حسم ملك المغرب محمد السادس، جدلا واسعا حول تقنين الإجهاض في المغرب، وأقر بوجود ثلاث حالات فقط تجعل الإجهاض شرعيا وقانونيا. وأقر ملك المغرب، بحسب بيان صادر عن الديوان الملكي، الجمعة الماضية، ثلاث حالات يتم فيها شرعنة الإجهاض؛ وهي الخطر على حياة الأم في حالة الحمل، ثانيا الحمل الناتج عن اغتصاب أو زنا محارم، وأخيرا التشوهات الخلقية والأمراض الصعبة. هذا وينهي التدخل الملكي جدلا واسعا حول الإجهاض، اقترب في حدته من حالة التقاطب الإسلامي - العلماني الذي عرفته تعديلات مدونة الأسرة سنة 2004، منذ أعلن وزير الصحة ضرورة تقنين الإجهاض لأن المرأة حرة في جسدها. أرقام مخيفة وتفيد بعض الإحصائيات الصادرة عن منظمات غير حكومية حول عدد عمليات الإجهاض السري بالمغرب حيث تتراوح ما بين 600 و 800 حالة يوميا، فيما تشكل مضاعفات الإجهاض نسبة 4.2 في المائة من مجموع وفيات النساء . في الوقت الذي يجرم فيه القانون المغربي الإجهاض ويعاقب بالسجن من سنة إلى 5 سنوات كل من قام بهذه العملية من الأطباء المهنيين أو التقليديين، إذ تشدد العقوبة في حالة وفاة الحامل، حيث قد تصل إلى ما بين 10 و 20 سنة، كما يعاقب بالسجن من 6 أشهر إلى سنتين وأداء غرامة مالية كل امرأة أجهضت نفسها عمدا أو حاولت ذلك .بيد أن القانون المغربي أباح إجهاض الأم في حال وجود خطر على صحتها لكن مع ضرورة الحصول على إذن الزوج . مؤيدو الإجهاض دعا إدريس لشكر الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي، إلى مراجعة مقتضيات القانون الجنائي حول الإجهاض السري، في أفق إرساء "تشريع عقلاني في معالجة موضوع الإجهاض السري، وعدم الانصياع وراء الخطاب المحافظ الجاف، القائم على الاجترار السطحي للمرجعية الإسلامية، في اختلاف تام مع الاجتهادات الرائدة لفقهائنا وعلمائنا المتنورين في ميادين ومجالات مختلفة. وطالب لشكر بالخروج من عباءة "الوصايا الثقافية والمزايدات السياسية التي لا فائدة منها"، حسب تعيبره. وفي نفس السياق أكدت عدة ناشطات بالمجتمع المدني النسائي المغربي أن تجريم الإجهاض شكل من أشكال الميز ضد المرأة واعتداء على حقها في صيانة حرمة جسدها مطالبات بتعديل القانون الجنائي المغربي في هذا الاتجاه. وأشار محمد جناح، قاضي بوزارة العدل والحريات، إلى أن الوزارة منكبه على تعديل عدد من فصول القانون الجنائي، وتوقفت عند موضوع الإجهاض نظراً لحساسيته وضرورة مناقشته من جميع الزوايا، ويستوجب إعطاء الفرصة لجميع الأطراف حتى نخرج بخلاصات دقيقة ووضع حلول جذرية وانية. وأضاف محمد جناح أن القانون الجنائي المغربي لا يعتبر الجنين إنسانا، والدليل أن إسقاط الجنين لا يسمى جريمة قتل، فالحماية مختلفة والجنين ليس له مرتبة إنسان كامل في نظر القانون الجنائي المغربي. والإجهاض السري اليوم هو واقع والضرورة الاجتماعية تحتم علينا إتحاد قرارات حاسمة انطلاقا من منظور شامل . معارضو الإجهاض أكد عضو المجلس العلمي المحلي السيد مصطفى رياح، على أن الإسلام حرم قتل النفس مستدلاً بحديث ،" من قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا "وأن الإسلام جاء لحفظ حياة الإنسان لا للتحريض على قتله. وقال مصطفى رياح " إن الدين الإسلامي، حرم الإجهاض حتى وإن كان الابن ابن زنا"، وبخصوص العار أو الفضيحة إثر حمل غير شرعي، فقد قال أن الدين الإسلامي أكد على ضرورة الإحسان إلى المرأة الزانية، والتي حملت من علاقة غير شرعية حفاظاً على صحتها النفسية والجسدية وصحة جنينها وأجل العقاب إلى ما بعد الولادة والعناية بالرضيع. وأكد على أن المذاهب الفقهية في الإسلام، اختلفت حول موضوع الإجهاض، وانقسمت بين من يحرم وبين من يستبيحه في بعض الحالات، خصوصاً إن كانت حياة الأم في خطر، كما هو الحال بالنسبة للمذهب المالكي والحنبلي، إلا أنه ركز على أن الاستباحة فقط في حالة قبل نفخ الروح أي قبل 45 يوماً من تشكل الجنين،حيث يعتبره المذهب الحنبلي مباحً في حالة وجود عذر شرعي بينما اختلفوا العلماء في المذهب المالكي بين كراهة الإجهاض وبين تحريمه.