قال وزير الخارجية سامح شكري، اليوم الأربعاء، إن التأخر في التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية يبعث برسالة سلبية إلى شعوب أخرى في المنطقة، وتثير لديها الشكوك بعدم جدية المجتمع الدولي في تولي مسؤولياته. وشدد شكري، في كلمته مساء اليوم الأربعاء أمام اجتماع لجنة مبادرة السلام العربية بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية، وبحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبومازن"، على أن قوى الشر أساءت دومًا للقضية الفلسطينية، فاستغلت تغلغلها في الوجدان العربي ومكانتها لدى أجيال عايشت تفاصيلها وتفاعلت معها، بأن تاجرت باسمها لتجند شبابًا لتنفيذ أجندات خاصةٍ، ليس لها أدنى صلة بحقوق الشعب الفلسطيني. وتابع شكري "الاشقاء الفلسطينيين كانوا دوماً ضحيةَ تأجيل قضيتهم انتظارًا لحل هموم دولية أو حتى داخلية، فاهتز أملهم في نيل حقوقهم وزاد شكهم في رغبة المجتمع الدولي في حل قضيتهم"،مؤكدًا أن مصر تثمن دوماً أي محاولات جادة ومبادرات مخلصة لوضع أطر وأسس ومعايير عادلة وشاملة للتوصل إلى التسوية السلمية، وترى فائدة في البناء على مثل هذه الأفكار. وأضاف شكري أن مصر لازالت تؤمن بأن الإطار المتكامل الذي توفره مبادرة السلام العربية يحقق ما تربو إليه كل دول المنطقة من سلام شامل ومستقر يقوم على التعاون. وشدد على أن الظروف الحالية تستوجب تكثيف الاتصالات مع أطراف المجتمع الدولي التي لها نفس الهدف من خلال آليات تواصل مرنة، للبناء على الجهود التي شهدتها الفترة الماضية والتي تلت تولى مصر رئاستي القمة ولجنة متابعة مبادرةالسلام. وأشار إلى أن اللجنة الوزارية المصغرة التي تضم مصر والمملكةَ الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية ودولة فلسطين والامين العام لجامعة الدول العربية عقدت سلسلة اجتماعات بالقاهرة وبرشلونة، شملت استقبال وزير الخارجية الفرنسي لمناقشة مقترح بلاده حول دفع المفاوضات. وقال شكري إن الدولة الفلسطينية المستقلة التي نتطلع إلى قيامها على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدسالشرقية تحتاج دون أدني شك وبشكل مُلِح إلى اصطفاف فلسطينيٍ حول قضيته الأساسية وراء قيادته السياسية، وهو أَمر يستوجب إنهاءالانقسام الفلسطيني بشكل عاجل وفق اتفاق القاهرة. وشدد على أن مصر لن تألو جهداً للعمل على إعادة اللُحمَةِ الفلسطينيةِ مرة أخرى وبالأخص أن الأمر قد أضحى مهدداً لمستقبل القضية الفلسطينية نفسها بشكل غير مسبوق. وأكد أن تحسين أحوال الاشقاء الفلسطينيين في القطاع أمر يحظى بأهميةٍ بالغةٍ لدى القيادة المصرية والتي لا تفوت أية فرصة لتقوم بذلك من خلال العمل مع القيادة الفلسطينية والمجتمع الدولي، فتسعى مصر بالتعاون مع النرويج إلى حث الدول المانحة للوفاء بالالتزامات التى قطعتها بهدف إعادة إعمار القطاع خلال مؤتمر القاهرة. وأشار إلى أن اجتماع لجنة متابعة مبادرة السلام العربية جاء استجابة لطلب دولة فلسطين، لبحث مستجدات القضية الفلسطينية، وسبل التحرك لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي،خاصة في ظل تطورات وخيمة كان آخرها الجريمة البشعة التي صدمت العالم بأسره بحرقِ رضيعٍ فلسطيني منذ أيام. وشدد شكري على أن هذه الاعتداءات أصبحت أحد أوجه الهمِ اليوميٍ للفلسطينيين من جراء اعتداءات سافرة وانتهاكات يقوم بها المستوطنون ضدهم بما ينتزع منهم الحد الأدنى من الحق الإنساني البسيط بالشعور بالأمان، فضلاً عن ممارسات يومية تقوم بها إسرائيل كهدم للمنازل وتقييد حرية التنقل، وتبني قوانين تتنافى وحقوق الإنسان كالإطعام القسرى للأسرى وغيرها. ونبه شكري إلى أن تزايد الانتهاكات المنظمة للحرم القدسي الشريف من قبل المتشددين والمحاولات المتكررة لتغيير الوضع على الأرض،يضاعف من حجم الاحتقان بما ينذر بمواجهات،يمكن أن يزج بالدين فيها ليكون وقوداً لها وهو آخر ما تحتاجه المنطقة التي يعصف بها حالياً عنف يتخذ من الدين ستاراً له. وأوضح شكري ان البعض حاول خلال الفترة الأخيرة الترويج لأن الأزمات التي يمر بها الاقليم العربي قد أزاحت القضية الفلسطينية عن صدارتها في سلم أولويات السياستين العربيةِ والدولية إلى مرتبةٍ أدني، وأن العالم لديه في الوقت الحالي ما يكفيه من القضايا المُلحة التي عليه التعامل معها بصورة عاجلة لتأثيرها على استقرار وأمن المنطقة. وأشار شكري أن تلك المقولة قد ثبت مراراً عدم صحتها، فالقضية الفلسطينية كانت ولا زالت محور اهتمام الأمة وقضية العرب الأولى، وأن التسويف المستمر في حلها بشكل شامل وجذري على أسس عادلة وفق مقررات الشرعية الدولية قد ألقى بظلالَه على المنطقة بأسرها وضاعف من أزماتها.