مجلة بروفيل تسلط الضوء على العلاقة المتوترة بين الدين والدولة في جمهورية أوزبيكستان، معتبرة أن نظام الرئيس الأوزبيكي إسلام كريموف هو النظام الأكثر قسوة وتشددا في منطقة آسيا الوسطى، من حيث تعامله مع الدين الإسلامي، علما بأن الرئيس كريموف يتخذ هذا الموقف المعادي للإسلام ليس انطلاقا من دوافع دينية بل من دوافع سياسية بحتة. وبفضل هذ الموقف ونتيجة له تبدو جمهورية أوزبكستان جزيرة هادئة وسط أمواج الاضطرابات والقلاقل والتذمر التي تضرب دول منطقتي آسيا الوسطى والشرق الأوسط وشمال أفريقيا بصورة خاصة، والكثير من دول العالم الإسلامي بشكل عام. إن ما يلفت انتباه المراقبين هو أن جمهورية أوزبيكستان الدولة الأكبر في منطقة آسيا الوسطى من حيث عدد السكان تعيش حالة من الهدوء وتتطور بشكل متدرج ورتيب. إذ لم تسجل في ذلك البلد لا ثورات ولا أعمال شغب ولا حتى اضطرابات. ويعزو بعض المحللين ذلك إلى الموقف الحازم والمتشدد الذي اتخذه الرئيس إسلام كريموف ضد الإسلاميين الذين يضعضعون مؤسسات الدولة ويعبثون بالاستقرار والسلم الأهلي في كل دولة تلك المنطقة. تلعب الأجهزة الأمنية الأوزبيكية دورا رئيساً في إبقاء الأوضاع تحت السيطرة. فهي تنفذ مداهمات مستمرة وتعتقل بالجملة وبصورة عشوائية كل من يشتبه بانتمائه إلى أية جماعة إسلامية. وتركز الأجهزة الأمنية الأوزبيكية بصورة خاصة على الحركة الإسلامية الأوزبيكية وعلى حزب التحرير. وبهذا تحول دون حصول هجمات إرهابية. وعلى الرغم من كل التشدد والتضييق، الذي يمارسه النظام الأوزبيكي بحق النشطاء الإسلاميين يَعتبر الرئيس إسلام كريموف نفسه ليس مسلما فحسب بل وحاميا للإسلام الحقيقي. ورغبة منه في إثبات ذلك عمد كريموف إقامة علاقات وثيقة مع منظمة التعاون الإسلامي. وشيد في العاصمة طشقند عددا من المساجد ورمم عددا آخر. وفي عام 2007 أعلنت المنظمة المذكورة جمهورية أوزبيكستان مركزا للثقافة الإسلامية. لكن قلة قليلة من الأوزبيكيين تعرف أن هذه الأنشطة الإسلامية لم تكن على حساب خزانة الدولة. ذلك أن كريموف حصل لقاء ذلك على نصف مليار دولار من ممولين خارجيين. وهذا المبلغ أكثر من كاف لبناء مرافق أقيمت على عجل وهي الآن على وشك الانهيار. إن العلاقة بين الدولة والإسلام في جمهورية أوزبيكستان معقدة جدا. فعملية مكافحة الأسلمة في ذلك البلد اتخذت شكل صراع لا هوادة فيه ضد أي شكل من أشكال التعبير عن الهوية الإسلامية. ومن الواضح أن الرئيس كريموف لا يخشى تمرد الإسلاميين بل يخشى أن يُتخذ من الإسلام واجهة لتفريغ الرغبة في الاحتجاج، والاحتقان الذي تراكم في نفوس الأوزبيكيين الذين تعبوا من تسلط إسلام كريموف، وجشع بناته. وعلى الرغم من كل ما يكتنف الدولة الأوزبيكية من استبداد وفساد وقمع يحاول كريموف أن يوهم العالم أن بلاده دولة ديمقراطية دستورية. وعلى خلفية التضارب الفاقع بين الواقع المعاش، وبين ما يحاول النظام تسويقه وإيهام المواطنين به بدأ الأوزبيكيون يبحثون عن بديل عادل. وأخذ مفهوم العدالة الإسلامية ينتشر بسرعة في أوساط الشباب الأوزبيكي.