شروط القبول في برنامج البكالوريوس نظام الساعات المعتمدة بإدارة الأعمال جامعة الإسكندرية    التخطيط : 31.2 مليار جنيه قيمة الاستثمارات الموجهة لبورسعيد خلال 2023/24    مصطفى الفقي يكتب: العمل العربى.. المسكوت عنه!    الرئيس الروسي يعفي ثلاثة نواب لوزير الدفاع من مناصبهم    تشكيل المصري البورسعيدي لمباراة الزمالك.. الشامي وبن يوسف يقودان الهجوم    شكاوي من انقطاع المياه في قرى بالدقهلية    مرض العصر.. فنانون رحلوا بسبب السرطان آخرهم الموزع الموسيقي عمرو عبدالعزيز    أسقف السويس يهنئ قيادات المحافظة بعيد الأضحى المبارك    حقق حلمه.. إشبيلية يعلن رحيل سيرجيو راموس رسميًا    "تضامن الدقهلية" تواصل توزيع اللحوم على الأسر الأولى بالرعاية    تفاصيل جديدة حول الطيار المصري المتوفى خلال رحلة من القاهرة إلى الطائف    الفلبين: الصين تنفذ مناورات بحرية خطيرة أضرت بمراكبنا    في اول تعليق له على شائعة وفاته .. الفنان حمدي حافظ : أنا بخير    وزيرة التضامن تتابع موقف تسليم وحدات سكنية    تفاصيل إنقاذ طفل اُحتجز بمصعد في عقار بالقاهرة    إطلاق مبادرة «الأب القدوة» في المنوفية.. اعرف الشروط    مصر تحصد المركز الخامس عربيا في تصدير البطيخ    في ذكري وفاته.. الشيخ الشعراوي إمام الدعاة ومجدد الفكر الإسلامي    حماس: إقدام الاحتلال على إحراق مبنى المغادرة بمعبر رفح عمل إجرامى فى إطار حرب الإبادة    سميرة عبد العزيز تكشف مفاجأة عن سبب تسميتها «فاطمة رشدي الجديدة»    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    ارتفاع حالات البكتيريا آكلة اللحم في اليابان    حصول مركز تنمية قدرات جامعة أسيوط على رخصة تدريب معتمد من الأعلى للجامعات    هيئة نظافة القاهرة ترفع 12 ألف طن مخلفات في أول أيام عيد الأضحى    بالترددات وطرق الاستقبال .. 3 قنوات مفتوحة تنقل مباراة فرنسا والنمسا في يورو 2024    رئيس وزراء الهند يهنئ السيسي بعيد الأضحى    وزارة المالية: تخفيف الأعباء الضريبية عن العاملين بالدولة والقطاع الخاص    إيقاف عمرو السيسي لاعب فيوتشر مباراتين وتغريمه 20 ألف جنيه    حمامات السباحة مقصد الأطفال هرباً من درجات الحرارة في كفر الشيخ    بعد إعلان رغبته في الرحيل.. نابولي يحسم مصير كفاراتسخيليا    محمود الليثي ينهار من البكاء في أول تعليق له بعد وفاة والدته    بالصور.. شواطئ بورسعيد كاملة العدد ثاني أيام العيد    عاجل.. تطورات مفاوضات الأهلي لحسم بديل علي معلول    الكرملين: تصريحات الناتو بشأن نشر أسلحة نووية تصعيد خطير    ثاني أيام عيد الأضحى 2024.. طريقة عمل كباب الحلة بالصوص    مدير صحة شمال سيناء يتابع الخدمات الطبية المجانية المقدمة للمواطنين    إسرائيل تقرر زيادة عدد المستوطنات بالضفة الغربية بعد اعتراف بلدان بدولة فلسطين    الإسكان: تنفيذ 1384 مشروعاً بمبادرة «حياة كريمة» في 3 محافظات بالصعيد    26 عامًا على رحيل إمام الدعاة.. محطات فى حياة الشيخ الشعراوي    القبض على شخص بحوزته أقراص مخدرة بالخصوص    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    التحقيق مع حلاق لاتهامه بالتحرش بطفلة داخل عقار في الوراق    كيفية تنظيف الممبار في المنزل بسرعة وبطريقة فعالة؟    وزيرة الهجرة تطلق «بودكاست» لتعريف المصريين بالخارج تاريخ حضارتهم    سعر الريال السعودي في بداية تعاملات ثاني أيام عيد الأضحى    روسيا: لن نسمح بإعادة آلية فرض قيود على كوريا الشمالية في مجلس الأمن    30 مليون مستفيد من خدمات التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    «لست محايدًا».. حسام فياض يكشف صعوبات مسرحية النقطة العميا    أسعار العملات العربية في بداية تعاملات ثاني أيام عيد الأضحى    وفاة خامس حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    مصرع طفل صعقا بالكهرباء خلال شرب المياه من كولدير في الفيوم    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    مانشستر سيتي يحدد سعر بيع كانسيلو إلى برشلونة في الميركاتو الصيفي    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب جنوب البيرو    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    في ثاني أيام العيد.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 17 يونيو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«نعم» للدستور تساوى الخراب الاقتصادى
نشر في التحرير يوم 20 - 12 - 2012

تخلف نحو ثلثى الناخبين عن الاقتراع فى الجولة الأولى للاستفتاء على مشروع الدستور، وهو ما يلفت النظر على الأقل إلى أن الجدل والضوضاء اللذين أثارهما المشروع، من حيث مواده أو كيفية صياغتها، لم يكونا كافيين بالنسبة إلى أغلبية من يملكون حق التصويت، لاتخاذ موقف موافق أو معارض، وتكبد عناء الوقوف فى الصفوف الطويلة للإدلاء بأصواتهم. بدا الأمر إذن كأن قطاعا واسعا من الناخبين يودّ أن يبعث برسالة مفادها أن أيا من الفريقين المؤيد أو المعارض للدستور غير جدير بالثقة، وأن الجدل السياسى الذى لا ينتهى لا يكفى لإقناعهم باتخاذ موقف، وقد تكون المعارضة أغفلت فى بعض الأحيان الحشد لرفض الدستور على أساس المصالح الاجتماعية والاقتصادية المباشرة للأغلبية، وكان باستطاعتها أن تؤكد أن تمرير الدستور على تلك الشاكلة بما يتضمنه من نصوص مجحفة بحق العاملين سيخسف بأجور العمال، كما أنه سيمهّد الطريق للتوسع فى تمويل مشروعات الدولة عبر الصكوك الإسلامية والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهما وجهان لعملة واحدة، بكل ما يتضمنه الأمر من إفساح الطريق للمستثمرين للهيمنة على الخدمات الأساسية، مما يعنى ارتفاع فاتورة الخدمة أو فاتورة الدعم فى الموازنة العامة. الحكومة ستؤكد بالطبع، فى حال تمرير الدستور، أن النظام السياسى مستقر، وستستند إلى ذلك فى مفاوضاتها مع صندوق النقد وغيره من دائنين آخرين محتملين، على نحو يسمح لها بالتمادى فى طريق التوسع فى الاقتراض فقط لسد عجز الموازنة ولسداد ديون قائمة، مما يضعف بشدة من تصنيفها الائتمانى مستقبلا، ويسهم أكثر فى تفاقم عجز الموازنة نفسها بفضل أقساط الديون الجيدة وخدمات الدين. نظرة سريعة إذن على الأثار الاقتصادية لتمرير الدستور، والتى حاولت «التحرير» استعراضها، ربما تبعث برسالة مغايرة مفادها أن قضية الدستور ليست حكرا على الطبقة السياسية، بل هى قضية الفقراء ورزقهم الحلال قبل أى شىء.
1- ربط الأجر بالإنتاج
المادة فى دستور الإخوان تزيد من استغلال رجال الأعمال للعمال
«يجب ربط الأجر بالإنتاج وتقريب الفوارق بين الدخول».. هكذا نصت المادة الرابعة عشرة من الفصل الثالث والخاص بالمقومات الاقتصادية بمسودة الدستور الذى انتهت المرحلة الأولى للاستفتاء عليه يوم السبت الماضى، وهى المادة التى صارت فخرًا لأعضاء الجمعية التأسيسية للدستور ومصدرًا قويًّا للترويج لدى الناخبين من العمال تحديدا للإدلاء بنعم، على الرغم من أنها نفس المادة التى أثارت جدلا واسعا فى الوسط الاقتصادى والعمالى أيضا.
أحمد حجاج مسؤول ملف العمال بوزارة قطاع الأعمال سابقا قال ل«التحرير»، إن ربط الأجر بالإنتاج لا يتناسب والحالة الاقتصادية الحالية للبلاد، حيث يعانى الاقتصاد حاليا من انخفاض معدلات النمو نتيجة لتدنى معدلات الإنتاج، كما أن حالة الركود التى تواجهها البلاد لظروف محلية وسياسية وعالمية لا يجوز معها ربط الأجر بالإنتاج، بل يجب ربطه بالأسعار وخصوصا فى ظل الإجراءات التقشفية للحكومة والتى يتصدرها رفع الدعم عن أغلب مصادر الطاقة للمصنعين، والتى سترتفع معها بالتبعية معدلات التضخم والأسعار، مضيفا أن مثل هذه المادة قد تكون مقبولة إذا كانت معدلات النمو مرتفعة والإنتاج مرتفع.
فى الوقت نفسه وصفت ورقة نقدية قدمها الباحث أحمد سيد النجار رئيس تحرير «تقرير الاتجاهات الاستراتيجية»، هذه المادة التى تطالب بربط الأجر بالإنتاج بالجهل المطبق، لأن إنتاجية العامل ليست مسؤوليته بنسبة 99%، حيث تتحدد الإنتاجية بمدى حداثة الآلات التى يعمل عليها، والنظام الإدارى الذى يعمل فى ظله والذى توجد به آليات صارمة وعادلة للثواب والعقاب. وببساطة لو كان هناك عامل يعمل فى شركة تكرير نفط وهى تستخدم عمالة محدودة للغاية، حيث إنها صناعة كثيفة رأس المال، فإنه عند قسمة الناتج منها على عدد العاملين، تظهر إنتاجية العامل ضخمة جدا ويحق له الحصول على أجر مرتفع جدا، رغم أنها فى الحقيقة إنتاجية الآلات. وإذا كان هناك عامل آخر يعمل فى شركة غزل ونسيج ويبذل جهدا أكبر من الأول لكنه يعمل فى صناعة كثيفة العمل، وبالتالى عند قسمة الناتج على عدد العاملين تبدو إنتاجية العامل منخفضة رغم أنه هو المسؤول الرئيسى عن هذه الإنتاجية، وتبرر للشركة تقديم أجر منخفض له. كذلك فإن العامل الذى يعمل على آلات قديمة منخفضة الإنتاجية، تكون إنتاجيته منخفضة بالمقارنة مع عامل آخر يعمل فى نفس الصناعة على آلات حديثة عالية الإنتاجية رغم أن العامل غير مسؤول فى الحالتين، وأضافت الورقة أن الربط المطلق للأجر بالإنتاجية هو الظلم القائم على الجهل، ولم تتحدث هذه المادة عن أى علاقة بين الأجور والأسعار بعد الثورة فى الوقت الذى شهد نظام مبارك مقابلًا لغلاء معيشة، الآن يمكن للإخوان فى حين جاءت نتيجة الاستفتاء بنعم استنادا إلى مشروع الدستور أن يلغوها.
النجار أضاف أن نظام الأجور يجب أن يتسم بالاتساق والتوازن فى المصالح بين أرباب العمل والعاملين لديهم لضمان عدالة اقتسام القيمة المضافة التى تم خلقها فى العملية الإنتاجية، وأيضا لضمان فاعلية ومرونة سوق العمل وحافز العمل والإنتاج والابتكار ونمو ونشاط الأعمال الخاصة والعامة، وينبغى أن يتضمن هذا النظام حدا أدنى للأجر يكفى متطلبات الحياة الكريمة للعامل، ويتغير سنويا بالقانون بنفس معدل ارتفاع أسعار المستهلكين (معدل التضخم) المعلن رسميا، لضمان عدم تآكل قدرته الشرائية. وينبغى أن لا تتجاوز كل الدخول الإضافية للعامل أو الموظف، نسبة 100% من الأجر الأساسى كقيد قانونى مساعد لتحقيق العدالة الاجتماعية وكمانع للأبواب الخلفية للفساد فى توزيع مخصصات الأجور وما فى حكمها. ويُوضع توصيف وظيفى للعاملين لدى كل جهات الدولة (الجهاز الحكومى والهيئات الاقتصادية والقطاع العام) يتم بناء عليه إعطاء أجور موحدة تقريبا مع هامش حركة لا يزيد على ربع الأجر الأساسى، للذين يقومون بوظيفة واحدة ولديهم نفس سنوات الخبرة والكفاءة. كما ينبغى لنظام الأجور الخاص بالعاملين لدى الدولة أيا كانت الجهة التى يعملون فيها، أن يتضمن حدا أقصى للدخل الشامل لا يتجاوز 15 مثل الحد الأدنى المطلق للأجر الشامل للعاملين لدى الدولة.
عدم مسؤولية العامل عن معدلات الإنتاج لم تكن وجهة نظر اليسار فقط، حيث تقول هناء خير الدين التى ينظر إليها كأحد أبرز منظرى اليمين الاقتصادى فى مصر ورئيسة المركز المصرى للدراسات الاقتصادية سابقا، فى دراسة لها حول إنتاجية العامل المصرى أصدرتها منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «يونيدو» أن العوامل المؤثرة فى مستوى إنتاجية العامل هى تدريب العمالة والتطور التقنى لأدوات الإنتاج وكفاءة خدمات الاتصالات والمواصلات والبنية التحتية التى يمكن الاعتماد عليها وإطار مؤسسى يتسم بالشفافية.
خير الدين تضيف فى دراستها أنه على الرغم من كثرة ترديد أحاديث من قبيل اعتماد السياسة الاقتصادية على تشجيع الصادرات واجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة منذ اعتماد سياسيات الانفتاح الاقتصادى بداية من عام 1973، فإن أىًّا من كل تلك العوامل السابقة لم يجرِ الوصول إليه كمستهدفات، والسبب الرئيسى وراء هذا الأداء المتخلف هو غياب أى سياسة متماسكة للتصنيع. مضيفة أن أصحاب العمل ينظرون إلى العمال باعتبارهم أصولا محاسبية لا أكثر، لكن يحجمون مع ذلك عن الاستثمار فى تلك الأصول نهائيا ويتوقعون منهم مع ذلك إنتاجية عالية.
وفى ذات السياق، قالت فاطمة رمضان عضو المكتب التنفيذى للاتحاد المصرى للنقابات المستقلة، إن ربط الأجر بالإنتاج مادة دستورية تصب فى مصلحة صاحب العمل لا العامل، بل وتتيح الفرصة لصاحب العمل لاستغلال العامل قدر الإمكان، نظرا لأن صاحب العمل هو الشخص الوحيد الذى يقرر حجم الإنتاج وتوقيته كذلك، أشارت إلى ضرورة تحديد حد أدنى للأجور يتم حسابه من خلال معدلات التضخم، مشيرة إلى أن آلية تحديد الأجر التى وضعتها مسودة الدستور حتما ستوسع الفجوة الطبقية بين العمل وأصحاب العمل.
2- الاستدانة
الحكومة تسعى إلى مزيد من الديون بحجة «تأكيد ثقة العالم بالاقتصاد المصرى»
تمرير مشروع الدستور والتصويت بالموافقة عليه، هو أمر ضرورى للغاية لتمرير اتفاقات اقتصادية مهمة مع شركاء دوليين، ينتظرون التأكد من قدرتها على سداد التزاماتها فى حال موافقتهم على منحها قروضا، وهو الأمر الذى لن يحدث بطبيعة الحال إلا بعد التأكد من طبيعة نظام مصر واستقرارها السياسى ويأتى هذا مع إقرار الدستور الجديد أو هكذا تقول السلطة.
هذا قد يبدو صحيحا لكن لهذا بالضبط ينبغى أن لا يُقر الدستور الجديد خصوصا مع تعذر «إقناع» حكومة هشام قنديل والرئيس مرسى بضرورة التراجع عن توجهها بالتوسع فى الاقتراض الخارجى.
فطوال سنتين من المفاوضات المستمرة حينا والمتوقفة حينا بين الحكومة المصرية وإدارة الصندوق، اقتصر تبرير الحكومات المتعاقبة لطلب التسهيل الائتمانى من الصندوق على كونه ضروريا للحصول على شهادة دولية باستقرار الاقتصاد المصرى، ومن ثم طمأنة بقية الدائنين المحتملين، دون أى إشارة مثلا إلى مشروعات تنموية سيمولها القرض وتعد ضرورية لرفع معدلات النمو، ومن ثم القدرة على السداد دون ضغوط شديدة على الموازنة العامة للدولة، مما يعنى أن القرض كنموذج لسياسة الدولة فى الاستدانة بصورة عامة، موجه لسداد عجز الموازنة الذى تضخم بفضل أقساط سداد الدين العام الهائلة بخلاف خدمة الدين المتراكمة بطبيعة الحال، وهو بالضبط ما سيؤدى تلقائيا بدلا من ذلك إلى تفاقم العجز فى الموازنة مع ارتفاع حجم الدين الخارجى بخلاف خدمة الدين.
واقع الأمر أن تلك السياسات أسهمت بالفعل فى رفع عجز الموازنة الفعلى ليصل فى السنة المالية 2011 - 2012 إلى 166.7 مليار جنيه -توازى نحو 11٪ من الناتج المحلى الإجمالى- بزيادة 11.1 مليار عما كان متوقعا، كما أن الزيادة فى حجم الإنفاق الموجه لخدمة الدين الحكومى من أسهم وسندات وصلت لنحو 15 مليار جنيه أى ما يساوى 51٪ من العجز الإضافى، حسب تقرير للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
الحكومة المصرية تخالف فى توجهها هذا بوضوح قواعد الإقراض والاقتراض التى أوصت بها منظمة التجارة والتنمية «الأونكتاد» التابعة للأمم المتحدة باتباعها. إذ تنص تلك القواعد على سبيل المثال على ضرورة «تجنب الإفراط فى الاقتراض، فالحكومات مسؤولة عن مراعاة تكلفة الاقتراض السيادى من ناحية ولمميزاته من ناحية أخرى، فالقروض السيادية تبدو مطلوبة حين يكون الهدف منها هو إتاحة الفرصة للاستثمار الخاص أو العام، بشرط أن يكون العائد المتوقع منه يساوى على الأقل الفائدة على القرض».
وتحت نفس البند تقول «الأونكتاد» يمكن للحكومات الاستدانة إذا كان البديل هو تقليص الاستثمار الذى يسمح بعائدات تزيد على مستويات الفائدة، وفى كل الأحوال ينبغى أن يخضع الأمر كذلك إلى حسابات تتعلق بالمكاسب والأعباء البيئية والاجتماعية.
توجه الحكومة المصرية فى هذا الصدد يخضع إلى ما تحذر قواعد الإقراض والاقتراض بالضبط منه فى عبارة تحت نفس البند: «تورط الدول فى الاقتراض فقط من تغطية العجز المزمن فى الموازنة يمكن أن يؤدى إلى تآكل تصنيفها الائتمانى وحرمانها من القدرة على الحصول على قروض بشروط معقولة فى المستقبل، ويفرض على الأجيال القادمة المتعاقبة تحمل أعباء هذه الديون، ولهذا فالاقتراض لهذه الأسباب (سد عجز الموازنة فقط) إن لم يكن فى مبرراته بحالة طوارئ قصوى يتناقض مع السياسات الاقتصادية المستدامة».
3- الصكوك الإسلامية
«الحرية والعدالة» ينوى تمرير قانون الصكوك الإسلامية عبر «الشورى»
مشروع قانون الصكوك الإسلامية ينتظر فقط المرحلة النهائية قبل إقراره، وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء عليه مبدئيا يوم الأربعاء الماضى، وبغض النظر عن الخلاف فى وجهات النظر حول نصوص القانون الجديد بين الحكومة وحزب الحرية والعدالة، فأغلب الظن أن التوجه العام فى حزب الحرية والعدالة هو تمرير القوانين الاقتصادية عبر مجلس الشورى وعدم انتظار تشكيل مجلس شعب جديد -فى حال حصل الدستور على تأييد الناخبين- متضمنا بالطبع منح سلطات تشريعية للمجلس الذى يحظى الإسلاميون فيه بالأغلبية بخلاف ثلث أعضائه المعينين من قبل الرئيس.
أخطر ما تمثله الصكوك الإسلامية والتى يعتبر جوهرها هو مشاركة المستثمرين للحكومة فى تأسيس مشروعات جديدة بما فيها الخدمات العامة والمرافق مثل محطات المياه والكهرباء بدلا من حصول الحكومة على قروض مصرفية «ربوية» من وجهة نظر قطاع كبير من الإسلاميين، وهو وجه الشبه بينها وبين الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهو ما يعترف به بالفعل أحمد النجار عضو اللجنة الاقتصادية فى حزب الحرية والعدالة فى حديثه مع «التحرير».
النجار قال إن الفارق الوحيد بين نمطى التمويل هو أن تعذّر النفاذ إلى التمويل الإسلامى قد يدفع بالقطاع الخاص الذى يعتزم مشاركة الحكومة فى تمويل المشروعات، إلى أن يحصل على تمويل تقليدى من البنوك، وإنه فى حال حصول القطاع الخاص على تمويل إسلامى لمشاركة الحكومة تتطابق الصكوك الإسلامية مع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وفى الحالتين يتخارج القطاع الخاص من المشروع بعد فترة من الزمن وتنتقل ملكيته بالكامل إلى الحكومة.
وحسب تعريف حسين حامد حسان رئيس الهيئة الشرعية العليا للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية فى الإمارات العربية المتحدة، فى دراسة له عن الصيغ والأدوات الإسلامية وجدواها فى تمويل مشروعات الدولة بديلا عن القرض، فإن صكوك الإجارة هى الأقرب إلى جوهر مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إذ يجمع هذه الصكوك رغبة الحكومة فى بيع الأصول والمنافع والخدمات التى تملكها لاستخدام حصيلة البيع فى تمويل مشاريعها الاستثمارية أو أنشطتها الخدمية، ثم استئجار هذه الأصول والمنافع والخدمات لمدد محدودة تعود بعدها إلى ملكية الدولة.
«لكن لا بد أن نعترف بحق القطاع الخاص فى شراكته مع الدولة لتحقيق الربح قبل أى شىء» حسبما قال النجار ردا على سؤال من «التحرير» حول الآثار الجانبية للشراكة بين القطاعين العام والخاص والصكوك الإسلامية من قبيل ارتفاع تكلفة الخدمة حتى فى حال احتفاظ الحكومة بحق تسعيرها بعيدا عن القطاع الخاص، كون الأمر سيتضمن شراء الخدمة بسعر أعلى من القطاع الخاص وبيعها للناس بأسعار أقل وتحمل الموازنة العامة الفارق، مما يعنى ارتفاع فاتورة الدعم.
إذ اللافت أن البنك الدولى كأحد أبرز الجهات الداعية للتوسع فى تلك المشروعات، يعترف مثلا بحجم الفساد الناجم عن دخول القطاع الخاص لمجال الاستثمار فى المرافق العامة فى دراسة أصدرها عام 2008.
البنك الدولى قال فى ورقة عمل بعنوان «الفساد العظيم فى الخدمات العامة» إن نفاذ القطاع الخاص إلى المشاركة فى خدمات البنية التحتية توسع خلال العقود القليلة الماضية فى الدول النامية، وفى نفس الوقت ثمة إحساس عام منتشر بالإحباط من مستوى القدرة على الوصول إلى خدمات المرافق العامة، ومن مستوى جودتها واستدامتها، وعلى سبيل المثال فأقل من ثلث الدول ذات الدخل المنخفض (تنتمى مصر إلى الشريحة الدنيا من الدول ذات الدخل المتوسط) تمكنت من النفاذ إلى الطاقة الكهربائية بحلول عام 2000. كما أن مستوى الهدر فى مرحلتى نقل الخدمة وتوزيعها وصل إلى ربع الإنتاج فى المتوسط، وظلت التكلفة المالية (للمشاركة مع القطاع الخاص) مرتفعة، وانهارت شعبية الشراكة مع القطاع الخاص وانخفضت إسهامات القطاع الخاص فى الاستثمارات فى البنية التحتية من 22 بالمئة فى الفترة ما بين 1984 و2003 بواقع خمسة بالمئة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.