حلم أن يصبح سلطانا جديدا في عصر لامكان فبه للسلاطين، حاول الضغط على الحريات وحقوق الإنسان وظل يلاحق وسائل الإعلام التي تخالف توجهه السياسي، هاجم معارضييه كثيرا فوصفهم أنهم شواذ أوملحدين أو إرهابيين، ولكن كل هذا لم يؤتي أؤكله لصالح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي خذله الشعب وحول حلم السلطان إلى كابوس مزعج، ضيع كل ما كان يسعى إليه. فتصويت الأتراك في انتخابات الأمس لم يكن مجرد تصويت في انتخابات برلمانية مفصلية بالنسبة للأتراك حكومة ومعارضة، ولكن لطمة على وجه أردوغان الذي كان يسعى لتحويل الدولة من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، من أجل الحصول على سلطات تنفيذية واسعة. ولكن بعد فقدان حزب البناء والتنمية الأغلبية في البرلمان، لم يعد أمام الحزب سوى خيارات جلها مرة، فبين حكومة أقلية أو التعاون الإجباري مع أحد الأعداء، أو انتخابات مبكرة. حيث تعقد قيادة حزب العدالة والتنمية، اجتماعا لبلورة خطة عمل بعد الهزيمة التي مني بها الحزب بفقدانه الأغلبية لأول مرة منذ 13 عاما في الانتخابات. وقد حصل الحزب على نسبة 41 في المئة من أصوات الناخبين، في هبوط حاد مقارنة بالنتائج التي حققها في انتخابات 2011. ويواجه الحزب التركي الحاكم تحديا حقيقا في تشكيل حكومة ائتلافية، مع رفض الأحزاب المنافسة الأخرى الدخول في تحالف مع حزب الرئيس أردوغان لتشكيل الحكومة الجديدة . وقد دعا الرئيس التركي إردوغان كل الاحزاب السياسية التركية إلى أن تقوم بتقييم "واقعي وصحي" لنتائج الانتخابات وإلى العمل على حفظ مناخ الثقة والأستقرار في البلاد. حكومة أقلية الخيار الأول، يتمثل في اضطرار الحزب إلى تشكيل "حكومة أقلية". حكومة أقلية تعني أن الحزب سيقوم بتشكيل الحكومة منفردًا ليخاطر بأن تكون المعارضة أكبر منه وبالتالي يمكنها تعطيل مشاريعه وموازنته العامة وحتى الإطاحة بالحكومة. هذا السيناريو معناه أن حزب العدالة والتنمية سيخاطر بإمكانية إجراء انتخابات مبكرة في حالة عدم تمكنه من الحصول على دعم غالبية البرلمان. ونقلت كالة رويترز، عن مسؤول وصفته بالكبير في حزب العدالة والتنمية قوله بأن الحزب قد يضطر لتشكيل حكومة أقلية وبالتالي فمن المحتمل إجراء انتخابات مبكرة. وهناك مصادر تتحدث عن أن الحزب قد يلجأ الى تشكيل حكومة أقلية، على الرغم من أن ذلك قد يكون حلا غير مستقر. حكومة ائتلافية الخيار الثاني، الذي قد يسلكه العدالة والتنمية هو عبر تكوين ائتلاف حكومي إما مع حزب الشعوب الديموقراطي أو مع حزب الحركة القومية. ويبدو أن حزب الشعوب الديموقراطي سيكون الخيار الأقرب. حيث سيقوم حزب العدالة والتنمية بمنح حزب الشعوب دورًا أكبر في السياسة التركية وقدرة أعلى للعمل على تحسين أوضاع الأكراد وإتمام عملية السلام الداخلي. العقبة الواضحة أمام هذا الائتلاف تتمثل في اختلاف الحزبين فيما يتعلق بالسياسة الخارجية. يذكر أن زعيم حزب الشعوب صلاح الدين ديمتراش صرح مبكرًا بأن حزبه لن يتحالف مع حزب العدالة والتنمية لتشكيل حكومة ائتلافية. من ناحية أخرى فإنه يمكن إتمام ائتلاف حكومي مع حزب الحركة القومية لأن القوميين الإسلاميين قد يشجعون ويدعمون هذا التحالف. لكن المشكلة هنا ستتمثل فيما يتعلق بإتمام عملية السلام مع الأكراد التي يرفضها القوميون. أيضًا فإن القوميين في تركيا يختلفون مع حزب العدالة والتنمية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية. وفي غضون ذلك تحدى نائب رئيس الوزراء التركي بلند أرينك، أحزاب المعارضة الثلاثة في أن تحاول تشكيل حكومة ائتلافية. وقال أرينك للصحفيين في أنقره إذا كانت ثمة محاولة لتشكيل ائتلاف من الأحزاب المنافسة الثلاثة "دعهم يحاولون ذلك أولا، وحزب العدالة والتنمية جاهز لأخذ دوره إذا فشلوا في ذلك". وأوضح نائب ثان لرئيس الوزراء التركي، نعمان كورتولموش، أنه يعتقد أن الحكومة ستتشكل ضمن الفترة المقررة لها، مستبعدا إمكانية تشكيل أي ائتلاف آخر من دون مشاركة حزب الحرية والعدالة، لكنه لم يستبعد احتمال اللجوء إلى انتخابات مبكرة أيضا. انتخابات مبكرة الخيار الثالث، إذا لم تتشكل حكومة في البلاد خلال مدة 45 يوميا، فسيُدعى إلى انتخابات جديدة وفق الدستور التركي. ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن مصدر في مكتب رئيس الوزراء التركي قوله إن الرئيس التركي إردوغان سيلتقي اليوم رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو لبحث نتائج الانتخابات البرلمانية التركية. وطالب دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية، بإجراء انتخابات جديدة إذا لم يستطع حزب العدالة والتنمية الحاكم الاتفاق على ائتلاف مع حزبين معارضين آخرين في البرلمان. وقال صلاح الدين دمرطاش في مؤتمر صحفي، إن "نتائج الانتخابات البرلمانية وضعت نهاية للنقاش حول نظام رئاسي".