لقد حسمنا أمرنا، ونستعد للزحف البرى غزوا للأراضى اليمنية، ستتحرك قواتنا على الأرض وتضرب طائرات السعودية جوا لتفسح الطريق، هكذا فعلت فرنسا فى ليبيا لتفتح الطريق لقوات الثوار وغيرهم للتحرك من بنى غازى صوب طرابلس، وإسقاط القذافى الذى أضرت ممارساته فى إفريقيا بمصالح فرنسا الاستعمارية، وبغض النظر عن كون القذافى حاكما مستبدا أم لا، فلا يشغل فرنسا إلا مصالحها والموارد الإفريقية. ما علينا، نحن نحمى الرئيس الشرعى، و«شرعى» فى أطروحاتنا المختلفة لا تعنى سوى مجيئه عن طريق الصندوق، ولا يهم ممارسات التزوير والترهيب أو الترغيب المدفوع الثمن فى العملية الانتخابية فى بلادنا العربية. ونسى أننا أسقطنا رئيسا لا يزال يدّعى أنصاره أنه الشرعى وفقا للصندوق، لكن حجتنا فى مصر أننا قد انطلقنا فى ثورة لا قبلها ولا بعدها، لإسقاط شرعيته. فهل هذا ما حدث فى اليمن؟ من حمى على عبد الله؟ السعودية. من جاء بالرئيس هادى وفق اتفاقات حتى مع عبد الله صالح؟ السعودية. لماذا تحرك الحوثيون وحلفاؤهم ضد النفوذ السعودى؟ ما موقف الشعب اليمنى من البداية إلى الآن؟ عارض اليمنيون التدخل السعودى فى شؤونهم السياسية، فهل يؤيدون اليوم التدخل العسكرى؟! وهل نتوقع أن تُستقبَل قواتنا بالورود كما توقع الأمريكان فى العراق؟ أم تقع قواتنا فى كماشة قوى إرهابية متناقضة، لا تتفق إلا على معاداتنا؟ إننا بصدد مواجهة كل أعدائنا هناك، القاعدة والحوثيين، بقوات متمركزة فى مدن اليمن، وسوف يقبل المتطوعون بدعم إيرانى من لبنانوسوريا وكل بلدن العالم ضد التدخل السعودى، تماما مثلما دعمت السعودية المتطوعين فى سوريا حتى باتت خرابا. ما موقف أمريكا من كل ذلك؟ لم تعد أمريكا اليوم حليفا للسعودية فقط، بل دخلت إيران فى دائرة حلفائها. ماذا لو قامت بدعم المتناحرين جميعا بما يذكى الصراع فى اليمن، وكما تفعل فى ليبيا وتدعم القوات بعضها ضد بعض. ماذا لو أشعلوا الصراع فى ليبيا أكثر، وهُددت حدودنا وأراضينا ومواطنونا، مما يضطرنا إلى التدخل بصورة أكبر فى ليبيا؟ الوضع قابل للاشتعال، اليمن وليبيا أراض متخمة بجماعات إرهابية، تتفق على العداء للجيش المصرى، فهل يسعى البعض لتحويلهم إلى مستنقع لتصيد قواتنا، لا قدر الله؟ تخلت مصر عن مبدئها بعدم التدخل العسكرى فى شؤون الغير، بل التدخل لحماية الدول العربية من أى غزو، أم نزعم بأن تدخلنا مدعوم من الشعب اليمنى؟ هل سألنا الأحزاب والقوى المدنية والقبلية فى اليمن ما موقفهم من تدخلنا ودعمنا السعودية؟ اليوم، تتحرك فئات فى الجنوب اليمنى تجدد مطالبها بالانفصال، يحملون صور الرئيس السيسى فى مسيراتهم، ويعتبرون أن الحرب فى الشمال إنما تعزز وتسهل الانفصال، فما موقف مصر من الانفصال؟ كيف ندعم كل ذلك دون إجراء استفتاءات نزيهة، يسقط هادى أم يستمر، ينفصل الجنوب أم لا؟ أين إرادة الشعب اليمنى، أم بتنا ندعى تمثيلها المطلق؟! ترى لو بدَل كل ذلك وتحت مظلة الجامعة العربية حاصرت قوات عربية مشتركة الحدود البحرية والبرية اليمنية، وحمينا «باب المندب»، وضغطنا على الحوثيين للتخلى عن السلطة، والسعى لإشراف جامعة الدول العربية على إجراء استفتاء شعبى حر، وإتاحة الفرصة لليمنيين لتحديد مصيرهم، ألن يكون ذلك أجدى وأكثر أخلاقية؟ هدف حماية اليمنيين وحقوقهم وأرضهم وسيادتهم يعزز الدور السياسى للجامعة العربية، ويؤسس للحل السياسى التفاوضى كمبدأ لحل الخلافات، بما يحمى الشعوب العربية، أم باتت الجامعة الغطاء لضرب الدول العربية من سوريا إلى اليمن؟ هل نحارب الإرهاب أم نذكى وجوده ونعزز قوته وقدرته، ونضع أنفسنا هدفا مباشرا له؟