غضب وزير النقل هانى ضاحى، من المواطنين وتحميلهم سبب حادثة مدرسة المنوفية، يثبت أننا لم نتغيَّر، ويؤكِّد أننا لن نتغيَّر، طالما استمرت الحكومة تتهم الشعب بتحدّى القوانين، ولا تسأل نفسها لماذا؟ ولا تعترف بأنهم يتجاهلون القانون، لأنه يخاف منهم وليس العكس، القانون لا يظهر ولا يرعب إلا إذا التقى بشخص مهم يريد مصلحة شخصية، أو رجل تنفيذ قانون مرتشٍ يضاعف مرتبه من إتاوات المخالفين، وحكومة فى غفوة وعدالة زاحفة. الوزير اتهم صاحب المزرعة أنه خرق القانون بإقامة مدق أو معبر فوق قضبان القطار، وغسل أيادى وزارته، لأنها حرَّرت العديد من المخالفات المشابهة وأبلغت بها هيئة السكك الحديدية! رئيس هيئة السكك الحديدية قال إن سائق القطار 311 أبلغنا بأنه اصطدم بأوتوبيس رحلات يحمل أطفالًا وأكمل طريقه، يعنى قانونًا لم يخطئ. وكيل وزارة التعليم بمحافظة الغربية أحال إدارة المدرسة إلى التحقيق، لأنها لم تبلغ المديرية والأمن بتنظيم رحلة! قال يعنى! صاحب المزرعة خرق القانون لاحتياجه إلى معبر، ولأن الغرامة بسيطة، ولأن الطريق كله مَعابر مخالفة للقانون من زمان. النيابة استدعت كل الأطراف، لكن بعد وفاة أطفال كانوا فى طريقهم لرحلة فى يوم الإجازة. وزارة التضامن فتحت ملف تعويضات جديد لشهداء إهمال الحكومة وسوء إدارتها للأزمات وإضعافها للقانون بفشلها فى تنفيذه، تعويضات يدفعها المواطن الناجى للمقتول، من ميزانية عبورنا إلى حياة آدمية وتأمين أولادنا. لماذا؟ لأن الحكومة محتاجة إلى دروس محو أمية فى تأمين حياة الوطن والمواطن، بزرع الكاميرات فى عربات القطار، وعلى أرصفة المحطات، وداخل غرف التحويلة، فذلك يقوى سيف القانون وينقذ الأرواح ويمنع الخسائر، فالكاميرات تحذّر وتوثّق، لا ترتشى لتزوير الصورة، ولا تأخذ بدلات لجان مراقبة وبحث عن أدلة، لا تغمض ولا تجامل. وسط الإرهاب اليومى المتصاعد ما زالت الصدفة تكتشف الجانى، مثل آخر تفجيرات دار القضاء التى كشفتها كاميرا محل حلوى! طالبنا كثيرًا بمحاكم فورية متخصصة لقضايا مثل المرور، لا تحتمل بطء العدالة المقيت، الذى يضاعف الكوارث والمخالفات، العدالة الفورية هى أول الطريق لخوف المواطن من القانون. مقتل الأطفال والمشرفين فى رحلة الموت لمدرسة المدينةالمنورة بطنطا، والصدمة العصبية لأصدقائهم الذين شاهدوا أشلاءهم، ليست جرس إنذار للحكومة، لأنها صماء، إنما هى تقرير إدانة جديد لحكومة بارعة فى الدفاع عن نفسها بمستندات، والخروج من كل جريمة ضحية وهى الجانى! قبل الحادثة، الكارثة، بأيام، نشرت التحرير ثلاثة تصريحات فى يوم واحد، فصرَّح مصدر مطلع بوزارة النقل للجريدة هنا بأن النقل تدرس تركيب 2400 كاميرا مراقبة داخل القطارات برافو. وانبرى رئيس هيئة السكك الحديدية، ليؤكِّد أنهم حدَّدوا أولويات تركيب الكاميرات لمّا يأمر الوزير بشرائها! الأولوية للقطارات المميزة -المفضلة للقضاة وأساتذة الجامعة- تليها المكيفة- للمحامين وكبار الموظفين- ثم تعمَّم للشعب لقفش التزويغ والتسطيح، يعنى القطارات الخردة بركابها مش أولويات! وصرَّح وكيل الوزارة بأن النقل تطرح 12 مشروعًا كبيرًا فى مؤتمر مارس ، أتمنّى أن يكون مرفقًا بها خطة التأمين والمتابعة، ورفع الدولة لسيف القانون. فى شارع جانبى بريف إنجلترا وجدنا يافطة الانتظار من الثامنة مساءً إلى الثامنة صباحًا ، هرولنا، لكن وصلنا بعد خمس دقائق، لم نجد شرطيًّا ينتظرنا ليساومنا، بل وجدنا ملفًّا على زجاج السيارة بقيمة المخالفة وبيانات إرشادية عن أقرب أماكن الدفع، ولو دُفعت قبل العاشرة هذا الصباح يتم خفضها إلى النصف، ولو تأخَّرت إلى الغد تدفعها مضاعفة، مع جدول عقوبات التأخير، والتى تصل إلى سحب الرخصة شهرَين وتتصاعد. يا وزير النقل: المواطنون لن يطبّقوا إلا القانون المخيف، والمؤتمر الاقتصادى لن يثمر إلا بدولة القانون.