بإيقاع ثوري وبصيحات "قوم يا مصري"، مثلت أعمال الفنان سيد درويش المحفز لتحريك وجدان الشعب المصري خلال ثورة 1919، ليلقب بقائد الحركة الوطنية الشعبية للأغنية الوطنية. وأثناء تلك الفترة أصبحت ذكر درويش في كل بيت مصري ينشد أغانيه الداعية للاستقلال من المحتل البريطاني، ومن ضمنها "بلادي بلادي"، التي أصبحت بعد ذلك النشيد الرسمي للبلاد. الموسيقار الكبير تمكن خلال أغانيه من كسب قلوب بسطاء الشعب، فشاركهم أفراحهم وآلامهم، وصور معاناتهم فى أعمالهم، وأبرز حس المصري الأصيل، مقدمًا نمطًا جديدًا من الأغاني غير معتاد على المجتمع المصري. موقع "التحرير" أجرى زيارة لبيت الموسيقار بمنطقة "كوم الدكة" في محافظة الإسكندرية، الذي تطبق على حاله كلمات أغنية درويش "زروني كل سنة مرة"، فالمنزل متهالك ولم يبق من ذكرى الماضي إلا بعض العاشقين له، اللذين يحرصون على ارتداء "الطربوش" والتجمع على العود لدندنة أغاني الموسيقار، أمام المتبقى من المنزل الذى هجر لسنوات و تحول إلى أنقاض، و لكنها لا تمنعهم من إحياء ذكراه بصفة دائمة. "مفضلش منه حاجة غير سور وبوابة وحوائط مهدمه"، بتلك الكلمات وصف صاحب ورشة حال المنزل، مضيفًا: "تعرض المنزل للهدم منذ ما يقرب من ال10 أعوام، بعد أن استصدر أحد ورثته، كان يعمل ضمن أعضاء المجلس المحلي المنتخب لحي وسط، قرار هدم وتم بالفعل تحطيم الأسقف والحوائط، قبل أن تنتبه الأجهزة المختصة إلى أن المنزل أثري بعد بلاغات متعددة من الأهالي، ولكن بعد فوات الأوان، ليلحق المنزل بصاحبه. وقالت نجية مرعي، إحدي القاطنين بالمنطقة: "الأهالي في حالة حزن كبير لما حل بالمنزل، الذي كان أحد أهم المعالم كوم الدكة، فكان العشرات من محبي الفنان الراحل يأتون على مدار العام لزيارته، والعزف أمامه بإلحان الموسيقار". واستطردت: "طالبنا مرارًا وتكرارًا من محافظي المدينة المتعاقبون تحويل المنزل إلى متحف يضم متعلقات الموسيقار الراحل، ولكنهم حتى يرفضون القدوم لزيارة المكان". وفي حين بين محمد علي، أحد سكان عمارة مجاورة، أن أحد أعضاء الحزب الوطني المنحل طرح فكرة شراء المنزل وتحويله إلى ملهى ليلي، ولكن الأهالي تصدوا له احترامًا لقيمة الفنان. وتبلغ مساحة منزل سيد درويش 57 مترا مربعا، وهو عبارة عن ثلاث غرف ومدخل مكشوف عن سقف المنزل، والمبني من الطوب الانتري، وهو ضمن قائمة المنازل المحظور هدمها بسبب قيمتها التاريخية. وبدأت فكرةتحويل المنزل إلى متحف يضم مقتنيات الموسيقار الراحل ومنها العود والعصا والنوت الموسيقية عام 1992 خلال احتفالية بمناسبة مئوية ميلاده، أقامتها وزارة الثقافة بالإسكندرية، بحضور وزير الثقافة ومحافظ المدينة الأسبق اللواء إسماعيل الجوسقي، ولكن مرت الأيام ولم يتم تنفيذ ويذكر أن سيد درويش ولد يوم 17 مارس عام 1892 بحي كوم الدكة، ومن أبرز أغانية "الحلوة دي"، و"الصنايعية"، و"زوروني كل سنة مرة"، و"شد الحزام"، كما عرف بأغانيه العاطفية ومنها "أنا هويت وانتهيت"، وألحانه في الأوبرا ومنها "أوبرا شهرزاد"، إلى جانب أغانيه الوطنية الفريدة التي صاحبت ثورة 1919 ومنها "قوم يا مصري" و"بلادي بلادي" و"أهو دا اللي صار".