التقى المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، نيابةً عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، كلمة اليوم الأربعاء، أمام الجلسة العامة للقمة الأفروآسيوية بالعاصمة الإندونيسية جاكرتا. وفي مستهل الكلمة، توجَّه محلب بالتحية إلى جوكو ويدودو، رئيس جمهورية إندونيسيا، وتقدَّم بالشكر للدعوة الموجهة للرئيس عبد الفتاح السيسي، للمشاركة في هذه القمة، التي حالت ظروف اضطرارية دون مشاركته شخصيًا فيها، فكلَّفه بأن ينوب عنه فى هذا الاجتماع الهام، وأن يلقي كلمة بالنيابة عنه. وخلال الكلمة، قال محلب: "أعرب عن تقدير بلادي الكبير للحكومة الإندونيسية لعقد هذه القمة التي تمثل دفعة جديدة وقوية إلى الأمام للعلاقات الإفريقية الآسيوية، ويُشرفني أن أتحدث إليكم اليوم ممثلاً لإحدى الدول الرئيسية، المؤسسة لحركة عدم الانحياز، والتي شاركت في المؤتمر الأفروآسيوي المنعقد في مدينة باندونج عام 1955 والذي نحتفل اليوم بمرور 60 عامًا على انعقاده". وأضاف: "مما لا شك فيه أنَّ مؤتمر باندونج كان أولى الخطوات الرئيسية نحو تعزيز العلاقات بين الدول الإفريقية والآسيوية، كما تبلورت خلاله فكرة إنشاء منتدى دولي يجمع الدول التي رغبت آنذاك في عدم الانحياز، فى واقع سياسي يتسم بالقطبية الثنائية، الأمر الذي أسفر في نهاية المطاف عن إنشاء حركة عدم الانحياز، والتي أصبحت اليوم أكبر تجمع للدول النامية، والمنتدى الأول للدفاع عن قضاياها ومصالحها". وتابع: "مصر تُولي اهتمامًا كبيرًا لعلاقاتها بالدول الإفريقية والآسيوية، التي تسعى إلى تطويرها وتدعيمها على كافة المستويات، وفي هذا السياق تؤكد مصر الأهمية الكبيرة التي توليها للعلاقات مع رابطة دول جنوب شرق آسيا "الآسيان"، والتي تستضيف إندونيسيا مقرها". وأكد: "لا يفوتني وأنا أتحدث من إندونيسيا، هذا البلد الشقيق، أن أؤكد على الروابط التاريخية الممتدة بين مصر وإندونيسيا، والعلاقات الثنائية المتميزة التي تجمع بين البلدين في كافة المجالات، وفي هذا الإطار نعرب عن تطلعنا للتوقيع على اتفاق الصداقة والتعاون بين مصر ورابطة دول جنوب شرق آسيا "الآسيان" خلال الفترة المقبلة". ومضى يقول: "تأتي هذه القمة في ظل العديد من التحديات التي تمر بها الدول الإفريقية والآسيوية، وعلى رأسها التحديات المتصلة بظاهرة الإرهاب البغيضة، بما لها من تداعيات سياسية واقتصادية وأمنية خطيرة". واستطرد: "من هذا المنطلق، فإنَّ مصر تؤكد موقفها الراسخ بإدانة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره، ورفض الربط بينه وبين أي دين أو ثقافة أو جنسية، وضرورة التعامل الشامل مع الإرهاب، بالتصدي للتنظيمات والجماعات الإرهابية أينما وُجدت، وبمواجهة كافة الأسباب المؤدية للإرهاب". وأشار: "مواجهة الإرهاب تحتاج تضامنًا كبيرًا وتضافرًا لجهود كافة دول العالم، حيث أثبتت التطورات الأخيرة على الساحة العالمية، وأي دولة ليست في مأمن من هذه الظاهرة، التي تهدد استقرار ووحدة أراضي الكثير من دول منطقة الشرق الأوسط، وتعتبر تهديدًا للسلم والأمن الدوليين". وواصل حديثه: "من هنا، كان حرص مصر على الاشتراك في كافة الجهود الدولية والإقليمية للتصدي للإرهاب، وعلى دعم الحكومة الشرعية في ليبيا الشقيقة، في مواجهة الجماعات الإرهابية، ومشاركتها في تحالف مساندة الشرعية، لدعم وحدة اليمن واستقراره، فضلاً عن مشاركتنا في التحالف الدولي للتصدي لتنظيم داعش الإرهابي". وذكر: "نؤكد في هذا الخصوص أن دحر الإرهاب لن يتم فقط بالمواجهات العسكرية والأمنية، بل يستلزم ضرورة مواجهة الفكر المتطرف وظاهرة الإسلاموفوبيا، عبر خطاب ديني وفكري وثقافي معتدل، يركز على قيم التسامح والتعايش السلمي، يحافظ على ثوابت العقيدة وأصول الدين وأُشير هنا إلى الدور الهام الذي يقوم به الأزهر الشريف منارة الإسلام الوسطى المعتدل، بمعاونة دار الإفتاء في مصر، وغيرهما من المؤسسات المصرية ذات الصلة، للتصدي للفكر المتطرف للإرهاب سواء داخل مصر أو خارجها". من ناحية أخرى، أكد رئيس الوزراء: "تظل القضية الفلسطينية إحدى أبرز القضايا المطروحة على الساحة الدولية منذ عدة عقود، وعلى رأس أولوياتنا، ومن أبرز الموضوعات التي تتناولها هذه القمة، حيث إنه من المقرر أن يصدر عنها إعلان التضامن الأفروآسيوي مع فلسطين". وأشار: "تؤكد مصر في هذا الصدد أنَّ عدالة وشرعية مطالب الشعب الفلسطيني لا يمكن التشكيك فيها، كسائر شعوب العالم بعد عقود قاسية عاشها في معاناة، وهو ما يُعد أبسط تجسيد لمبادئ العدالة والسلام التي تؤمن بها الدول والشعوب الإفريقية والآسيوية، والتي عانت في السابق من وطأة الاحتلال والاستعمار قبل أن تنال استقلالها في النهاية". وقال: "تؤمن مصر بأن العمل على تحقيق الطموحات الاقتصادية للشعوب، هو المفتاح الرئيسي لتحقيق النمو والازدهار والاستقرار، وفي إطار العمل على تنفيذ ذلك بدأت الحكومة المصرية تنفيذ برنامج شامل للتنمية حتى عام 2030 ، يهدف إلى جذب الاستثمارات وتشجيعها للعمل في مناخ آمن ومستقر، ويرتكز على تأدية برنامج للإصلاح الاقتصادي وتطوير مناخ الاستثمار، من خلال مراجعة كافة التشريعات المتعلقة به، بهدف دفع حركة الاستثمارات وجذب رؤوس الأموال، وقد تُوجت تلك الأعمال بإصدار قانون جديد للاستثمار، وهو الأمر الذي نجح في تحقيق تقدم ملحوظ، شهد به العديد من المؤسسات الاقتصادية العالمية ومن بينها المؤسسات الائتمانية الدولية". وأضاف رئيس الوزراء: "في هذا السياق أطلقت الحكومة المصرية العديد من المشروعات التنموية الضخمة، وفي مقدمتها مشروع قناة السويس الجديدة، الذي يعد بمثابة قفزة اقتصادية وتجارية هائلة على الصعيدين الوطني والدولي، إلى جانب العديد من المشروعات المنتجة التي أسهمت في توفير فرص عمل حقيقية للشباب، بالإضافة إلى بناء شبكة من الضمان الاجتماعي والدعم لحماية الفقراء ومحدودي الدخل". وقال: "نظمت الحكومة المصرية مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري في مدينة شرم الشيخ خلال شهر مارس الماضي، والذي شهد مشاركة دولية كبيرة من الدول والقطاع الخاص العالمي، وأسفر عن توقيع العديد من الاتفاقيات لإطلاق مشروعات اقتصادية كبرى، خاصة في مجالات البنية التحتية والطاقة والزراعة والسياحة وتكنولوجيا المعلومات والاستثمار العقارى، وأؤكد في هذا الصدد استعداد مصر لتبادل الخبرة في هذه المجالات مع كافة الدول الإفريقية والآسيوية النامية" وأكمل: "العمل على تحقيق التنمية الاقتصادية هو أحد المقاصد الأساسية التي يتعين علينا جميعًا كدول نامية السعي لتحقيقها، والتي لن نتمكن بدونها من النهوض بشعوبنا، أو أن يكون لنا تأثير سياسي متناسب مع حجم دولنا على المستوى الدولي، وبالتالي فإننا نؤكد ضرورة مواصلة التعاون فيما بيننا، والسعي لتعزيز وتكثيف هذا التعاون خاصة في المجالات الاقتصادية لما فيه صالح شعوبنا". واختتم محلب: "أود أن انتهز هذه الفرصة لتقديم الشكر للحكومة الإندونيسية على حسن الاستضافة والترحاب الذي قوبل به وفدنا، ولن تدخر مصر جهدًا لتقديم الدعم والمساندة لأي مبادرات من شأنها العمل على تعزيز العلاقات التي تربط بين قارتينا في مختلف المجالات".