أتركوا أميرة أحلامنا على الشاشة ترقد في سلام .. دعوا السندريلا تستمتع بالراحة و يكفى أن نقول لها ونحن على بعد أيام من عيد ميلادها الذي يوافق26 يناير ( كل سنة وأنت طيبة يا زوزو ).. لقد أنهكتها الحياة بما يكفى فلا تعبثوا بها حية وميتة تحت دعاوى الحب .. فهذه السيدة لو وجدت أقل القليل من الحب الحقيقي لما انتهت حياتها هذه النهاية الدرامية والتي لا اعرف لماذا يصر أشقاؤها على رفضها بتقديم طلبات متكررة لإعادة تشريح الجثة مرة أخرى - وأخرها الطعن الذي تقدموا به أمام المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة على حكم محكمة القضاء الادارى برفض استخراج جثمانها والذي صدر في نوفمبر الماضي - حيث لم يجدوا أي جديد يستدعى ذلك منذ صدور قرارا نهائيا من اسكوتلانديارد - البوليس الانجليزي - بإغلاق هذا الملف تماما. ولا اعرف ماذا يريدوا أن يثبتوا ؟ إنها ماتت مقتولة ؟! فهل اليوم الذي ماتت فيه زوزو في لندن قبل 10 أعوام هو يوم وفاتها الحقيقي أم هو اليوم الذي لم تجد فيه من يقف إلى جانبها بعد وفاة والدها الروحي ومرشدها الفني والانسانى صلاح جاهين فانهارت بعدما لم تجد من يحل محله في حياتها شعرت باليتم فأين كان الجميع وهى تعانى من قسوة الوحدة مما أدى لإصابتها بحالة من عدم الاتزان النفسي والفني وقبلهما الانسانى .. ووسط هذه الحالة جاء الانهيار الأقسى فنيا عندما وقفت أمام كاميرات مخرج شاب في حينها لتمثل أحد المشاهد - في فيلم قامت ببطولته وفشل فشلا ذريعا عند عرضه - فما كان من المخرج إلا أن قال لها أثناء أدائه إنها لم تعد تصلح للتمثيل .. سعاد يومها أحست باهانة رهيبة لم يزلها النجاح الساحق لمسلسلها هو وهى ولا فوزها بجائزة أحسن ممثلة من مهرجان الإسكندرية السينمائي عن دورها في فيلم الراعي والنساء .. فقد ظلت مرارة هذه الصفعة الفنية في حلقها للنهاية. أين كان هذا الحب في حياتها عندما انهارت الانهيار الكبير نتيجة المرض الذي بدأ بآلام العمود الفقري فى أثناء تصوير الراعي والنساء - لذا نجد معظم مشاهدها فيه تقدمها وهى جالسة- وامتد لوجهها فأصيبت بالعصب السابع الذي يؤدى لشلل نصفى في الوجه .. انهارت سعاد ومعها حق .. فاليتم والإذلال الفني لأجمل علامة من علامات السينما المصرية - على يد مخرج صغير أو حتى كبير أمر لا يليق ولم تتوقعه يوما في حياتها - و المرضى ثالوث أيقنت معه العجز عن القدرة على الاستمرار . رحلت زوزو عن مصر حتى تحتفظ بصورتها أمام عشاقها كما هي فضلت الموت المعنوي على الحياة محاطة بنظرات الشفقة ؟ فأين كان الحب و هل رحمها أحد ؟ لا حيث ظلت الأقلام تنهش سيرتها لدرجة أن البعض صورها في لندن على أنها متسولة وكتب عنها في إحدى الصحف المصرية كذبا وافتراء إنها تأكل من سلات القمامة في انجلترا في الوقت الذي كانت تأبى هذه السيدة العظيمة أن تعالج على نفقة الدولة أو المئات ممن عرضوا عليها المساعدة من خارج مصر غالبا واكتفت عندما أرادت بعض الأموال بتسجيل رباعيات وبعض أشعار صلاح جاهين للإذاعة البريطانية (البى بى سى ) . زوزو توفيت ألف مرة قبل أن تسقط من شرفة منزل صديقتها بانجلترا .. قتلت يوم قرأت هذه الصحيفة ويوم قابلت حسن يوسف في احد فنادق لندن ولم يعرفها وهو رفيق رحلة طويلة من العطاء على الشاشة السينمائية ، لكن أثار المرض عليها كانت اكبر من أي تصور. قتلت سعاد بيد جحود الوسط الفني الذي تنتمي له والذي لم يجد فيها أكثر من وسيلة للدعاية عند وصول جثمانها فخرج الجميع للقائه والتصوير معه .. وقتلت بعد أن أحست برفض جمهورها التام لها بأي صورة أخرى إلا صورة زوزو صورتها الأحب لقلبها وأجمل أدوارها كما كانت تقول لدرجة أن أغنية زوزو كانت نغمة تليفونها و(الانسرماشين ) فيه كان يأتي بصوتها من بلاد الضباب لمن يطلبها وهى تقول (أنا زوزو النوزو كمنوزو) . قتلت زوزو كثيرا فما جدوى معرفة كيف ومن الفاعل وهى ضحية العشرات ولماذا يرفض إخوتها فكرة أن يتركوها تعيش في عالم الأبدي في سلام فلا يهم إن كانت قتلت وهو احتمال ضعيف لان البوليس الانجليزي و محكمة (ويست مانيستر) – التي أكدت انتحارها - لا يأخذا موقفا شخصيا ضدها .. وإذا كانت انتحرت تحت تأثير أدوية الاكتئاب - التي كانت تتعاطاها لسنوات طويلة عجزت فيها مقاومتها على الصمود أمام طعنات الغدر المتتالية- فالذي يقرأ بعض الآثار الجانبية التي قد تسببها هذه الأدوية والمكتوبة دائما على الروشتات الموجود داخل علبها يعرف أنها قد تؤدى للانتحار اللا إرادي وهذا ما أكده الدكتور أحمد عكاشه –أستاذ الطب النفسي - أي ليس انتحارا بالمعنى المفهوم لأنها كانت خارج وعيها أي لم تتخذ قرار الانتحار بكامل إرادتها.. وسواء ماتت أو انتحرت لم يعد هذا هو الأمر الهام الآن لان زوزو في هذه اللحظة ترقد في سلام وتشعر بالراحة فدعوها ولنلتزم جميعا بتحقيق طلبها عندما غنت (ابعدوا وشكوا عنى شويه كفيانى وشوش .. ده أكم من وش غدر بى ولا تنكسفوش ) فأظن انه آن الآوان لان ننكسف جميعا من المحاولات التي لا تنتهي لإزعاجها في مضجعها الأخير ، اتركوها فالسندريلا .. نسيت الحذاء وسقطت من الشرفة حافية لكنها لن تعود لتقول لنا من ألقاها ، فاكتفوا بالدعاء لها وقراءة الفاتحة وقول كل سنة وأنت طيبة يا زوزو يوم عيد ميلادها واطفوا أنوار الجدل والإشاعات حول أسرار حياتها وموتها لتنام في هدوء. الهام رحيم