بعد سلسلة من الهزائم الإنتخابية المهينة، أسدل يسار الوسط الستار على عقد من الحكم اليميني المتطرف بفوز «هيلي ثورنينج شميدت»- زعيمة الحزب الإشتراكي الديمقراطي- في الإنتخابات الدنماركية العامة الخميس، لتكون بذلك أول إمرأة تحتل منصب رئيس الوزراء في الدنمارك.
يصفها زملاؤها السابقون بأنها ديمقراطية إشتراكية أنيقة وتقليدية، أما في بريطانيا فيرون فيها نموذجا مشابها لهاريت هارمان – زعيمة حزب العمال المعارض في البرلمان البريطاني – أو إيفيت كوبر– وزيرة الصحة البريطانية، بينما تراها صحيفة معاريف العبرية النسخة الدنماركية من رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة جولدا مائير لكونها أول إمرأة تحظى بهذا المنصب الرفيع في بلادها تماما مثل مائير.
تنبأت استطلاعات الرأي الشعبية التي إمتدت لشهور قبيل موعد الانتخابات، بفوز زعيمة المعارضة الدنماركية شميدت بالمنصب، حيث تفوقت على رئيس الوزراء «لارس لوك راسموسين» في هذه الاستطلاعات بفارق 5%.
وعلى عكس الحملات الإنتخابية السابقة، لم يكن محور إهتمام الحملات الإنتخابية موضوع الهجرة والقيود المشددة التي تفرضها الدنمارك حاليا عليها، بل كان الأزمة المالية التي تواجهها البلاد والتي أزدادت سوءا خلال السنوات الأخيرة من حكم إئتلاف أحزاب يمين الوسط والإجراءات التي يجب إتباعها للتمكن من سد العجز الذي تبلغ قيمته 6 مليار و300 مليون يورو قبل 2020 عبر برامج إصلاحية.
شميدت كانت قد ذكرت من قبل إن الإقتصاد الدنماركي يحتاج إلى «ضربة بداية» وأنها ستدعم الإستثمارات في البنية التحتية وقطاع التعليم حال إنتخابها، وتعهدت شميدت إنه يمكن سد عجز الميزانية من خلال التفاوض الثلاثي مع الحكومة والنقابات العمالية والعمال فضلا عن فرض ضريبة على الأثرياء وزيادة الضرائب على التبغ والأطعمة ذات الفائدة الصحية المنخفضة.
حكم أحزاب تيار اليمين الوسط الذي دام نحو 10 سنين، وضع قيودا على الهجرة هي الأكثر صرامة في أوروبا، وأثرت هذه القيود بشكل كبير على عدد المسلمين في الدنمارك الذي بلغ نحو 200 ألف، وأكثرهم من طالبي اللجوء السياسي.
وفي الوقت الذي يمثل فيه المسلمون حاليا نحو 4% من عدد السكان، بحسب وزارة الخارجية الأمريكية، ويعد المسلمون هم الأكبر عددا بعد المسيحيين، استطلاعات الرأي داخل الدنمارك أوضحت دعما كبيرا لتلك القيود التي قالت شميدت إن أي حكومة تقودها ستحافظ عليها، ما يزيل أي آمال قد يضعها المسلمون على تغير سياسة الدنمارك حيالهم في الفترة المقبلة، خاصة بعدما خاب ظنهم بأن غياب اليمين المتطرف قد يؤدي لغياب سياساته من البلاد.