كتب: محمد الخولي انتهت لقاءات الحكومة مع الأحزاب إلى لا شىء، هذه حقيقة لا بد من الاعتراف بها قبل أى شىء آخر، لقاء بلا أجندة ولا رؤية ولا هدف، يُجتمع بأشخاص لا يمثلون فى الحقيقة أى شىء، حكومة منغلقة تصر على أخطائها ولا تسعى لحلها، وأحزاب لا تعبر عن الجماهير، ولا تملك رؤية حقيقية لا لمشكلاتها ولا للمشكلات التى تعانى منها البلاد. بهذه الخلفية جلس طرفا المعادلة، الحكومة والأحزاب، وبالتالى كانت النتيجة: «لا نتيجة». نتيجة حوار الحكومة.. صفر وبوجود تلك الحكومة مع هذه الأحزاب يتضح أن المستقبل البرلمانى سيكون سيّئًا، فلا الحكومة قادرة على صياغة قوانين الانتخابات، ولا الأحزاب جاهزة للبرلمان المقبل. الحكومة فشلت فى إعداد قوانين الانتخابات «تقسيم الدوائر- مجلس النواب– مباشرة الحقوق السياسية»، وقضت المحكمة الدستورية العليا ببطلان قانون تقسيم الدوائر، ومجلس النواب، وتم تعطيل الانتخابات لحين إدخال تعديلات على القوانين وتوافقها مع الدستور، إلا أن الحكومة كلَّفت تعديل هذه القوانين إلى نفس اللجنة التى أعدَّت القوانين المحكومة بعدم دستوريّتها، وهو ما يعد إعادة للفشل، وكأن اختيار لجنة جديدة لتعديل القوانين التى حكم بعدم دستوريتها أمر صعب، فتم تكليف نفس اللجنة التى أعدَّت قوانين بها عوار دستورى، وهو ما ينذر بإعادة صياغة قوانين يحكم بعدم دستوريتها مرة أخرى. لكن حتى إن أعدّت الحكومة قانونًا جيدًا تجرى على أساسه الانتخابات المقبلة، وتمت الانتخابات، فهل لدينا أحزاب مستعدة بحق لهذه الانتخابات؟ أيضًا ماذا لو فازت الأحزاب؟ ما رؤيتها لتشكيل الحكومة؟ ومَن هو الشخص الذى جهَّزته الأحزاب أو حتى التحالفات ليتولَّى منصب وزير أو مسؤول فى الحكومة التى من المفترض أن تشكلها الأحزاب التى ستفوز بالأغلبية فى البرلمان المقبل؟ حتى التحالفات التى تم الإعلان عن تشكيلها لخوض البرلمان، لم يؤكد المشاركون فيها أن هذه التحالفات ستستمر فى البرلمان المقبل، أم سينتهى دورها بعد انتهاء الانتخابات؟ فحسب المادة 146 من الدستور، يكلّف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يومًا على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يومًا، عُدّ المجلس منحلاًّ ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يومًا من تاريخ صدور قرار الحل. وفى جميع الأحوال يجب أن لا يزيد مجموع مدد الاختيار المنصوص عليها فى هذه المادة على ستين يومًا. وفى حالة حل مجلس النواب يعرض رئيس مجلس الوزراء تشكيل حكومته وبرنامجها على مجلس النواب الجديد فى أول اجتماع له. وفى حال اختيار الحكومة من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، يكون لرئيس الجمهورية، بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء، اختيار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل. وبذلك سيكون فعليًّا على البرلمان المقبل تشكيل الحكومة، وهو ما يستوجب أولاً الاتفاق على شخص ما، أو مجموعة من الأشخاص، يتم الاختيار بينهم لتولّى هذا المنصب، ثانيًا وضع تصوُّر ولو مبدئى للأزمات المزمنة، وطرح مجموعة من الحلول لها، حتى لا يتم تكرار نفس الأزمات التى وقعت فيها الحكومات السابقة. الخطوة التالية للبرلمان الأحزاب لم تراجع قوانين منصور والسيسى رغم أنها مكلَّفة بذلك خلال 15 يومًا من بداية البرلمان هذه الحكومة التى ستُشكل بعد موافقة البرلمان أو التى سيشكّلها البرلمان مباشرة، سيكون من حقّها وفقًا للمادة 150 من الدستور، التى تنص على أن «يضع رئيس الجمهورية، بالاشتراك مع مجلس الوزراء، السياسة العامة للدولة، ويشرفان على تنفيذها، على النحو المبين فى الدستور. ولرئيس الجمهورية أن يلقى بيانًا حول السياسة العامة للدولة أمام مجلس النواب عند افتتاح دور انعقاده العادى السنوى. ويجوز له إلقاء بيانات، أو توجيه رسائل أخرى إلى المجلس». وهى المادة التى تجعل الحكومة ليست مجرد سكرتارية للرئيس كما كانت دائمًا بل مشارك حقيقى، وفقًا للدستور فى الحكم وإدارة البلاد. فوفقًا للدستور لا يستطيع رئيس الجمهورية إجراء تعديل وزارى إلا بعد التشاور مع رئيس الوزراء وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين، وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس. ورغم كل ما ذكرناه من أهمية للبرلمان المقبل، ومهام الحكومة الجديدة بعد تشكيله، لم تفكّر الأحزاب فى الخطوة التالية للانتخاب، وحتى الحديث عن أنها تؤجّل ذلك إلى بعد انتهاء الانتخابات، فهو أمر يدعو للسخرية، خصوصًا أن تلك الأحزاب ظلّت لفترة قاربت من العام تتناقش وتتشاجر حول تشكيل التحالفات، وأى حزب يدخل فى أى تحالف، وبالقياس على تلك الحالة، فإن الأحزاب التى ستفوز فى البرلمان ستبقى حتى ينتهى الفصل التشريعى الأول تتشاجر حول الشخصية التى ستتولَّى منصب رئيس الوزراء. الأحزاب غير مستعدة لأى شىء الفشل المتوقع من الأحزاب فى تشكيل الحكومة المقبلة، ينسحب أيضًا على أداء الأحزاب فى المجلس المقبل، فلا يبدو حتى الآن الأحزاب استعدّت بحق لهذه الدورة البرلمانية المهمة فى التاريخ الحديث. فما قائمة مشروعات القوانين التى أعدّها كل حزب، ليبدأ بها عمله بالمجلس الجديد؟ خصوصًا أن المجلس الجديد ستكون من أولى مهامه مراجعة القوانين التى أصدرها الرئيسان عدلى منصور وعبد الفتاح السيسى، وهى كثيرة حتى الآن، ومن المفترض أن ينتهى من مراجعتها وإقراراها خلال 15 يومًا فقط، ولا يوجد حزب أو تحالف أعدّ قائمة بتلك القوانين، وبدأ فى مراجعتها، وإعداد رأى دستورى وقانونى حولها، ليقدّمها وتكون جاهزة مع بداية عمل المجلس. المادة 122 من الدستور تقر بأن «لرئيس الجمهورية، ولمجلس الوزراء، ولكل عضو فى مجلس النواب، اقتراح القوانين»، ورغم ذلك لم يهتم أحد فى الأحزاب بأن يدرس ما القوانين التى يتطلّبها الوضع الحالى، وما القوانين التى تحتاج إلى تعديلات لتتماشى مع الدستور الجديد.