يبدو أن كل خطط رئيس الوزراء هشام قنديل لترشيد استهلاك الكهرباء ذهبت أدراج الرياح!! فمن ناحية فإن نصيحة الدكتور قنديل الشهير ب«هشام يا بخت الغلابة»!! بارتداء الملابس القطنية لا يمكن أن يكون لها اعتبار بعد مشهد سحل حمادة صابر!!.. الناس تتمنى الآن لو استطاعت أن ترتدى ملابس من حديد لا من كتان، لكى تحاول الوقاية من قمع نظام مرسى وتابعه قنديل!! ومن ناحية أخرى، فإن كل ما يتم توفيره من كهرباء، إذا كان أحد قد استمع لنصائح قنديل، يجرى تبديده على أيدى أجهزة التعذيب التابعة للحكومة أو للجماعة، والتى يبدو أنها تدرَّبت جيدًا على استخدام الكهرباء فى التعامل مع الضحايا الذين يتم اعتقالهم، حتى رأينا مَن يقترح أن يكون لدينا وزير واحد للداخلية والكهرباء!! فى روايات شباب الثورة وحتى الأطفال الذين خرجوا من معسكرات الاعتقال (التى دخلوها بعد أحداث الذكرى الثانية للثورة) شهادات مرعبة عن التعذيب والإهانة والاعتداء الوحشى عليهم وعلى غيرهم من الشباب الذى لم يفعل شيئًا إلا الخروج لإنقاذ الثورة من الذين اختطفوها. أطفال فى الثانية عشرة، وشبان وشابات هم أمل مصر فى المستقبل، يحاول زبانية الحكم الفاشل والفاشى كسر إرادتهم بكل السبل، ومنها الصاعق بالكهرباء حتى فقد النطق أو فقد الذاكرة.. كما يروى الضحايا عما جرى فى معتقلات مرسى!! بالأمس كانت الصحف تنقل خبر مسحول جديد من أبناء المحلة مهد الثورة وقلعة الحركة العمالية، عثروا على الناشط محمد إبراهيم الشهير أيضًا ب«حمادة الأبيض» العامل بشركة المحلة ومؤسس رابطة القلب الأبيض، فى حالة خطيرة، بعد أن تعرَّض للاختطاف والتعذيب، ثم إلقائه فى منطقة مهجورة بعد تجريده من معظم ملابسه!! «حمادة» الجديد كان فى حالة هستيرية، وظل يصرخ كلما اقترب منه أحد: «إخوان لأ.. بلاش كهربا» بسبب ما تعرَّض له من تعذيب وحشى!! وبسبب أن ترشيد الكهرباء الذى دعا إليه الدكتور «هشام يا بخت الغلابة» لم يصل إلى زبانية الداخلية.. أو شياطين الجماعة!! الغريب أن كل هذا القتل والسحل والتعذيب كان يجرى، بينما الرئيس مرسى يتحدّث أمام القمة الإسلامية، فيؤكد «أن المطالبة باحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لكل بنى البشر، إنما هى مبادئ عالمية ومستقرة ومتَّفق عليها». وأرجو من القارئ أن يعفينى من التعليق، لأن أى تعليق يقال لا بد أن يوضع صاحبه تحت طائلة القانون!! ولكن -والحق يُقال- كان الرئيس صارمًا وهو يتحدَّث عن الانتهاكات التى تقع فى بلاد ميانمار (!!) أما جماعته «الإخوان المسلمون» فد أصدرت بيانًا شديد اللهجة تدين فيه اعتقال سبعة من المواطنين المسلمين الأتقياء وتقديمهم للمحاكمة.. فى بنجلاديش!! هذا المناخ الموبوء بحمى القتل والسحل والتعذيب، لا يمكن أن يفرز إلا العنف، ولا غرابة أن تترافق معه الدعوات المهووسة لاستباحة الدماء، وآخرها دعوة الشيخ شعبان «بتاع هاتولى راجل!!» والذى يهدر فيها دماء زعماء جبهة الإنقاذ ويطلب قتل كل مَن خرج على طاعة ولى الأمر الذى هو مرسى!! الإسلام بالطبع برىء من هذه البلطجة والإجرام والانحطاط الخلقى.. وقد أكد الأزهر الشريف إدانته القاطعة هذه الإساءة لدين الله، وأجمعت الأمة بمختلف طوائفها وتياراتها على رفض هذا الجنون الذى يهدر كل القيم الإنسانية، وعلى ضرورة تقديم «شعبان هاتولى راجل» للمحاكمة فورًا بتهمة التحريض على القتل!! لكن الأمانة تقتضى أن نقول إن الأمر أكبر من شعبان وكلامه المسىء للإسلام والوطن. ليس شعبان وحده مَن حرّض على القتل، بل هناك فى قلب الحكم وخارجه مَن فعل ذلك، وهناك مَن جاوز التحريض إلى القتل والسحل والتعذيب وانتهاك الأعراض. وهناك مَن بدأ بالفعل استهداف الثوار الشبان والمعارضين.. وأمثلة «جيكا» «والجندى» و«أبو ضيف» و«كريستى» ليست بعيدة. الأمر أكبر من شعبان الذى لا بد من تقديمه للعدالة، ولكن ليس وحده. معه -وربما قبله- هؤلاء الذين لم ينتظروا فتاوى شعبان أو غيره الذين أضافوا -فى ذكرى الثورة الثانية- أكثر من خمسين شهيدًا جديدًا، ثم وقفوا يشيدون بالقتلة، ويتحدَّثون عن حقوق الإنسان!!