كتب - محمد شرف الدين ربما لا تعلم "هند رضا الهلالي"، الطفلة البالغة من العمر 7 أشهر، أين هي الآن، ولا تعبأ كثيراً بما يدور حولها، ولكن الحقيقة التي يدركها أهالي قريتها أنها الآن في قبضة "مباحث طلخا"، منذ يومين، وفي القلب من مأساة جديدة قديمة، عانى منها الماضي والحاضر في هذه البلاد. "صباح البلطجة" لم يكن صباح السبت الماضي عادياً في قرية "سرسو" التابعة لمركز طلخا، بمحافظة الدقهلية، فقد استيقظت 24 أسرة على هجوم ميليشيات من "البلطجية" المسلحين بالأسلحة النارية والبيضاء، التابعين لرجل الأعمال "عبد العزيز فريد المصري"، والذي يدعي أحقيته في 42 فداناً تملكها هذه الأسر، ويحاول جاهداً الاستيلاء عليها منذ سنوات طويلة، ويبدو أن فرصته قد حانت الآن. كان هذا قبل أن تأتي قوات الشرطة، والتي كانت برداً وسلاماً على البلطجية، بينما كانت ناراً على المزارعين المدافعين عن حياتهم. أسفرت حملة المسلحين عن إصابة سيدة بجروح، حيث تم نقلها لتلقي العلاج بمستشفى طلخا، كما طُرد الأهالي من أراضيهم. بينما أسفرت حملة الشرطة عن إلقاء القبض على 23 من سكان القرية، بينهم 9 سيدات، منهم "منى سامي إبراهيم"، وطفلتها "هند"، التي أبت "مباحث طلخا" إلا أن تجمع شمل أسرتها داخل السجن، فألقت القبض أيضاً على أبيها وجدها. "مكافأة" نجح ورثة "فريد المصري" أخيراً في الاستيلاء على الأراضي التي منحتها الدولة للأهالي في عهد الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر، كمكافأةً لهم على مشاركتهم في "حرب اليمن"، حينما تم تخييرهم بين الوظيفة والأرض، فاختاروا الحصول على الأرض التي سُرقت منهم أيضاً، في ظل "حرب اليمن"! يقول "علي عبد الله أحمد"، أحد المزارعين، إن الدولة كافأته على أدائه ل"الواجب الوطني" بمنحه قطعة الأرض التي يعيش فيها ويعتاش على زراعتها منذ الستينيات، قبل أن يأتي ورثة الإقطاعي "فريد المصري" ويحاولون انتزاعها منه، مع كافة أراضي المحاربين القدامى بالقرية، "صدرت 3 أحكام لصالحنا أعوام 1986 و2007 و2014، ورغم ذلك كان مصيرنا في النهاية التشريد والاعتقال". "موقف الشرطة" يتسائل أهالي "سرسو" عن سر القبض على نسائهم وأطفالهم، بينما لم يتم المساس ببلطجية "المصري"، الذين كانوا يحملون السلاح في وجود الشرطة. يرى أهالي القرية أن وقوف الشرطة إلى جانب "المصري"، يرجع لكون مدير أمن أحد المصانع المملوكة له لواءاً سابقاً بوزارة الداخلية، "تحالف ضد الغلابة"، هكذا وصفه أحد المحاربين السابقين في اليمن.