وقعت مصر وروسيا ثلاث اتفاقيات ثنائية في نهاية فبراير الماضي، أبرزها إنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء فى منطقة الضبعة، بين وزارة الكهرباء ومؤسسة "روس أتوم" للطاقة الذرية، إضافة إلى تدريب الكوادر فى مجال الطاقة النووية السلمية، بهدف حل أزمة الكهرباء المتكررة. وتم الاتفاق بين البلدين على إنشاء وحدتين للطاقة النووية بمنطقة الضبعة كل وحدة بطاقة 1200 ميجاوات، مع وجود خطط لبناء أربع محطات أخرى التى تحتوى على أحدث متطلبات السلامة، بعد زيارات متبادلة لوفود بحثية ومسؤولين بين البلدين لتفعيل الاتفاقية. ويبدو من الخطوات التنفيذية على الأرض أن هناك جدية بين البلدين للشروع في الإنشاء الفعلي للمحطة النووية، والتي قدد تتخذ عدة شهور لإعداد التقارير والدراسات الخاصة، مع توفير التمويل اللازم لبدء المشروع، وهو يؤشر على وضع البرلمان المقبل كأحد أطراف المعادلة بالملف النووي المصري. طرف المعادلة يعد البرلمان من له الحق في إقرار الاتفاقيات الدولية التي صدق عليها رئيس الجمهورية، طبقا للمادة 151 من الدستور، والتي تنص على: "يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقا لأحكام الدستور". وتشير المادة الدستورية إلى أن البرلمان المقبل سيكون مطالبا بمراجعة الاتفاقيات المبرمة بين مصر وروسيا في مجال الطاقة النووية السلمية، من أجل إقرارها أو رفضها، أو إدخال تعديلات عليها، في ضوء القوانين المنظمة للطاقة النووية في مصر، آخرها القانون رقم 7 لسنة 2010. كما سيخضع هذا الملف بالتحديد داخل مجلس النواب المقبل للدراسة من عدة لجان وربما يتطلب دراستة لجان مشتركة ولجان خاصة، أو حتى استدعاء متخصصين، وستلعب لجان الدفاع والامن القومي، والتشريع، والخطة والموازنة، والصحة، والصناعة، دورا بارزا في مراجعة الاتفاقيات الخاصة بالطاقة النووية في مصر كلاً في اختصاصه، نظرا لأهمية المشروع والمخاطر على الأمن القومي، ومدى الأمان على صحة المواطن، وطرق تمويل المشروع. في التاريخ.. تم الإعلان عن إنشاء لجنة الطاقة الذرية المصرية عام 1954، كذلك إنشاء مؤسسة الطاقة الذرية واشتراك مصر عضوا مؤسسا بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، وحصلت في العام نفسه على معمل للنظائر المشعة من الدانمارك. في عام 1961، بدأ تشغيل المفاعل النووي البحثي الأول في أنشاص بمحافظة الشرقية، وتوقيع اتفاق تعاون نووي مع المعهد النرويجي للطاقة الذرية. وطرحت مصر مناقصة لتوريد محطة نووية لتوليد الكهرباء عام 1964، بقدرة 150 ميجاوات، إضافة إلى تحلية المياه بمعدل 20 ألف متر مكعب في اليوم، إلا أن حرب 67 أوقفت المشروع. اتخذ الرئيس السادات عام 1974، قرارا بالبدء فى البرنامج النووى، وإقامة المحطة النووية الأولى بقدرة 600 ميجاوات، فى سيدى كرير غرب الإسكندرية، ووقعت مصر اتفاقية تخصيب اليورانيوم مع لجنة الطاقة الأمريكية. وتقدمت شركات أمريكية بعطاءاتها في 1975، شملت أيضا وحدة تجريبية لإزالة الملوحة بقدرة 20 ألف متر مكعب مياه عذبة يوميا وكان متوقعا تشغيل المحطة النووية عام 1982، إلا أنه قبل توقيع العقد عام 1978 اشترطت الولاياتالمتحدة أن يكون لها حق التفتيش على جميع المنشآت والأنشطة النووية وتم رفض الشرط وتوقف المشروع وتحول موقع سيدي كرير إلى قرية سياحية ومطار ومحطة كهرباء تقليدية. كما وضع الرئيس السادات خطة لإنشاء 8 محطات نووية بإجمالى قدرة كهربية 8400 ميجاوات، عام 1997، وتوصل لاتفاق مع فرنسا لتوريد أول محطتين نوويتين، وتشكلت مجموعات عمل مشتركة لعمل الدراسات لموقع الضبعة. وتم طرح مناقصة عالمية لاختيار الشركة المنفذة للمشروع، عام 1983، واستمرت إجراءات المناقصة لأكثر من عام، إلى أن حدث انفجار مفاعل تشيرنوبل في الاتحاد السوفيتي بالتحديد في أوكرانيا، عام 1986، والذي خلف انطباعا سيئا عن المفاعلات النووية والأضرار الإشعاعية التي قد تسببها، مما أدى إلى تجميد المشروع المصري. وأعلن الرئيس السابق محمد حسني مبارك، عام 2007، استئناف البرنامج النووي المصري في أرض الضبعة، وفي عام 2009 تم التعاقد مع شركة أسترالية لمراجعة الدراسات الخاصة بالمشروع ومدى ملائمة منطقة الضبعة للمفاعل النووي. واقتحم أهالي الضبعة في يناير 2012، موقع المشروع ودمروا بنيته الأساسية والأسوار المحيطة به، وفي أكتوبر من نفس العام أعلن الرئيس السابق محمد مرسي أنه سيتم تعويض الأهالي بشكل مناسب. وأعلن الرئيس السابق عدلي منصور، تدشين مشروع إنشاء محطات نووية للاستخدامات السلمية للطاقة في الضبعة، عام 2013، وقد سبق ذلك استلام الجيش لموقع الضبعة لإعادة تأهيله. وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا جمهوريا بتخصيص 2300 فدان لمصلحة وزارة الدفاع، في نوفمبر 2014، لاستغلالها في إقامة تجمع عمراني سكني لأهالي منطقة الضبعة، وللعاملين بالمحطة بالإضافة إلى الخدمات اللازمة للمنطقة والمشروعات الأخرى تعويضا عن الأراضي التي تم تخصيصها للمشروع. وتم توقيع مذكرة تفاهم مع الجانب الروسي، في فبراير 2015، تضمنت إسناد المشروع لشركة "روس أتوم" الروسية، والذي يشمل إقامة محطتين في المرحلة الأولى، تصل تكلفتهما إلى 10 مليارات دولار، وبقدرة إنتاجية 1200 ميجا وات لكل محطة.