الأنبا أبرآم.. "أسقف الفيوم المحبوب" الذي صار أيقونة العطاء والمعجزات    10 يونيو 2025.. الدولار يتراجع أمام الجنيه في أول تعاملات الأسبوع بعد إجازه عيد الأضحى    الثلاثاء 10 يونيو 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    لا تهاون مع التعديات.. إزالة فورية لبناء مخالف بدندرة    10 يونيو 2025.. ارتفاع أسعار الأسمنت واستقرار الحديد في المصانع اليوم    وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية: المتظاهرون في لوس أنجلوس يتقاضون أموالا.. والاحتجاجات مدبرة    استشهاد 4 مسعفين برصاص الاحتلال أثناء تأديهم واجبهم الإنساني في حي التفاح بغزة    روسيا: 107 مدنيين بين قتيل وجريح في أسبوع بسبب الغارات الأوكرانية    استشهاد لبناني وابنه في غارة إسرائيلية على بلدة شبعا    الدبيس: أتمنى المشاركة أساسيا مع الأهلي في كأس العالم للأندية    تصفيات المونديال.. موعد مباراة فلسطين وعمان والقنوات الناقلة    مباريات اليوم.. ختام المرحلة الثالثة بتصفيات آسيا للمونديال    رئيس بعثة الحج الرسمية: بدء تفويج حجاج القرعة من مكة المكرمة للمدينة المنورة بعد غد    ارتفاع شديد في درجات الحرارة بالإسكندرية.. والعظمى تسجل 30 درجة مئوية    إصابة 6 اشخاص في حادث تصادم أتوبيس مع دراجة نارية في العمرانية    «السنجة» ل«بتر شو» يعود على مسرح نهاد صليحة في 10 يوليو    إمام عاشور: الأهلي قادر على الفوز بمونديال الأندية    تراجع سعر الذهب وسط ترقب نتائج المحادثات التجارية بين أمريكا والصين    بالفيديو.. المغازي يكشف موعد انتخابات مجلسي النواب والشيوخ 2026    جامعة بنها تعلن توافر فرصة عمل ب«كلية الزراعة» (الشروط والمستندات المطلوبة)    ترقبوا.. موعد نتيجة الصف الثاني الإعدادي في القاهرة الترم الثاني 2025 برقم الجلوس    التربية والتعليم تبدأ استقبال اعتذارات المعلمين عن المشاركة في أعمال امتحانات الثانوية العامة حتى الخميس المقبل    أسعار اللحوم البلدي والكندوز اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    أمينة خليل تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد حفل زفافها على أحمد زعتر في اليونان (صور)    فنان العرب محمد عبده والمايسترو هاني فرحات يحطمان الأرقام القياسية في حفلات عيد الأضحي 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    محافظ أسيوط يشهد انطلاق تقنية طبية جديدة ERCP بوحدة المناظير بمستشفى المبرة للتأمين الصحي    سارة وفيق ترد على انتقاد طارق الشناوي ل "ريستارت": "عرفت تبقي تريند من غير ما تنقد الفيلم"    "عيالي نزلوا هنا كانوا بيضحكوا".. نهر النيل يبتلع فرحة أسرة في ليلية زفاف بأسيوط- صور    حبس وغرامة، عقوبة استخدام حساب خاص بهدف ارتكاب جريمة فى القانون    تحذير عاجل من عبوات "باراسيتامول" بالأسواق، وهيئة الأدوية البريطانية: فيها تلوث قاتل    استقرار سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 4675 جنيها    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الثلاثاء 10 يوينو 2025    الصور الكاملة لحفل «واما» بعد تألقهم ب الساحل الشمالي في عيد الأضحى 2025    ذكريات كأس العالم!    الخارجية الإيرانية: الجولة المقبلة من المحادثات مع واشنطن تُعقد الأحد في سلطنة عُمان    الخارجية الإيرانية تعلن موعد الجولة المقبلة من المفاوضات مع واشنطن حول البرنامج النووى    يوميات أسبوع نكسة 1967 في حياة طبيب شاب    وفد من أمانة حزب مستقبل وطن بالدقهلية يقدم العزاء لأسرة البطل خالد شوقي عبدالعال    تامر عاشور يشيد بزوجته نانسي نور: قوية وحنونة وتتفهم طبيعة حياتي    خاص| الدبيكي: نعمل على صياغة اتفاقية دولية لحماية العاملين من المخاطر البيولوجية    ماكرون: الحصار المفروض على دخول المساعدات إلى غزة "فاضح"    السيطرة على حريق شب داخل فيلا بالتجمع    القبض على صاحب مطعم شهير بالمنيا بعد تسمم أكثر من 40 شخصًا    صحة سوهاج: 560 جلسة علاج طبيعي لمرضى الغسيل الكلوي خلال أيام عيد الأضحى    رافاييل فيكي يدخل دائرة ترشيحات الزمالك لتولي القيادة الفنية    ما حكم الشرع في بيع لحوم الأضاحي.. دار الإفتاء توضح    أول تعليق من يحيى عطية الله لاعب الأهلي بعد غيابه عن مباراة الفريق أمام باتشوكا    ب"شورت قصير".. أحدث جلسة تصوير جريئة ل دينا فؤاد والجمهور يعلق    وزير الصحة الأمريكي يُقيل اللجنة الاستشارية للقاحات    مسئولون أمريكيون: نشر نحو 700 عنصر من مشاة البحرية في لوس أنجلوس    أجواء مشحونة بالشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 10 يونيو    خط دفاع تحميك من سرطان القولون.. 5 أطعمة غنية بالألياف أبرزها التفاح    سباليتي يعترف: من العدل أن أرحل عن تدريب منتخب إيطاليا    استقبال 13108 حالة طوارئ بالمستشفيات خلال عيد الأضحى بالمنوفية    هل تنتهي مناسك الحج في آخر أيام عيد الأضحى؟    دار الإفتاء تنصح شخص يعاني من الكسل في العبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بورسعيد.. الشهداء يشيِّعون الشهداء!! جلال عارف
نشر في التحرير يوم 29 - 01 - 2013

نهر الدم يجتاح مدينتى. زهرة المدائن المصرية بورسعيد فى محنة، شلال الحزن القادم من هناك يكاد يقتل الهواء الذى نتنفسه. ها نحن فى زمن تُعاقَب فيه المدينة التى افتدت مصر بألوف الشهداء، والتى تحول اسمها إلى أنشودة للملايين من أحرار العالم فى كل مكان. ها نحن فى زمن يسقط فيه الشهداء فى مدينتى برصاص أشقاء فى الوطن لأول مرة. ها نحن فى زمن يسقط فيه الشهداء وهم يدفنون من سبقوهم فى الشهادة!
عرفت المدينة إطلاق النار على جنازات الشهداء مرة من قبل. فى حرب 56 ومع أول دفعة من شهداء أشرف المعارك، خرجت بورسعيد لتدفنهم فى المقابر. طائرات بريطانيا وفرنسا داهمت الجنازة أو اختلطت جثث المشيعين بجثث الضحايا.
وبعدها حوّل أهل بورسيعد ملعب النادى المصرى إلى مقبرة مؤقتة ضمت ألوف الشهداء، بعد أكثر من خمسين عاما يتكرر المشهد، لكن رصاصات الموت لا تأتى من عدو خارجى!!
مدينتى لا تخاف الموت، كتبت تاريخها بالصمود وأغلى التضحيات. نصف شوارع بورسعيد بأسماء الشهداء، جدران أبنيتها تحكى تاريخ النضال من أجل حرية مصر واستقلالها. هنا ارتفع علم مصر على القائمة البريطانية بعد خروج آخر جندى من الاحتلال عام 56. هنا ارتفع نفس العلم خفّاقا على قناة السويس بعد استعادتها.
هنا كانت أروع بشائر النصر فى معركة رأس العش، وهنا كان الصمود العظيم فى حرب الاستنزاف، وهنا كان النصر فى 73، وهنا كانت أجيال وأجيال من الشهداء، وكانت بيوت تهدم، وآلاف العائلات تضطر إلى تحمل ويلات الغربة.
لم يطلبوا الثمن لما قدموا، لكنهم لم ينتظروا أن يأتى اليوم الذى تتعرض فيه مدينتهم التى كانت وستظل رمزا للنضال الوطنى إلى ما تتعرض له اليوم من حملات كراهية، ومن عقاب على جريمة وقعت على أرضهم، وكانوا أول من أدانوها وأول من طالبوا بالقصاص العادل عنها.
أكتب مبكرا ولا أعرف هل سيسقط شهداء جدد اليوم حين تشيِّع المدينة شهداء أمس، الذين سقطوا بدورهم وهم يشيعون جنازة من سبقوهم إلى الموت أول من أمس؟!
لكن الأحداث تأخذنى إلى بعيد.. بعد حرب 56 بسنوات قليلة شهدت بورسعيد أحداثا مؤسفة تقترب مما نراه اليوم. مباراة كرة أيضا انتهت بصدام داخل الملعب كان فى هذه المرة بين جماهير النادى المصرى والشرطة. أخطأت القيادات الأمنية فى التعامل مع الموقف، وسقط عدد من الضحايا. اشتعلت المدينة بالغضب. تطورت الأحداث وشهدت المدينة صدامات بين الجماهير والشرطة امتدت لأيام. لم يسقط ضحايا جدد، لأن القيادة السياسية أدركت على الفور خطورة الموقف، وكان القرار بعدم استخدام الرصاص على الإطلاق.
فى وداع الشهداء الذين سقطوا يومها كان المشهد غريبا. كان هناك قرار بأن تكون الحكومة حاضرة. سارت الجنازة وفى مقدمتها وزير الداخلية، ومعه نصف أعضاء الحكومة. أمامهم كانت مظاهرة حاشدة تطلب محاكمة المسؤولين وتهتف بسقوط الحكومة، وتهاجم جمال عبد الناصر!
لم يعترض أحدٌ المظاهرةَ حتى عندما مرت على أحد أقسام الشرطة وهاجمته، كان الكل يعرف حجم الغضب ويقدر المسؤولية عما وقع من خطأ. بعد الجنازة بدأ التعامل السياسى مع الموقف من خلال القيادات الشعبية والرسمية، وبدأت محاولات احتواء الاحتقان.
وعندما جاء موعد الاحتفال بعيد النصر فى 23 ديسمبر، كانت هناك تقارير تنصح بأن لا يذهب عبد الناصر إلى بورسعيد كعادته كل عام، وكان رد الرجل: إلا بورسعيد.. أى زيارة أخرى يمكن تأجيلها، أما الموعد مع بورسعيد فلا يمكن التخلى عنه.
وعندما ذهب عبد الناصر فى الموعد، كان العقاب الذى تلقاه فور وصوله هو من كثافة التعزيزات الأمنية هذه المرة!! وكان القرار الفورى أن تعود الأمور إلى طبيعتها. ونزل الرجل فى عربته المكشوفة وسط الناس، احتضنت الجماهير قائدها، واحتضنت الدولة زهرة مدائنها.. تضمد الجراح وتحل المشكلات وتحاسب المسؤولين عن الخطأ.
كانت هناك دولة تعرف مسؤولياتها، وكان هناك وطن يحتضن كل أبنائه، وكان هناك جمال عبد الناصر.. اليوم يجتاح نهر الدم مدينتى، والوطن كله يحترق، والدولة يحكمها الفراغ.. الفراغ ولا شىء آخر!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.