أعرف الدكتور عبد الجليل مصطفى منذ سنوات، وفى سياق نضاله كأستاذ جامعى مرموق من أجل استقلال الجامعة، وفى وجوده فى الصفوف الأمامية لتيار الإصلاح والتغيير الذى بزغ فى المجتمع فى أواخر عصر المخلوع مبارك، ثم مواقفه الواضحة فى ثورتَى يناير-يونيو. وكان دائمًا مثالًا للهدوء والحكمة والعمل المنظم والإخلاص وإنكار الذات، ثم اقتربت منه بشدة فى أثناء العمل المشترك بلجنة الخمسين، وفى ظروف غاية فى التعقيد ترأس لجنة الصياغة التى أشرفت على الصياغة النهائية لدستور مصر، وقد وجدت فيه مثالًا للعمل الدؤوب والاستعداد الدائم لبذل الجهد بلا حدود، وتأكَّدت أن هذا الرجل خليط نادر من الإخلاص وإنكار الذات والعمل الخالص لوجه الله والوطن. وحين تحدَّثنا من أجل بناء تحالف وطنى جامع، لقائمة وطنية انتخابية وسياسية، ودارت الحوارات المتوالية كانت الرؤية البدائية كالآتى: إن أغلب التحالفات الحزبية قد وقعت فى خطأ بالغ، حين اعتبرت القائمة المطلقة الموجودة بالقانون بديلًا عن القائمة النسبية التى تعطى المجال للأحزاب للتنافس الحزبى، وبدأت بالتركيز وعلى طريقة حشر الأحزاب فى ال120 مقعدًا للقوائم باعتبارها متنفسًا، والحقيقة أن هذه الانتخابات أساسها وقوامها هما المقاعد الفردية، وأن فكرة القوائم المطلقة قد ظهرت من أجل ضمان تمثيل الفئات المهمشة التى نص الدستور على ضرورة تمثيلها، وهى العمال والفلاحون والمرأة والمسيحيون والشباب وذوو الإعاقة والمصريون فى الخارج، صحيح أننى أرى أن هذا القانون الانتخابى ليس الأمثل، لكنه الواقع الآن، وبالتالى البدء فى أى تحالف انتخابى وفقًا لهذا القانون على أساس أنه تجمُّع لمجموعة من الأحزاب بقواعد المحاصصة بالتأكيد سيصل إلى نتيجة فاشلة، وهذا يفسِّر عمليات الانسحابات المتوالية من التحالفات المختلفة، والمنطقى هنا أن يبدأ التحالف بتمثيل فئات المجتمع سواء حزبية أو مستقلة على أساس الكفاءة دون محاصصة حزبية، أى أن بناء تحالف انتخابى حقيقى وفقًا للقانون الحالى لن يتحقَّق إلا إذا تم تغليب الكفاءة على المحاصصة الحزبية، لا هيمنة حزبية، لكن بكل تأكيد لا مقاطعة للأحزاب كذلك، وقد كان وبدأ العمل فى قائمة صحوة مصر، ولجنتها المحايدة التى تختار المرشحين على قوائمها، وهم د.عبد الجليل مصطفى، ومنى ذو الفقار، ود.سمير مرقص، وم.عادل أديب، وخالد يوسف، ود.عمار علِى حسن، ود.أحمد عبد الظاهر عثمان رئيس الاتحاد العام للتعاونيات، ود.جلال أمين، والسفيرة مرفت التلاوى، والكاتب الصحفى رامى جلال عامر. صحوة مصر تحالف يحمل على عاتقه رؤية وسياسات تحقّق أهداف الثورة لا شعارات الثورة .. والفارق واضح، فعلى الثورة أن تنتقل من مرحلة الهتاف والشعار إلى مرحلة رسم السياسات وطرح البدائل المدروسة . صحوة مصر هو تحالف يريد الإصلاح الاقتصادى والتحول الديمقراطى. صحوة مصر هو طرح رؤى المستقبل فى مواجهة محاولات استنساخ الماضى، فلا الساعة ستعود للوراء، ولا الهتاف فقط سيفرز سياسات جديدة قادرة على الإصلاح. هتفنا من أجل الثورة.. لكن آن الأوان لنترجم هذه الثورة فى البرلمان لعمل سياسى منظم مدروس يحقّق ما ينفع الناس ويمكث فى الأرض.. وعلى الله التوفيق.