«ماضيين إيصالات أمانة».. المجلس القومي للطفولة والأمومة يُعلق على واقعة زفاف الشرقية    تجارة أسيوط تكرم عمالها تقديرًا لعطائهم وجهودهم المخلصة    خلال لقائه مع مبعوثة الاتحاد الأوروبى.. وزير الخارجية يؤكد على ضرورة الحفاظ على استقرار الممرات الملاحية الدولية    سعر الذهب اليوم الخميس 12-6-2025 منتصف التعاملات في الصاغة محليًا وعالميًا    "الزراعة" تنفذ سلسلة من الأنشطة الإرشادية والتواصل الحقلي لدعم المزارعين بالمحافظات    سعر اليورو اليوم الخميس 12 يونيو 2025 أمام الجنيه بالبنوك المصرية    وزارة المالية: تخصيص أرض بالبحر الأحمر للوزارة لا يعنى بيعها بل تطويرها وجزء منها ضمانة لإصدار الصكوك.. الأرض ستظل تحت ملكية الدولة.. نستهدف تحسين الأوضاع وخلق حيز مالى لزيادة الإنفاق على الحماية الاجتماعية    تداول 4 آلاف طن بضائع عامة ومتنوعة و228 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    استقرار أسعار أسواق الخضروات في الإسكندرية والبطاطس ب6.5 جنيه    كأس العالم للأندية.. 480 مليون دولار حصيلة 58 صفقة في الميركاتو الاستثنائي    «الوعي»: مصر حريصة على التوازن بين دفع القضية الفلسطينية وتنظيم الحركة على أراضيها    انقطاع كامل خدمات الإنترنت والاتصالات الثابتة في قطاع غزة    سوريا: مقتل شاب واعتقال 7 آخرين في توغل إسرائيلي بريف دمشق    موعد مباراة الأهلى ضد إنتر ميامى في افتتاح كأس العالم للأندية    مشوار سيراميكا والبنك الأهلى في كأس عاصمة مصر قبل مواجهة النهائى    الزمالك يكشف تفاصيل تكاليف سفر أحمد حمدى لألمانيا    نجم ريال مدريد على أعتاب ميلان    فيرمينو يتلقى عرضا من الدوري القطري    نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 الترم الثاني محافظة الجيزة.. رابط الاستعلام فور ظهورها    منطقة سوهاج تعلن عن أوائل الشهادة الابتدائية للعام الدراسى 2024/2025    القبض على منجد متهم بقتل جزار وإصابة نجله فى الفيوم    إصابة 10 أشخاص في انقلاب ميكروباص ب المنيا    «أمن المنافذ»: ضبط 12 قضية تهريب وهجرة غير شرعية خلال 24 ساعة    تحرير 273 محضرا لمخالفات بالمخابز البلدية والأسواق فى بنى سويف    النيابة تصرف عريس متلازمة داون وتطلب تحريات المباحث عن المأذون.. فيديو    بطولة تامر حسني.. إيرادات فيلم ريستارت تتجاوز 55 مليون جنيه في 15 يوم عرض (تفاصيل)    متحدث الوزراء: نتبع أعلى المعايير العالمية فى إدارة المتحف المصرى الكبير    عبد الرحيم كمال رئيسًا للجنة تحكيم مسابقة ممدوح الليثي ب «الإسكندرية السينمائي»    وزير الثقافة يفتتح المعرض الاستعادي للفنان الراحل أشرف الحادي بعنوان «الفنان النبيل»    مجانًا.. قصور الثقافة تقدم العرض المسرحي هيموفيليا بالزقازيق    وزير الشباب يصل محافظة دمياط لتفقد عدد من المنشآت الرياضية    تقرير يكشف حقيقة مفاوضات النصر السعودي مع إيمري    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    سقوط جزئي لعقار خالٍ من السكان بمنطقة الجمرك في الإسكندرية    منظمة الصحة العالمية: رصد متحور كورونا جديد بصورة متقطعة في ألمانيا    الرئيسان الكوري الجنوبي والفيتنامي يتفقان على تعزيز العلاقات الاقتصادية    برئاسة السيسي وولي العهد.. تعرف على أهداف مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي    إسرائيل تدّعي استعادة جثتي أسيرين من خان يونس    صينية تحاول اقتحام منزل جونجكوك بعد ساعات على تسريحه من الخدمة العسكرية    لجنة الإسكان بجامعة القاهرة: حصر الوحدات التجارية المباعة ولا مساس بحساب وديعة الصيانة    خطة ال1000 يوم.. الصحة تُطلق مبادرة التنمية السكانية تحت شعار بداية جديدة    بعد واقعة عريس متلازمة داون.. طبيب نفسي يوضح الحالات التي يُمنع فيها الزواج    الغفوة الصباحية بين الراحة الوهمية وتشويش دورة النوم.. ماذا يقول العلم؟    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 12 يونيو 2025    كمال الدين رضا يكتب: بطولة المليار دولار    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    الكنيست الإسرائيلي يصوت على حل نفسه.. ونتنياهو يضغط على الحريديم    منطقة المنوفية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2024/2025    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    نقيب المحامين يدعو مجلس النقابة العامة و النقباء الفرعيين لاجتماع السبت    محافظ الدقهلية في زيارة مفاجئة لجمصة: رفع مستوى الخدمات استعدادًا للصيف    صور| أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية في قنا    "هيكون نار".. تركي آل الشيخ يشوق متابعيه لفيلم الفيل الأزرق 3    «الري»: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود تُهدد الاستقرار    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    الطب البيطري: نجاح عملية ولادة قيصرية لقطة بالغربية -صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفيوم.. خلوة الإخوان
نشر في التحرير يوم 14 - 08 - 2015

جُدر خرسانية صماء تسكنها صور الرئيس المعزول محمد مرسى، وأخرى خشبية على مقربة من سابقتها تحتلها بوسترات الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وحوائط جانبية للمحلات والمدارس والمنازل ما زالت تعشش فيها عبارات حماسية ذات طابع دينى ك«رابعة فى القلب، والقصاص قادم، والحرب على الدين، وضد الظلم»، استجابة إلى دعوة ما يسمى بالتحالف الشعبى لدعم الشرعية ضمن فاعليات أسبوع القصاص لضحايا «رابعة العدوية»، بعد مرور عامَين على الواقعة، ولافتات أخرى لحركة «ضنك» الإخوانية، تتضمن شعارات «مكملين، وجوعتونا، والعيشة هباب فى عهد الانقلاب، ويناير قادم من جديد، ومرسى راجع فى رمضان»، وهتافات أخرى ضد الجيش والشرطة، مع مطالبتهم بالإفراج عن قياداتهم المحبوسين تنفيذا لأحكام قضائية لتورطهم فى اقتحام منشآت شرطية وقتل ضباط وأفراد والتمثيل بجثثهم، وعلى بُعد خطوات قليلة توجد يافطة أكل الصدأ كلماتها ولم يتبقَ منها سوى عبارتَين تحملان اسم القرية «مناشى الخطيب»، وعلى جانبَيها قناة صغيرة تُصرف فيها مياه «الطرنشات»، لتوصيلها إلى الترعة الرئيسية التى تصب فيها مياه الصرف الصحى فى ظل غياب وجود محطة رئيسية للصرف وافتقاد معظم الخدمات الأساسية للحياة وارتفاع نسبة الأمية هناك بشكل مخيف. كانت تلك أبرز ملامح القرية الزراعية المسكونة بأفراد وقيادات جماعة الإخوان المسلمين فى مركز ومدينة الفيوم بالمحافظة الأكثر اشتعالا بالعمليات الإرهابية والتفجيرات اليومية المتكررة ضد قوات الأمن، والتى لا يكاد يمر يومان إلا وتنطلق فى شوارعها الضيقة تظاهرة مؤيدة للرئيس المعزول، رافعة شعارات رابعة العدوية ومَن يطلقون عليهم «شهداء المذبحة» التى مرّ عامان على حدوثها، وتقع فى مراكزها عملية إرهابية وتفجير هنا وتصفية هناك، وخلال وجودنا هناك صادفتنا إحدى التظاهرات لعدد من شباب وأخوات الجماعة يطوفون شوارع القرية، وترفع شعارات «لا للظلم، وضد الانقلاب، ومرسى راجع»، وبينما نقوم بتصويرها انتزع أحدهم الكاميرا الخاصة بنا وأصر على مسح ما بها من صور، لأنه حسب تعبيره «لا يثق فى إعلام النظام اللى بيشوّه فى صورة الإخوان عمال على بطال لمصالح سياسية كلنا عارفينها»، وحاولنا التحدُّث إلى بعض المشاركين فى التظاهرة عن تلك المصالح، فقال ونبرة الشك تسبق كلامه: «رأيى أحب أحتفظ به لنفسى.. كفاية اللى حصل لنا ورمية أهلنا فى المعتقلات».
«التحرير» اخترقت أخطر بؤر الجماعة داخل قرى ومراكز الفيوم، التى تبعد نحو 90 كيلومترا عن محافظة القاهرة ويقطن فى مراكزها الستة ما يقرب من 3 ملايين مواطن، لنكشف عن أماكن تجمعاتهم وأبرز أنشطتهم ومصادر الأسلحة المستخدمة فى تظاهراتهم، وكيفية التواصل فى ما بينهم، بداية من القرى شاسعة المساحة السكانية المعدومة الخدمات ك«أبو جندير»، وقريتَى كحك بحرى وقبلى، معقل الجماعات الجهادية ومنبع التكفيريين ومستقر الإخوان والسلفيين، وقريتَى «مطر طارس، ودار السلام» بسنورس وطامية، و«النزلة» بمركز يوسف الصديق، مقر صناعة الفخار والصواريخ والبمب والألعاب النارية التى كثيرا ما استعملها أفراد التنظيم لإرهاب قوات الأمن المنتشرة على مداخل المحافظة، لإسقاط أكبر عدد منهم بضربات متفرقة، وأخيرا القرية الأخطر والأكثر انتشارا بالفيوم من قبل جماعة الإخوان المسلمين «مناشى الخطيب».
«مناشى الخطيب».. الجماعة هنا
أكثر من 90% من أهالى تلك القرية ضمن أفراد جماعة الإخوان المسلمين، والتى لا يزيد عدد سكانها على 30 ألف نسمة، وأربع قرى أخرى مجاورة، هى «منشية العشيرى، وديسيا، والسنباط، وفتيح» وتزداد فيها البطالة بنسبة كبيرة، وعدد من الأهالى يشكون من تدنّى الخدمات وزيادة أسعار الكهرباء بشكل كبير خلال الشهور الماضية، فضلا عن سوء معاملة الإخوان لهم بعد عزل مرسى، قائلين: «والله ما كنا نعرف حاجة عن الإخوان إلا بعد الثورة ما قامت، الناس دى ماكنتش بتخدم إلا نفسها، وركبت على الثورة عشان الكرسى»، وهنا قاطعه أحد أفراد الجماعة المارين بالطريق، بقوله: «اتق الله يا أخ محمد، إحنا عمرنا ما سببنا مشكلات لحد، وطول الوقت بنخدم البلد والصالح العام، وبنشوف إيه اللى ناقصها وبنكمله».. فى حين تدخل أحد الأهالى ويدعى محمد محسن محيى، قائلا: «إحنا مش عاوزين غير استقرار البلد، وزى ما النظام ماشى بنمشى، لا جماعة هتنفعنا ولا إخوان هيحكمونا تانى خلاص».
ويعانى الأهالى من عدم وجود صرف صحى بالقرية التى تقع أسيرة بين شفط وكسح المياه وتوفير الأموال اللازمة، والتى توفرها لهم جمعيات الإخوان التى تدفع لكل أسرة غير قادرة أكثر من 300 جنيه شهريّا لكسح المياه من الطرنشات، مما تسبب فى غرق بعض منازل القرية وتركها سكانها.
فى المقابل يقوم حزب النور بالفيوم بعدة فاعليات فى قرى ومراكز الفيوم ضمن حملة ينظمها الحزب تحت عنوان «مصر أقوى من الإرهاب»، للتأكيد أن هذا الإجرام الذى تقوم به عناصر من جماعة الإخوان والتشوق إلى سفك الدماء المعصومة والعداء الظاهر للجيش المصرى ومحاولات النيل منه، إنما تقوم به جماعات تحقق أهداف الأعداء، بل هى صنيعة الأعداء، حسب تصريحات محمد عبد التواب أمين حزب النور بالفيوم، الذى أشار إلى أن الحزب أطلق الحملة انطلاقا من مسؤوليته الوطنية كحزب سياسى لمحاربة الفكر التكفيرى، وضرورة التواصل مع المواطنين لتوضيح الصورة لهم، وأن مكانة الجيش المصرى ستظل محورا لأمن المنطقة العربية، وأن الحفاظ عليه مسؤولية كل مصرى بل وكل عربى يدرك أهمية مصر وجيشها العظيم للقضاء على الإرهاب وأهله.
على باب قيادات الإخوان
منذ أيام أعلنت وزارة الداخلية، عبر بيان لها، أنها تمكنت من تصفية 6 إرهابيين من أعضاء خلية نوعية مسلحة تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، بعد معركة شرسة وقعت فى أثناء مداهمة وكر الخلية بين الزراعات بقرية أبو ناعورة التابعة لمركز سنورس، ردّا على مقتل الطفلة «جاسى»، ابنة ضابط الترحيلات المقدم شريف سامى، وصديقه المحامى، وكان من بين أفرادها أحد قيادات الإخوان البارزين عبد العزيز هيبة، الذى ظل مطاردا لأكثر من أربعة أشهر كاملة، وهو ابن قرية مطر طارس بسنورس، التى زارتها «التحرير» ضمن جولتها بين القرى الأكثر عنفا وإرهاقا لقيادات الأمن.
على باب بوابة بيتهم الرئيسية تعلوها شعارات الجماعة «قوتنا فى وحدتنا، النهضة إرادة شعب»، وعبارات أخرى مكتوبة بالخط العريض ك«رابعة فى القلب» وكلمات أخرى مكتوبة بالإنجليزية تارة: «Anti Coup»، وبالعربية تارة أخرى «ضد الانقلاب، والداخلية بلطجية، والحرية لعمر هيبة»، نجل القيادى الإخوانى الذى تمت تصفيته من قبل قوات مكافحة الإرهاب، والذى يقول عنه نجله أحمد إنه «كان يعمل مدرس رياضيات بمدرسة القرية، وكل ذنبه أنه نشأ إخوانيّا وتعلَّق قلبه بفكر الجماعة منذ شبابه، وله بنت و4 أولاد فى مراحل التعليم المختلفة، ومنذ فض اعتصام رابعة العدوية هرب واختبأ من الشرطة، فألقوا القبض على شقيقه عمر، وتم حبسه لمدة 4 أشهر بتهمة نشر وتوزيع منشورات مسيئة إلى الجيش والشرطة. طوال الوقت كان عبد العزيز هيبة هاربا من قوات الأمن وقبل موته بيوم اتصل بزوجته وأولاده وقال لهم: حاسس إن الموت بيقرّب، خدوا بالكم من أمكم.. مش لاقى حتة أقعد فيها أو مكان اتدارى فيه، وعندى الموت أريح لى من السجن».
«حسبى الله ونعم الوكيل فى كل اللى وقف مع الظلم واللى شارك فى دم زوجى، مافيش بيت فى بلدنا مافيهوش شهيد».. هكذا تحدَّثت زوجته وهى تبكى من خلف النقاب الذى يعلو وجهها، وتقول إنه تم حبسه ثلاث مرات خلال عهد المخلوع مبارك لمعارضته سياسات النظام الفاسدة، لأنه حسب تعبيرها «شاف الظلم من بدرى واتفاجئنا بموته من على النت».
مطر طارس أو ما يطلِق عليها مصطفى مجاهد، وهو أحد شيوخ القرية الوسطيين، تعد بمثابة قبلة الجماعة، وهى موطن البرلمانى السابق عن الحزب الوطنى أحمد أبو طالب، شقيق رئيس مجلس الشعب الأسبق صوفى أبو طالب، القائم بأعمال رئيس الجمهورية بعد مقتل الرئيس السادات، إلى أن تولى الرئيس الأسبق حسنى مبارك، التى شهدت مقتل أربعة أفراد من كبار قيادات الجماعة خلال السنوات الماضية سواء فى مسيرات مناهضة للنظام أو خلال أحداث فض رابعة العدوية، وبالجهل والفقر يسيطر الإخوان على شباب وأهالى القرية التى تشهد أعلى نسبة تعليم على مستوى الجمهورية، وهى معروفة ب«بلد العلم والقرآن»، ويذكر أن أحد أبنائها صلاح أحمد عيسى، قد حاز المركز الأول فى مسابقة مكة المكرمة لحفظ القرآن الكريم خلال عام 2001.
وخلال حديثنا معه قاطعنا أحد أنصار جماعة الإخوان المسلمين، ممن سبق أن تحدثنا معهم فكان يراقب تحركاتنا بين الأهالى ويرصد تنقلاتنا بينهم، وطلب منا الحديث جانبا ليحذرنا من الحديث مع هؤلاء وغيرهم، قائلا: «بلاش تتكلم مع حد تانى هيديلك معلومات مش صحيحة وهتسمع منهم كلام غلط»، فشكرته ثم استأذنته، واستطرد مجاهد، ذلك الشيخ الذى يئسوا من استدراجه واستقطابه إلى صفوفهم خلال السنوات الماضية، قائلا: «شعبية الإخوان نزلت خلال عام واحد من الحكم، وزادت تانى بغباء الشرطة، وهُمَّا بيلعبوا على أخطاء النظام رغم أنهما وجهان لعملة واحدة».
جمعيات تحت ستار الجماعة
معظم الجمعيات الخيرية المنتشرة بالقرية ك«رسائل الحكمة، ودلائل النبوة، وتنمية المجتمع، والجمعية الشرعية» تسيطر عليها الجماعة الإخوانية بالتعاون مع الجماعة الإسلامية، ويذكر مجاهد أن الإخوان خلال شهر رمضان الماضى ادعوا قيام النظام عبر وزارة الأوقاف بمنع صلاة التهجد والاعتكاف فى المساجد، وهذا لم يحدث باعتبارى موظفا لدى الأوقاف (مؤذن)، ولكنهم استغلوا كراهيتهم للنظام فى التنكيل به والادعاء بأنه يحارب الدين ويمنع الصلاة فى بيوت الله، ومن ثَمَّ وجب الخروج عليه، حسب زعمهم.
يقول مصدر أمنى بالفيوم ل«التحرير»، متحفظا على ذكر اسمه، إن «حجم السلاح المنتشر داخل القرية، خصوصا لدى تنظيم الإخوان الإرهابى يصعب السيطرة عليه فى ظل دفنه فى المقابر ووسط الأراضى الزراعية، وكل ما تقوم به الأجهزة الأمنية يدخل فى نطاق (رد الفعل) على جرائمهم الإرهابية فى إطار الحملات المكثفة التى تقوم بها الوزارة على بؤر الإرهاب هناك».
قرية «الداخلية» فقيرة
خمسة كيلومترات تفصل بين القريتَين الأعلى فى نسبة وجود الإخوان بالفيوم، بينهما قريتا «الإخصاص» و«معصرة الصاوى»، ولا يمر يوم جمعة أو اثنين حتى يختنق الأهالى من فرط رائحة قنابل الغاز المسيلة للدموع التى تطلقها قوات الأمن بمشاركة قوة إضافية من الجيش على متظاهرى الجماعة لتفريقهم وإلقاء القبض على ما تبقى منهم فى الشارع الرئيسى والشوارع الجانبية لقرية دار السلام أو «الزربى» التابعة لمركز طامية، والتى يسكنها نحو 40 ألف مواطن من بينهم 5 آلاف قبطى، ويعمل نحو 30% من أبنائها ضمن أفراد وزارة الداخلية.
«قرية موبوءة صحيًّا وخدميًّا، وكل يومين المجارى تطفح وتغرق الدنيا».. هذا أقل ما يقال عن تلك القرية المعزولة تماما عن الخدمات فى ظل غياب الدولة وانتشار أفراد الجماعة الإرهابية ومدمنى المخدرات، ومن ثم ما زالت تدار بنفس السياسات القديمة من الإهمال، وحسب أحد أبنائها، سيد محمود، فإن المجتمع الريفى «واقع» من حسابات الحكومة و«ماحدش بيعرف الفقير فى بلدنا»، ومن هنا تتوغل الجماعات الدينية وعلى رأسها الإخوان لتقوم بالدور البديل للدولة وتخترق الجمعيات الثلاث الأهلية الموجودة فى القرية لتقديم المساعدات للأهالى ظاهريّا، وفى باطنها الدعم الكامل لأفراد التنظيم الإرهابى المستتر خلال التظاهرات والخروج ضد النظام.
وخلال جولتنا فى شوارع القرية وعلى باب الوحدة المحلية بالقرية كان الحشيش والمخدرات يباعان على ناصية الطريق عند المعهد الدينى، وفى المقابر فى الساعات الأولى من الليل، حيث كان يتشاجر ثلاثة شباب من أهل القرية بجوار توك توك «عرفنا بعد ذلك أنه مسروق من قرية أخرى»، مع أحد المواطنين حول ثمن «صوباع ونصف» بانجو، وسط غياب تام لقوات الأمن وخفراء الوحدة، فالقرية كما هى موبوءة بالمظاهرات فهى أيضا موبوءة بالمخدرات فى ظل تدنّى نسبة التعليم وتزايد معدلات الأميين بالقرية.
«أبو جندير».. بوابة تهريب السلاح
«كلما غربت عن القاهرة كلما حكمت الجماعة وسيطرت وتدنت الخدمات وتقلصت رقابة الدولة»، هذه الحقيقة الموجعة يكشف عنها محمد رمضان محمود، رئيس الوحدة المحلية لقرية أبو جندير التابعة لمركز إطسا، التى تقع على مقربة من الحدود الليبية وتنتشر فيها عصابات السلاح والبنادق الآلية المهربة إلى مصر من ليبيا فى منطقة الجبل ووسط الحقول، وتعد من كبرى القرى على مستوى الجمهورية من حيث المساحة السكانية (150 ألف نسمة)، ومع ذلك يقع نحو 60% من أهلها تحت خط الفقر دون أدنى خدمات صحية يتم استغلالها من قبل جماعة الإخوان المسلمين، التى تقوم بتوصيل الكهرباء والمياه إلى المواطنين المهمشين الذين لا يملكون نفقات شراء العدادات الكهربائية أو دفع فواتير المياه وتقديم الخدمات لهم بشكل أو بآخر، رغم وقف التعامل مع جمعياتهم الخيرية منذ عام مضى.
«كانت بداية الخراب علينا أيام جمال مبارك ما نزل لنا وشباب الحزب الوطنى (جيل المستقبل) بشعارات التغيير والتعمير والتطوير اللى كانت حبرا على ورق»، حسب تعبيره حينذاك، وبدأت الجماعة تتوغل داخل أهالى القرية وتقدّم لهم البديل الذى عجزت الحكومة عن توفيره لهم، ويستطرد رمضان قائلا: «للأسف اللى فوق ما بيسمعوناش»، ولذلك سيبقى الوضع على ما هو عليه فى ظل سحب الميزانية الخاصة من الوحدات المحلية وإعطائها للمركز المالى الذى يتحكم فيها، مطالبا بتطهير المصالح الحكومية من القيادات الإخوانية المقصرة كرئيس مركز ومدينة «إبشواى» صاحب أكبر عدد من المخالفات الإدارية، وكذلك رئيس مدينتَى طامية «م.ع» ويوسف الصديق، المعينين من قبل سكرتير عام المحافظة «م.ح.ح»، وهو شخص سيئ السمعة، حسب وصفه.
معظم التيارات الموجودة فى «أبى جندير» إخوان وسلفيون، والبعض مؤيد للنظام، وبين الطرفَين يبقى المهمشون كما هم معدمين فى كل شىء «طرق داخلية بلا رصف، وخدمات صحية معدومة»، فيضطر المريض إلى قطع عشرات الكيلومترات عبر سيارات نصف نقل متهالكة أو توك توك وموتوسيكل، حتى يجد مَن يسعفه، فضلا عن قرى أخرى مجاورة تغرق فى مياه الصرف الصحى ك«الحسينية، وأبو عيد، والونيسة، وأبو مرعى»، و«الطرنشات» تضرب فى أساسات البيوت، وأقرب محطة صرف لهم تبعد ثلاثة كيلومترات عنهم «محطة أبو ديهوم فى عزبة أبو عويس بالجبل»، ومن ثم يرفعون شعار «إحنا بتوع الإخوان» بلا خوف من ردة الفعل عليهم، لأنهم فى كل الأحوال «ميتين»، على حد قولهم.
النزلة.. دعاء الكروان لا يطرب
تعد «النزلة» من أكثر المناطق فى محافظة الفيوم خطورة وأشهرها فى مركز يوسف الصديق «بلد نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة الأسبق يوسف والى»، والتى تبعد نحو 30 كيلومترا عن المدينة، ويقطنها نحو 30 ألف مواطن، وتقع على شفا منطقة جبلية نائية فى أقصى غرب الفيوم، وتتخللها عشش متفرقة لإنتاج «الفخار» أسفل الجبل، أشهر ما تمتاز به القرية «واللى ظروفه تحت هو اللى بيشتغل به»، حسب تعبير أحدهم، وسبق أن تم تصوير عدد من الأفلام السينمائية بها ك«دعاء الكروان» و«البوسطجى»، ويسكنها نحو 10% من الأقباط الذين تم إحراق كنائسهم الثلاث بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى من قِبل بعض التيارات الدينية المتطرفة، ويقوم الجيش حاليّا بتجديد كنيسة الأمير تادرس على أطراف المدينة، ويقول عنها سامى حنا متعجبا: «كنيسة بها مخطوطات أثرية يتم حرقها وتحويلها إلى كوم تراب فى غمضة عين من قبل الإخوان والجماعات الجهادية، الذين ما زالوا حتى يومنا هذا يرفعون أعلام (داعش) ويرتدون الزى الخاص به خلال تظاهراتهم شبه اليومية بالقرية ك(كارت إرهاب) للأقباط وسط غياب تام لقوات الأمن».
مملكة صواريخ الجماعة
فى أقصى الغرب وتحديدا فى منطقة المقابر توجد ثلاث ورش رئيسية مغلقة لإنتاج وصناعة البمب اليدوى «المعايرة» والصواريخ والألعاب النارية منذ عهد الإنجليز، وهى أماكن صناعية غير مرخصة ومملوكة لبعض رجال النظام السابق، وعلى مقربة منها التقينا أحد القائمين عليها ويدعى عم ناصر مرزبان، ذلك الرجل الخمسينى الذى يعمل مبيض محارة وأقرانه «عمال فواعلية» فى ظل فترات الإغلاق بأمر الحكومة من بداية شهر يوليو حتى نهاية سبتمبر، ويحكى عن سوء أحوالهم الاجتماعية وخطورة ما يقومون به، وما تحدثه لهم تلك الصنعة من عاهات، قائلا: «منه لله يوسف والى اللى ضحك علينا ووقف حالنا واستولى على أرضنا اللى كان مفترض يتعمل فيها مشاريع كبيرة لخدمة أهالى القرية، وولادنا اللى قاعدين جنبنا فى البيت مش لاقيين وظيفة، وبعد ما أخذ موافقة الدولة على إقامة مصنع للغزل والنسيج بالمركز لتشغيل شباب القرى المجاورة تم بيع أرضه (مبانى) وبنى على اسمه الفيلا الخاصة به هناك».
عدد من أفراد جماعة الإخوان المسلمين كانوا يترددون على أصحاب تلك الورش من حين لآخر، خصوصا بعد عزل مرسى لشراء عدد من الصواريخ وطلب تصنيع بعض المتفجرات الأخرى والعبوات الناسفة التى يتم تصنيعها يدويّا من الكبريت والفحم، وغير ذى مرة، حسب تعبير مرزبان، طلبنا لهم قوة من قسم شرطة إبشواى، وفى كل مرة كان يقول له أحدهم: «أبوس على إيديك اعمل لنا 10 بومبات زلط صغيرين، وكام صاروخ واللى انت عاوزه هتاخده، وأنا مش لاقى أجيب علبة سجاير.. لكن لو هتدينى مليون جنيه عشان أقتل واحد برىء مالوش ذنب عندى الموت أهون مليون مرة»، ثم يستطرد كمحاولة أخيرة للتأكيد: «إحنا بنصنع هنا حاجات الأطفال وصواريخ الأفراح وبس».
«كحك» بحرى وقبلى قبلة الجهاديين والتكفيريين.. والصيادون حالهم «عدم» والبركة «نشفت» و«الغاز» يُهرّب لتجار السوق السوداء
«لو عاوز تقتل حد أجَّر له ناس من كحك بحرى.. الدخول إليها مثل الدخول إلى المقبرة، فهى بيئة خصبة للجماعات الإرهابية التى بدأت منذ أواخر الثمانينيات وظهور جماعة الشوقيين، ذراع جماعة التكفير والهجرة آنذاك، بقيادة الجهادى التكفيرى المنشق عن جماعة الدكتور عمر عبد الرحمن، شوقى الشيخ»، كلمات قالها أحد أمناء شرطة مكافحة المخدرات بالفيوم، متحفظا على ذكر اسمه، الذى التقينا به مصادفة فى الطريق إلى الفيوم عبر دراجته النارية بعد أن أُصيب بطلقات نارية فى قدمه اليسرى خلال مهاجمته فى أحد الأكمنة على الطريق الصحراوى من قِبل بعض أفراد الجماعة الجهادية من التكفيريين عبر عربة ربع نقل هاجمتهم بمتعدد آلى، فأصابت ضابطا بإصابات تعجيزية وقتلت اثنين آخرين، مضيفا أنه تم تصفية معظم قيادات الشوقيين وحبس المتبقين منهم الذين خرجوا منذ عدة أعوام ليكملوا حياتهم فى حالة بيات وانعزال تام عن الأهالى، وبعيدا عن الحيز العمرانى فى الحقول ووسط المزارع، لإقامة عدد من الزوايا للصلاة والإقامة فيها وحدهم، ومنع دخول مَن لا ينتمى إلى فكرهم إليها، خصوصا بعد اختراقهم من قبل قوات الأمن.
الصيادون حالتهم «جاز»
يحكى أمين الشرطة ل«التحرير» أنه يعرف أحد أفراد الإخوان المتخصصين فى تفجير الأبراج الكهربائية مقابل تسعيرة معينة ذكرها ب10 آلاف جنيه للبرج الواحد، وحينما نصحه بالإبلاغ عنه قال له: «لو مسكتنى آخرتك عندى طلقة».
عبر عربة ربع نقل أشبه بنعش متنقل يحمل بداخله 12 فردا غيرنا تحركنا من موقف إبشواى عبر طريق أسفلتى متحجر وملىء بالمطبات إلى قرية كحك بحرى، معقل الجماعة الإسلامية وتيارات الإسلام السياسى بالفيوم، التى يعمل غالبية أهلها فى الصيد والزراعة، وهناك لا صوت يعلو فوق صوت السكون، فالجميع يلتزمون بيوتهم فى ظل موجة الحر الشديدة، والقلائل منهم يخرجون على أكل «عيشهم» عبر التكاتك أو عربات نقل الركاب إلى داخل وخارج القرية، وبينما نتحدث إلى أحد الأهالى ويدعى كامل أحمد علِى، ذكر أن معظم أهالى القرية يعملون بالصيد لقربهم من بحيرة قارون، حيث كان يعمل صيادا لأكثر من عشرين عاما، ثم تركها بغير رجعة بعد أن امتلأت السجون بهم خلال العمل فى مشروع قناة السويس الجديدة، نتيجة إبحارهم فى مياه البحر عند شرق القنال لأكثر من ست ساعات «الحد الأقصى الزمنى المسموح به للصيد» فى الوقت الذى يتم تدمير الثروة السمكية وانتشار الدودة فى خياشيم أسماك «القاروص، والبورى، والبلطى، والموس» عبر صرف مياه المجارى والصرف الصحى فى بحيرة قارون.
«الصيادون حالتهم جاز، والجو عدمان، وصوتهم مش مسموع، وولادهم حيموتوا من الجوع»، خرجت الكلمة من فم عم جميل فتحى يوسف، عضو مجلس إدارة وادى الريان، الذى لخَّص من خلالها حاله وما يقرب من 8 آلاف صياد هم إجمالى مَن يبحثون عن رزقهم يوميّا فى البحيرة ووادى الريان عند الشلالات.
«أرامل» الجماعة الإسلامية
حالة التعليم داخل القرية ضعيفة للغاية من شدة الفقر من ناحية، ومن ناحية أخرى لنقص الخدمات التعليمية المقدمة للطلاب، وهذا ما يلعب عليه مرشحو البرلمان فى كل دورة انتخابية، وآخرهم ماهر والى، شقيق يوسف والى، وعبد القادر الجارحى، عضو الحزب الوطنى السابق، كما تنتشر الجمعيات الخيرية هناك بصورة كبيرة، خصوصا جمعيتَى «الأرامل» و«الجارحى» اللتين تسيطر عليهما الجماعة الإسلامية، وثلاثة مساجد أهلية لا تخضع للأوقاف، ومؤخرا تم منع الشيخ ممدوح شافعى، خطيب مسجد إلياس بشكشوك، من الخطابة وإلقاء الدروس بالمساجد، لتحدُّثه فى السياسة داخل دور العبادة، فى حين تعمل المساجد الأخرى بحرية دون أدنى رقابة من مفتّشى الوزارة.
7 كيلومترات فاصلة بين قريتَى كحك بحرى وكحك قبلى، تفصل بينهما قرية العونى، وهناك التقينا أحد قيادات الجهاد السابقين لدى الجماعة الإسلامية الذى تم الإفراج عنه خلال عهد المجلس العسكرى، ويدعى أحمد سليم، والذى سبق أن حكم عليه بالسجن المؤبد فى واقعة مقتل رئيس قسم مكافحة النشاط الدينى بجهاز مباحث أمن الدولة المقدم أحمد علاء، ومات شقيقه محمد سليم من التعذيب فى سجن العقرب.
عبر عبارات مقتضبة، نفى القيادى بالجهاد الذى أعلن تصالحه ورجوعه عن الفكر الجهادى فى أواخر التسعينيات، وجود جماعات دينية فى كحك قبلى، إذ إنهم عائلة واحدة متكاملة ومتماسكة، قائلا: «إحنا البلد الوحيدة فى الفيوم اللى ماطلعتش فيها مظاهرة ولا انتفاضة»، مضيفا أن أحد أبرز عناصر وقيادات الجماعة بقرية كحك بحرى من عائلتَى فضل والدخيل، بالإضافة إلى «أ.خ» و«ح.ج»، وهناك رفض كل منهم التحدُّث إلينا لدواعٍ أمنية: «مابنتكلمش فى السياسة» على الأقل حتى رجوع الشرعية وعودة الرئيس محمد مرسى، كما قال أحدهم مازحا.
رئيس المباحث: الجبال مغرية
على صعيد جنائى يقول العقيد رجب غراب، رئيس مباحث المديرية الجديد بالفيوم، «إن طبيعة المحافظة الجبلية ساعدت الجماعات الإرهابية فى الهروب خارج البلاد والانتشار داخل قرى ومراكز الفيوم للاختباء، متنقلة بين المحافظات الثلاث القاهرة والجيزة والفيوم، باعتبارها مناطق ميتة لخلاياهم النائمة وفرصة كبرى لتجمع أكبر عدد من العناصر المؤهلة للقيام بعمليات إرهابية، والإخوان تستخدم أسلحة بدائية متداولة خلال عملياتهم الإجرامية، وقد ثبت ذلك من خلال الفوارغ والسلاح المستخدم عندهم، إذ إنه يتداول أكثر من مرة فى أكثر من مكان وخلال عمليات متعددة».
وأكد غراب ل«التحرير» أن الإرهابيين وجماعات الإسلام السياسى المتهمة بالإرهاب تلقَّت خلال الأسابيع الماضية طعنات قوية من قبل قوات الأمن، فضلا عن قدراتهم المحدودة على ضرب ومهاجمة الأهداف الحيوية الموجعة للأجهزة الأمنية فى ظل نشاط المباحث الجنائية المكثف لتجفيف عملياتهم، والتعليمات المشددة لضباط وقيادات الحركة الوزارية الجديدة بالتعامل بحزم وقوة مع العناصر الإجرامية ومَن يتحدّى القانون، ومن ثَمَّ فإنهم يلجؤون إلى ممارسة أعمالهم الإجرامية خارج أماكن تجمعاتهم وبعيدا عن مواقعهم الرئيسية هربا من الملاحقات الأمنية المتكررة.
مدير الأمن: اللى باقى عيال
وفى ما يخص منطقتَى الناصرية والعجميين، مركزَى السلاح فى قلب إبشواى الفيوم، المزروعتَين بأشجار المانجو، وتحت الأرض مخزن للسلاح الليبى المهرب ومنفذ لتجارة السلاح بالصعيد، وبدروم لإيواء الإرهابيين الهاربين، أكد اللواء ناصر العبد، مدير أمن الفيوم، أنه تم تجفيف منابع السلاح هناك بنسبة 70%، ومن الصعب القضاء عليها بنسبة 100% فى الوقت الراهن، ولكن تم تصفية المنطقتَين من أباطرة السلاح الكبار و«اللى اتبقّى هناك شوية عيال صغيرين هربانين من الأجهزة الأمنية»، على حد قوله.
وأضاف العبد فى تصريحات خاصة ل«التحرير» أن هؤلاء شباب «بيتضحك» عليهم من قبل الجماعات الإرهابية، مستغلين فقرهم وجهلهم لاختراق عقولهم وغرس الأفكار المسمومة فيها تحت ستار الدين، حتى يكتمل مخططهم لإسقاط الدولة، ولكن الأجهزة الأمنية تقوم يوميا بحملات تفتيشية وبحث جنائى فى كل منطقة من مراكز المحافظة لتجفيف منابع الإرهاب بها.
بينما اعتبر العميد محمود قطرى، الخبير الأمنى، أن محافظة الفيوم تعتبر حلقة ضعيفة أمنيّا لدى وزارة الداخلية التى تصنفها مناطق درجة ثانية ضمن تقسيمات تضر بالأمن القومى، باعتبارها من المناطق المتخلفة عن الدرجة الأولى «القاهرة والإسكندرية والبحيرة ومصالح الوزارة»، وبالتالى أصبحت سمعة هذه الأماكن سيئة ومتدنية من الناحية الأمنية، وصار ضباطها من المغضوب عليهم، حسب تعبيره.
وطالب قطرى بسرعة إحداث تنمية اقتصادية للفيوم التى زادت نسبة الفقر فيها بشكل مخيف، والإرهاب المستشرى هناك سببه الرئيسى «الفقر» والقصور الأمنى عن اتخاذ الإجراءات الاحترازية ضمن خطة أمنية موسعة لفحص كل الأجهزة الشرطية المهمة بالمحافظة، لتعقيمها بصورة يومية ضد المفرقعات، مع تعيين حراسات على تلك الأماكن ونشر عناصر التحريات وأجهزة جمع المعلومات وزرع المرشدين داخل عناصر وأفراد تلك الجماعات الإرهابية غير المخترقة حتى الآن، على حد قوله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.