مفتي الجمهورية: الأشخاص ذوي الإعاقة قوة خفية من الطاقات    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    محافظ الإسكندرية يتفقد لجان الاقتراع بدائرة الرمل    الإدارية العليا تواصل تلقى طعون نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    «التعليم» تعلن وضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت الإشراف المالي والإداري للوزارة    «العربية للتصنيع» توسّع شراكتها مع الشركات الفرنسية في صيانة وعمرة محركات الطائرات    وزير البترول والثروة المعدنية يستعرض إصلاحات قطاع التعدين ويبحث شراكات استثمارية جديدة    انعقاد الاجتماع الأول لمنتدى الأعمال والاستثمار المصري اليوناني    وزيرا التخطيط والمالية يبحثان تعديلات «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»    العربية للتصنيع توقع مذكرة تفاهم واتفاقية تعاون مع شركة "Sofema" الفرنسية في صيانة وعمرة محركات الطائرات    مذكرة تفاهم بين غرفة صناعة الملابس الجاهزة والوكالة الألمانية لدعم تطوير القطاع الصناعي    3 ديسمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    وزير الإنتاج الحربي ووزير الطاقة البوسني يناقشان سبل التعاون    ترامب يوقف طلبات الهجرة لرعايا 19 دولة بينها 4 دول عربية    وزير الدفاع والإنتاج الحربى ورئيس أركان حرب القوات المسلحة يعقدان عدد من اللقاءات الثنائية مع قادة الوفود العسكرية    رئيس الوطنى الفلسطينى: التصويت لصالح القرار الأممى يعكس إرادة دولية واضحة لدعم العدالة    وزير الخارجية يلتقي مع أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الألماني    الصحف الكويتية تحتفي بالتعادل مع مصر في مستهل مشوارهما بكأس العرب    دخل تاريخ الدوري الإنجليزي.. هالاند أسرع لاعب يصل ل100 هدف    سليمان: فيريرا رجل سيء.. وما قاله ليس صحيحا    موعد مباراة ريال مدريد أمام بلباو في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    «جلوب سوكر».. بيراميدز يخرج من القائمة النهائية لجائزة أفضل ناد في 2025    معاكسة فتاة تشعل مشاجرة دامية في عابدين    انقلاب ميكروباص بطريق أسيوط الغربي بعد الفيوم الجديدة    طلاب ثانية إعدادي يؤدون اختبار مادة العلوم لشهر نوفمبر بالقاهرة    انقلاب ميكروباص وإصابة 7 أشخاص في مدينة 6 أكتوبر    التحقيق فى سقوط سيدة من أعلى الطريق الدائري بمنطقة بشتيل بالجيزة    الأرصاد: انخفاض درجات الحرارة على كافة الأنحاء.. وتُحذر من هذه الظاهرة (فيديو)    وضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت إشراف مالى وإدارى بعد تعدى عامل على التلاميذ    نوة قاسم أخطر وأشد النوات على الإسكندرية.. موعدها وسبب تأخرها    بكلمات نجيب محفوظ، معرض القاهرة الدولي للكتاب يعلن شعار الدورة 57    محافظ القاهرة يوجه بوضع خطة عاجلة لتطوير الحديقة اليابانية بحلوان    بطولة «محمد فراج».. كواليس حكاية لعبة جهنم ضمن سلسلة «القصة الكاملة»    موعد صلاة الظهر.... مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    وزارة الصحة تعلن قواعد السفر الآمن للمرضى بالأدوية خارج مصر .. تفاصيل    استخراج ملعقة من بطن سيدة مسنة في مستشفى شبين الكوم التعليمي بالمنوفية    «غني بالمعادن ومضادات الأكسدة».. الفوائد الصحية للعنب    حركة تنقلات جديدة بمديرية الصحة بالإسكندرية    احتفاءً بأديب نوبل، القاهرة للكتاب والوطني للقراءة يطلقان مسابقة لإعادة تصميم أغلفة روايات محفوظ    أصحاب الفخامة القُرَّاء فى قصور الحكم    هل يحرق الإخوان العالم؟    «ميدوزا»: كفاءة عالية رغم سوء الأحوال الجوية    نتنياهو يستنجد ب ترامب لإنقاذه من مقصلة قضايا الفساد    وكيل الرياضة بالقليوبية يشهد الجمعية العمومية لمركز شباب الفاخورة    ألحان السماء    أسعار الفراخ والبيض اليوم الاربعاء 3-12-2025 في الأقصر    «الشؤون النيابية» تحيي اليوم العالمي لذوي الإعاقة: قيمة مضافة للعمل الوطني    بعد لقائهما المسلماني.. نقيبا السينمائيين والممثلين يؤكدان تعزيز التعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام    مواعيد مباريات اليوم.. مهمة محلية لصلاح ومجموعة مصر في كأس العرب    هيجسيث يتوعد بتصعيد الضربات ضد قوارب المخدرات ويهاجم تقارير الإعلام الأمريكي    فيدرا تعيش وسط 40 قطة و6 كلاب.. ما القصة ؟    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    1247 مستفيدًا من قوافل صحة دمياط بكفر المرابعين رغم سوء الطقس    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«التحرير» في منزل سعد الدين الشاذلي.. في ذكرى الرحيل وإعادة الاعتبار
نشر في التحرير يوم 17 - 02 - 2015


كتبت - ميّادة سويدان:
هذا الرجل أكثر شخص ظُلم فى مصر، فهو مهندس حرب أكتوبر، وكنا نقول كضباط بالقوات المسلحة (إن النصر، الذى جاء من عند الله فى المقام الأول، كان عماده الفريق سعد الشاذلى)، فهذا الرجل فعل المستحيل فى حرب أكتوبر، بداية من مراحل الإعداد ووصولا إلى النصر.
وأصدر الشاذلى (41) توجيها (خطط عمل الحروب) تشمل النواحى كافة، وما طبقته القوات المسلحة المصرية فى حرب أكتوبر هو التوجيه رقم (41) بالحرف الواحد، بما فيه تدمير خط بارليف وحتى ردود الفعل الإسرائيلية هذه شهادة للتاريخ من اللواء محمد على بلال، مساعد رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق وقائد القوات المصرية فى حرب الخليج الثانية 1991، ربما تكون ملخصة لعظمة الفريق الشاذلى العسكرية، وهى ما يهمنا.
شهدان الشاذلي:
الخلاف بينه وبين السادات سر مفتوح.. رغم أن والدى كان يرى فيه سياسيًّا بارعًا وعسكريًّا بخبرة ضعيفة
ناهد الشاذلي:
عداء مبارك له غير مفهوم والرئيس الأسبق أخلى مستشفى السجن الحربي على الفريق ليستشعر أنه فى سجن انفرادي
وفى الذكرى الرابعة لوفاة الفريق الشاذلى لا تستطيع بسهولة أن تقرر من أين ستبدأ فى الحديث عن هذا الرجل، ليس فقط لدوره البطولى فى حرب أكتوبر، لأنه كان رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقتها، ومهندس هذه الحرب كما وصفه كثير من جنرالات الجيش، ولكن أيضا لكون حياته مليئة بالأحداث وربما الخلافات. مراحل عدة مر بها الفريق، منذ قرار الإبعاد الذى أصدره السادات بإخراجه من الجيش عقب نصر أكتوبر وتعيينه سفيرا فى لندن، ثم فى البرتغال، ثم جاءت مرحلة خلافه العلنى مع السادات، عندما اتهم الشاذلى بالتسبب فى الثغرة فى كتابه البحث عن الذات ، مرورا بمرحلة محاكمته عسكريا فى عهد مبارك، بعد إصداره مذكراته عن حرب أكتوبر، ومرحلة العزل السياسى التى طالته بعد أن قرر العودة عقب 14 عامًا قضاها بالجزائر. تلك الأحداث، وكثير من تفاصيلها، مذكورة فى كتب الشاذلى الثلاثة، إلا أن هناك تفاصيل أخرى ظلت بعيدة عن كثيرين، فاسم الشاذلى ظل لسنوات لا يذكر فى الإعلام حتى جاءت ثورة يناير لترد إلى هذا البطل، ربما جزءًا من حقه، ولكن بعدما مات، حيث توفى قبل تنحى مبارك بيوم.
ذكرى وفاة الفريق الأشهر فى مصر الحديثة حرصت التحرير على لقائها فى بيت الشاذلى، ووسط زوجته وأبنائه، ليس فقط لنعرف تفاصيل تلك المرحلة التى مر بها الفريق فى حياته، ولكن لنرسم ملامح الراحل الإنسانية، كزوج وأب، فكنا أول من حالفه الحظ فى لقاء زوجة الفريق الشاذلى، السيدة زينات السحيمى، كما ضم اللقاء ابنتيه شهدان وناهد، وحفيده هشام أكرم، من ابنته الثالثة سامية.
زوجة صاحب توجيهات نصر أكتوبر تتحدث لأول مرة: السادات خدعه في لندن.. وجيهان دعمتنى نفسيًّا فى القاهرة
حرم الفريق: لم أشْمَت في ما حدث لمبارك وأسرته بعد الثورة.. وعندما رأيته في القفص لم أقل إلا حسبى الله ونعم الوكيل
الأب والزوج
ربة منزل من الطراز الرفيع -وصف تفضله لنفسها- هذا هو الوصف الذى تصف به نفسها، زينات السحيمى تقول إن بيت السحيمى بالجمالية هو بيت أبيها، فطوال رحلة امتدت 63 عاما، رافقت زينات زوجها فى كل البلدان التى زارها وعاش بها، ولكنها ظلت طوال تلك السنوات سيدة بيت فقط، تربى الأولاد، لم تتدخل قط فى خلافاته، بل لا تعلم كثيرا من تفاصيلها.
تقول عن حياتها مع الشاذلى لم يكن يحب الاختلاط، ولم تكن لديه شلة من الأصدقاء، كباقى زملائه، نتبادل معهم الزيارات أو حتى نسافر فى رحلات سويا، فحياتنا اقتصرت على عائلته وعائلتى . تذكر زينات أنه حرص طوال حياته على التواصل مع أقاربه ببلدته بسيون بالغريبة، خصوصا فى الأعياد، التى كان حريصا على قضائها هناك، حتى إنه فضل الجلوس هناك لفترة فى بيت العائلة بعد أن خرج من السجن الحربى عام 1993، وكان يتجمع حوله جميع عائلته، بمجرد نزوله البلدة .
يحلو لزوجة الفريق أن تسمى نفسها أم الجيش ، مبررة زوجى كان ضابط جيش، وأبى وإخوتى الثلاثة كذلك، أعشق الجيش ولا أحب أحدا أن يتحدث عنه بمكروه ، ربما كان هذا سببا فى انضباط مواعيد السيدة زينات، وفقًا لكلام حفيدها هشام أكرم.
حرم الفريق تتذكر أفضل فتراتها معه، بأنها السنوات الأربع التى قضاها سفيرا، قائلة لما كان سعد فى الجيش ماكنتش باشوفه، نبطشيات، وحروب، أما وهو سفير فكنت باشوفه يوميا، رغم شعبيته الكبيرة فى لندن، الأمر الذى دفع السادات إلى نقله للبرتغال، وهى الفترة الأفضل لنا على الإطلاق، فلم يكن هناك مصريون كثر .
سر تكشفه زوجة الشاذلى فى حوارها، بأن الفريق لم يوافق على تعيينه سفيرا، لكن السادات أقنعه زاعما بالكذب أنه سيذهب إلى لندن للتعاقد مع الألمان على صفقات سلاح وليس سفيرا فقط.
شهدان وسامية وناهد، هن أبناء الفريق، أنجبن ستة أحفاد، والستة أنجبوا 11 ابنا، آخر فرد بها هو الحفيد سعد الدين، وسماه به أبوه هشام أكرم.
شهدان، تبدو كأنها المتحدث الرسمى باسم الفريق وأسرته، ربما لأنها البنت الكبرى، فهى تتحدث للإعلام، وتتابع كل التفاصيل الخاصة بكتبه التى نشرت والتى فى طريقها للنشر، ولم يمنع كونها بنتًا أن يجعلها والدها تأخذ فرقة مظلات، لتفقز بالباراشوت وتسلم على الرئيس عبد الناصر فى ذكرى ثورة يوليو، عام 1960.
كان صلبا قويا، وطلّعنا أقوياء مثله تصف شهدان وناهد الشاذلى، أباهما، مؤكدتين أنه لم يكن يظهر غضبه قط من المشكلات التى تعرض لها، تقول ناهد فى فترة العام ونصف العام التى قضاها فى مستشفى السجن الحربى، أخلى مبارك المستشفى من جميع المرضى ليجعله كسجن انفرادى، ولكنه لم يقل لنا عن هذه الفترة سوى أنه استفاد منها فى حفظ وقراءة القرآن .
أما شهدان فتقول كان عسكريا، عمره ما كان سياسيا ، موضحة أن خلافه مع السادات هو ما جعله يدخل فى هذا الجدل السياسى، ومؤكدة أن عبد الناصر عرض عليه أن يكون ضمن من يؤسسون جهاز المخابرات، لكنه رفض واعتذر بأنه يرى نفسه فى المجال العسكرى وليس المجال المخابراتى، ومن شدة حبه للجيش فقد تبرع بسيارته له عندما رفضوا أن يدخلوها عندما عاد بها من الجزائر، بل كان يفصل الكهرباء بمستشفى السجن الحربى كثيرا حتى يوفر لهم الكهرباء، فقد عاش ومات وقلبه ينبض بحب الجيش .
عبد الناصر والسادات
ربما لا يعلم كثير من الناس الأشياء التى كانت تجمع الفريق الشاذلى بالرئيس عبد الناصر، لكن السيدة زينات السحيمى تقول عبد الناصر كان جارنا، وكانت لى علاقة جيدة بزوجته السيدة تحية،vv التى تزوج بها بعد سنة من زواجى بسعد، فسكنت فوقى، وهذه العلاقة امتدت بعد أن أصبح عبد الناصر رئيسا، لكن علاقته بالسادات لم تكن قوية، لكن الشاذلى كان يقول عليه دائما (ابن بلد ودمه خفيف) .
تفاجئنا زينات بأن الفريق كان يرى فى السادات قيادة سياسية كبيرة، فقط كان يعترض على تدخل السادات فى القرار العسكرى، وهو ليس له خبرة جيدة فى هذا المجال، حيث كان ضابطا فى سلاح الإشارة، وخرج من الجيش وهو يوزباشى، أى نقيب ، وترى أن السادات هو من أشعل الحرب مع زوجها باتهام الفريق فى مذكراته، أى السادات، بأن الشاذلى كان سببا فى الثغرة وهذا غير حقيقى، الأمر الذى دعا الفريق إلى تقديم بلاغ للنائب العام ضد السادات يتهمه فيه بتزوير التاريخ، مؤكدا أنه المتسبب فى الثغرة .
شهدان، الابنة الكبرى تحيلنا فى هذه النقطة إلى عنوان صحيفة إنجليزية وقتها بأن الخلاف بين السادات والشاذلى مثل السر المفتوح ، مشيرة إلى أن هذا الموضوع نشر قبل أن ينشر السادات مذكراته ليحول السر إلى خلاف علنى، موضحة أن السادات اختار الشاذلى رئيس أركان، وكان هناك 40 قيادة فى الجيش أقدم منه، ولكنه يعرف جيدا أن الفريق هو الشخص المناسب، لكنه فى المقابل اختار المشير أحمد إسماعيل وزيرا للحربية وقائدا عاما للقوات المسلحة، بعد تقاعده وهو مصاب بالسرطان، ليضمن أن الرجلين لن يتفقا عليه.
شهدان أشارت إلى أن المشير جاء إلى لندن وقت أن كان الفريق الشاذلى سفيرا هناك، وكان الفريق يحرص على زيارته فى المستشفى حتى توفى هناك، وكان هو من أنهى إجراءات نقله إلى القاهرة بعد الوفاة، وقالت المشير أحمد إسماعيل قال لأبى وهو على فراش الموت: مش أنا، دا أنور السادات ، مشيرة إلى أنه كان يقصد بذلك ما حدث من إبعاد للفريق عن المشهد.
وأضافت السادات تعمد إبعاد الشاذلى عن الجيش بعد نصر أكتوبر، بسبب شعبيته بين القوات المسلحة، واختار له منصب السفير حتى لا يظهر الأمر كأنه يريد أن يبعده، كما أرسل إليه نجمه سيناء سرا دون أن يعرف الجميع أن سعد الشاذلى تم تكريمه .
وبسؤالهم عن شعور الفريق وشعورهم وقت أن قرر السادات تكريم كل قادة حرب أكتوبر بعد النصر فى مجلس الشعب، وإذاعة هذا التكريم، بينما لم يكن الفريق منهم، قالت زوجة الشاذلى جيهان السادات طلبتنى فى هذا الوقت لشرب الشاى معها، وقبلت ذلك، وعلمت بعدها أنها كانت لا تريد لها مشاهدة هذا التكريم، بينما لم يلتفت الشاذلى مطلقًا إلى هذا الأمر، فكان يرى أن ما يحدث مجرد مسرحية سيكتشف الناس مع الوقت حقيقتها ، وتتدخل ناهد: كنا لا نفتح التليفزيون فى ذكرى أكتوبر بالتحديد، لا نريد أن نشاهد شيئا، فكنا نعلم أن كل شىء يقال فى هذا اليوم كذب . أما عن موقف الفريق فى هذا اليوم من كل عام بالتحديد فتقول هناك كثير من الضباط والمجندين كانوا يزورون الفريق فى هذا اليوم، ويحكون معه عن ذكرياتهم فى الحرب، فكان يستقبل فى هذا اليوم كثيرا من رجال الجيش غير المعروفين إعلاميا .
العداء غير المبرر
نقلة زمنية، قادها الحفيد هشام أكرم إلى عهد مبارك قائلا لم يكن لدى الفريق الشاذلى تبرير واضح لموقف مبارك الحاد منه، فعلى الرغم من أن الخلاف كان بين السادات والفريق فإن السادات لم يفعل ما فعله مبارك مع الفريق، فهو من حاكم الشاذلى عسكريا وغيابيا، وهو من وضع كل أمواله وممتلكاته تحت الحراسة لمدة ثلاث سنوات، وهو من قبض عليه بمجرد دخوله مصر وحبسه وكان عمره 70 سنة، وهو من أوقف عنه معاش نجمة سيناء، وهو من منع كل وسائل الإعلام عن الحديث عنه، ليعزله سياسيا، كنا دائما نسأله: لماذا هذا العداء الذى يحمله لك مبارك؟ هل كان هناك أى خلاف بينكما؟ لكن الفريق لم يكن يعلم سببا واضحا لكل هذا .
الحفيد شريف أكرم يرى أن مبارك اتخذ هذا الموقف بسبب خوفه من شعبية الشاذلى فى الجيش، بينما كان جميع الضباط يشعرون أن كرسى الحكم لا يناسب مبارك، وقت صعوده إليه، فكان قلقا من أن يأخذ الفريق مكانه، لذلك أصدر هذا الحكم الغيابى على الفريق ليبعده عن مصر، وعندما قرر الفريق العودة فى 1992، كان مبارك قد تمكن من الحكم فأراد أن يشعر الفريق أنه أقوى منه ويستطيع أن يفعل ما يحلو له، موضحا المشير طنطاوى اتصل بالفريق لأول مرة عام 2005، وسأله إن كان يحتاج إلى شىء، فلم يطلب الفريق إلا أن تقوم القوات المسلحة بعمل رد اعتبار له يجعل الحكم العسكرى السابق كأن لم يكن، وهذا ما نفذه المشير طنطاوى بأن أرسل إلى الفريق الشاذلى ورقة كتابية تتضمن هذا المعنى، ولكن حدث ذلك سرا، ولم يعرفه أحد حتى الآن، وبعدها بخمس سنوات وتحديدا فى شهر نوفمبر عام 2010، اتصل به المشير طنطاوى مرة أخرى ليطمئن على صحة الفريق، وعندما وجده مريضًا أرسل إليه سيارة من الجيش فى اليوم التالى مباشرة، أخذته من المنزل إلى المركز الطبى العالمى، وأجروا له تحاليل وأشعة وظل بالمستشفى أربعة أيام، وبالطبع عرف طنطاوى الوضع الصحى للفريق، ويبدو أنه نقل الأمر إلى مبارك، فقد أرسل إليه شابا صغيرا من ديوان الرئاسة يطمئن على صحته ويعرض عليه تقديم أى شىء يحتاجه، ولكن الفريق أكد لهذا الشاب أنه لا يحتاج إلى شىء ، ويرى شريف أن يد طنطاوى، فى وفائه للفريق، كانت مغلولة بسبب مبارك.
وتقول ناهد الشاذلى لم يذكر مبارك بسوء، فقط كان يقول إنه (كان ضابطًا مطيعًا ومنفذًا للأوامر) ، وتضيف ما حدث لم يكن قليلًا، إحنا اتبهدلنا بسببه، تفتيش فى شققنا، ووضع أموالنا تحت الحراسة، مرة جم يفتشوا الشقة عندى لقوا 6 دولارات، قام العسكرى نادى على الضابط وقال: (عملة أجنبية يا فندم)، كأنى متهمة وكأنه لقى مخدرات، ماما كان عندها فيلا فى ألماظة مأجراها، خلوا المستأجر حارس على الفيلا، وسرق كل العفش وماقدرناش نعمله حاجة . مثال آخر يسوقه هشام قائلاً: لينا شاليه فى العجمى، فى كل صيف بنروح هناك، وقبل ما ندخل الشاليه نجيب عسكرى من هناك، يعمل جرد للشاليه، يعد المعالق والشوك، وكل حاجة ويكتبها، وقبل ما نمشى نجيبه تانى يعمل بردوا جرد، ويتأكد أن مافيش حاجة نقصت، كأنهم بيسمحوا لنا نستخدم حاجاتنا، فى مرة فيشة باظت قبل ما نمشى جرينا نصلحها على طول علشان الجرد .
أما شهدان فتقول زوجى صلاح دانش، طيار حربى، خدم مع مبارك، وشارك فى 67، وحرب 73، ولكنه بعد الحرب قدم استقالته، فظل مبارك لا يقبله لمدة ثلاث سنوات، وقبل أن تتم ترقيته إلى رتبة عميد بأسبوع واحد قبلها .
السيدة زينات لم تعلق خلال هذا الجزء من الحديث سوى ب حسبى الله ونعم الوكيل ، عندما شاهدته هو وأبناءه فى قفص الاتهام بالمحكمة.
ثورة يناير
صرف معاش نجمة سيناء بعد توقف 19 عاما.. الحصول على قلادة النيل.. إنشاء محور يحمل اسمه على طريق القاهرة/ الإسماعلية .. وإطلاق اسمه على إحدى دفعات الكلية الحربية.. وأيضا إطلاق اسمه على أحد ميادين محافظة الغردقة وعلى مدرسة بمحافظة الإسكندرية.. إنها باختصار التكريمات التى حصل عليها الفريق الشاذلى، وجميعها بعد ثورة يناير وبعد وفاته، فعلى الرغم من أن الفريق الشاذلى توفى، قبل تنحى مبارك بيوم فقط، فإن ثورة يناير بالنسبة إلى أسرة الفريق الشاذلى هى السبب فى أن يسترد حقه، بالاعتراف بدوره الحقيقى فى حرب أكتوبر، ورد الاعتبار إليه، وربما الاعتذار عما حدث له من أذى وعزل.
سألنا عن مدى إدراك الفريق لهذه الثورة، حيث كان على فراش الموت وقتها؟ وردت شهدان: كان حاسس بيها، وعارف إيه إلى بيحصل بس مش 100%، كان الفريق شديد الإيمان بأن ما يحدث فى مصر لن يستمر، وأنه سيأخذ حقه يوما ما ، ويضيف هشام كان يقول دائما: (أنا ماشوفتش مصر ديمقراطية بس الجيل بتاعكوا هيشوف ده) .
مذكّرات الشاذلي
الكاتب الصحفى أحمد المسلمانى أعلن منذ فترة أنه كتب للفريق الشاذلى مذكراته كاملة، وأنه انتهى من كتابة هذه المذكرات قبل وفاة الفريق، وأن الشاذلى وقع على كل أوراق المذكرات التى تتجاوز 700 ورقة، ولكن المذكرات لم تخرج إلى النور حتى هذا الوقت، ليوضح لنا حفيد الفريق شريف أكرم، أنهم فى انتظار الوقت المناسب لإصدار هذه المذكرات، فما يحدث فى مصر الآن لا يحتمل نزول هذه المذكرات، نحن الآن بحاجة إلى إصدار طبعة شعبية من كتاب مذكرات حرب أكتوبر للفريق، حتى تكون بسعر منخفض وتكون فى متناول الجميع .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.