كتبت - نانسي حبيب: كثير من النجوم يظهر لفترة ثم يبرز جيل جديد فيتوارى الجيل القديم، ورغم هذا تظل هناك استثناءات لنجوم استمروا على مدار عدة أجيال، ولكن يبقى عادل إمام هو استثناء حتى على الاستثناء. منذ أول أفلامه «أنا وهو وهى» عام 1964 وحتى مسلسله الذى يقوم بتصويره الآن «أستاذ ورئيس قسم» يظل عادل إمام متربعا على عرش النجومية. أكثر من خمسين عاما ظل فيها زعيما ليس فقط فى مصر، بل وفى العالم العربى كله، ظهرت نجوم واختفت نجوم وظل هو الأقرب إلى قلوب الجماهير والمعبر عنهم. يقول الكاتب الكبير عبد الوهاب مطاوع محاولًا تحليل هذه الظاهرة الاستثنائية: «سر تفرد عادل إمام لا يكمن فى موهبته الفذة وحدها ولا فى إثرائه لهذه الموهبة بالثقافة، وإنما فى قدرته على تمثيل أحلام البسطاء والتعبير عن آمالهم فى الحياة. وهذا هو سحر عادل إمام الذى يجعله أثيرا لدى قلوب البسطاء». 75 عامًا عاشها عادل إمام، اكتسب فيها الكثير وعاصر الكثير وفى كل تجربة كان يخرج منتصرا لأنه اختار الانحياز إلى جمهوره الذى لم يخذله أبدًا. ولادته فى 17 مايو عام 1940 فى قرية شها بمركز المنصورة بمحافظة الدقهلية جعلته يعيش فى أجواء القرية ويتأثر بها ويصبح واحدا من فلاحيها، قبل أن ينتقل ليعيش فى حى الحلمية بالقاهرة ويقترب من المصريين البسطاء يعيش أحلامهم ويشعر بمعاناتهم، لذلك فى كل أعماله لا تشعر أبدا بأنه غريب عنك. هو نفسه يقول «إذا كانت الحارة هى البطل الحقيقى فى أعمال نجيب محفوظ، فإنها فى الواقع منبع كل أحاسيسى»، وهذا جعله هو الفنان الأقرب إلى وجدان الناس وقلوبهم. حتى معاناة الناس شعر بها لأنه كان واحدا منهم ولم يكن أبدا بعيدا عنهم، فعندما بدأ التمثيل فى مسرح التليفزيون وهو لا يزال طالبا فى كلية الزراعة ثم تم رفده من مسرح التليفزيون بسبب عدم توافر مسوغات التعيين له ومعه مجموعة كبيرة من الفنانين، ثم استعانوا به كممثل بالقطعة يتقاضى خمسين قرشًا فى الليلة. وقتها كان يمشى عادل إمام يوميًّا من مسرح الأوبرا حتى العمرانية توفيرا لثمن تذكرة الأوتوبيس، لأنه ببساطة لم يكن يحتكم عليه. كل هذه العوامل تأثر بها وأخرجها على الشاشة، ورغم خفة دمه، فإنه لم يكن مجرد كوميديان -رغم إعلانه أكثر من مرة أنه يفخر بكونه «مضحكاتى»- فالجماهير حين كانت تقطع تذكرة السينما لتدخل عملا من أعماله كانت تعرف أنها تدخل لتضحك، لكنها فى الوقت نفسه لن تترك مشكلاتها وقضاياها وإنما ستراها على الشاشة. لم يكن الزعيم فنانا منعزلا عن قضايا مجتمعه أبدا، وإنما عندما خاض المجتمع معركته ضد الإرهاب كان هو جزءا من خلال المعركة من خلال أفلامه التى اشترك فيها مع الثنائى وحيد حامد وشريف عرفة، وكان يسافر إلى أسيوط ليعلن محاربته للإرهابيين مما جعل وجوده على رأس قائمة الاغتيالات أمرا طبيعيا. حتى مواقفه كانت واضحة وثابتة مع الدول العربية والتى انتهت بمنحه لقب سفير النوايا الحسنة لمفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين عام 2000، وحتى فى الأزمات الداخلية كان حاضرا عندما سافر إلى سوهاج لعرض مسرحية «بودى جارد» ونزع فتيل أزمة أولاد علام الشهيرة عام 2002. ولم يقتصر تأثير عادل إمام على المستوى المحلى والعربى وإنما امتد إلى المستوى العالمى، الكاتب الصحفى أيمن الحكيم يروى فى كتابه «ضحكة مصر» تفاصيل لقاء النجم العالمى روبرت دى نيرو بعادل إمام فى أمريكا عندما ذهب مصاحبًا لفيلمه «عمارة يعقوبيان»، يومها قال عماد الدين أديب منتج الفيلم للنجم العالمى وهو يقدم له عادل إمام إن عرضه المسرحى الجديد يتم عامه العاشر دون انقطاع. ساعتها نظر دى نيرو إلى عادل إمام غير مصدق قائلًا: «أنت تستحق أن تدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية». وعادل إمام كان متخصصًا وسيظل فى تحطيم الأرقام القياسية، حيث قدم أكثر من 150 عملًا بين فيلم ومسلسل ومسرحية، واستطاع الاستمرار لأكثر من 50 عامًا من النجومية معاصرا لأربعة أجيال كوميدية هى جيل فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولى وجيل سعيد صالح ويونس شلبى، وجيل علاء ولى الدين ومحمد هنيدى، ثم جيل رامز جلال وأحمد مكى وسامح حسين وظل هو على القمة. الزعيم قضى نحو 40 عاما على خشبة المسرح، منذ «مدرسة المشاغبين» التى استمرت 3 سنوات متصلة، «شاهد ماشفش حاجة» 8 سنوات، «الواد سيد الشغال» 8 سنوات، «الزعيم» 5 سنوات، ثم «بودى جارد» 12 سنة. نحتفل فى هذا الملف باليوبيل الماسى لصانع السعادة الذى طالما أضحكنا وأبكانا لكنه فى كل مرة كان يمتعنا بروائع ستظل بارزة فى تاريخ الفن ليظل وحده متربعًا على عرش قلوب جماهيره فى مصر والوطن العربى وفى العالم كله.. كل سنة وإنت طيب يا زعيم. 4 وجوه للزعيم الاجتماعى الوجه الاجتماعى للزعيم ظهر فى عديد من الأفلام، وربما كانت التجربة الأهم فى فيلم «كراكون فى الشارع» عام 1986، التى سلط فيها الضوء على مشكلة السكن ورحلة البحث عن شقة، مستعرضا ما يحدث فى مساكن الإيواء وكيف يمكن لمهندس أن تنقلب حياة أسرته لمجرد سقوط العقار الذى يعيش فيه، وتبقى دائما فى ذاكرة المشاهد تجربته وهو يعيش فى وسط المقابر وحواره مع على الشريف قبل أن يعود لزوجته يسرا قائلا: «أنا شربت حشيش يا سعاد»! ليبحث عن الحل ويجده فى اقتحام الصحراء. فى «حتى لا يطير الدخان» عام 1984 قدم شخصية فهمى، الذى يتنكر له أصدقاؤه فتموت أمه ليقرر بعدها الانتقام حتى ولو كان بطرق مشبوهة، وفى «المشبوه» عام 1981 قدم تجربة فريدة مع سندريلا الشاشة سعاد حسنى، موضحا كيف يمكن لمجرم أن يتغير لكن المجتمع لا يتركه فى قصة من السيناريست المبدع إبراهيم الموجى، الذى قدم معه الزعيم عددا من أهم أفلامه الاجتماعية منها «حب فى الزنزانة» عام 1983، و«النمر والأنثى» عام 1987. ولا يمكن أن ننسى تشريحه للمجتمع المصرى فى رائعة وحيد حامد وشريف عرفة عام 1996 «النوم فى العسل». السياسى رغم أن الوجه الأشهر للزعيم هو الوجه الكوميدى، لكن عادل إمام لم يكن ليكتفى بذلك، فخبرته وثقافته وانخراطه بالجماهير وحسه السياسى كلها كانت عوامل كافية لأن تجعل المخرجين يرون فيه جوانب أخرى. ولا يمكن لأحد أن ينكر أن أفلام الزعيم السياسية شكلت جزءا كبيرا فى وجدان جيل الثمانينيات والتسعينيات، خصوصا تلك التى اقترنت بسنوات محاربة الإرهاب. وشكل الثلاثى وحيد حامد وشريف عرفة وعادل إمام فريقا رائعا أخرج لنا إبداعات ستظل محفورة فى تاريخ السينما المصرية. الوجه السياسى للزعيم ظهر فى عديد من الأفلام منها فيلمه الشهير «إحنا بتوع الأوتوبيس» عام 1979 مع عبد المنعم مدبولى، الذى أظهر بشاعة تجربة المعتقلات فى الستينيات، أو دوره كصحفى محاربًا الفساد فى «الغول» عام 1983، ثم «اللعب مع الكبار» عام 1991، و«الإرهاب والكباب» و«الإرهابى»، الذى تسبب فى وضعه على قوائم الاغتيالات. رائعة «طيور الظلام» عام 1995 التى يؤكد الواقع أن الفيلم كان سابقا لعصره، وسلسلة «بخيت وعديلة» التى اقتحم الجزء الثانى منها عالم الانتخابات، وصولا إلى تشريح «عمارة يعقوبيان» للمجتمع والاشتباك مع قضية التطبيع فى «السفارة فى العمارة». الكوميدى أشهر وجوه الزعيم الذى حقق له الانتشار فى فترة البدايات بأفلام مثل «أنا وهو وهى» و«مراتى مدير عام» و«عفريت مراتى» و«كرامة زوجتى» و«7 أيام فى الجنة»، وغيرها كثير، قبل أن تلتفت إليه السينما ليصبح بطلا لأشهر الأفلام الكوميدية ومنها «رجل فقد عقله» مع وحش الشاشة فريد شوقى وإكرامى، و«احترس من الخط» عام 1984، الذى قدم فيه شخصيتى «خصوصى» الشاب الطيب و«الخط» زعيم المطاريد الصعيدى. وأفلام عادل إمام الكوميدية كانت فى كثير من الأحيان مقتبسة من أفلام أجنبية، لكنها لم تفتقد أبدا للمسة المصرية التى يمنحها إياها وجود الزعيم، ومنها «البحث عن فضيحة» عام 1973 عن فيلم A Guide for the Married Man، و«خلى بالك من جيرانك» عام 1979 عن الفيلم الأمريكى bare foot in the park، و«عصابة حمادة وتوتو» عام 1982 عن فيلمfun with dick and jane، و«مرجان أحمد مرجان» عام 2007 عن فيلم back to school. التجارى كان طبيعيا بعد أن التفت المخرجون إلى موهبة عادل إمام أن يحاول المنتجون استغلالها، خصوصا أنه كان يتربع على عرش الإيرادات بلا منازع. وإذا كانت كل أفلام الزعيم أو معظمها يحقق إيرادات كبيرة فإن هذا لم يمنع شركات الإنتاج من استغلاله فى أفلام تجارية، وكان هذا فى مرحلة السبعينيات وبدايات الثمانينيات، منها فيلم «الشياطين والكورة» عام 1973 مع حسن يوسف وشمس البارودى، و«ممنوع فى ليلة الدخلة» عام 1975 مع سهير رمزى ومحمد رضا، و«رجب فوق صفيح ساخن» مع سعيد صالح وناهد شريف عام 1979، و«مغامرون حول العالم» مع ناهد شريف ولبلبة وسمير غانم عام 1978، ثم «شعبان تحت الصفر» 1980، و«عنتر شايل سيفه» 1983، و«رمضان فوق البركان» 1985. 38 سنة من النجومية على خشبة المسرح ضرب الرقم القياسى فى ليالى العرض.. وأبطاله يعيشون بيننا حتى اليوم كتب- محمد هشام عبية: بماذا يمكن أن نقيس نجاح المسرحية؟ بعدد ليالى العرض؟ عادل إمام حوَّل هذه الليالى إلى سنوات متصلة فى سابقة مسرحية مصرية وعربية نادرة. أم بتحول أبطال هذه المسرحيات إلى شخصيات حقيقية من لحم ودم تستدعيها الذاكرة كل حين؟ مَن ينسى سرحان عبد البصير أو بهجت الأباصيرى أو الواد سيد الشغال؟ أم بتماهى جمل وعبارات قالها البطل مع القاموس اليومى للشخص العادى، لتتحول من عبارات فى سياق دراما مسرحية، إلى تعبير شامل وجامع يستخدم فى مواقف بعينها دون الحاجة إلى شرح أو تفصيل؟ حسنا.. قل لنا كم مرة استخدمت إفيهات خالدة مثل تعليقه على فاتورة التليفون «أنا خُفت ليشيلوا العدة الحقيقة مع إن أنا أصلًا ماعنديش تليفون»، و«لو كل واحد عزِّل علشان تحتيه واحدة رقاصة البلد كلها هتبات فى الشارع»، و«أنا أعيط» وغيرها، فى مواقف حياتية يومية وجميعها مختومة بختم عادل إمام المسرحجى «الغول»؟. المدهش أنه رغم حالة الزخم الكبيرة التى صنعها عادل إمام على المسرح عبر تاريخه الفنى الممتد، فإنه انفرد بالبطولة فى خمس مسرحيات فقط، وذلك منذ دوره الأشهر ك«بهجت الأباصيرى» فى مدرسة المشاغبين عام 1971، وحتى مسرحيته الأخيرة «بودى جارد» التى أصبحت -رغم أنها الأقل شعبية وجماهيرية- صاحبة الرقم القياسى المصرى فى العرض المسرحى ل12 سنة متصلة منذ بدء أولى لياليها عام 1999 وحتى توقفها عام 2010، علما بأنها عرضت أيضا فى سوريا والعراق والأردن والمغرب. هكذا إذن وقف عادل إمام بطلًا على خشبة المسرح لما يقرب من 38 عاما، قبل أن يتعرض المسرح التجارى فى مصر لأزمات كبرى أوقفت مشاريع الكبار قبل الصغار بالتزامن مع ثورة 25 يناير 2011. وباستثناء «بودى جارد» التى لم تنل شهرتها المتوقعة لأنها لم تعرض تلفزيونيًّا حتى الآن ويتردد أن شبكة «MBC» اشترت حقوق عرضها قبل أسابيع، فإن المسرحيات الأربع الأخرى «مدرسة المشاغبين»، و«شاهد ماشفش حاجة»، و«الواد سيد الشغال» و«الزعيم»، هى «راكور» أساسى فى الاحتفالات بالأعياد على معظم الفضائيات الأصلى منها والمضروب، ليس فقط لأنها تتضمن جرعة ضحك عالية التركيز والجودة عاشت وتعيش لأجيال وإنما أيضا لأن ثمة عبارات قالها الفنان المخضرم وتحولت إلى «أقوال مأثورة» يتم استدعاؤها فى المواقف التى تتطلب سخرية من ديكتاتور أو مجتمع أو حكومة أو حتى سلوك شخصى. فى مسرحياته الأربع التى تعرض تليفزيونيا بانتظام، تتنوع الشخصيات ويبقى الضحك، فهو فى «مدرسة المشاغبين» طالب ثانوية عامة منحرف، وفى «الواد سيد الشغال»، زوج محلل يخترق عالم الأثرياء، وفى «شاهد ماشفش حاجة»، مذيع تليفزيونى مغمور وخجول، أما فى «الزعيم» فهو لص يتحول إلى حاكم ديكتاتور فى ليلة غرائبية، المسرحية الأخيرة كانت الأكثر جرأة وانتقادا للنظم السياسية الفاسدة، بينما كانت مسرحيته الأولى تشريحًا لواقع التعليم المتدهور، فى حين مارس هوايته فى السخرية من مشكلات الأثرياء فى «الواد سيد الشغال»، وانحاز إلى قصة إنسانية خفيفة فى «شاهد ماشفش حاجة»، ليؤكد عادل إمام بهذا الكوكتيل المسرحى الفريد أن المسرح فيه المضروب الذى يذوى والأبطال لا يزالون على الخشبة، وفيه الأصلى كالأحجار الكريمة. عاشت وستعيش لسنوات ويزيد ألقها فى اليوبيل الماسى لصاحب السعادة عادل إمام. أستاذ الاتجاهات الجديدة فى الدراما التليفزيونية كتب- محمد الشماع: كان المسلسل التليفزيونى بالنسبة إلى المشاهد المصرى يتلخص فى اتجاهات ثلاثة. أولها بوليسى صِرف تمثله طائفة كبيرة من الأعمال التى أخذت مسلسل «من الجانى؟» الإذاعى طريقا ومنهجا لها، ومسلسل «الدوامة» لنور الدمرداش خير مثال على هذا الاتجاه. أما ثانيها فهو الاتجاه الكوميدى، مثل فوازير ثلاثى أضواء المسرح، ومسلسل «فرصة العمر» لمحمد صبحى الذى قدمه عام 1976، والذى لقى نجاحا كبيرا وقتها، فى حين كان الاتجاه الاجتماعى كعصا موسى التى التهمت تاريخ الدراما وما زالت، منذ عرض مسلسل «المشربية» للراحل أسامة أنور عكاشة وإخراج فخر الدين صلاح، وربما حتى الآن. فى عام 1978 دشن عادل إمام اتجاها جديدا فى الدراما التليفزيونية بمسلسل «أحلام الفتى الطائر». اتجاها وسطا بين الكوميديا والتراجيديا، ساعده فيه السيناريست وحيد حامد والمخرج محمد فاضل. اتجاها مزج بين دفتيه طرق الدراما الثلاثة، فكان التشويق حاضرا من خلال قصة هروب فتى حالم بالثراء السريع من (عصابة) طاردته حتى النهاية. وكان الجانب الاجتماعى حاضرا من خلال تجسيد وتشريح الطبقة التى ظهرت فى نهاية السبعينيات بعد الانفتاح الاقتصادى، والتى اعتمدت على «الفهلوة» فى طريق الصعود، بينما حضر الزعيم بنفسه (كوميديا) فى بعض الأحيان، ومن منا ينسى طريقة شرح اسمه (الطاير) عندما كان يعرف نفسه لشخص جديد. حرفية العمل وعبقرية عادل إمام جعلت من «أحلام الفتى الطائر» إحدى العلامات المهمة فى تاريخ الدراما العربية، ليصبح «طريقا» جديدا فى طريقة تناول الأحداث المعاشة. لم تكد تمر خمس سنوات على تقديمه لمسلسله الأول الناجح (عادل إمام قدم عددا من المسلسلات فى أوائل السبعينيات لكنها لم تصنع نفس الجماهيرية التى حققها «الطاير»)، حتى فاجأ جمهوره بمسلسل آخر لا يقل عبقرية، وهو مسلسل «دموع فى عيون وقحة»، ليقدم أول قصة مبنية على أحداث حقيقية من ملفات الجاسوسية المصرية لإحدى عمليات المخابرات المصرية ضد الموساد الإسرائيلى فى مسلسل، بعد سنوات قليلة فقط على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. المؤلف الكبير صالح مرسى حوَّل أحمد محمد عبد الرحمن الهوان، إلى جمعة الشوان الشاب المصرى الذى نشأ فى ظل بيئة اجتماعية بائسة، يحمل حملا ثقيلا وهو إعالة عائلته الفقيرة، والتى تتكون من أمه المسنة، وزوجته الكفيفة، وشقيقه المستهتر، وبينما كان الشوان يعمل فى ميناء السويس، وإذ به يتلقى عرضا مغريا يكتشف أن مصدره هو الموساد الإسرائيلى، وبدافع من وطنيته وانتمائه المصرى يبلغ أجهزة الأمن المصرية، فيطلبون منه الاستمرار فى لعب نفس الدور. المسلسل دشن أيضًا توجهًا جديدًا للأعمال المأخوذة عن ملفات الجاسوسية المصرية، والتى تواصل تقديمها فيما بعد. بقى أن نذكر الناس أنه فى حين كان يقدم عادل إمام المسلسلين خالدى الذكر، كان يقف يوميا على خشبة المسرح ليضحك الآلاف بمسرحية «شاهد ماشافش حاجة»، بينما كان يقف أمام كاميرا السينما ليقدم أفلام «المشبوه»، و«الحريف»، و«حب فى الزنزانة»، و«الأفوكاتو».