كتب: د. ياسر ثابت ومحمد عطية الشاطر سافر إلى قطر لإعداد نفسه لرئاسة مصر قبل الانتخابات لعل أبرز ما يستوقفك فى أكثر من نصف مليون وثيقة ومستند من الخارجية السعودية، نشرها موقع «ويكيليكس» هو وجوه جماعة الإخوان المسلمين وصعودهم إلى السلطة، ومساعى نظام مبارك إلى التشبث بالسلطة، ودور رجال الأعمال ومصالحهم، فضلا عن الأدوار التى لعبها عدد من أهل الصحافة والإعلام. تلك المحاور الأربعة تستدعى تفصيلا أكبر ونقاشا موسعا، بهدف استجلاء الحقيقة وفهم طبيعة كل طرف، وربما كل شخصية رئيسية، فى الأحداث التى مرت بها خلال السنوات الأخيرة. المعلومات كثيرة وخطيرة، لذا اخترنا منها مع يتفق مع المحاور الرئيسية التى أوردناها، بعد أن حاولنا فحص التقارير السرية المسربة، وطالعنا كمية هائلة من البيانات المنشورة، وبينها عدد كبير من المراسلات الإلكترونية، التى تستحق التأمل والتحليل. الشاطر وافق على صفقة للإفراج عن مبارك مقابل 10 مليارات دولار من الخليج فى مذكرة موجهة إلى وزير الخارجية السعودى سعود الفيصل، مؤرخة بتاريخ 8 يناير 2013، يقول السفير السعودى فى القاهرة أحمد قطان: «إن خيرت الشاطر سيكون أحد أهم اللاعبين على الساحة المصرية فى الفترة القادمة من خلال تزعمه الفعلى لحركة الإخوان (إضافة إلى نفوذه الكبير وشعبيته بسبب عامل السن والكفاءة مقارنة مع القيادات الأخرى)، وعليه فسوف أقوم بعد موافقة سموكم الكريم بفتح قناة حوار مع المذكور، خاصة أن المملكة ستلعب دورًا فى التنمية الاقتصادية بمصر فى السنوات القادمة، وهذا يتماشى مع أهدافهم، وبالتالى علينا التوصل لصيغ أعلى من التفاهم حول الملفات التى تحقق مصالح المملكة.. للتفضل بالتوجيه». وفى يناير 2012، نطالع مذكرة تحمل عنوان «خيرت الشاطر.. الرجل القوى فى الإخوان المسلمين» مع عنوان شارح كالتالى: «إعداد الشاطر رئيس حكومة الإخوان ليكون رئيس الحكومة القادم فى مصر». تبدأ المذكرة بوصف مضمونها باعتباره «تقريرا سياسيا عن عودة خيرت الشاطر، النائب الأول للمرشد العام للإخوان المسلمين فى مصر، إلى قلب العمل السياسى، وذلك بعد العفو عنه من إكمال العقوبة التى كان يقضيها بسجن طرة، ليتولى حاليا مهمة إعداد ملفات صعود الجماعة لتولى مسؤوليات سياسية كبرى لأول مرة فى البلاد، وتفكير الإخوان فى صعود سياسى رسمى للشاطر رئيسا للوزراء بعد استقرار الأوضاع وانتقال السلطة إلى رئيس منتخب». وثيقة مسربة ومنسوبة لسفارة المملكة بالقاهرة، تحدثت عن زيارة نائب المرشد العام للإخوان، خيرت الشاطر، للدوحة فى فبراير 2012 ضمن جولة خليجية قبيل الانتخابات الرئاسية لإعداد نفسه لرئاسة مصر، التقى خلالها كبار المسؤولين القطريين والشيخ يوسف القرضاوى. وأكد الشاطر خلال الزيارة للقطريين أن السلطة فى مصر أصبحت فى يد «جماعة الإخوان»، وطمأنهم أن الاستثمارات القطرية التى ستضخ فى مصر ستكون فى أمان من خلال قوانين الاستثمار الأجنبى، التى سيشرعها المجلس المنتخب. وتوضح المذكرة أن هدف خيرت الشاطر من زيارته لقطر فى فبراير 2012 ولقائه الشيخ يوسف القرضاوى وعددا من المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين فى قطر من المصريين هو «إيجاد دعم له لاختياره رئيسا للجمهورية أو على الأقل دعم رأى الجماعة فى عدم اختيار عبد المنعم أبو الفتوح الذى فصلته الجماعة عقب إعلانه الترشح لرئاسة الجمهورية، ورأت أن رأى شورى الجماعة أحسن من رأى الفرد، وأن اختيار أبو الفتوح يعد مخالفة للبيعة التى أعطاها كل فرد فى الإخوان المسلمين بأن يتنازل عن رأيه ويتبع رأى الجماعة». غضب السيسي من تصريحات المرشد وعراقيل مرسي تتضمن الوثائق ما سمته ب«غضب السيسى من مرسى بسبب سعيه لإفشال الحوار المجتمعى مع المعارضة»، الذى دعا الجيش له بتاريخ 11/ 12/ 2012م». ولفتت الوثيقة إلى أن «تصريحات مرشد الإخوان، التى قال فيها إن (جنود مصر مطيعون لكنهم يحتاجون إلى قيادة رشيدة توعيهم بعد أن تولت أمرهم قيادات فاسدة) أثارت غضبا عارما بين صفوف الجيش المصرى حسب التسريبات واعتبرها الجيش إهانة له، وتبدو أول بوادر ترجمة هذا الغضب قيام وزير الدفاع المصرى بإصدار قرار يوم الأحد 23 ديسمبر 2012 بحظر تملك أو تأجير أو حق انتفاع أو التصرف فى أى الأراضى المتاخمة للحدود الشرقية للبلاد بمسافة (5) كيلومترات غربا، وأن تكون أى موافقة على أى مشاريع رهنا بموافقة الجيش والداخلية والاستخبارات وفقط للمصريين (من أبوين مصرين) أو الشركات المملوك رأسمالها بالكامل للمصريين». مصطفى الفقى.. تقارير للرياض عن ثورة يناير والعنف نشر موقع «ويكيليكس» للتسريبات، تقريرًا لبرقية قال إنها صادرة من وزير الخارجية السعودى السابق، سعود الفيصل، إلى الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز عن مصر خلال فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسى. وجاء فى نص البرقية المنسوب إرسالها إلى خادم الحرمين، على لسان «الفيصل»، المؤرخ ب8 ربيع أول 1431: «أتشرف بإحاطة العلم الكريم بالتقريرين التحليليين اللذين أعدهما الدكتور مصطفى الفقى تحت العنوانين التاليين: مخاوف 25 يناير 2013، وأزمة التصريحات القديمة للرئيس مرسى، التى تلقيتها من السفير بالقاهرة». وأضاف الفيصل، حسب البرقية، مخاطبًا الملك الراحل: «لتفضل النظر الكريم بالاطلاع، أطال الله عمركم وأدام عزكم». كما نطالع مذكرة من السفير السعودى فى القاهرة موجهة إلى وزير الخارجية السعودى الأمير سعود الفيصل، بتاريخ 15- 3- 1434 ه، جاء فيها: «أبعث لسموكم الكريم برفقه ما وردنى من الدكتور/ مصطفى الفقى تحت عنوان (مصر فى دوامة العنف) للتفضل بالاطلاع والإحاطة». حسن مالك.. تاجر لا يتقن الإنجليزية ولا يثير الزوابع وفى مذكرة بتاريخ 27 ديسمبر 2012، موجهة إلى وزير الخارجية السعودى الأمير سعود الفيصل، السفير السعودى أحمد عبد العزيز قطان عن تشكيل الجانب المصرى فى مجلس الأعمال «السعودى - المصرى»، الذى يرأسه حسن مالك، مشيرًا إلى أن مالك زاره فى مكتبه بعد تعيينه خلفًا للمهندس إبراهيم محلب. يقول قطان: «انتشرت شائعات كثيرة بعد الثورة باحتمال تولى حسن مالك لمنصب وزارى (خاصة وزارة المالية حيث يحلو للصحف المصرية تلقيبه بوزير مالية الإخوان)، إلا أن المعلومات المؤكدة بخصوص عدم إجادة حسن مالك اللغة الإنجليزية وضعف خلفيته التعليمية فى هذا الخصوص (كونه تاجرًا فى المقام الأول) تضعف هذه الاحتمالات بشكل كبير. وفى تصورى أن السيد/ حسن مالك يظل شخصية محورية ومهمة وذات تأثير كبير داخل تنظيم الإخوان ورغم ارتباطه العميق بخيرت الشاطر وتوجهاته القطبية (نسبة لأفكار سيد قطب) فإن حسن مالك يظل أقل قيادات الإخوان إثارة للزوابع سواء من جهة التصريحات أو المواقف، مما يجعله أكثر اعتدالا فى القيادات الأساسية الحالية، ويمكن العمل معه بشكل جيد فى الفترة القادمة لحل مشكلات المستثمرين السعوديين فى مصر». مصطفى بكرى.. طلب تمويل جريدة يومية وحزب وفضائية نشر موقع «ويكيليكس» رسالة مرسلة من السفير السعودى فى القاهرة إلى وزير الخارجية سعود الفيصل قال فيها إن الكاتب الصحفى مصطفى بكرى زاره فى مكتبه وطلب منه تمويلا لتحويل جريدته إلى يومية، إضافة إلى إنشاء قناة فضائية لمواجهة المد الإيرانى. يقول نص الرسالة: «سرى وعاجل معالى رئيس الديوان الملكى والسكرتير الخاص لخادم الحرمين الشريفين أفاد سفير المقام السامى فى القاهرة بأن الصحفى مصطفى بكرى وهو من المقربين للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ومن المشير شخصيا زاره فى مكتبه وأبلغه بأن الإيرانيين قد بدؤوا فى الاتصال به وبالكثير من الإعلاميين المصريين لاحتوائهم وأنه يعرف أن أغلب المصريين لن يتفاعلوا معهم ولكن الأمر يستدعى تحركا عاجلا بدعم من المملكة. المذكور عضو فى مجلس الشعب المصرى وفاز بأغلبية ساحقة فى دائرته الانتخابية وله إمكانيات شعبية وجماهيرية كبيرة فى الشارع المصرى وهو من ألقى بيان مجلس الشعب المؤيد للعلاقات السعودية المصرية. أشار السفير بأن المذكور يتطلع إلى ما يلى: 1- إصدار صحيفته بشكل يومى بدلاً من كل أسبوع. 2- تشكيل حزب سياسى. 3- إطلاق قناة فضائية تكون صوتا قويا ضد الشيعة وتساند مواقف المملكة. أرى إذا استحسن النظر الكريم أن يلتقى المذكور بمعالى وزير الثقافة والإعلام للنظر فى ما يتطلع إليه. آمل العرض عن ذلك على النظر الكريم للتفضل بالاطلاع وإفادتى بما يصدر به من توجيه. مع أطيب تحياتى،،، سعود الفيصل وزير الخارجية». صفقة المليارات العشرة وثائق أخرى مسربة نقلت عن مسؤول مصرى لم يُذكر اسمه قوله إن خيرت الشاطر وافق على صفقة كانت مقترحة للإفراج عن الرئيس الأسبق مبارك مقابل تلقى مصر 10 مليارات دولار من دول الخليج، خلال فترة حكم المجلس العسكرى بعد ثورة 25 يناير، لافتة إلى أن «الفكرة لم تكن محل ترحيب كبير فى الرياض» لكن المسؤول المصرى اقترح تقديم المبادرة من قبل المملكة ودول الخليج «لتجنيب المجلس العسكرى أى حرج أمام الرأى العام المصرى». وقال المسؤول «متأكد من أن قادة دول الخليج العربية يتطلعون إلى تقديم فدية لإطلاق سراحه وسفره إلى خارج مصر، وأن أكثر قادة دول المجلس حرصًا على ذلك هو خادم الحرمين الشريفين»، مضيفا أنه «تحدث مع السيد خيرت الشاطر عن صفقة للإفراج عن مبارك مقابل مبلغ تدفعه دول الخليج فى حدود 10 مليارات دولار، حيث إن الشعب المصرى لن يستفيد من سجنه، وأن هذه الفكرة لاقت القبول لديه، وأنها ستلقى قبول الشارع المصرى وأسر الشهداء ومصابى الثورة، خاصة إذا تم الإعلان عن تخصيص مبلغ مليار دولار من هذا المبلغ لهم». وأضاف «هذا الأمر، لو تم فسيتم تسويقه من الإخوان المسلمين أنفسهم، ستشمل الصفقة أيضًا سفر حرم الرئيس معه دون تدخل الحكومة المصرية». وجاء فى الوثائق أيضا أن «هناك أحكاما مشددة بالسجن سوف تصدر ضد أبناء الرئيس مبارك، وأنه تم الاتفاق مع الإخوان المسلمين على الإفراج عن أبناء الرئيس مقابل إعادة أموالهم المهربة». وتضمنت تأشيرة مكتوبة بخط اليد «ترفع مع التوجيه أن الفدية ليست فكرة طيبة، ولو دفعت الفدية لن يتمكن الإخوان المسلمون من عمل شىء للإفراج عن مبارك، ويبدو أن ليس هناك خيار إلا أن يظل الرئيس فى السجن، وإذا قضى فيه سنتين يمكن أن تتغير الظروف، ويمكن إيجاد حل لهذا الموضوع، إذ إن رغبة الذين قاموا بالثورة ضرورة دخوله السجن». الإعلام.. استراتيجية جديدة بعد سقوط مبارك أما الأمر السامى 7796، فهو يتعلق بالسياسة الإعلامية فى مصر، حيث أجرت السعودية بعد سقوط مبارك عملية إعادة تقييم شاملة للإعلام المصرى، ووضعت استراتيجية جديدة تتضمن «التعاقد مع شركة إعلامية مصرية متخصصة يقوم عليها العديد من الإعلاميين المصريين ذوى الخبرة العالية والتأثير الكبير لمواجهة الإعلام السلبى». وحين بثت قناة «أون تى فى» مقابلة مع المعارض السعودى سعد الفقيه، أرسلت الخارجية السعودية فورا أمرا إلى سفارة القاهرة للتحرى عن القناة، واختيار سبيل للتعامل معها. وفى برقية من وزير الخارجية السعودية لوزير الثقافة والإعلام فى بلاده، نطالع ما يلى: «أفاد سفير المقام السامى فى القاهرة أنه قام بالاتصال بالسيد/ نجيب ساويرس (مالك المحطة) فى حينه وعاتبه على ما حدث ووعد السفير باتخاذ اللازم بعدم تكرار هذا الأمر، كما قام السفير بالاتصال بالسيد/ ألبير شفيق المشرف العام على المحطة عن طريق الدكتور/ مصطفى الفقى وهو صديق حميم له، والذى أيضا عاتبه بشدة على ما حدث، وقد قام السيد/ نجيب ساويرس بالاتصال بمشرف عام المحطة وعاتبه لما حدث وطلب منه عدم استضافة سعد الفقيه مرة أخرى، وأن يكون طرح المحطة تجاه مختلف القضايا بناءً وموضوعيا».