صراعات وأزمات وتعثرات صاحبت الأحزاب السياسية المصرية، في مرحلة ما بعد ثورة يناير 2011، على عكس ما كان متوقعًا بازدهار حركة الأحزاب، وبناء قواعد حقيقية لها، وانعكس ذلك في عدم إقبال مشاركة المواطنين في تلك الأحزاب. ورصد "ويكيليكس البرلمان" أهم الأخطاء التي وقعت فيها الأحزاب، بعد ثورة 25 يناير، واستطلعت آراء متخصصين في الشأن السياسي والحزبي، من أجل الوقوف على أسباب هشاشة الحياة الحزبية بعد أكثر من 4 سنوات من الثورة. تعددية شكلية التعددية الحزبية هى أحد الأوجه التي تدل على سلامة البنية السياسية في أغلب الأحيان، لكن في النموذج المصري تحولت الأحزاب إلى ظاهرة "التحزب"، فأصبح كل اتجاه سياسي معين، يعبر عنه ما يقرب من 5 أو 6 أحزاب مختلفة، وأصبح عدد الأحزاب التي وصلت إلى 100 حزب لا يعبر إلا عن نصف مليون مواطن وهم عدد المؤسسين من أصل 90 مليون مواطن مصري، وهذا يوضح فشل تلك الأحزاب في تشكيل تحالفات انتخابية متماسكة أو متحدة في الأفكار والتوجهات. ممارسات قديمة فشلت الأحزاب السياسية في بناء إستراتيجية جديدة في التعامل مع الوضع السياسي بعد ثورة 25 يناير، واستمر الحال بعد ثورة 30 يونيو. وبرزت العديد من الممارسات التي كانت تنفذها الأحزاب قبل عام 2011، والتي كانت متمثلة في عقد الصفقات السياسية، مع السلطة، واستخدام المال السياسي، وترويج الشائعات، والاعتماد على ترويج الأشخاص إعلاميًا وليس أفكار الحزب. الشخصنة فيروس الشخصنة من أهم الأخطاء التي تقع فيها الأحزاب سواء قبل أو بعد ثورة 25 يناير، ويصبح ارتباط وجود الحزب واستمراره مرتبط بشخص مؤسسه. وتتمثل خطورة هذه السمة بارتباط العضو أو المؤيد إلى شخص رئيس الحزب ومؤسسه، وليس أكثر من ارتباطه بأهداف الحزب وبرامجه. عدم وضوح الهدف كثيرًا ما يختلط على الأحزاب المصرية الفرق بين الهدف والوسيلة، وهنا نجد الخطأ الذي وقعت فيه جميع الأحزاب وهى اقتصار هدفها على الوصول للسلطة، وفي الحقيقة أن الهدف الحقيقي لأى حزب هو تطبيق برنامجه ومشروعه السياسي، عن طريق عدة وسائل أهمها الوصول الي السلطة. رد الفعل اعتمدت الأحزاب بعد ثورة يناير، على اتباع سياسة "رد الفعل" وليس العكس، وهو ما أخرجها من دور "الفاعل" في الحياة السياسية، بداية من اعتراضها المتكرر على قوانين الانتخابات إبان فترة حكم المجلس العسكري دون تقديم بديل حقيقي، مرورًا بالحشد للموافقة على دستور 2012 من قبل الأحزاب الإسلامية، و2014 من قبل الأحزاب المدنية، والتي اتضح بعد ذلك عوار بعض مواد هذه الدساتير، حتى وصل الأمر في الوقت الحالي لاقتصار "رد الفعل" على بعض البيانات الصادرة من الأحزاب، والتي في أغلبها تكون بيانات إشادة أو إدانة، دون تقديم موقف واضح أو مبادرة حقيقية. إرضاء السلطة لم تستطع الأحزاب السياسية، إقناع المواطنين بأنها تعمل لمصلحتهم بل اقتصر دورها على محاولة إرضاء السلطة في المقام الأول. وهناك العديد من النماذج خلال الفترة الاخيرة منها رفض حزب الحرية والعدالة تولي رئيس مجلس الشعب السلطة، وتركها للمجلس العسكري، ويأتى النموذج الثاني في موافقة الأحزاب بتركيبتها المختلفة على دعم الموافقة على دساتير ما بعد ثورة 25 يناير، والتي أثبت الوقت وجود "عوار" بها، ويتمثل النموذج الثالث في تصريحات قادة الأحزاب عن نيتها الموافقة دون مناقشة لقوانين انتخابات مجلس النواب القادم. غياب الرؤية باتت رؤية الأحزاب للوضع السياسي "شبه معدومة" على مستوى الأحداث العامة، والسياسات الخاصة بالحزب نفسه والتي ينبغي أن يطبقها، وباتت برامج الأحزاب متشابهة، وأهدافها متداخلة إلى حد كبير.