حين بدأت أزرع بذرة فيلم «أحلام هند وكاميليا»، كان حلمى وحماسى الشديد فى أن أجمع كلا من فاتن حمامة وسعاد حسنى فى فيلم واحد، وكانت فكرة «هند وكاميليا» مثالية لهذا الغرض، خصوصا أنه لم يجمعهما أى فيلم من قبل ولا من بعد. فى بادئ الأمر أبدت كل منهما استعدادها للمبدأ، ولكن لم يكن هذا سوى كلام فى الهواء الطلق. تبدد الحلم بعد جلستى مع سعاد فى نادى الجزيرة عدة ساعات، نشرب عصير الليمون، ونتحدث عن شخصية «كاميليا»، التى عرضتها عليها، لينتهى اللقاء باستبعاد فكرة لقاء سعاد وفاتن فى الفيلم، بعد أن اختلفت رؤيتى عن رؤية سعاد فى فهم وتجسيد «كاميليا» على الشاشة. لم يكن بعد ذلك هناك أى داع لمناقشة شخصية هند مع فاتن، لأن التركيبة التى تخيلتها بلقائهما دُمرت، على الأقل مؤقتا من وجهة نظرى، وقد كان أصلا كلامى مع فاتن عن فكرة هذا اللقاء قد تم عبر الهاتف. لقائى الحى مع فاتن لم يحدث إلا فى تونس بمناسبة مهرجان قرطاج، حيث عرض أحلام هند وكاميليا خارج المسابقة، بينما فيلم رفيقى خيرى بشارة يوم مر.. يوم حلو بطولة فاتن كان فى المسابقة الرسمية. كنت قد وصلت نفس يوم مغادرة فاتن، ولحسن حظى تم تعارفنا على بعض، حين قدمنى خيرى، ولم يذكر أى منا فكرة جمعها مع سعاد، واعتقدت أنها ربما نسيت الموضوع كله، ولو أنى أشك فى ذلك، وهذا لم يوقفنى من أن أعبر لها عن حلمى ورغبتى فى التعاون معا فى فيلم، ربما شعورى بالغيرة من حظ خيرى معها، ولكن الحقيقة هو مَن المخرج الذى لا يرغب فى أن يعمل مع فاتن حمامة؟! اقترحت حينذاك على فاتن أن لو جمعنا فيلم فأريدها فى دور قاتلة، فكان ردها الذكى هو أنها على استعداد أن تقوم بدور قاتلة، بشرط وجود أسباب درامية مقنعة. ما زاد من إعجابى نحو فاتن حمامة هو عدم ترددها فى العمل تحت إدارة مخرجين جُدد، مثل سعيد مرزوق من قبل، ثم خيرى وداوود عبد السيد بعد ذلك. لقائى الثانى مع فاتن كان فى أثناء إخراجى حفل إحدى دورات المهرجان القومى للسينما، حيث ستُكرم فى افتتاحه، وكنت قد طلبت من المخرج سعد هنداوى أن يتولى إخراج الفقرة المرافقة للتكريم، وبناء على طلب سعد رافقته إلى منزل فاتن، ليتم التعارف بينهما وترتيب ما سيدور فى الفقرة. تم ذلك فى وجود مدير التصوير الراحل وحيد فريد، الذى كانت تُصر فاتن على توليه إضاءة أى لقاء صحفى معها. ومرت عدة سنوات، وبعد أن أخرجت أيام السادات فوجئت بمكالمة تليفونية منها تعبر عن إعجابها بالفيلم، وكم كان هذا مؤثرا علىَّ، خصوصا أنه من النادر أن تجد فنانا أو نجما من الجيل القديم يهتم أن يعبر عن إعجابه لآخر من الجيل الجديد. فاتن حمامة رحلت عن دنيانا، ولكن أفلامها ستظل باقية بيننا، وذلك الحلم الذى لم يتحقق سيظل فى خيالى.