فى الفترة الأخيرة تشهد الساحة السياسية ما يمكن أن تصفه بالبجاحة من بعض الشخصيات التى أفسدت البلاد سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، وكان لها دور مؤثّر فى الحياة خلال نظام مبارك، وتريد الآن أن تقفز من جديد على النظام الجديد الذى يتشكَّل. .. وكأن هناك اتفاقًا بين رموز نظام مبارك لاستعادة مكانتهم من جديد. .. فسعوا إلى الوجود على الساحة بأى شكل وبأى طريقة.. وبأى ثمن. .. فقد دفعوا أموالًا كثيرة من التى نهبوها من الشعب، ليس لتحسين صورتهم والدفاع عن أنفسهم، بل لتشويه الآخرين والرموز الثورية. .. بذلوا أقصى ما يملكون لتشويه ثورة يناير التى خرج الشعب فيها ضدهم بعد أن نشروا الفساد فى كل مكان. .. ودفعوا للتخلُّص من رموز تلك الثورة. .. واشتروا الأنفس المريضة، لتبرر لهم أفعالهم. .. وسعوا إلى التحالف مع أى بشر من أجل الوجود واستعادة النفوذ والمحافظة على أموالهم التى نهبوها. .. واستطاعوا -بما يملكون- الحصول على أحكام بالبراءة، أو تسوية القضايا لتبييض وجوههم وتشويه الشعب وقواه السياسية. .. لقد نجحوا فى النفوذ إلى عدد من مؤسسات الدولة من خلال رجالهم و«السيستم» الذى بنوه لتكون لهم السيطرة. وبعد ذلك لا تجد غرابة فى أن يصر شخص كأحمد عز على أن يطرح نفسه من جديد ويصر على ترشيح نفسه للبرلمان، واستطاع بكل ما يملك من أموال ورجال أن يجنّدهم لصالحه، وطبعًا بأمواله التى استطاع أن يفلت بها بفساده خلال وجوده على رأس مؤسسة سياسية حاكمة فى عهد مبارك، وهى الحزب الوطنى الفاسد، وقربه من نجل الرئيس الذى كان موعودًا بوراثة الحكم. .. ويشجِّع عز -رغم أنه ما زال يحاكم على فساده ونهبه أموال البلاد- غيره من أعضاء الحزب الوطنى على العودة بقوة مرة أخرى وغسيل سمعتهم السيئة بالترشُّح أيضًا للبرلمان. .. بل وصلت به البجاحة لأن يدَّعى ويقول بفمّه المليان إنه ابن النظام -يقصد النظام الذى يتشكَّل الآن بعد ثورة 30 يونيو- رغم أنه كان من قيادات نظام مبارك المؤثّرين. .. ولم يختشِ عز من أن مبارك هو الذى قدّمه قربانًا وطلب القبض عليه فى الأيام الأولى لثورة 25 يناير.. فيأتى الآن ليكون المقدمة لاستعادة نظام مبارك ورجاله. .. ويأتى من بعده زكريا عزمى، رئيس ديوان حسنى مبارك، ومهندس عمليات النهب والفساد، رغم أنه كان يدّعى فى البرلمان أن الفساد للركب، فإذا به يغوص فى الفساد، ويطالب الرجل فى قضية أقامها أمام مجلس الدولة بحقّه فى بدل أيام إجازاته التى لم يحصل عليها خلال وظيفته كرئيس ديوان، رغم أنه كان يفعل ما يريد ويحصل على ما يريد وزيادة.. ووصل الأمر لأن يُعدّل مبارك القوانين لصالحه! ثم بعد ذلك يأتى جمال وعلاء ليظهرا من ميدان التحرير الذى ثارت الجماهير فيه على عائلتهما التى أرادت أن تكون مصر عزبة عائلة مبارك.. حتى إن كان ذلك فى عزاء. لقد كان الحرص على الحضور والمشاركة والظهور.. وكأن شيئًا لم يحدث، وكأنهما «ما زالا» أصحاب النفوذ. إنها البجاحة التى تعوَّدوا عليها.