مع ذكرى رحيل سعاد حسني مؤخرا خطر ببالي السؤال: لو كانت لا تزال معنا اليوم ما كان سيكون موقفها من الثورة؟ وهل كانت ستوجد وسطنا بالميدان؟ والإجابة طرحت نفسها علي تلقائيا وتخيلتها تنزل من منزلها بالزمالك وتشق طريقها إلى ميدان التحرير سيرا على قدميها إلى أن تلتحم بالزحام وتشاركهم الهتاف بأعلى صوتها «الشعب يريد إسقاط النظام». تذكرت واقعة حدثت خلال زيارة خاطفة لها للقاهرة في مرحلة غربتها بين باريس ولندن لمتابعة علاج ظهرها، يوم اكتشفت بالعمارة التي تقطنها وجود فريق طلبة من معهد السينما يصورون مشروع تخرج زميل لهم، فلم تتردد في أن تزورهم وتقضي معهم ليلة كاملة تتابع عملهم بشغف شديد. فكم هزني تصوري هذا الموقف ويقيني للمشاعر التي من المؤكد أنها دارت بداخلها، افتقادها متعة الوقوف أمام الكاميرا مرة أخرى. فإذا كانت علاقتي بسعاد قبل تصوير فيلمنا الوحيد معا «موعد على العشاء»، علاقة غلب عليها الحذر الطبيعي بين مخرج جديد على الساحة ونجمة كبيرة، فإن هذا لم يحد من أن تنمو صداقتنا بعد ذلك. ربما لقاءاتنا كانت قليلة أو عابرة مثل مطاردتها سيارتي في شارع مراد، إلى أن أثارت انتباهي واستوقفتني لمجرد الحصول مني على اقتراح عنوان لفيلمها الجديد الذي كان لا يزال في مرحلة التصوير. رغبتي الشديدة في العمل مع سعاد مرة أخرى لم تتوقف، وفكرة جمعها مع فاتن حمامة لأول مرة في فيلم، كان بالفعل أول ترشيحاتي المثيرة لفيلم «أحلام هند وكاميليا». واجتمعنا في نادي الجزيرة عدة ساعات أستمع إلى تصورها لدورها في الفيلم، ولم أستجب لرؤيتها بتاتا وبالتالي لجأت إلى ترشيحات أخرى. وكانت هناك فترة التليفونات وانطوائها التدريجي بعيدا عن الصحافة والمعارف واعتمادي على إشارات الاتصال المتفق عليها بيننا بعدد رنات جرس التليفون إلى طلب رقمها مرة أخرى، حتى أن ترفع السماعة ونتحاور ونتبادل الأخبار والآراء. وفي لندن خلال طبع نسخ «أيام السادات» اتصلت بها لأسمع رسالتها الصوتية «أنا زوزو النوزو كونوزو» كوبليه أغنيتها الشهيرة في «خلي بالك من زوزو»، كي أخبرها بوجودي في المدينة، فاتصلت برقمي بعد عدة دقائق لأسمع صوتها لآخر مرة ونتبادل الشوق والتحية