عندما خالف صلاح الدين دميرتاش التقاليد الرسمية للحملات السياسية التركية، وظهر في أحد البرامج التليفزيونية، ومعه "ساز"، (جيتار شعبي تركي)، استغل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذه الفرصة لتسديد صفعة له، بحجة مخالفة الأعراف السياسية، خوفًا من "حس دعابته وجاذبيته". لكن الأداء الموسيقي للرئيس المشارك لحزب "الشعوب الديمقراطي" التركي، كان مجرد طريقة حقق بها نجاحًا انتخابيًا هائلًا بسخريته من التقاليد السياسية، بحسب صحيفة الجارديان البريطانية. واتهمه الرئيس التركي بأنه مجرد واجهة لحزب العمال الكردستاني المحظور، وب"الكفر" عندما دعا إلى إلغاء دروس الدين في المدارس. ولد دميرتاش (42 عامًا) الذي يدعوه أنصاره ب"أوباما" تركيا، في المدينة التركية ذات الأغلبية الكردية، إيلازيج، عام 1973، وهو الثاني في أسرة تضم سبعة أولاد، ولم يترعرع دميرتاش بحسب "الجارديان" كانفصالي، بل أصبح مدركًا لهويته العرقية فقط عندما بلغ ال15 من عمره بعد ذهابه لجنازة أحد السياسيين الأكراد البارزين الذي قتلته قوات الأمن لاحقًا. وبالرغم من انضمام أخوه نور الدين إلى حزب العمال الكردستاني المتمرد، واعتقاله بعدها، إلا أن دميرتاش ظل "معتدلا"، وعندما تم قصف مسيرة ل"حزب الشعوب الديمقراطي" في ديار بكر الشهر الماضي، ناشد مؤيديه التحلي بالهدوء. درس "دميرتاش"القانون في جامعة أنقرة، وبدأ حياته المهنية كناشط حقوقي، ثم أصبح عضو مؤسس جمعية حقوق الإنسان التركية، ودخل السياسة منذ 8 سنوات، كعضو في حزب المجتمع الديمقراطي، وفي 2007 دخل البرلمان التركي كممثل لديار بكر، والمجتمع الديمقراطي، وعندما تم حظر الحزب في 2009، قام دميرتاش وآخرين من أعضاء الحزب بتأسيس حزب "السلام والديمقراطية"، وانتخب واحدا من رئيسيه. وفي 2011، أعيد انتخابه كنائب في البرلمان. وفي 2012، ذهب إلى لندن كجزء من وفد كردي لتسليط الضوء على أزمة المحامين الأتراك الذين تم اعتقالهم لدفاعهم عن منشقين ومعارضين سياسيين، ولمناقشة قضية الأكراد في سوريا خلال الشهور الأولى من الحرب الأهلية السورية، وفي يونيو 2014، أصبح رئيسًا مشاركًا لحزب الشعوب الديمقراطي. حلوله في المركز الثالث في الانتخابات الرئاسية لعام 2014، بنسبة 9.7% من الأصوات، شجع حزب "الشعوب الديمقراطي" على خوض تجربة الانتخابات البرلمانية لأول مرة هذا العام، والتي امتدت فيها شعبية الحزب إلى ما هو أبعد من الجذور الكردية، حيث نجح دميرتاش في اجتذاب ناخبين من غير الأكراد، فأصبح حزبه مؤسسة ليبرالية تهتم بالأقليات والشؤون الاجتماعية، وتجذب الغاضبين من قبضة أردوغان على السلطة. وسيحظى دميرتاش ب79 مقعدًا في البرلمان الجديد بعد تجاوز حزبه نسبة ال10% من الأصوات، ما يمكن حزبه من عرقلة مشروعات الرئيس التركي بتعديل الدستور لتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية.