التكنولوجيا أصبحت عاملا أساسيا ومؤثرا فى مجال كرة القدم.. لا أقصد فقط ميكنة طرق التدريب أو الإدارة أو حتى التسويق، بل أتحدث أيضا عن صناعة اللاعب وبرمجة الفريق. - النجم الموهوب بالفطرة -مثل ليو ميسى- بدأ يختفى تدريجيا من الملاعب ليفسح المجال أمام اللاعب المصنوع داخل مراكز التدريب -مثل جاريث بيل- كى يفرض وجوده على الساحة بعد أن يتم تطعيمه بمصل المهارات الفنية ليبدو أكثر طبيعية! الحال نفسه يمكن تطبيقه على الفرق التى تنقسم إلى نوعين: الأول يعتمد على الإبداعات الفردية والجماعية لأفراده (منتخب البرازيل)، بينما يستخدم الثانى سلاح القوة الجسمانية والبرمجة الخططية (منتخب إنجلترا). - اللاعب الموهوب لا يتمتع غالبا ببنية قوية أو بلياقة بدنية عالية، لذلك تكثر إصاباته وغياباته، لكن عمره فى الملاعب يكون طويلا لاعتماده بالأساس على ذكائه التلقائى فى التحرك والتمرير دون الحاجة إلى بذل مجهود كبير. قدرته على القيام بالألعاب غير المتوقعة تثير إعجاب الجماهير وتمثل عامل الحسم لترجيح كفة فريقه فى عديد من المباريات مما يجعله يتحول إلى بطل أسطورى يعيش فى ذاكرة التاريخ لعشرات السنين. - اللاعب المصنوع يمتلك بنيانا جسديا قويا وقدرة بدنية هائلة تساعده على سرعة الاختراقات وتمنحه قوة التسديدات مع التفوق فى الالتحامات، إلا أنه سرعان ما يفقد توهجه بمجرد أن تهبط لياقته أو يقل مجهوده الوافر لتبدأ فورا عملية صناعة بديل له. يتمتع بشعبية ملحوظة بين الجماهير من النساء والمراهقين الذين ينبهرون بوسامته وتكوينه الجسمانى أكثر من إعجابهم بمستواه الكروى! - الفريق المهارى يلعب بخطة مفتوحة تميل إلى طابع الإبهار الهجومى الذى يأتى غالبا على حساب الانضباط التكتيكى فى النواحى الدفاعية، مما يعرضه لتلقى عديد من الأهداف. خلال السنوات الأخيرة رأى مدربو هذه النوعية من الفرق والمنتخبات أن البطولات بدأت تتسرب من بين أيديهم، فقرروا تغيير نمط الأداء بغرض إحداث التوازن المطلوب الذى يتطلب اختيار عناصر قادرة على القيام بكل المهام بدلا من استدعاء الأسماء المشهورة صاحبة المهارات الخاصة. التجربة لم تثبت نجاحها حتى الآن لأن الطبع ما زال يغلب التطبع. - الفريق المبرمج يتكون من كتيبة لاعبين ليس لديهم حرية التصرف أو الابتكار داخل الملعب، بل عليهم فقط تنفيذ ما يطلب منهم بحذافيره. الخطة المعتادة تقوم على محاولة تسريع إيقاع اللعب لإرهاق المنافس بدنيا مع تعمد إرسال الكرات الأمامية الطويلة التى تتطلب سباقات سرعة تكون غالبا فى صالحهم، فضلا عن الاعتماد الكامل على الكرات الثابتة والهوائية لتسجيل الأهداف، بعدها يتم التراجع إلى الخلف والدفاع بصرامة للحفاظ على النتيجة. هذه النوعية من الفرق حققت مؤخرا نجاحات لافتة فى البطولات الكبرى التى تتطلب النفَس الطويل والقوة البدنية اللازمة لتحمل توالى اللقاءات. كل نوع من الأمثلة السابقة له معجبوه وعشاقه، رغم وجود تباين صريح بينهم فى المذاق والطعم.. تماما مثل الفارق بين الوجبات السريعة والأكل البيتى.