شف سيد درويش عن بؤس الشعب حين كان الحكام والامراء يعتبرون افراده عبيدا حسناتهم اذ ارتفع صوته يقول: (صبح الصباح فتاح يا عليم/ والجيب مافيهش ولا مليم/ مين في اليومين دول شاف تلطيم/ زي الصنايعية المظاليم) مضي يوم 15/9 وقد كنت اظن ان الدنيا المصرية سوف تقوم ولاتقعد فهو يوم الذكري السابعة والثمانين لفنان الشعب الذي لم يتكرر سيد درويش لم نحفل أو نحتفل ولو بالنذر اليسير من الكثير الذي نفعله مع من تحجبهم قامته لا لشيء الا لانه لم ينشد لملك او يتغني بسيرة رئيس.. كان فنه للجماعة للشعب لا لفرد مهما بلغ قدره ويبدو ان سيد درويش كان يستشعر انه سوف يصبح نسيا منسيا وبفعل فاعل وعن عمد حين غني (زوروني كل سنة مرة/ حرام الهجر بالمرة) فسيد درويش الذي اغفلنا ذكره خرج من كوم الدكة بالاسكندرية ولم ينفصل عنها الي ان عاد اليها ولم يحصد بفنه الرائد ثراء ولم يصادق من بيدهم الحل والعقد ولم يسكن من الزمالك حين كانت مستقرا للعظماء.. ظل كما هو هو انجب اعظم الحانه وهو يحمل منشار النجار ثم وهو يصف حجارة البناء وحين كان الاحتلال البريطاني يدفع المصريين الي التكاسل والتراخي هب يحث علي العمل ويدفع اليه: ياللا بينا علي باب الله يا صنايعيه يجعل صباحك صباح الخير يا اسطي عطيه ولقد كشف سيد درويش عن بؤس الشعب حين كان الحكام والامراء يعتبرون افراده عبيدا حسناتهم اذ ارتفع صوته يقول: (صبح الصباح فتاح يا عليم/ والجيب مافيهش ولا مليم/ مين في اليومين دول شاف تلطيم/ زي الصنايعية المظاليم) ولقد بث تهكمه اللاذع من طبقة الربع في الماية التي كانت تحتكر كل شيء في مصر وكان اكبر محرض علي تجميد الصبر. الصبر امره مال/ وايش بعد وقف الحال/ ياللي معاك المال/ احنا معانا رب كريم). ولكنه يعود ليزرع بذور الامل والتفاؤل في وجدان المصريين حين يصل الي اسماعهم في القري والنجوع والمدن صوته الشجي. (طلعت يا محلا نورها شمس الشموسة/ ياللا بينا نملا ونحلب لبن الجاموسة). وسيد درويش الفنان الشامل موسيقارا ومطربا ومؤلفا تلقائيا وخطيبا سياسيا وبطل اوبرا رفض اغاني القصور وطرب المواخير وحفلات الباشوات والامراء الماجنة ولذلك بقيت الحانه واغانيه حية خالدة تتردد علي كل لسان بينما يعيش بيننا دعاة غناء وتلحين لايحس بهم احد اذ إن فنهم وطربهم يقع في مناطق ارد افهم وشذوذهم/ واغاني والحان سيد درويش مائدة دسمة عليها طعام شهي يقتات منه هواة اللطش والاقتباس كل المهن وجدت نفسها في فن سيد درويش خاصة مهن الكد والعرق وسيد درويش كان المحرض الاكبر علي عدم التفريط في ثروة مصر وممتلكات الوطن ولو كان حيا الآن لمات كمدا وهو الذي لازال صوته يصفع كل من يفرط في ثروة مصر.. هيا نسمعه معا من جديد: (خسارة قرشك وحياة ولادك/ في اللي ماهوش من طين بلادك) انه كان داعية وطنيا ابي ان يودع الحياة دون ان يحفزنا الي انتاج محلي وصناعة مصرية خالصة وقد ربط قضية الفقر والجهل والمرض باختفاء التصنيع قبل ان يدب بيتنا دعاة الاشتراكية الرزسماليين ودعاه الرأسمالية الاشتراكيين وسماسرة الاقتصاد والسياسة من قبل ان تلد الامبريالية والاحتكارات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بهدف اعتقال الفقراء وزيادة الدول الفقيرة فقرا.. هيا نسمعه من جديد وكأنه بعث حيا: (مش بزيادانا بقيناعرة/ وكل حاجة من شغل بره/ والفقر طول علينا/ وخلا غيرنا يركب علينا/ يادي الفضيحة/ ياناس حرام). واخيرا تري هل هناك علاقة سببية بين ما نحن فيه وبين جحود ونكران سيد درويش بنفس طريقة جحود ونكران طلعت حرب.. تري هل هناك سيد درويش يناشد ضميرنا النائم ان يستيقظ مع ذكراه قبل ان يموت بعشرات السنين وهو يقول: (زوروني كل سنة مرة/ حرام الهجر بالمرة).