مما لاشك فيه ان الاخرة خير وابقى، إلا أن ما لا شك فيه ايضا ان حياة الانسان غالية ويعطي القانون والدستور الدولة مسئولية حمايتها وصيانتها والحفاظ عليها وكفالة جميع حقوقها المشروعة.. وقعت كارثة قطار اخرى في مصر والضحايا من الاطفال الابرياء ومن يدعي ان لا ذنب لهم بل لهم ذنب واثم كبير وهو انهم مصريون. شعور مفزع ان تعيش بلا حقوق وان لا تجد من يحمي ويكفل لك الاحتياجات الاساسية وهي المأمن والمأكل والمشرب الذي يحقق لك بالتبعية الاستقرار والنمو والتقدم والرخاء، الا أن الحكومة المصرية التي لم تختلف تسميتها عن قبل الثورة او في الثورة او بعد الثورة لان النتائج واحدة بسبب ان لايوجد جدول واضح للاولويات او الاستراتيجية الواضحة التي تكفل حقوق المواطن. هؤلاء الابرياء الذين راحوا دهسا تحت قطار أسيوط هم ضحية الاهمال والفساد وسيفتح ملف السكك الحديدية كالعادة في كل وسائل الاعلام المسموعة والمقرؤة والمرئية وسيغلق سريعا مع حدوث اى ازمة جديدة سواء كانت مفتعلة او غير ذلك.. الواقع الكارثي اننا نتعامل مع الكوارث على انها قضاء وقدر بالرغم من ان المصائب بشرية في الاصل ونتاج الاهمال والتخلف والجهل والاستسهال والفهلوة . الحقيقة الدامغة ان سائق السيارة التي كانت تقل الطلاب لم يكن متعجلا لكي لا ينتظر بضع دقائق والكارثة ان الاوتوبيس الذي يقل الاطفال يقل فقط 29 طالبا بينما كان يحمل 67 طالبا والمزلقان لم يكن مغلقا لان العامل نام او كان غير موجود او موجود وتكاسل عن اغلاقه اذا المصيبة متكاملة الاطراف والجوانب ان المزلقانات غير مجهزة بأى شكل للتطور العلمي او التكنولوجي على الاطلاق لدرجة انه لا يوجد فيها خط تليفون ارضي داخلي حتي ولا توجد اشارات ضوئية والموجودة لا يتم عمل لها صيانة دورية ولا يوجد انذار مبكر بوجود قطار على السكة الحديد ولا موظف قادر على ان تكون لديه السيطرة على الموقف او التعامل مع الكوارث او تجنبها او عدم حدوثها وايضا سائق قطار ليس لديه التحكم الكامل في القطار او تجنب المخاطر التي تنجم عنه مع عدد من سائقي السيارات المتنوعة والمتباينة والبشر الذين يعبرون السكة الحديد مازال ليس لديهم الوعي الحقيقي بخطورة ما قد يحدثه القطار من كوارث بسبب افعالهم غير المسئولة بالرغم من ان سكك حديد مصر هي ثاني سكك حديد في العالم بعد بريطانيا الا أن العنصر البشري لا يملك القدرة على التفكير، والفهلوة هي العنصر الاساسي في تفكيره. كنت منذ سنوات انا وصديق لي في طريقنا لمدينة قليوب وكان هناك مزلقان للقطار عند مدخل المدينة وكان جرس الانذار يدق الا ان عامل المزلقان اصر ان نعبر وصديقي كان سيفعل الا اني منعته رغم محاولات العامل اقناعنا بان القطار سيتأخر.. لكن سرعان ما عبر قطار مسرعا جدا وحين نهرت العامل قال لي "خلاص حصل خير وعلى فكرة انتوا كنتوا هتلحقوا تعدوا".. وتجمع الناس وكأني انا الجاني على الرجل الغلبان. الفساد لا يعرف معني للرجل الغلبان والقانون يجب أن يعمم على الجميع ولا ابرئ وزير النقل الذي لم يقدم اى استراتيجية واضحة لتطوير السكك الحديد ففي المائة يوم -وهي عمر الحكومة تقريبا- وقع عدد من حوادث القطارات ثم اضراب عاملي مترو الانفاق.. يا معالي الوزير السابق لقد فشلت في أن تكون وزيرا ويجب على من يخلفك أن يضع استراتيجيات واضحة جدا لوقف نزيف الدم على القضبان..وان لم يكن هناك من يملك الاستراتيجيات فبالتأكيد يوجد من لديهم ولو كانوا خبرات اجنبية فما نخسره من عنصر بشري ليس اغلى من تكلفه خبراء اجانب لادارة سكك حديد مصر.