بتوفيق من الله وإرشاده وسعيا إلى الحق ورضوانه وطلبا للدعم من رسله وأحبائه، نصلى ونسلم على كليم الله موسى عليه السلام، وكل المحبة لكلمة الله المسيح له المجد فى الأعالى، كما نصلى على نبى السلام والإسلام محمد بن عبد الله، أيضا نصلى على سائر أنبياء الله ورسله لا نفرق بين أحد منهم... أما بعد... فالقصد الشرعى من حد الحرابة هو قتل القاتل، بعد أن تثبت فى حقه الجريمة، وهو ما تقوم به الشرطة والمحاكم فى هذا العصر، لكن أن يقوم أفراد بفعل هذا من تلقاء أنفسهم، فهذا أمر غاية فى الخطورة، ويهدم بنية المجتمع ويشيع الفوضى، ويُسقط دولة القانون المتحضرة الحديثة المحترمة، ونعود إلى عالم الغاب فيكون البقاء للأقوى، والأكثر إجراما، وعلى الحاكم العاقل الرشيد الضرب على أيدى هؤلاء بشدة، لأن الإجرام باسم الدين هو أشد أنواع الإجرام، أما بخصوص الظاهرة الجديدة لجماعات الأمر بالمنكر والنهى عن المعروف بمصر، وأنا قصدت تغيير الاسم لما يقومون به تحت غطاء الدين بصورة كاذبة، فنقول إن قاعدة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، الأصل فى معناها هو دعوة الناس، بالحكمة والموعظة الحسنة، والأسلوب الهادئ بالمحبة وفعل الخيرات، واتباع كلام ووصايا الله، وقد نادت بها كل الأديان والحضارات، بداية من الفراعنة. وبخصوص الإسلام، فهناك عدة آيات قرآنية تدلل على مبدأ الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، منها الآية 104 من سورة «آل عمران» قوله تعالى (ولتكن مِنكُم أمة يَدعُوِنَ إلى الخَيرِ ويَأمُرُونَ بِالمعَروُفِ وَينَهَونَ عَنِ الُمنكَرِ وَأولئكَ هُمُ المُفلِحوُنَ)، وأيضا قول الرسول عليه الصلاة والسلام «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر»، وأما من له الحق فى تطبيق هذه القاعدة: نقول إنها واجبة على الدعاة فى وسائل الإعلام، بشرط أن لا يتعدى فعلهم الكلام اللفظى الهادئ، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا يحق لفرد أو أفراد أن يتوجهوا مباشرة لشخص أو أفراد معينين بحجة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، لكن كيف تطبق هذه القاعدة (الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر)، فهذا هو الأمر الأهم، حيث تم تحريف مفهوم هذه القاعدة من فقهاء السلطان والمتطرفين، لتحقيق أهداف سياسية نفعية، كما هو الحال فى مصر وما حدث فى جريمة السويس وقتل طالب الهندسة المتفوق على يد مجموعة من الإجراميين تحت اسم جماعة الأمر بالمعروف ليس ببعيد، وأيضا فى نموذج هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، بالسعودية، التى أنشأها الملك خالد عام 1940، وبلغ عدد أعضائها حتى عام 2011 أكثر من خمسة آلاف فرد، ويقال عنها الشرطة الدينية، وقد رأينا كيف انتهكت هذه الهيئة حقوق الإنسان، تحت ستار الدين، فقد تسببت فى زيادة عدد الوفيات، فى حادثة حريق مدرسة البنات، فى مكة عام 2002، عندما قاموا بطرد أولياء الأمور، والحريق مشتعل فى المدرسة، ثم أغلقوا الباب على البنات فى أثناء الحريق، وذلك بحجة أن يكون بعضهم منزوع الحجاب، وأيضا قام أفراد الهيئة، بمنع رجال الإطفاء والإسعاف، من الدخول إلى المدرسة، لأنه لا يجوز للفتيات أن ينكشفن أمام غرباء، كونهم ليسوا من المحارم!... وللرسالة البريدية بقية.