السيسي يؤكد أهمية الشراكة اليابانية لدعم العملية التعليمية    "الداخلية" تواصل فعاليات المرحلة ال 27 من مبادرة "كلنا واحد" لتوفير مستلزمات الأسرة بأسعار مخفضة    رئيس مصلحة الجمارك: لا رسوم جديدة على المستوردين مع تطبيق نظام ACI على الشحنات الجوية يناير المقبل    تأكيد مصري-قطري على أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام في غزة بكل مراحله    أمير قطر يلتقي الشرع على هامش فعاليات منتدى الدوحة    الجيش الإسرائيلي يعلن أنه قضى على 3 أشخاص أثناء محاولتهم عبور "الخط الأصفر" شمالي قطاع غزة    توجيهات رئاسية جديدة للحكومة.. السيسي يوجه بزيادة عدد المداس اليابانية إلى 500.. تشديد العقوبة على مَن يثبت تورطه بالغش في امتحانات الثانوية العامة    ضبط 7 أطنان من الدقيق المدعم في حملات تموينية خلال 24 ساعة    أول تعليق من بيطري الشرقية على ظهور تماسيح صغيرة داخل مصرف مائي بالزوامل    اللجنة القضائية تتفقد لجان التصويت في الجمعية العمومية لنقابة المحامين    جامعة القاهرة تبدأ إجراءات نقل إدارة مشروع الإسكان لمؤسسة الجامعة 2020 لضمان استدامته    صحة غزة تعلن عن حصيلة جديدة للعدوان الإسرائيلي    مدرب سوريا: مباراة فلسطين صعبة وتركيزنا على حسم التأهل فى كأس العرب    تشكيل أرسنال - رايس أساسي.. وتيمبر قلب دفاع في مواجهة أستون فيلا    مؤشر الدولار يستقر عالميا ويلامس مستوى ال 98.98 نقطة    وزير التعليم العالي يهنئ الأعلى للجامعات لحصوله على (الأيزو)    "الإسكندرية" تحصل على لقب الجامعة الأكثر استدامة في أفريقيا لعام 2025    إطلاق مسابقة نصوص مسرحية عن الفرعون الذهبي "توت عنخ آمون"    عمرو دياب يتألق في الدوحة بحفل استثنائي وحضور جماهيري غفير    محمد سامي يكشف أحدث أعماله من داخل مهرجان البحر الأحمر 2025    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    الأوقاف تعلن مواعيد المقابلات الشخصية للمتقدمين لشغل وظائف بالشئون القانونية    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    حارس بتروجت: تتويج بيراميدز بإفريقيا "مفاجأة كبيرة".. ودوري الموسم الحالي "الأقوى" تاريخيا    آخر تطورات سعر الريال السعودى أمام الجنيه فى البنوك المصرية اليوم السبت    رانيا المشاط: الالتزام بسقف الاستثمارات عند تريليون جنيه العام الماضي فتح المجال لمزيد من استثمارات القطاع الخاص    وزير الأوقاف يعلن عن أسماء 72 دولة مشاركة في مسابقة القرآن الكريم    مستشفى أبو كبير المركزي ينجح في إنقاذ طفل ابتلع بطارية (صور)    دراسة أمريكية توضح.. لماذا لم يتم إدراج البطاطس في النظام الغذائي الصحي؟    وكيل طب قصر العيني: اللقاءات العلمية بين التخصصات المتداخلة محور أساسي في خدمة المرضى    شهر و 5 أيام إجازة نصف العام لهؤلاء الطلاب.. اعرف التفاصيل    محافظ الشرقية يتابع الموقف التنفيذي لسير أعمال إنشاء مجمع مواقف مدينه منيا القمح    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    أسماء جلال تستمر في نشاطها الفني باللعب في مساحات تمثيلية آمنة    القومي للمرأة ينظم فعالية «المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء» بحديقة الأزهر    الاحتلال الإسرائيلي يداهم منازل في مدينة جنين وبلدة عرابة جنوبا    وزير الأوقاف: مصر قبلة التلاوة والمسابقة العالمية للقرآن تعكس ريادتها الدولية    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة ريال بيتيس في الليجا    الجيش الباكستاني: مقتل 9 مسلحين خلال عمليتين أمنيتين بإقليم "خيبر بختونخوا"    بعد الهجوم على منى زكي.. حمزة العيلي يوجه رسالة للجمهور: أنتم سندنا ومحدش فينا خالِ من العيوب    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    بحضور وزير الأوقاف بدء المؤتمر العالمي لافتتاح المسابقة العالمية للقرآن الكريم في "نسختها ال32"    أولى جلسات محاكمة المتهمين في قضية رشوة مصلحة الضرائب بعد قليل    946 شكوى للأوقاف و9 آلاف للبيئة.. استجابات واسعة وجهود حكومية متواصلة    مواعيد مباريات اليوم السبت 6- 12- 2025 والقنوات الناقلة    وزيرا الأوقاف والرياضة يفتتحان فعاليات المسابقة العالمية ال32 للقرآن الكريم| صور    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    بيراميدز يسعى لمواصلة انتصاراته في الدوري على حساب بتروجت    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواجه الإمارات اليوم بحثا عن الانتصار الأول    وزير الري يتابع أعمال حماية الشواطئ المصرية للتعامل مع التأثيرات السلبية لتغير المناخ    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    بعتيني ليه تشعل الساحة... تعاون عمرو مصطفى وزياد ظاظا يكتسح التريند ويهيمن على المشهد الغنائي    "قتل اختياري".. مسلسل يفتح جرحًا إنسانيًا عميقًا ويعود بقضية تهز الوجدان    استكمال محاكمة 32 متهما في قضية اللجان المالية بالتجمع.. اليوم    رئيس وزراء الهند يعلن عن اتفاقية مع روسيا ومرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    أحمد مجاهد ل العاشرة: شعار معرض الكتاب دعوة للقراءة ونجيب محفوظ شخصية العام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوال السعداوي تهاجم نزار قباني
نشر في التحرير يوم 14 - 06 - 2015

منذ أن بدأ نزار قبانى يكتب الشعر وينشره منذ أربعينيات القرن الماضى وهو محل شدّ وجذب وهجوم وتعاطف ورجم فى ذات الوقت، قصائده التى كان ينشرها فى مجلة «الأديب» اللبنانية، ثم بعدها مجلة «الآداب»، أحدثت ضجيجا وصخبا ومناقشات حادة جدا، وحوارات مثمرة بينه وبين النقاد، وأقلقت طريقته فى التعبير كثيرا من المحافظين، ولم تكن هذه الحوارات والمناقشات وأشكال الشد والجذب المترامية فى صحف ومجلات الوطن العربى إلا نفخا فى نار نزار قبانى.
وكانت علاقة نزار بمصر وبمثقفيها وكتابها وطيدة منذ أن كان يراسل الناقد الكبير أنور المعداوى فى مجلة «الرسالة»، لينشر له قصائده الأولى فى المجلة، وبعدها صار نزار نجما شعريا فى كل المؤتمرات والمحافل الثقافية والصحف والمجلات والإذاعات العربية.
ولم يستمد نزار أهميته ونجوميته من شعريته المتفوقة والخاصة فحسب، بل إنه استمد تلك النجومية من اقتران شعره بالمرأة، وكتب عنه كثيرون واصفين إياه بأنه شاعر المرأة، رغم تحفظ كثيرين -كذلك- على هذا الوصف، وتفسيره والتساؤل حوله، فإذا كان نزار شاعرا للمرأة فبأى معنى يكون شاعرها وهو يمزقها فى قصائده ويجعل منها مادة لمغامراته العاطفية والجسدية؟!
تساؤلات كثيرة طرحت على شعر نزار قبانى، هل هو الموازى الشعرى للمفكر والناثر قاسم أمين -مثلا- فى تحرير المرأة؟ بالطبع لا، فالشاعر الذى يكتب ديوانا عنوانه «طفولة نهد»، ويعبث بكلماته طوال قصائده وعرضها فى مفردات جسدها، ويطرز شعره كله بتأنيب المرأة، ورغم أنه يقول لها ثورى وانتفضى وتمردى على الأوضاع، فهو نفسه يطرحها أرضا ويحولها إلى أرض خصبة لنزواته.
هذه التساؤلات شذرات من سيل لم يتوقف حول نزار قبانى، وهناك معارك كثيرة أحاطت بالشاعر على مدى حياته كلها التى عاشها شاعرا وناثرا وجوّالا فى حقول الحرية بطريقته الخاصة وهو يقول عن نفسه إنه منحاز لقضيته، ولا بد أن يكون طرفا غير محايد: «فأنا جزء من القضية التى كلفت النظر فيها، فكيف ألبس ثوب القاضى وثوب المتهم فى آن واحد؟ كيف أفصل فى معركة أنا بعض وهجها ودخانها؟».
يكتب نزار قبانى هذا الكلام فى كتابه «الشعر.. قنديل أخضر»، بعد أن ينشر فى مقدمة الكتاب سلسلة قصائد تعبر عن شبق واضح، مثلما فى قصيدته عن الراقصة الإسبانية:
«الراقصة الإسبانية
تقول بأصابعها كلّ شىء..
والرقص الإسبانى هو الرقص الوحيد
الذى يستحيل فيه الإصبع إلى فم..
النداء الساخن..
والمواعيد العطشى
والرضا والغضب
والشهوة والتمنى
كل هذا يقال
بشهقة إصبع
بنقرة إصبع..»
يتضح نزوع نزار قبانى إلى تحويل المرأة والفن إلى مجموعة شبقيات متناثرة، وهذا ما طرحه فى كل ما كتبه عن المرأة من شعر طوال مسيرته الطويلة والعريضة، واشتبكت حول تجربته أقلام كبيرة وعديدة، ومن بين هذه الأقلام ما كتبته الكاتبة والمفكرة الكبيرة والأديبة الدكتورة نوال السعداوى، التى كانت قد أصدرت عدة كتب ذات أهمية قصوى، وأحدثت أثرا كبيرا فى قضية المرأة، فكتبت فى العدد الصادر من مجلة «صباح الخير» بتاريخ 14 يونيو 1973 احتجاجا صارخا على شعر نزار قبانى، وطريقته الاستعراضية فى الدفاع عنها، فقالت تحت عنوان «الفاعل والمفعول به!»: «ها هو الرجل الشرقى يبرز عضلاته الذكورية فى حوارنا العميق عن الحب، إنه لا يشترك معنا فى الحوار، ولكنه يضع نفسه فوقه، ويقول إنه يرفضه، ثم يقتحمه اقتحام فرسان القرن التاسع عشر فى ثياب القرن العشرين، ويكتب نزار قبانى رأيه فى الحب وكأنه يأتى بجديد، وكأننا لم نكتب من قبل عن الحب المريض السائد ليس فى مجتمعاتنا الشرقية فحسب وإنما فى المجتمعات الغربية أيضا. إن معنى العيب والحرام والعار كلها تلتصق بالمرأة وحدها فى أكثر المجتمعات تقدما، لكن نزار قبانى كذكر شرقى ينكر علينا ما كتبناه، ينكر صيحة المرأة العربية فى كتب جديدة هزّت المجتمعات العربية فى السنوات الأخيرة. لقد سبقت المرأة العربية فى كتاباتها وأفكارها نزار قبانى، وهى البادئة بتحرير نفسها من الأفكار المتخلفة عن الأنثى والعار والحب والجنس، ولكن ذلك يخدش رجولة نزار قبانى. إنه دائما يريد أن يكون هو البادئ، أن يكون هو المقتحم، أن يكون هو الفاعل، وتظل المرأة دائما كما كانت المفعول به، فالرجل هو الذى يضع القيود والرجل هو الذى ينزع القيود».
لا تثور نوال السعداوى هنا على نزار قبانى وشعره وطريقته وأفكاره من فراغ، بل إنها قادت حملة فكرية وثقافية وثورية كبيرة ضد النزعة الذكورية فى المجتمع العربى، هذه النزعة التى تعتبر أن الرجل هو الأول وهو الآخر، وهو الآمر الناهى، وهو الأصل والمرأة هى الفرع، ويعتبر كتابها العبقرى «الأنثى هى الأصل» هو الرد الأهم والأحدّ والأبقى على كل العضلات البارزة والوهمية لهذه الذكورية العربية التى تستمد قوتها من أشكال التخلف الضاربة فى جذور وثقافة المجتمع، وكان كتابها «المرأة والجنس» كذلك بمثابة ضربة أخرى فى هذا المجال، ومن المؤسف أن كتابات نوال السعداوى التى تجد احتفالا مهيبا خارج مجتمعاتنا لا تجد سوى الاستبعاد، رغم أنها لا بد أن تكون ألف باء المواد التى يتم إدراجها فى التدريس بالجامعات.
نوال السعداوى قيمة وقامة كبيرة، ولا جدوى من استبعاد كتبها وأفكارها، لأن هذه الكتب وتلك الأفكار تجد طريقها الطبيعى إلى القرّاء المعنيين، بعيدا عن مكائد السلطة والسلطان الذى يمكر ويكيد دون أن يعرف أنه لا يفعل سوى إعطاء أهمية أخرى لكتابات نوال السعداوى الضرورية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.