حاول يسرى فودة فى كتابه الجديد «فى طريق الأذى»، الصادر عن دار الشروق فى يناير 2015، والذى طبعت منه الدار 3 طبعات فى شهرين، أن يجيب عن بعض الأسئلة الشائكة المثارة حول فترة عمله فى قناة «الجزيرة»، ولكنه عوضا عن الإجابة أوقع نفسه فى سلسلة من الأسئلة الجديدة، التى تراكمت عن فترة عمله فى هذه المحطة. يسرى فودة شاب مهذب هادئ ومهنى، متمكن من أدواته، يملك الدراسة والخبرة الإعلامية، علاوة على أنه قدم سلسلة متميزة من التحقيقات التليفزيونية المحترفة، والمنحازة أيضا، فى قناة «الجزيرة» قبل أن ينتقل إلى قناة «أون تى فى» ويقدم برنامجا يوميا كان من أشهر البرامج الحوارية المسائية فى مصر. فى هذا الكتاب يعود يسرى فودة إلى شخصيته الحقيقية التى ظهرت فى قناة «الجزيرة»، والتى اختفت تحت طبقة مساحيق صناعية، وضعها على وجهه لتناسب برنامجه الجديد فى مصر، فى قناة يملكها قبطى تختلف توجهاته 180 درجة عن توجهات قناة «الجزيرة» وأصحابها. كتاب يسرى فودة عبارة عن جزأين، الأول يحكى فيه عن ملابسات لقائه مع رمزى بن الشيبة، منسق الهجوم على برجى مركز التجارة العالمى فى 11 سبتمبر 2001، ومع خالد شيخ محمد رئيس اللجنة العسكرية لتنظيم القاعدة، حيث التقاهما كما جاء فى الكتاب فى كراتشى فى أبريل 2002، بناء على دعوة منهما، أما الجزء الثانى من الكتاب فهو يتناول فيه محاولته للتسلل إلى العراق عبر الأراضى السورية، لكى يصور رحلة الإرهابيين إلى العراق، الذين يسميهم جهاديين، مع ما تحمل تلك الكلمة من إيجابيات فى الوجدان العربى المسلم. من أول صفحة فى الكتاب إلى آخر جملة فيه تتماهى لغة يسرى فودة إلى حد التطابق مع لغة الإرهابيين الإسلاميين الخطرين جدا، حتى إنك فى بعض الجمل لا تعرف من يتكلم يسرى فودة أم أحد الإرهابيين، وتصدم عندما تعرف أن المتحدث يسرى فودة، كما جاء فى صفحة «69»: «قبل وصولى إلى تلك اللحظة، لم أكن أشك فى أن لرمزى بن الشيبة دورا حيويا فى تطور خلية هامبورج إلى أن أصبحت الخلية المحورية لعملية الثلاثاء المبارك»!!!، والثلاثاء المبارك هو يوم تفجير البرجين فى 11 سبتمبر 2001، إلى هذا الحد تماهت لغته مع لغة المجرمين. فى صفحة «48» يصف يسرى فودة الإرهابى الخطير رمزى بن الشيبة قائلًا: «هادئا وديعا، مستريح القسمات، رد رمزى بابتسامة متواضعة مرحبة»!!! فى ص «52» يصف رمزى بن الشيبة وهو يصلى: «انعقد لسانه أكثر من مرة وهو يتلو علينا آيات القرآن بصوت جميل. ارتفع وانخفض وتهدج وبكى فى نبرات مهيبة عندما وصل إلى هذه الآية: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة». فى صفحة «79» يعود ويصفه بالهادئ الوديع!!! (لا أعرف ولا أفهم عن أى وداعة يتحدث؟). وفى صفحة «80» يستمر فى وصفه: «استمر رمزى فى لغة سلسة وصوت جميل وأداء أخاذ». وفى صفحة «82» يصف مشهد وداعه رمزى بن الشيبة كالآتى: «احتضننى رمزى كأنه يحتضن أخا يعرفه منذ وعت عيناه على الدنيا، بينما صافحنى أبو أنس بحرارة نادرة». فى صفحة «118» يتأسى يسرى فودة على أن رمزى بن الشيبة قبض عليه، ولم يشاهد برنامجه: «كنت أتمنى أن أتعرف على رأيه فى هذا الفيلم التسجيلى الذى يعود إليه هو نفسه الفضل فى اقتراح فكرته». فى صفحة «150» يصف فودة المهربين الذين يقومون بنقل الإرهابيين المتسللين من سوريا إلى العراق بقوله: «إنهم لا يقدرون ولا حتى يدركون معنى ما يقومون به من نشاط عبر الحدود، فهم بمثابة الجسر إلى الفرصة، وهو جسر فى هذه الحالة لا يقدر بثمن تماما كحال المسلم، الذى لا يستطيع لأى سبب من الأسباب أن يشارك فى الجهاد بشكل مباشر، فيقوم بدلا من ذلك بمساعدة من يستطيع. ألم يقل الرسول (صلى الله عليه وسلم): من جهز غازيا فقد غزا»!!! (يا له من تحريض سافر على الإرهاب)... وللبريد بقية.