ماذا حدث للمصريين؟! وما كل هذا العنف المستشرى فى كل مكان؟! وما كل هذه الدماء المسفوكة فى كل ناحية؟! وأين ذهب عقلاء الوطن وحكماؤه؟! ألا يوجد بيننا من يهبون لإنقاذ البلد من كل هذه المذابح، والحرائق، والفوضى، والدمار؟! لا بد أن يُدرك الرئيس مرسى وجماعته وحكومته أنهم جميعا مسؤولون عن كل ما يحدث فى مصر الآن، وأن شبقهم الجنونى للاستحواذ على كل شىء، وتصرفاتهم السياسية الخاطئة، التى تتابعت علينا الواحدة تلو الأخرى، هى التى أدت بنا إلى ما نحن فيه من فوضى، وانحدار سياسى، واقتصادى، واجتماعى، وأخلاقى. ولا أستبعد أبدا أن ثمة عناصر خارجية، من أعداء الوطن، وعناصر داخلية، من بقايا عصابات الفلول، يسعون بكل السبل إلى إشعال مصر كلها، ونشر الفوضى، وحرق الأرض، وقتل الناس، وترويع الآمنين، وخراب البلد. فمن الذى سمح لأمثال هؤلاء المجرمين بتنفيذ كل هذه الجرائم البشعة؟ إنه نظام الحكم الإخوانى الفاشل، الذى فشل فى لمِّ شمل الجماعة الوطنية، كما فشل فى إدارة شؤون الدولة، وفشل فى تحقيق أهداف ثورتنا العظيمة. ومن ثم تشكل غطاء سياسى لممارسة عنف إجرامى فى شارع مسالم بطبيعته. والآن ما الحل؟ وكيف يمكن لنا أن نخرج من هذه الأزمة المستحكمة؟ لا حل حقيقيا دون حوار سياسى جاد بين الرئيس وجماعته من جهة، وقوى المعارضة وشباب الثورة من جهة أخرى. فهل يمكن للنخبة المصرية أن ترتفع إلى مستوى الأحداث الجارية، وتضع مصلحة الوطن العليا فوق مصالحها الشخصية، وتجتمع معا، وتتقاتل على مائدة المفاوضات، بدلا من القتال والدماء والحرائق فى ميادين مصر وشوارعها؟! لقد أخطأت جبهة الإنقاذ برفضها حوارا دعا إليه الرئيس، وحين وضعت شروطا صعبة لحضور حوار مفتوح، وبلا أجندة مسبقة، إذ كان عليهم أن يذهبوا إلى الرئيس وجماعته، ويواجهوهم بمطالبهم بمنتهى القوة والشجاعة والحزم، ثم يخرجوا إلى أجهزة الإعلام، ويحكوا تفاصيل ما جرى أمام الرأى العام، ويواصلوا الحوار والنقاش والقتال على مائدة الرئيس، حتى يحموا شبابنا من القتل وسفك الدماء، ويحموا مصر من الفوضى والدمار. جبهة الإنقاذ أخطأت حين تشبثت بشروطها، وحين لم تلتفت إلى الدماء المراقة فى الشوارع، ولم تراع ظروف البلد، وأحوال الناس الغلابة، وحين هددت الرئيس وجماعته بالدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، لكن خطأ الرئيس أكبر بكثير، لأنه المسؤول الأول عن البلد، ولأنه خرج على الشعب بخطاب لم يرتفع إلى مستوى الأحداث الجارية، ولأنه فرض حالة الطوارئ، وحظر التجوال على مدن القناة الثلاث، وهدد الشعب باتخاذ إجراءات أقسى وأشد، وهذه كلها أخطاء كبيرة، تضاف إلى أخطاء أخرى كثيرة، من رئيس مقيد بسلاسل جماعة تجهل أبسط قواعد العمل السياسى فى مثل هذه الظروف العصيبة. فهل يمكن للرئيس وجماعته أن يستجيبوا لطلبات جبهة الإنقاذ أو بعضها؟ وهل يمكن لقادة الجبهة أن يقبلوا بتنفيذ بعض شروطهم ويذهبوا إلى الحوار؟ هل يمكن للنخبة المصرية أن تكف عن حماقتها وتعمل لمصلحة الوطن؟!