نص الدستور المصرى الصادر فى يناير 2014 على حق الانتخاب لكل مواطن كأحد الحقوق السياسية التى يباشرها المواطن بنفسه، وأكد الدستور على ضرورة إصدار قانون أو أكثر لتنظيم هذا الحق كقانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون مجلس النواب وقانون تقسيم الدوائر الانتخابية، وفى إطار القواعد المنظمة لهذا الحق الذى منحه الدستور لكل المواطنين، نص قانون مباشرة الحقوق السياسية على منع بعض فئات المجتمع من الحق فى الانتخاب حيث نصت المادة الثانية على « يُحرَم – مؤقتًا - من مباشرة الحقوق السياسية الفئات الآتية: القانون يسمح لأعضاء السلطة القضائية بالإدلاء بصوتهم ويمنع ضباط الجيش والشرطة أولاً: 1- المحجور عليه، وذلك خلال مدة الحجر. 2- المصاب باضطراب نفسي أو عقلي، وذلك خلال مدة احتجازه الإلزامي بإحدى منشآت الصحة النفسية طبقًا للأحكام الواردة بقانون رعاية المريض النفسي الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2009. ثانياً: 1- مَنْ صدر ضده حكم بات لارتكابه جريمة التهرب من أداء الضريبة أو لارتكابه الجريمة المنصوص عليها في المادة (132) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005. 2- مَنْ صدر ضده حكم بات لارتكابه إحدى الجرائم المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952 بشأن إفساد الحياة السياسية. 3- مَنْ صدر ضده حكم عن محكمة القيم بمصادرة أمواله. 4- مَنْ صدر ضده حكم بات بفصله، أو بتأييد قرار فصله، من خدمة الحكومة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام، لارتكابه جريمة مخلة بالشرف أو بالأمانة. 5- مَنْ صدر ضده حكم نهائي؛ لارتكابه إحدى جرائم التفالس بالتدليس أو بالتقصير. 6- المحكوم عليه في جناية. 7- مَنْ صدر ضده حكم نهائي بمعاقبته بعقوبة سالبة للحرية؛ لارتكابه إحدى الجرائم المنصوص عليها في الفصل السابع من هذا القانون. 8- مَنْ صدر ضده حكم نهائي بمعاقبته بعقوبة الحبس: أ- لارتكابه جريمة سرقة أو إخفاء أشياء مسروقة أو نصب أو خيانة أمانة أو رشوة أو تزوير أو استعمال أوراق مزورة أو شهادة زور أو إغراء شهود أو جريمة للتخلص من الخدمة العسكرية والوطنية. ب- لارتكابه إحدى الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني بشأن اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر أو في الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات بشأن هتك العرض وإفساد الأخلاق. ويكون الحرمان لمدة خمس سنوات من تاريخ صدور الحكم المشار إليه فى البنود السابقة. ولا يسري الحرمان المنصوص عليه إذا رُدَّ للشخص اعتباره أو أُوقِف تنفيذ العقوبة . ومن خلال هذا النص نستطيع تحليل الفئات المحرومة من حق الانتخاب والتصويت سواء فى الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية أو المجالس المحلية أو الاستفتاءات، أول هذه الفئات هم المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية والمحكوم عليهم فى قضايات مخلة بالشرف والأمانة. ومن المنطقى أن يحرم المحكوم عليه بعقوبات سالبة للحرية نظراً لفقدانه الأهلية اللازمة لمباشرة الحقوق السياسية والمدنية وحتى الحقوق القانونية، وينطبق هذا التفسير على باقى الفئات المنصوص عليها فى القانون كالمريض المصاب بالأمراض العقلية والاضطراب النفسى، والمفلس والسفيه وكل من يفقد الأهلية. أما شاهد الزور فقد عزى القانون حرمانه إلى أن شهادة الزور من الأفعال المخلة للأمانة والشرف وهو ما لا يستقيم معه الثقة فى الشخص شاهد الزور للممارسة أى عمل عام كالترشح فى الانتخابات أو حتى التصويت واختيار أحد المرشحين. وعلى الرغم من منطقية حرمان الفئات سابقة الذكر من مباشرة حقوقها السياسية، إلا أن القانون نص على حرمان فئات أخرى لم ترتكب أى من الأفعال المشينة المذكورة فى القانون، كضباط القوات المسلحة وضباط الشرطة، وربما يكون من المنطقى منع ضباط القوات المسلحة والشرطة من التصويت فى الانتخابات لضمان نزاهة وحيادية العملية الانتخابية باعتبارهم من المؤسسات الأمنية المتداخلة فى العملية الانتخابية من الناحية التنظيمية، وما قد يؤديه استخدامهم للسلطة التى خولها لهم الدستور والقانون من تأثير على سير الانتخابات وتوجيه الناخبين للتصويت لصالح أحد المرشحين أو منع أنصار أحد المرشحين من التصويت. إلا أنه وبرغم منطقية حرمان أعضاء المؤسسات الأمنية من التصويت فى الانتخابات، فقد سمح القانون لأعضاء السلطة القضائية والموظفين المشاركين بالإشراف على العملية الانتخابية بالتصويت داخل اللجان الذين يشرفون عليها، واعتبارها الموطن الانتخابى لهم. وبمقارنة تأثير أعضاء السلطة القضائية وأعضاء اللجان الانتخابية بتأثير ضباط القوات المسلحة والشرطة على نزاهة وحيادية العملية الانتخابية نجد أن تداخل القضاة فيها أشد خطراً على نزاهتها نظراً لقيامهم بالإشراف على كل مرحلة من مراحل الانتخابات منذ بدء الإجراءات وفتح باب الترشح وحتى فرز الأصوات وإعلان النتائج، فإن كنا نخشى من تأثير المؤسسات الأمنية خارج اللجان فلابد أن نخشى من تأثير المؤسسة القضائية داخل وخارج اللجان، فالسماح بتصويت القضاة فى الانتخابات يجعله منه حكماً وطرفاً فى القضية فى ذات الوقت، مما يفسد نزاهة وحيادية الانتخابات ويفتح المجال للتشكيك فى مصداقية النتائج.