تعد صناعة كراسي الخوص، من أقدم الصناعات التي عرفها المصريون، إذ ارتبطت منازلهم بالكراسي المصنوعة من الخوص، وجريد النخيل، وهي مواد خام كانت تعج بها بيئتهم. كانت الكراسي المصنوعة من الخوص وجريد النخيل، أثاثًا غير مكلفًا، لكثرة انتشارها في الماضي، لكن مع مرور السنوات لم يعد يمهر تلك الصناعة إلا محبيها الذين يبدعون ويبتكرون في صناعتها، وعدد من هؤلاء يتركز في منطقة كرموز بالإسكندرية. ويقول صانعو الأثاث، المصنوع من الخوص، ل"التحرير"، إن "الصناعة باتت مكلفة نتيجة قلة الخوص والجريد (المواد الخام)، كما أنها اقتصرت على الأماكن الفخمة، سواء القصور والفلل التي يسكنها الأغنياء، إلى جانب بعض المقاهي"، و"لم يعد في متناول الإنسان البسيط شراء الأنتريهات المصنوعة من الخوص نتيجة ارتفاع أسعارها". ويضيف محمد حنفى جابر، عامل بورش الخوص في كرموز: "أعمل فى هذه الحرفة منذ 15 عامًا وتعلمتها تدريجيًا إلى أن وصلت إلى عملية تصنيع الكراسي التي تحتاج إلى تركيز شديد ومهارة وابتكار، وإنجاز مقاسات خاصة". وتابع: "نستعمل أدوات رفيعة ومميزة لابد من اتقان التعامل معها، فتلك الحرفة صعبة جدًا فلا يوجد ماكينات لها بل العامل يستخدم يديه فقط. وتعد الورشة التي يعمل بها حنفي من أقدم ورش الإسكندرية، إذ أن تاريخها يتجاوز نصف قرن". تنتج ورشة الخوص الواحدة، بحسب حنفي، 10 كراسي يوميًا، وتباع بأسعار تصل إلى 300 جنيه للكرسي الواحد، في حين يصل سعر طقم الأنتريه إلى 3 آلاف جنيه وأكثر، وهذا سببه ارتفاع أسعار الخوص وقلة العمالة في هذا المجال. ويختتم: "في الوقت التي كانت بيوت الفقراء تبني من الخوص فأصبح الآن الحصول عليه أمرًا صعبًا بالنسبة للفقير وأصبحت مصايف الأغنياء تنتعش بتلك الكراسي المصنوعة من الخوص".