، وعلى الرغم من أن القانون فى صورته النهائية ألغى الحبس فى المادة «33» من المشروع -أصبحت فى القانون رقم 35- صاحبة النصيب الأكبر فى الاعتراض خصوصا من الجماعة الصحفية، وورد بدلا منها الغرامة التى تبدأ من 200 ألف جنيه وحتى 500 ألف جنيه، إلا أنه لا يزال متضمنا عددا كبيرا من المواد من شأنها تقييد حرية الرأى والتعبير وتكميم الأفواه، إضافة إلى الصلاحيات الواسعة الممنوحة لرئيس الجمهورية فى المادة 53، التى يؤكد قانونيون عدم دستوريتها. القانون الذى صدر تم عليه عدد من التعديلات عما كان عليه فى مسودته، من أبرزها الملاحظات التى أبداها مجلس القضاء الأعلى بعد عرض القانون عليه، من أنه ألغى إنشاء محاكم متخصصة للإرهاب، واكتفى بتخصيص دوائر فى المحاكم لنظر قضايا الإرهاب «المادة 50» من القانون، كما صدر القانون غير متضمن اعتبار الحكم حضوريا بالنسبة إلى المتهم الغائب، إذا حضر عنه المحامى وأبدى دفاعه، كما أبقى القانون على مدة الطعن على الأحكام خلال 60 يوما، بعدما كان مقترحا تقصير المدة إلى 40 يوما، كما ألغى أيضا اعتبار محكمة النقض محكمة موضوع من أول مرة. وفى ما يتعلق بالحبس فى قضايا النشر، فقد اقتصرت المادة «35» من القانون على الغرامة التى تصل إلى 500 ألف جنيه، والتى كانت عقوبتها فى السابق الحبس على نشر أخبار غير البيانات الرسمية التى تصدر عن وزارة الدفاع، وأضافت المادة فقرة بأن المحكمة لها أن تعاقب المتهم بعدم مزاولة المهنة لمدة لا تزيد على عام. «المادة 53» من القانون، اعتبرها المحامى عصام الإسلامبولى هى الأخطر، ووصفها بأنها غير دستورية لأنها تعطى للرئيس صلاحيات واسعة وسلطات استثنائية، تمنح فى ظرف حالة الطوارئ فقط، لكن وضعها فى قانون دائم مستقر أمر خطير به شبهة عدم الدستورية، وتعطى المادة رئيس الجمهورية قرارا باتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام، بما فى ذلك إخلاء بعض المناطق أو عزلها أو حظر التجول فيها، على أن يتضمن القرار تحديد المنطقة المطبق عليها لمدة لا تجاوز 6 أشهر. وأوجبت المادة العرض على مجلس النواب أو مجلس الوزراء فى حال عدم وجود مجلس نواب. الإسلامبولى قال إن التراجع عن فكرة إنشاء محكمة متخصصة لنظر قضايا الإرهاب هو أمر جيد، حيث اكتفى بتخصيص دوائر فقط بالمحاكم، معلقا على الغرامة التى نصت عليها «المادة 35» بالنسبة إلى ما ينشر بيانات غير رسمية عن العمليات الإرهابية بأن «بها نوع من المغالاة». من جهته، قال المحامى بالنقض طارق نجيدة، إن هذا القانون غير دستورى وينتهك الحقوق والحريات، وإن مصر لا تحتاج إليه، قائلا: «نحن ننتظر تنفيذ هذا القانون على الصحفيين والإعلاميين ومعارضى النظام، ولن يمس الإرهابيين كما حدث مع قانون التظاهر»، مضيفا أن المواد التى تتعلق بالإرهابيين موجودة فى قانون العقوبات منذ عام 92، وصدرت بها أحكام إعدام، أما النصوص الأخرى فى قانون الإرهاب فهى التى تنطبق على الصحفيين وأصحاب الكلمة، فتطبيق القانون سيكون على هؤلاء فقط. المستشار أحمد الخطيب الرئيس السابق بمحكمة استئناف القاهرة، أوضح أن إصدار قانون الإرهاب يعد ضرورة لمواجهة ما تشهده البلاد من أعمال عنف، إلا أنه يجب أن يصدر فى الإطار الذى رسمه الدستور، حتى يكون بمنأى عن الطعون بعدم الدستورية، والتى إذا قضى بقبولها فإن ذلك يهدد شرعية ما تم من إجراءات، وتترتب عليه إعادة المحاكمات من جديد وفق القواعد السابقة أو براءة المتهمين لعدم دستورية بعض مواد القانون، وهو ما يؤدى إلى تأخير العدالة بدلا من سرعة إنجازها. الخطيب أضاف أنه من أهم الملاحظات على القانون، الجدل حول القواعد الإجرائية، التى شابها عديد من المخالفات، ومن أبرزها أن القانون جعل وكيل النيابة يتمتع بصلاحيات قاضى التحقيق وغرفة المشورة فى كل شىء، ومنها تجميد الأرصدة أو منع السفر وتجديد الحبس ومراقبة الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعى، وإعطاؤه الحق بغلق أى مكان، وهى صلاحيات واسعة كان من الأجدر أن تشارك فيها جهات قضائية أخرى مثل غرفة المشورة ودوائر المحكمة الابتدائية والاستئنافية، كضمان للمراجعة ولتحقيق المداولة فى اتخاذ مثل تلك الإجراءات، لاصطدامها المباشر مع الحقوق والحريات التى كفلها الدستور. الخطيب أضاف أن المادة «29» والخاصة بالنشر من خلال المواقع الإلكترونية، بها خطورة بالغة على حرية الرأى والتعبير، لأنها جاءت بعبارات عامة وفضفاضة وغير منضبطة، ويمكن إساءة استخدامها ضد أصحاب الرأى والمقالات دون ارتكابهم أعمالا إرهابية بصورة مباشرة، ويدخل فى إطار محاكمات الرأى، وكان يتعين ضبط الصياغة منعا للتعسف حيال الرأى المعارض.