كتب - محمد شعبان: تمر الأيام والسنون، تتغير الأشخاص والمناصب، لكن الأحداث تعيد نفسها باختلاف الزمان والمكان، حتى تشعرك بأن عقارب الساعة تعود للوراء، أو أنك داخل آلة الزمن العجيبة، لكن العامل المشترك هو جماعة اعتادت على تصفية خصومها بدم بارد، وساهمت بفاعلية في محاولات إدخال ثقافة الاغتيالات السياسية للمنطقة. خرج من منزله صباح يوم 22 مارس 1948، بشارع رياض بحلوان، وبحوزته ملفات قضية "تفجيرات سينما مترو"، والتي اتهم فيها عدد من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، ليستقل القطار المتجه إلى وسط مدينة القاهرة حيث مقر محكمته، وكعادته ينظر إلى السماء الصافية مستمتعًا بنقاء الهواء، وأشعة الشمس الساطعة، لكن لم يكن يعلم أنها ستكون المرة الأخيرة، بعدما فوجئ القاضي "أحمد بك الخازندار" بشخصين من أعضاء جماعة الإخوان وهما "حسن عبد الحافظ" و"محمود زينهم"، يطلقان عليه وابلاً من الرصاص، وأصيب الخازندار بتسع رصاصات ليسقط قتيلاً. ولقد كان لجماعة الإخوان المسلمين خلفية سابقة مع الخازندار، فقد أدان في قضايا سابقة بعض شباب الإخوان؛ إثر اعتدائهم على جنود بريطانيين في الإسكندرية بالأشغال الشاقة المؤبدة فى 22 نوفمبر 1947، الأمر الذي أثار حفيظة الجماعة، وقررت الانتقام منه، وفي جلسة جمعت بين حسن البنا وأعضاء جماعته، قال البنا: "ربنا يريحنا من الخازندار وأمثاله". وهو ما اعتبره أعضاء في التنظيم بمثابة "ضوء أخضر" لاغتيال الخازندار، وعلى إثر الاغتيال، استدعى حسن البنا، المرشد العام للإخوان، للتحقيق معه بشأن الحادث ثم أفرج عنه لعدم كفاية الأدلة. وبعد مرور 67 عامًا، جاء صباح السبت 16 مايو 2015، ليعيدي للأذهان نفس المشهد باختلاف الزمان والمكان، وكانت كلمة السر أيضًا "القضاء والإخوان". "حكمت المحكمة حضوريًا بإحالة أوراق المتهم محمد محمد مرسي العياط وآخرين لفضيلة المفتي لإبداء الرأي الشرعي.. رفعت الجلسة".. كلمات حرجت كالرصاصات السريعة من فم المستشار شعبان الشامي، قاضي التحقيق في قضيتي "الهروب من سجن وادي النطرون" و"التخابر الكبرى"، ظهر أمس السبت، حتى فوجئ الجميع بوقوع حادث أليم كرد فعل سريع على الحكم، باستهداف أتوبيس كان يقل قضاة وموظفين بمحكمة شمال سيناء. وأسفر الحادث الغادر عن استشهاد 3 وكلاء نيابة وسائق، وإصابة 3 آخرين، بعدما فتح مسلحو "ولاية سيناء" النار على الأتوبيس الذي كان يقلهم بحي المساعيد غرب العريش. تأمين القضاة قال المستشار عبد الستار إمام، رئيس نادي قضاة المنوفية، إن حادث استشهاد قضاة العريش، لن يرهب القضاة عن أداء واجبهم، مشددًا على أنه لن يفلت المحرضين والقتلة. وأوضح "إمام"، في مداخلة هاتفية مع برنامج هنا العاصمة، على فضائية السي بي سي، أن هناك قصور في تأمين القضاة، لافتًا إلى أن هدف الارهاب إثارة الرعب والفوضي، مطالبًا بحصول القضاة على عملية تأمين كافية. وفي السياق نفسه، قال المستشار عبد الستار إمام، رئيس محكمة جنايات القاهرة، إن إجراءات تأمين القضاة، غير كافية، مطالبًا بضرورة توفير الحماية اللازمة لهم. ومن جانبه، قال المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، إن القضاة الذين تم استهدافهم بالعريش، كانوا تحت حراسة مشددة، متابعًا: "الإرهاب كالثعبان يطلق سُمه في أي وقت".