رئيس حزب الجيل: إخلاء سبيل 50 محبوسًا احتياطيًا من ثمار الجمهورية الجديدة    الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن عقب زيارة رسمية لدولة رواندا    يُعد من الأصوات القليلة الصادقة داخل المعارضة .. سر الإبقاء على علاء عبد الفتاح خلف القضبان رغم انتهاء فترة عقوبته؟    90.1 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    الاحتلال يجدد قصفه على محافظة درعا جنوب سوريا (فيديو)    احتجزوا زوجته وأولاده الخمسة، آخر تطورات قضية المصري المتهم بتنفيذ هجوم كولورادو    كندا تخطط لإزالة الرسوم الجمركية الصينية على منتجاتها الزراعية    موعد نهائي كأس مصر بين بيراميدز والزمالك والقنوات الناقلة    اتحاد الكرة يحسم مصير زيزو من المشاركة مع الأهلي في كأس العالم    الأهلي ينشر صورا جديدة من إعلان تقديم صفقة بن رمضان    موعد مباراة البنك الأهلي وإنبي في كأس الرابطة المصرية والقنوات الناقلة    كامل الوزير: لم أحزن لانتقال زيزو إلى الأهلي.. ونريد محمد صلاح جديد    ريبييرو: سنقاتل في كل مباراة بمونديال الأندية.. ولست هادئًا طوال الوقت    أكل الأخضر واليابس، لقطات مرعبة لحريق سوق الخضار في الشروق (فيديو وصور)    اعتدى عليه بآلة حادة.. مقتل محام خلال جلوسه بأحد المقاهي في كفر الشيخ    9 ساعات متواصلة، نيابة الأقصر تواصل التحقيقات مع المتهمين في التنقيب عن الآثار بقصر ثقافة الطفل    حالة الطقس اليوم، شبورة مائية على هذه الطرق    زاهي حواس يثير الجدل مجددا: لا دليل أثري على وجود سيدنا إبراهيم وموسى ويوسف في مصر (فيديو)    للتنظيف قبل العيد، خلطة طبيعية وآمنة لتذويب دهون المطبخ    الفيفا يرفع إيقاف القيد عن الزمالك في قضية الفلسطيني ياسر حمد    الهلال يسعى لضم كانتي على سبيل الإعارة استعدادا لمونديال الأندية    تعرف على أهم المصادر المؤثرة في الموسيقى القبطية    ماذا يقول الحاج خلال المسير إلى عرفة.. «الإفتاء» توضح    هزة أرضية بقوة 3.2 ريختر تضرب جزيرة كريت اليونانية    سعر الذهب الآن وعيار 21 بداية تعاملات اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الأربعاء 4 يونيو 2025    البيت الأبيض: ترامب سيشارك في قمة الناتو المقبلة بهولندا    سفير روسيا بالقاهرة يكشف ل«البوابة نيوز» شروط موسكو لوقف الحرب في أوكرانيا    رئيس جامعة أسيوط: الطبيب على سيد كان مخلصا فى خدمة المرضى ومحبوبا بين زملائه    كامل الوزير يرد على منتقدي المونوريل: ليس في الصحراء.. وتذكرته 50% من تكلفة بنزين سيارتك    طفاطف جديدة وخطوط سير في رأس البرّ خلال عيد الأضحى بدمياط    قبل العيد.. ضبط 38 كيلو أغذية غير صالحة للاستهلاك بالمنيا    حريق محدود بشقة سكنية بطهطا دون إصابات    نتيجة الصف السادس الابتدائي 2025 بالمنوفية    اقتداءً بسنة النبي.. انطلاق تفويج حجاج دول العالم الإسلامي إلى منى لقضاء يوم التروية    "تنمية المشروعات" يواصل دعم الإسكندرية: تفقد مشروعات بنية أساسية وتوقيع عقد تمويل ب30 مليون جنيه    تغييرات جوهرية.. توقعات برج الحمل اليوم 4 يونيو    ضيف مع خبر غير سار.. برج الجدي اليوم 4 يونيو    احترس من المبالغة في التفاعل المهني.. حظ برج القوس اليوم 4 يونيو    رشوان توفيق ينعى سميحة أيوب: موهبتها خارقة.. وكانت ملكة المسرح العربي    أبرزهم شغل عيال وعالم تانى.. أفلام ينتظر أحمد حاتم عرضها    مي فاروق توجه رسالة نارية وتكشف عن معاناتها: "اتقوا الله.. مش كل ست مطلقة تبقى وحشة!"    مسلم يطرح أحدث أغانيه "سوء اختيار" على "يوتيوب"    رئيس الأركان يعود إلى مصر عقب انتهاء زيارته الرسمية إلى دولة رواندا    دعاء يوم التروية مكتوب.. 10 أدعية مستجابة للحجاج وغير الحجاج لزيادة الرزق وتفريج الكروب    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد شراكة وتطوير لإطلاق مدينة «جريان» بمحور الشيخ زايد    بمكون منزلي واحد.. تخلصي من «الزفارة» بعد غسل لحم الأضحية    رجل يخسر 40 كيلو من وزنه في 5 أشهر فقط.. ماذا فعل؟    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    لأول مرة.. الاحتلال يكشف أماكن انتشار فرقه فى قطاع غزة..صورة    «قبل ساعات من العيد».. الضأني والماعز يتصدران أسواق الأضاحي بالمنيا عام 2025    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    هل تكبيرات العيد واجبة أم سنة؟.. أمين الفتوى يُجيب    الشيخ خالد الجندي: من يأكل أموال الناس بالباطل لا حج له    حزب المؤتمر يقدم ورقة عمل لمجلس حقوق الانسان المصري حول تضمين المبادئ في برنامجه    وزير العمل يلتقي مسؤولة ب"العمل الدولية" ويؤكد التزام مصر بمعاييرها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفكيك الأوهام محمد خير
نشر في التحرير يوم 01 - 01 - 2013


أولا، دعنى أحكى لك حكاية:
مَن الهرمزان؟
الهرمزان، هو الرجل الفارسى الذى ينسب إليه أنه وقف أمام الخليفة عمر بن الخطاب قائلا: «حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر».
أول ما ينبغى أن تعرفه عن الهرمزان أنه لم يكن كما هو شائع «رسول كسرى إلى أمير المؤمنين»، فقد مات كسرى -قتله ابنه شيرويه- فى سنة 6 هجرية أى قبل سنوات من خلافة عمر، أما الهرمزان نفسه فكان حاكم خوزستان الفارسية -الأهواز-وقد هُزم أمام الجيش الإسلامى وتم أسره، ثم أسلم وعاش فى المدينة.
ثانى ما ينبغى أن تعرفه أن هذه العبارة «حكمت فعدلت فأمنت» هى ابنة الخيال الشعبى البلاغى والشعرى، لكنها بلا أثر أو سند فى كتب التاريخ: الطبرى، ابن كثير.. إلخ.
لكن، هل تعرف أن الهرمزان قد تم قتله بعد ذلك؟
فمن الذى قتله؟
قتله عبيد الله بن عمر بن الخطاب، ابن الفاروق نفسه.
فلماذا قتله؟
لأنه اعتقد أن الهرمزان وراء مؤامرة اغتيال أبيه عمر بن الخطاب على يد أبو لؤلؤة، فقد أبلغه أناس أنهم كانوا قد رأوا «الهرمزان وجفينة وأبو لؤلؤة» يتكلمون ورأوا معهم خنجرا تماثل أوصافه ذلك الذى اغتيل به الفاروق.
هكذا، خرج عبيد الله بن عمر غاضبا بعد قتل أبيه، فقتل جفينة، وذهب إلى دار أبى لؤلؤة فقتل ابنته، ثم أخيرا قتل الهرمزان.
أثار ذلك ضجة هائلة فى مجتمع المدينة، وعندما تولى عثمان الخلافة صار مسؤولا عن دم هؤلاء، ودفع عثمان دية القتلى -غير المسلمين- من ماله، أما الهرمزان فكان مسلما، ومن هنا فقد توجب القصاص له من عبيد الله بن عمر.
وانقسم الناس، بين من يطالب بالقصاص وعلى رأسهم على بن أبى طالب، ومن يرفض قتل ابن الفاروق، انتهى الأمر بنصيحة من عمرو بن العاص لعثمان، مفادها أن مقتل الهرمزان وقع بين ولاية عمر -أى بعد قتله- وقبل تولى عثمان (الفترة الانتقالية وفق لغة اليوم)، ومن ثم فإنه -عثمان- غير مسؤول أمام الله عن القصاص.
هذا «الحل» أغضب على بن أبى طالب، فكان كلما التقى عبيد الله بن عمر هدده بأنه سوف يقتص منه إذا ما تولى الخلافة، مرت الأيام وقُتل عثمان، وتولى علىّ الخلافة، فهرب عبيد الله بن عمر إلى الشام، والتحق بجيش معاوية بن أبى سفيان، وخاض معركة الجمل ضد جيش على، ثم خاض ضده معركة صفين فقتل فيها سنة 37 هجرية.
والآن، لماذا أحكى لك هذه الحكاية؟
أحكيها لتوضيح الفارق بين الصورة الواقعية السياسية البشرية، وبين الصورة المثالية التى تتلخص فى «حكمت فعدلت فأمنت فنمت».
بعبارة أخرى، لتوضيح الفارق بين «التاريخ»، وبين «الصورة المتخيلة عن التاريخ».
المدهش، أن تلك الحكاية ليست سرا ولا مقولة نادرة، بل هى التى تحكيها كل كتب التاريخ والسير بلا حرج أو إخفاء، وعلى الرغم من ذلك فإنك لا تكاد تجد لها أثرا فى أحاديث -ومسلسلات- اليوم عن «الفترة الذهبية» للدولة الإسلامية، فلماذا يا ترى؟
فى فترة صعود الحركات الفاشية فى العالم فى عشرينيات القرن العشرين، رسمت كل حركة فاشية صورة أسطورية عن نفسها، تتحدث مثلا عن سموّ العرق الآرى، أو النقاء الأبيض، أما هنا، فقد رسمت فاشيتنا الخاصة صورة أسطورية عن تاريخنا، أعادت كتابة التاريخ فى صورة مثالية ناصعة، حذفت الصراع والقتال والفتن، بحيث لا يبقى فى ذهن المسلمين المعاصرين سوى صورة بالغة النقاء إلى درجة غير بشرية، وكان ذلك ضروريا كى تقنعهم بأمر غير منطقى فى جوهره وهو «العودة فى الزمن»، العودة إلى حيث كان المسلمون جميعا أخوة بلا خلاف ولا شقاق ولا ظلم كأنهم ملائكة، حيث يمكن الحاكم نفسه أن ينام بلا حراسة من فرط العدل والأمن والأمان.
والنتيجة الحتمية لذلك «المونتاج» التاريخى، هى أن يحاول المعاصرون إعادة تلك الصورة المثالية، بلا جدوى طبعا لأنها لم تكن موجودة على الإطلاق، وبدلا من أن تتعلم من دروس التاريخ الحقيقى، سوف تحاول -من باكستان إلى مصر والسودان- إنتاج «صورتك عن ذلك التاريخ»، ستحاول أن تفعل لا ما فعله السلف، بل «ما تظن» أنهم فعلوه، والنتيجة أنك لن تتعلم من التاريخ الحقيقى شيئا، كأن تفكر مثلا فى ما يلى: لقد اعتصم الفاروق بعدله فنام بلا حراسة، لكنه أيضا -نتيجة غياب الحراسة- اغتيل وهو يصلى، تماما كما اغتيل على بن أبى طالب، أما معاوية بن أبى سفيان وعمرو بن العاص فلم يواجها نفس المصير رغم كثرة خصومهما، فلماذا يا ترى؟
الإجابة: لا تجادل ولا تناقش، فمن يشيعون «الصورة المثالية للتاريخ»، هم أحرص الناس على تحصينها بالدستور والقانون، وأنت لا تحتاج إلى ذكاء حاد لتدرك إن كان قانون العقوبات يهدف حقا إلى حماية الإسلام، أم حماية المتاجرين به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.