جواد شبه رابح، هكذا ينظرون إلى أتباع الطرق الصوفية، فى الانتخابات البرلمانية القادمة، مما يجعل أصواتهم التى تتجاوز، حسب تقديرات البعض، سبعة ملايين، بمثابة الجواد الذى يتسابق مرشحو الأحزاب فى كل الدوائر على امتطاء ظهره للوصول إلى البرلمان. المتصوفة قد يرجحون كفة مرشح على آخر، عن طريق قانون السمع والطاعة لشيخ الطريقة، فولاء المريد لشيخ الطريقة، كالميت فى يد مغسله. السمع والطاعة، بموجبهما يصبح المريد ملكا لشيخه، لايعصى له أمرا، غضبه من غضب الله، منذ أن يأخذ المريد العهد على شيخ الطريقة، فهو لا يملك نفسه. حال العلاقة بعد ثورة يناير بالتأكيد لم يتغير، ما تغير هو فقط، ولوج شيوخ الطرق فى عالم السياسة.
الطرق منقسمة، وآلاف من شبابها يخرجون فى تشكيلات وائتلافات، بعضهم ينضم إلى أحزاب، والبعض الآخر لا ينضم، والمحصلة لم تظهر بعد. شيخ الطريقة الشبراوية الخلواتية، والقيادى فى جبهة الإصلاح الصوفى، الشيخ عبد الخالق الشبراوى، قال ل«التحرير» إن الأصل فى المسألة هو انتخاب المرشح من أتباع الطريقة فى الدائرة، «لكن حال عدم وجود مرشح فإنهم سينتخبون مرشح الحزب الأقرب إليهم».
الشبراوى أضاف أن هناك تحالفات وتربيطات بين طرق صوفية وأخرى سياسية خلال الانتخابات، لدعم مرشحين بعينهم، حيث يتوقف ذلك على المنهج السياسى المتوافق بين المرشح وحزبه من جانب والطريقة من جانب آخر، مشيرا إلى أن طريقته مثلا، ستدعم مرشحى حزب «الكرامة» ورئيسه، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، حمدين صباحى.
حزب التحرير المصرى سيخوض الانتخابات، هذا ما قاله الشيخ علاء الدين أبو العزائم، مؤسس الحزب، وشيخ الطريقة العزمية. كما يؤكد أن الوضع بالنسبة له مختلف. الحزب سيدفع نحو 100 مرشح فى كل الدوائر الانتخابية، لذا فأصوات أتباع الطريقة التى تقدر بنحو نصف مليون، كما يقول أبو العزائم، لن تذهب لمرشح آخر.
لكنه فى ذات الوقت، لا يلزم أتباع الطريقة بانتخاب شخص بعينه، هو فقط يمكنه تزكية مرشح من القوى السياسية، التى تدعو إلى مدنية الدولة، إذا وجدت فيه الصلاح، وغالبا ما يحدث ذلك فى الدوائر التى لا يترشح فيها أى من مريدى الطريقة أو عضو من أعضاء الحزب. هو يقول «نحن منضمون فى تحالف انتخابى ديمقراطى يسعى إلى إقامة الدولة المدنية».
أما الطريقة الأكبر عددا فى مصر، وهى الطريقة الرفاعية، فيقول شيخها، طارق الرفاعى، إن الطريقة سيكون لها مرشحون مستقلون خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة. كما يؤكد أن أتباع الطريقة منتشرون فى كل الأحزاب المدنية، وهو ما سيجعلنا أكثر التصاقا بهم ودعما عن غيرهم.
وأشار إلى أن اختلاف مشايخ الطرق الصوفية حول دعم مرشحى الأحزاب والقوى السياسية فى الانتخابات البرلمانية نابع من استقلال كل شيخ بفكره وإمكانياته وحريته فى اختيار الأصلح بالنسبة إليه، لافتا فى الوقت نفسه إلى صعوبة إجبار مريد على دعم مرشح بعينه، بل إن شيخ الطريقة يجب أن يكون قدوة فى الديمقراطية والحرية وعدم التأثير على الغير، ويقتصر دور الشيخ على ترشيح الأصلح لدى مريديه عن طريق برنامجه الانتخابى، لأن الله سوف يسأله عن ذلك.
هذه الآراء السابقة بمثابة «طق حنك» برأى الشيخ محمد الشهاوى، شيخ الطريقة الشهاوية البرهامية، رئيس المجلس الصوفى العالمى، مؤكدا أن من سيحسم الانتخابات البرلمانية القادمة الإرادة الشعبية، لافتا إلى أن من يدعى من مشايخ الطرق الصوفية قدرته على حشد الملايين لدعم تيار سياسى معين خلال الانتخابات البرلمانية القادمة واهم، لأنه لا يستطيع أى أحد إجبار إنسان على انتخاب شخص بعينه، فأصوات الطرق الصوفية فى رأيه ليست هى التى تنجّح أحدا فى الانتخابات أو تحول دون وصوله لمقعد البرلمان، لأن الصوفية شريحة مهملة جدا لو تم الاهتمام بها وإصلاح شأنها، فلا شك أنها ستؤثر فى مسيرة العملية الانتخابية.
المحلل السياسى، الدكتور نبيل عبد الفتاح يوضح أن أصوات المتصوفة سوف تتفرق بين القبائل السياسية المختلفة، لأن مبدأ الولاء والطاعة تم كسره لدى مريدى الطرق الصوفية، حيث خرجت جماعات صوفية على شيخ مشايخ الطرق الصوفية عبد الهادى القصبى بغرض خلعه من منصبه لصلته بالنظام السابق، وأيضا ظهرت ائتلافات صوفية على شاكلة الائتلافات الثورية بغرض المطالبة بالإصلاح من داخل البيت الصوفى الذى أصبح يعانى من انشقاقات وانقسامات تهدد نهضتها السياسية فى ظل تنامى التيارات الإسلامية الأخرى المناهضة للتصوف، وبالتالى فالحديث عن حصول قوى سياسية بعينها على كل أصوات المتصوفة ضرب من الخيال.