أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    أسعار الدواجن اليوم الجمعة 9-5-2025 في محافظة الفيوم    الجيش الهندي: القوات الباكستانية انتهكت وقف إطلاق النار في جامو وكشمير    إضاءة مبنى "إمباير ستيت" باللونين الذهبي والأبيض احتفاء بأول بابا أمريكي للفاتيكان    المهمة الأولى ل الرمادي.. تشكيل الزمالك المتوقع أمام سيراميكا كليوباترا    جوميز: مواجهة الوحدة هي مباراة الموسم    خريطة الحركة المرورية اليوم بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    حفل أسطوري..عمرو دياب يشعل "الارينا" في أعلى حضور جماهيري بالكويت    «أوقاف شمال سيناء»: عقد مجالس الفقه والإفتاء في عدد من المساجد الكبرى غدًا    ارتفاع صادرات الصين بنسبة 8% في أبريل    زيلينسكى يعلن أنه ناقش خطوات إنهاء الصراع مع ترامب    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    تكريم حنان مطاوع في «دورة الأساتذة» بمهرجان المسرح العالمي    فرص تأهل منتخب مصر لربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب قبل مباراة تنزانيا اليوم    حبس المتهمين بسرقة كابلات كهربائية بالطريق العام بمنشأة ناصر    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    في ظهور رومانسي على الهواء.. أحمد داش يُقبّل دبلة خطيبته    جدول مواعيد مباريات اليوم الجمعة والقنوات الناقلة    الهباش ينفي ما نشرته «صفحات صفراء» عن خلافات فلسطينية مع الأزهر الشريف    تبدأ 18 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الرابع الابتدائي بالدقهلية    حملات تفتيش مكثفة لضبط جودة اللحوم والأغذية بكفر البطيخ    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    تويوتا كورولا كروس هايبرد 2026.. مُجددة بشبك أمامي جديد كليًا    مصر تنضم رسميًا إلى الاتحاد الدولي لجمعيات إلكترونيات السلامة الجوية IFATSEA    بعد بيان الزمالك.. شوبير يثير الجدل برسالة غامضة    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    إلى سان ماميس مجددا.. مانشستر يونايتد يكرر سحق بلباو ويواجه توتنام في النهائي    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    خبر في الجول - أحمد سمير ينهي ارتباطه مع الأولمبي.. وموقفه من مباراة الزمالك وسيراميكا    مستأجرو "الإيجار القديم": دفعنا "خلو" عند شراء الوحدات وبعضنا تحمل تكلفة البناء    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    زيلينسكي: هدنة ال30 يومًا ستكون مؤشرًا حقيقيًا على التحرك نحو السلام    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    بنك القاهرة بعد حريق عقار وسط البلد: ممتلكات الفرع وبيانات العملاء آمنة    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    في عطلة البنوك .. آخر تحديث لسعر الدولار اليوم بالبنك المركزي المصري    دراسة: 58% يثقون في المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    أيمن عطاالله: الرسوم القضائية عبء على العدالة وتهدد الاستثمار    سهير رمزي تعلق على أزمة بوسي شلبي وورثة الفنان محمود عبد العزيز    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف استولت الحكومة على 455 مليار جنيه من أموال التأمينات؟!
نشر في التحرير يوم 17 - 04 - 2015


تحقيق: شريف البراموني
لا أحد يتذكَّر اليوم قصة «الأرملة» العجوز عزة عبد الغنى إمام، التى وقفت أعلى كوبرى قصر النيل، تربط بسياج الكوبرى طرف حبل اقترضت ثمنه (2 جنيه) من أحد الجيران، تمهيدًا لإلقاء نفسها للانتحار. وحسب ما ذكرت الصحف حينها، صباح «الجمعة» 18 نوفمبر 2011، فإن السيدة قالت فى انهيار «ماذا تفعلون إذا طلب منكم أبناؤكم الطعام ولم تجدوه؟ ماذا أنتم فاعلون إذا تقاضيتم معاشًا 260 جنيهًا فى الشهر لا تكفى لسداد 750 جنيهًا إيجار شقة، أو طعام وملابس ل(فتاتين وولدين)، بينهم فتاة معاقة، وأخرى تحتاج إلى (جهاز) عروسة حتى يتم زفافها؟». السيدة أوضحت أن زوجها توفّى منذ 8 سنوات، وكان يعمل سائقًا فى إحدى الشركات الخاصة، وتركها دون عائل سوى معاش قيمته 540 جنيهًا، قامت بتحويل 280 جنيهًا منه إلى بنك ناصر قيمة قرض حصلت عليه لتجهيز ابنتها الثانية التى عُقد قرانها، وتبقَّت لها 260 جنيهًا فقط.السيدة التى قررت الانتحار بسبب قلة المعاش، تمثل شريحة من المجتمع تقدر بنحو 2.5 مليون صاحب معاش، و9.5 مليون مستفيد، والسؤال الآن هو: أين ذهبت أموال أصحاب المعاشات؟ وكيف استولت حكومة نظيف على 455 مليار جنيه من أموال التأمينات وفشلت الحكومات المتعاقبة فى استردادها.
حكومة عبيد: الخزانة لا تتحمَّل أعباء التأمينات
محضر اجتماع مجلس الوزراء بتاريخ 19-6-2002، وهو الاجتماع السابع والخمسون فى حكومة الدكتور عاطف عبيد، وهى إحدى الحكومات المسؤولة عن أموال التأمينات التى لم تُرّد، رفضت وزير التأمينات والشؤون الاجتماعية وقتها الدكتورة أمينة الجندى، ما روّج له فى حكومة عاطف عبيد إلى تغيير نظام المعاشات على أساس الدفع عند الاستحقاق بمعنى «تاخد على أدّ ما تدفع من اشترك»، وهو ما تم الأخذ به فى حكومة أحمد نظيف، وعُرف فى ما بعد بقانون بطرس غالى 135 لسنة 2010. وزيرة التأمينات وفى ردها على تخوّف المشير محمد حسين طنطاوى، وزير الدفاع، على أموال التأمينات الاجتماعية، بسبب ضعف موارد بنك الاستثمار القومى لسداد المديونية للتأمينات، شددت على أنه فى حال التزام الخزانة العامة بسداد الفوائد المستحقة لدى بنك الاستثمار والخاصة بمدخرات التأمينات سنويا، يمكن أن تغطى متطلبات أصحاب المعاشات، بما فيها الزيادات السنوية دون تحمل الدولة أى أعباء، مشيرة إلى أن تعامل الدولة مع أموال التأمينات كونها فائضا عن حاجة أصحابها أمر مغلوط، فهى عبارة عن رصيد نقدى احتياطى لمواجهة احتياجاتهم المستقبلية.
التفاوض على أموال التأمينات
مع بداية عام 2015 كشف بنك الاستثمار القومى عن مفاوضات تسوية مع هيئة التأمينات الاجتماعية بقيمة 20 مليار جنيه، من أصل المبلغ المدين به ويبلغ 68.7 مليار جنيه، لافتا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد اجتماعات بين لجنة ثلاثية مكونة من وزارتى المالية والتضامن والهيئة للموافقة على شكل التسوية. وأضاف مصدر مسؤول بالبنك، ل«التحرير»، أن الجزء المتبقى سيتم سداده على عدد من السنوات بسبب القروض التى حصلت عليها بعض الجهات الحكومية من البنك، مشيرا إلى أن الاجتماع المقرر عقده قريبا سيناقش عدد السنوات التى ستتم تسوية الجزء المتبقى خلالها.
البرعى أول وزير اعترف بالاستيلاء.. وكان محامى الدعوى ضد ضم أموال التأمينات إلى خزانة الدولة
20 سنة لاسترداد الأموال
مجدى عبد الفتاح، مدير البيت العربى للبحوث والدراسات، أوضح أنه يجب استثمار الأموال عبر لجنة مستقلة تتكون من كوادر مؤهلة ذات خبرة، وإدارتها بأسلوب علمى بعيدا عن الضغوط السياسية والإدارية للحكومة، مضيفا أن أزمة استرداد أموال المعاشات من الحكومة بالغة التعقيد، فما تم استرداده من قبل بنك الاستثمار هو فى إطار فوائد الدين البالغ 8% سنويا لا أصله، مشيرا إلى أن الحديث عن استرداد جميع أموال المعاشات يحتاج إلى ما لا يقل عن عقدين من الزمان، هذا إذا التزمت الدولة بالبحث عن أطر تمويلية لمشروعاتها، خصوصا المتعلقة بالبنية التحتية، بعيدا عن الاستدانة من الصناديق الخاصة مثل أموال المعاشات.
عبد الفتاح شدد على أن استثمار أموال المعاشات ضرورة ملحة لتنمية الاقتصاد القومى، وتحسين الأوضاع الاجتماعية للمواطنين، خصوصا أن تلك الأموال تخص كل العاملين بأجر فى مصر، سواء فى القطاع العام أو الخاص، وليس من خرج على المعاش فقط، لافتا إلى أن الاعتماد على لجنة وزارة الاستثمار لوضع خطة استراتيجية لاستثمار أموال المعاشات أمر يحتاج إلى مراجعة، وأن هناك ضرورة ملحة فى أن تكون اللجنة مستقلة، وتتكون من كوادر مؤهلة وذات خبرة، وتتم إدارتها بعيدا عن الضغوط السياسية والإدارة الحكومية.
«هناك غابة من العلاقات المالية المتشابكة بالغة التعقيد بين الهيئات الحكومية التى تحول الأوضاع المالية للبلاد إلى حالة من الفوضى العارمة، ومن بينها قضية أموال التأمينات والمعاشات»، هذا ما أكده حازم الببلاوى، رئيس مجلس الوزراء السابق، وفق ما ذكره فى «4 أشهر فى قفص الحكومة»، موضحا أن تلك الأموال لم تبدد ولم تسرق، لكنها استثمرت فى قطاعات مهمة للاقتصاد، لكن أزمة تلك القطاعات أنها لا تحقق دخلا يمكن أن يسدد هذه الديون، مؤكدا أن أغلب الاستثمارات التى تم الإنفاق عليها من أموال التأمينات كانت مفيدة اقتصاديا للاقتصاد القومى وتحقق عائدا إيجابيا، لكنها لا تحقق جميعا عوائد مالية كافية لخدمة ديونها، لأن معظم هذه الاستثمارات كانت مشروعات خدمات عامة، تقدم مجانا أو بأسعار رخيصة للمواطنين، لافتا إلى أن مثل هذه الأصول غير القادرة على السداد، وتزيد من التعقيدات المالية على الحكومة، فهى ستنتهى بشكل أو بآخر، لكن تتحملها خزانة الدولة بما يزيد من حجم الدين العام.
الببلاوى أشار إلى أن فترة وجوده كوزير مالية فى حكومة الدكتور عصام شرف طلب من صندوق النقد الدولى تقديم المشورة الفنية فى قضية التشابك المالى للدائنين والمدينين فى الحكومة والهيئات العامة، بالإضافة إلى الصناديق الخاصة، وهو الطلب الذى انتهى بتقرير بعثة المعونة الفنية للصندوق، التى أكدت أن كثيرا من المعاملات المالية التى كانت تتم بين الحكومة وهيئات عامة أدت إلى قيام شبكة من المديونيات والمتأخرات غير المسددة، مما أدى إلى خلق اختناقات مالية شديدة، هددت بتفاقم عجز الموازنة العامة، فضلا عن غياب الشفافية، إلى جانب تفاقم ظاهرة الصناديق الخاصة لمختلف الهيئات الحكومية والإدارة المحلية، بعيدا عن الموازنة العامة التى ساعدت على زيادة تعقيد الأوضاع.
لماذا يتفاوض بنك الاستثمار على أموال المعاشات؟
بدأت مشكلة أموال التأمينات الاجتماعية منذ عام 1980 عندما صدر قرار بقانون رقم 119 لسنة 1980 بإنشاء بنك الاستثمار القومى، منذ ذلك التاريخ أجبرت التأمينات الاجتماعية بتحويل احتياطيها إلى البنك بفائدة قدرها 6%، واستمر الوضع على هذا المنوال حتى الآن، وكانت النتائج المترتبة على ذلك:
1- زيادة المبالغ المحولة نقدا إلى بنك الاستثمار القومى من سنة إلى أخرى، حتى وصلت عام 2006 نسبة الأموال المستثمرة فى البنك القومى إلى 94% من أموال الصندوقين العام والخاص، ولم يتم تحويل أى فوائض أخرى، نظرا لتحمل الهيئة جزءا كبيرا من أعباء الخزانة العامة.
2- بداية من عام 2007 تم تحويل جزء كبير تجاوز ثلثى الأموال طرف بنك الاستثمار القومى إلى صكوك على الخزانة العامة لصالح الهيئة، وتقوم الخزانة العامة بتحويل عوائد استثمار هذه الصكوك إلى الهيئة شهريا لتمويل الأعباء غير الممولة.
3 - يقوم بنك الاستثمار بإضافة عوائد الاستثمار على الأموال المستثمرة (تعلية الاستثمارات)، أى لا يقوم بتحويل هذا العائد إلى الهيئة شهريا.
وكان بنك الاستثمار القومى يتولى توجيه المدخرات المحصلة من التأمينات الاجتماعية لتمويل استثمارات البنية الأساسية والمرافق العامة، المعتمدة فى الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وألزمت الحكومة الصندوقين «العام والخاص» بهيئة التأمينات بإيداع فوائضهما ببنك الاستثمار القومى، سواء كان العائد أقل أو مساويا لعوائد البنوك الأخرى.
ثم كان الدفع الحكومى لجانب من أموال التأمينات للاستثمار بالبورصة، بهدف إيجاد طلب للحفاظ على الأسعار بالبورصة، بسبب استمرار تدهورها، إلا أن عوامل عديدة أدت إلى حدوث خسائر بتلك الأموال، بسبب غياب الخبرة لدى القائمين على الاستثمار بالأوراق المالية بصندوقى التأمين، مما أدى إلى الاستعانة بشركات تكوين وإدارة محافظ الأوراق المالية للقيام بهذا الغرض، إلا أن ظروف السوق المتدهورة لم تساعد شركات إدارة المحافظ لتحقيق عوائد جيدة.
وبدأت وزارة المالية بالفعل فى إضافة جانب من أموال صناديق المعاشات بالموازنة العامة للحكومة العامة فى عامى 2000- 2001 و2001- 2003. وكان من أبرز الشركات التى تسببت فى خسائر أموال التأمينات أراضى كفر الزيات، وكيما للورق، والحديد الصلب، والأهلية للغزل، إضافة إلى أسهم شركات قطاع الأعمال العام التى تم خصخصتها مثل «التعمير والاستشارات الهندسية» و«الكابلات» و«مصر للألمنيوم».
من جانبهم، حذر العديد من الباحثين والخبراء الدولة من الاستثمار فى الدفع بأموال التأمينات فى البورصة، فبحسب الورقة البحثية التى قدمها الباحث الاقتصادى ممدوح والى، خلال مؤتمر التأمينات الاجتماعية بين الواقع والمأمول بعنوان «استثمار أموال التأمينات الاجتماعية.. بين الودائع الإلزامية والمساهمات الإجبارية»، أوضح أن انخفاض وزن عائد الفرصة البديلة الضائعة لاستثمار أموال التأمينات الاجتماعية فى البورصة لا يمثل ميزة لهذا الوعاء الاستثمارى عن بقية مجالات الاستثمار الأخرى، بل على العكس من ذلك تماما، حيث أدى الاستثمار فى الأوراق المالية إلى خسارة قدرها 21% من القيمة الإسمية للأوراق المالية عن مستوى المحفظة الكلية خلال الفترة (1998 حتى مارس 2001)، وتراوحت نسبة الخسارة بين 6%، و20% فى نهاية مارس 2001، وذلك على مستوى المحافظ الخمس التى تم تكوينها للاستثمار فى الأوراق المالية.
الباحث الاقتصادى أضاف أن قرار الاستثمار فى الأوراق المالية لم يكن بناء على دراسات علمية، ولم يكن توقيت اتخاذه مناسبا، فجاء القرار بهدف إنعاش البورصة التى كانت تعانى من ركود يعكس حالة الاقتصاد المصرى، ولذلك ابتلعت البورصة أموال التأمينات دون أن تؤدى الأموال إلى انتعاشها، ومن ثم تراجعت قيم الأوراق المالية دون أن تحقق انتعاشا حقيقيا.
مصير أموال 22 مليون مواطن
الدكتور أحمد سيد النجار، أوضح أن اللجنة أوصت بالتفاوض مع وزارة المالية على احتساب العائد على مديونية الأموال لدى وزارة المالية وبنك الاستثمار القومى على أساس المفاضلة بين سعر الفائدة بالسوق، وفقا للبنك المركزى، أو على أساس سعر الإقراض، مشيرا إلى أن هيئة التأمينات تسعى للوصول إلى سعر الإقراض، وذلك لصالح المؤمن عليهم أصحاب المعاشات، لافتا إلى أن اللجنة أوصت بقيام وزارة المالية بدفع مستحقات أصحاب المعاشات العسكريين إليهم مباشرة بعيدا عن الهيئة، إضافة إلى أنه تم اقتراح بشأن ضرورة عمل الدراسات الاكتوارية قبل تحمل صندوقى التأمين الاجتماعى للعاملين بالقطاع الخاص والقطاع الحكومى الزيادة السنوية لأصحاب المعاشات، للتأكد من وجود فائض لدى الصناديق.
تطورات ملف أموال التأمينات ينتظر نهايتها نحو 5 ملايين من أصحاب المعاشات، وأكثر من 17 مليونا من العاملين المؤمن عليهم، الذين سيخرجون عاجلا أو آجلا للمعاش.
أصول الدولة مقابل المديونية
فى ما يخص المديونية الجديدة التى ستنتج مستقبلا، نتيجة الأعباء المالية التى تتحملها الخزانة العامة من معاشات استثنائية والزيادات السنوية فى المعاشات وغيرها، اقترح المجلس أن يتم سدادها فى صورة سندات بمعدل عائد يتماشى مع عائد أذون الخزانة المصرية يُسدد شهريا. أما المقترح الثالث فيتمثل فى مبادلة جزء من المديونية بأصول مملوكة للدولة فى صورة استثمارات عقارية سكنية وإدارية وتجارية أو سياحية، تتميز بزيادة قيمتها السوقية على المدى الطويل وقدرتها على توليد إيرادات مناسبة، ويجب وضع معايير لاختيار الأصول العقارية التى يتم نقل ملكيتها من الدولة إلى الصندوقين.
كما اقترح المجلس أيضا مبادلة جزء من المديونية بأصول مملوكة للدولة فى صورة حصص شركات قابضة أو شركات مساهمة.
طبيعة أموال التأمينات الاجتماعية
أموال التأمينات الاجتماعية هى مال خاص وفقا للقانون رقم 79 لسنة 1975 (النظام العام للتأمينات الاجتماعية) هذا إلى جانب الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا التى أقرت أن «قضاء هذه المحكمة قد اطرد على أن الحماية التى أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان عليها، وفقا لنص المادة 34 منه، تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها، باعتبار أن المال هو حق ذو القيمة المالية سواء كان هذا الحق شخصيا أم عينيا»، كما أكدت «الدستورية العليا» أكثر من مرة فى الأحكام الصادرة عنها، أن أموال التأمينات هى أموال خاصة، ولا يجوز المساس بها وفقا للدستور المصرى.
كما أوضح وزير التضامن الأسبق ومحامى الدعوة أحمد البرعى، أن محاولة الدولة ضم أموال التأمينات إلى الخزانة العامة وفقا للقرار الوزارى، هو تعدٍّ صارخ عليها، ومحاولة الدولة تصوير الأمر على أنه قرض تم إبرامه بين وزير المالية هو محاولة غير موفقة، فالمقرض لا بد أن يتخذ قراره بمحض إرادته، فإذا كان المقرض شخصا معنويا، وجب أن يصدر القرار عن ممثله القانونى، والهيئة القومية للتأمين الاجتماعى غير مخولة لتصرف فى أموال التأمينات، بل هى تقوم فقط على إدارتها، لأن الأموال مملوكة فى الأصل للمؤمن عليهم.
البرعى شدد على أن هناك تقريرين، واحدا للبنك الدولى وآخر عن العمل الدولية، وكليهما أجمع على أمرين، الأول أنه لو كانت أموال التأمينات استثمرت بالشكل الصحيح لتم زيادة المعاشات على نحو يجارى الأسعار، والثانى أن القانون المعمول به رقم 79 لسنة 1975 هو فى ذاته قانون جيد، وأفضل إذا تم إدخال بعض التعديلات عليه، ومن بين تلك التعديلات حل مشكلة التهرب التأمينى التى تعد واحدة من أبرز المشكلات التى تواجه النظام التأمينى فى مصر.
التفاوض مع وزارة المالية لسداد 142 مليار جنيه
وزيرة التضامن الاجتماعى غادة والى أكدت، فى تصريحات خاصة ل«التحرير»، أن إجمالى أموال التأمينات بنهاية يونيو الماضى سجل 570 مليار جنيه مقابل 539.5 مليار جنيه فى 30-6-2013، أى بزيادة 30 مليار جنيه، مشيرة إلى أن هذه الزيادة ترجع إلى ارتفاع رصيد الاستثمارات المباشرة بنحو 8 مليارات جنيه، وبلغ رصيد مستحقات التأمينات لدى بنك الاستثمار القومى نحو 3 مليارات جنيه، بالإضافة إلى سداد وزارة المالية ل14.2 مليار جنيه قيمة الشريحة الثالثة من المديونية غير المثبتة، تنفيذا لاتفاق التسوية بين الوزارتين لهذه المديونية البالغة 142 مليار جنيه، حيث يقضى الاتفاق بسدادها على 10 سنوات تنتهى بحلول عام 2021.
وزيرة التضامن أضافت أنه جار حاليا التفاوض مع وزارة المالية لسداد المديونية المستحقة عن العام المالى 2013-2014، المقدرة بنحو 15.3 مليار جنيه، مشيرة إلى أن المفاوضات تشمل أيضا ملف أسعار الفائدة المسددة على أموال التأمينات لدى وزارة المالية، ممثلة فى الصكوك والسندات التى أصدرتها لصالح صندوقى التأمينات الاجتماعية.
حكومة نظيف تتلاعب
بعد تراكم الأموال لصالح التأمينات الاجتماعية دون أن تحصل على فوائد ملموسة يشعر بها أصحاب المصلحة المباشرة «أصحاب المعاشات»، صدر قرار وزير المالية رقم 272 لسنة 2006 بشأن ضم أموال التأمينات الاجتماعية إلى الخزانة العامة للدولة، وتم الطعن على هذا القرار وأصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمها الصادر فى 15-2-2010 بإحالة القرار إلى المحكمة الدستورية العليا، لما به من شبهة عدم الدستورية، وانتهى الأمر بصدور قانون التأمينات الاجتماعية رقم 135 لسنة 2010 الذى قصد به تحويل نظام التأمينات الاجتماعية إلى نظام ادخارى فردى يشبه إلى حد كبير نظم التأمين الخاص، كما قصد منه كذلك إخفاء عملية الاستيلاء على أموال التأمينات الاجتماعية، وهو القانون الذى ألغاه رئيس الجمهورية المؤقت عدلى منصور بتوصية من وزير التضامن الاجتماعى السابق أحمد البرعى، تحقيقا لرغبة أصحاب المعاشات.
قناة السويس الجديدة.. الأمل
«التحرير» حصلت على نص الخطة التى بحثها مجلس الوزراء واللجنة المشكلة للاسترداد أموال التأمينات واستثمارها، والتى تضمنت الأمان والربحية، وفى هذا الإطار عرض مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى مقترحاته من أجل تحقيق سداد مديونية الدولة لصناديق التأمين الاجتماعى، والتى انقسمت ما بين سندات المديونية المثبتة التى بلغت 235.7 مليار جنيه فى 30-6-2013 التى تمتاز بأنها جزء من المحفظة الاستثمارية عديمة المخاطر، وتدر عائدا سنويا مضمونا يتراوح بين 8% و9% بقيمة تصل إلى 17.7 مليار جنيه شهريا، ويستخدم هذا العائد فى تمويل المعاشات الشهرية.
مجلس إدارة الهيئة تقدم إلى اللجنة المشكلة من التضامن وممثلى أصحاب المعاشات بأربعة مقترحات حول الاستفادة منها: المقترح الأول: هو الإبقاء على هذه السندات فى صورتها الحالية ذات العائد الشهرى، على أن يتم الاتفاق مع وزارة المالية برفع العائد الإجمالى لهذه السندات من 8%.
المقترح الثانى: يعتمد على خطة طويلة الأمد تتراوح من 15 إلى 20 سنة، تعتمد بالأساس على تعافى المنتظر للاقتصادى المصرى فى المستقبل وجذب الاستثمارات اللازمة لتنفيذ المشروعات القومية الكبرى فى إقليم محور قناة السويس، والتى سوف تجعل الدولة قادرة على توريد إيرادات حقيقية طبقا للسيولة المتوافرة لوزارة المالية.. المقترح الثالث: يتمثل فى مبادلة جزء من هذه السندات بأصول مملوكة للدولة.
المقترح الرابع: يتمثل فى دمج المقترحات الثلاثة السابقة، بسبب ضخامة حجم المديونية.
الببلاوى: تفاقم الدين العام بسبب المعاملات المالية بين الحكومة والهيئات العامة
وبعد عقود من الحراك التى شاهدتها أروقة المحاكم بين الدولة وأصحاب المعاشات، استطاع وزير التضامن الاجتماعى الأسبق أحمد البرعى، والوصول إلى اتفاقية تضمن تحديد أموال التأمينات وكيفية استردادها، والتى بلغت لدى وزارة المالية -حسب الاتفاقية الموقعة بينها وبين التضامن الاجتماعى- نحو 397.7 مليار جنيه، إضافة إلى الفوائد التى سيتم تحديها خلال الفترة المقبلة، كذلك وجود مبلغ يتراوح من 83 إلى 86 مليار جنيه لدى بنك الاستثمار القومى.
الاتفاقية تضمنت أنه بمجرد استرداد أموال التأمينات سيتم استثمارها بشكل آمن، وبموافقة الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعى التى تضم بين أعضائها ممثلى أصحاب المعاشات وكذلك العمال. من جانبه، أعلن الدكتور أحمد سيد النجار، رئيس لجنة استرداد أموال التأمينات من وزارة المالية الأسبق، أن قيمة أصول أموال التأمينات تبلغ 539.5 مليار جنيه، منها 235.5 مليار جنيه قيمة صكوك مستحقة لدى الخزانة العامة، و162 مليار جنيه مديونية لدى وزارة المالية، و73.4 مليار جنيه استثمارات مباشرة لدى هيئة التأمينات، و68.8 مليار جنيه مديونية لدى بنك الاستثمار القومى.
مستقبل أموال المعاشات المستردة من «المالية» متوقف على خبرات فى مجال الاستثمار
«هيئة التأمينات لا تمتلك خبرة الاستثمار»، هذا ما أكدته ليلى الوزيرى، رئيس هيئة التأمينات والمعاشات الأسبق، موضحة أن مستقبل أموال المعاشات المستردة من قبل وزارة المالية متوقف على إضافة خبرات عملية فى مجال الاستثمار للهيئة التى تعانى من غياب تلك الخبرة منذ ستينيات القرن الماضى، حينما قرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إنشاء صندوق يضم فيه مدخرات عديد من الهيئات لدعم تنفيذ خطته فى التنمية.
الوزيرى أضافت، ل«التحرير»، أن اعتراف الدولة بالقيمة المستحقة لأصحاب المعاشات هو خطوة جيدة رغم صعوبة استردادها فى ظل ظروف عجز الموازنة العامة، منتقدة تصريحات وزيرة التضامن الاجتماعى، غادة والى، والمتعلقة بمسؤولية وزارة الاستثمار لتحديد أطر استثمار أموال المعاشات، مشددة على أن الدستور المصرى الجديد أقر بشكل قاطع استقلالية هيئة التأمينات والمعاشات وأموالها عن أى جهة إدارية للدولة.
ومن جانبه، قال سعيد الصباغ، أمين عام نقابة المعاشات وعضو لجنة استرداد الأموال السابق، إن زيادة أموال المعاشات أمر طبيعى وفق الاتفاق المبرم مع وزارة المالية، نتيجة إضافة نسبة الأرباح، مشددا على ضرورة وضع أطر استثمارية واضحة لاستثمار أموال أصحاب المعاشات، بما يضمن الحفاظ عليها وتطويرها، على أن تلتزم الدول بتقديم جزء من مديونيتها لأصحاب المعاشات فى صور عينية كشركات أو أصول ثابتة تضمن أموال المعاشات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.