يُعتبر 1907 عام نشأة الأحزاب السياسية في مصر، حيث شهد ذلك العام موجة من موجات تأسيس الأحزاب فى مصر جعلته يحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الأحزاب التي تأسست فيه، ولم يتراجع عام 1907 عن المرتبة الأولى إلا بعد ثورة 25 يناير 2011 التي أعقبها تأسيس عدد من الأحزاب غير مسبوق فى التاريخ المصرى. ونشأ حزب "الأمة" وقتها بقيادة أحمد لطفي السيد، وكان يمثل طبقة كبار الملاك، و"الحزب الوطني" بقيادة مصطفي كامل، وهما أكبر حزبين من حيث الشعبية حينها. ثم ظهر حزب "الإصلاح علي المبادئ الدستورية" ومؤسسه الشيخ علي يوسف، والحزب "الوطني الحر" المعروف ب"الأحرار" بقيادة محمد بك وحيد، وكان مواليًا للإنجليز، والحزب "الدستوري" بقيادة إدريس بك راغب، وحزب "النبلاء" بقيادة حسن حلمي زاده، والحزب "المصري" بقيادة لويس أخنوخ، والحزب "الجمهوري" بقيادة محمد غانم. وشكلت هذه الأحزاب، تيارات سياسية تعبر عن نفسها من خلال الصحافة والصحف، ثم تحولت إلى أحزاب سياسية في التجربة التعددية الأولي. «الجريدة» انطلق منها "الأمة" أسس مجموعة من كبار ملاك الأراضى الزراعية وكبار رجال العائلات وبعض رجال السياسة والقانون والصحافة، حزب الأمة في 21 سبتمبر سنة 1907. وكان من أبرز قادته ومفكريه أحمد لطفى السيد صاحب جريدة "الجريدة"، كما شارك في تأسيسه محمود باشا سليمان، وعلي شعراوي، وعبد العزيز فهمى، وحمد الباسل، وحسن صبرى، ومحمود عبد الغفار، وأحمد فتحى زغلول. وأعلن حسن باشا عبد الرازق، تأسيس الحزب فى اجتماع الجمعية العمومية لشركة الجريدة. وتبنى الحزب الفكر الليبرالى، ورأى أن الارتقاء بالتعليم وبناء ديمقراطية على أساس من النظام الدستورى الطريق الوحيد لتحقيق رقى مصر واستقلالها. «المؤيد» انطلق منها "الإصلاح علي المبادئ الدستورية" و"الوطني" أسس الشيخ على يوسف صاحب جريدة «المؤيد»، حزب الإصلاح على المبادئ الدستورية فى 9 ديسمبر من نفس العام، وكان حزبًا مواليًا للخديوي عباس حلمى الثانى ومؤيدًا له، وانتهى الحزب بوفاة مؤسسه سنة 1913. وشهدت «المؤيد» تأسيس الصحفى حافظ أفندى عوض لحزب سياسى1907 حمل اسم الحزب "الوطنى"، ونشر برنامجه فيها، وعمل فيها لمدة عشر سنوات، وكان برنامجه يتحدث عن التعاون مع سلطات الاحتلال، وقال فيه: إننا رجال الحزب الوطنى نعتقد أن مصالح مصر وإنجلترا واحدة. ويبدو أن "الوطني" كان حزبًا على الورق فقط، وانضم فى يناير عام 1908 بعد تأسيس مصطفى كامل للحزب الوطنى الحقيقى إلى حزب الإصلاح على المبادئ الدستورية. «اللواء» انطلق منها "الوطني" أعلن مصطفى كامل صاحب جريدة «اللواء» تأسيس الحزب "الوطني" فى 27 ديسمبر سنة 1907، واعتبر "الوطني" قضية الاستقلال الوطنى همه الأول وإن كان قد تبنى أيضًا الدعوة إلى الدستور. وتطورت مواقف الحزب بعد وفاة مصطفى كامل فى 10 فبراير سنة 1908، فاكتسبت أبعاد اجتماعية فى ظل زعامة محمد فريد فبدأ يهتم بالنقابات العمالية والتعاونيات ومدارس الشعب وغيرها من المشروعات. واضطر فريد لمغادرة البلاد إلى منفاه الاختيارى بين تركيا وسويسرا وألمانيا، لكنه ظل زعيمًا للحزب حتى وفاته فى نوفمبر سنة 1919. «المقطم» انطلق منها "الوطني الحر" سبق الإعلان عن تأسيس الأحزاب الرئيسية الثلاثة سالفة الذكر، تكوين الحزب "الوطنى الحر" فى 26 يوليو من عام 1907، على يد محمد وحيد الأيوبى، الموالي للاحتلال البريطانى. واختار الأيوبي جريدة «المقطم» التى كانت لسان حال سلطات الاحتلال فى مصر، ليُعلن من خلالها برنامجه، وعلقت صحيفة الديلى تلجراف اللندنية على قيام الحزب بقولها: «إن هذا الحزب الحر قد قام لمناهضة مصطفى كامل فى حملته ونمائمه، ولدفع الضرر الذى لحق من تلك الحملة بمصالح مصر وبمبدأ الحرية»، فى إشارة إلى حملة مصطفى كامل فى الداخل والخارج ضد سياسة الاحتلال، خاصة بعد حادثة دنشواى التى وقعت فى صيف 1906. وتغير اسم الحزب فيما بعد إلى "الأحرار" بعد أن أصدر جريدة تحمل هذا الاسم فى عام 1908، وانتهى هذا الحزب فى أغسطس عام 1910 بعد أن أدين مؤسسه فى قضية تبديد أموال وحُكم عليه بالسجن لمدة شهرين. وشهد 1907 أيضًا تأسس حزب صغير حمل اسم الحزب الجمهورى دعا إلى إنهاء حكم أسرة محمد على، أسسه مجموعة صغيرة العدد من الصحفيين والمثقفين. ورأي الحزب أن النظام الجمهورى أقرب النظم إلى مبادئ العدل والإنصاف، ولم يستمر هذا الحزب فى الوجود طويلًا واختفى من الوجود. وفى الأعوام التي تلت 1907 "عام الأحزاب" تأسست فى مصر مجموعة أخرى من الأحزاب، منها الحزب "المصرى" الذى أسسه أخنوخ فانوس فى سبتمبر سنة 1908، ونشر برنامجه فى صحيفة "المقطم"، وتقوم فلسفته على محاولة الحصول على استقلال مصر عن طريق الصداقة مع إنجلترا وكسب ثقة الإنجليز، ولم يعش هذا الحزب طويلًا ولم يترك أثرًا فى الحياة السياسية. ومن الأحزاب الأخرى التى ظهرت على الساحة ولم تستمر طويلًا، حزب "العمال" الذي تأسس فى يوليو سنة 1908 وأسسه الصحفى محمد أحمد، وحزب "النبلاء" الذي تأسس فى أكتوبر 1908، والحزب "الاشتراكى المبارك" الذي رأسه الدكتور حسن فهمى جمال الدين وتم الإعلان عن تأسيسه فى أكتوبر 1909، وتضمن برنامجه تحسين أحوال الفلاحين ومنح معاشات للعجزة والمرضى منهم وتنظيم العلاقة بينهم وبين كبار الملاك.