كما انفردت "ويكيليكس البرلمان" قبل أسابيع عن بدء التصالحات في مارس مع رموز نظام مبارك الذين تم تبرئتهم من القضايا الجنائية، ولم تتبق سوى القضايا المالية، خاصة الكسب غير المشروع، والتي تمثل السبب الوحيد الذي يهددهم بالسجن ويجعل أموالهم تحت التحفظ. بدأت في سرية تامة مفاوضات التصالح مع عدد من رموز النظام السابق، بعد إقرار المادة 18 مكرر بقانون الإجراءات الجنائية وتعديل القانون بما يسمح التصالح في جرائم اختلاس المال العام والكسب غير المشروع؛ حيث يستفيد من هذه المصالحات الرئيس السابق حسني مبارك وكل رجاله الهاربين أو الذين خرجوا من السجون، وتتجه الدولة إلى إبرام المصالحات مقابل استرداد حقوق الدولة وغرامات كبرى لدعم الاقتصاد مقابل تحرير هولاء. ويستفيد من المصالحات أيضًا، بجانب مبارك ونجليه، رجال نظامه الهاربين، أمثال رشيد محمد رشيد، وزير الصناعة في عهده، ويوسف بطرس غالي، ورجل الأعمال الهارب حسين سالم. تتيح المادة "18 مكرر ب" في قانون الإجراءات الجنائية، التصالح في قضايا الكسب غير المشروع واختلاس المال العام والرشوة، وتم إقرارها رغم اعتراض جهاز الكسب غير المشروع عليها. نصت تلك المادة على أنه يجوز التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني لقانون العقوبات، والمتعلقة بقضايا اختلاس المال العام والرشوة، ويكون التصالح بموجب تسوية بمعرفة لجنة من الخبراء؛ يصدر بتشكيلها قرارًا من رئيس مجلس الوزراء، ويحرر محضر يوقعه أطرافه ويعرض على مجلس الوزراء لاعتماده، ولا يكون التصالح نافذًا إلّا بهذا الاعتماد، ويعد اعتماد مجلس الوزراء توثيقًا له ودون رسوم، ويكون لمحضر التصالح في هذه الحالة قوة السند التنفيذي، ويتولى مجلس الوزراء إخطار النائب العام؛ سواء كانت الدعوى لا تزال قيّد التحقيق أو المحاكمة، ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية عن الواقعة محل التصالح بجميع أوصافها، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها على المتهمين في الواقعة؛ إذا تم الصلح قبل صدور حكم بات، فإذا تم التصالح بعد صدورالحكم باتًا، وكان المحكوم عليه محبوسًا نفاذًا لهذا الحكم، جاز له أو وكيله الخاص، أن يتقدم إلى النائب العام بطلب لوقف التنفيذ مشفوعًا بالمستندات المؤيدة له. ويرفع النائب العام الطلب إلى محكمة النقض مشفوعًا أيضًا بهذه المستندات ومذكرة برأي النيابة العامة، وذلك خلال 10 أيام من تاريخ تقديمه، ويعرض على إحدى الدوائر الجنائية بالمحكمة منعقدة في غرفة المشورة لنظره؛ لتأمر بقرار مسبب بوقف تنفيذ العقوبات نهائيًا، إذا تحققت من اتمام التصالح واستيفائه كل الشروط والإجراءات. ومن أبرز المستفيدين من المادة، الرئيس السابق حسني مبارك، الذي لم تنته قضايا الكسب غير المشروع معه، إضافة لتهريب الأموال إلى بنوك سويسرية؛ حيث يستفيد مبارك من نص المادة بالتصالح ورد أي أموال يمكن أن يثبت أنه حصل عليها باستغلال نفوذ منصبه، مقابل عدم مقاضاته ورفع التحفظ عن باقي أمواله، ومنحه حريّة التحرك والسفر. ويواجه مبارك اتهامات بتضخم الثروة واستغلال النفوذ وجمع ثروة لا تتفق ومصادر دخله المشروعة، ولا تزال قضية الكسب متداولة أمام جهاز الكسب دون اتخاذ قرار بالتصرف فيها حتى الآن، رغم بدء التحقيق عام 2011؛ حيث ينتظر الجهاز وصول تقارير وتحريّات لجهات رقابية عن ثروة الرئيس الأسبق، ولم تنته القضايا لأن القانون لم يعط الدولة حق التصالح في الأموال العامة، قبل التعديل الأخير . وبالطبع يستفيد نجلي مبارك "جمال وعلاء" أيضًا في قضايا أموال البورصة والكسب غير المشروع، وهو ما يصبح بموجبه ردهما للأموال تبرئتًا لساحتهما من قضية قصور الرئاسة، وفيلات شرم الشيخ، وقضايا قتل المتظاهرين.