البنك الدولي يتوقع استقرار النمو الضعيف للاقتصاد العالمي    المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف مدينة إيلات المحتلة بالطيران المسير    4 مشاهد من الأسبوع الرابع بتصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم 2026    سوسن بدر: أنا لسة في بداية طريقي.. عندي ملايين الأحلام لم تكتمل    تتخطى ال 12%، الإحصاء يكشف حجم نمو مبيعات السيارات التي تعمل بالغاز الطبيعي    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: نستعد لمقاضاة إسرائيل أمام الجنائية الدولية    «مشكلتنا إننا شعب بزرميط».. مصطفى الفقي يعلق على «نقاء العنصر المصري»    عاجل - آخر تحديثات سعر الذهب اليوم.. وهذه القرارات منتظرة    اتحاد الكرة يحسم مشاركة محمد صلاح في أولمبياد باريس 2024    اليوم، أولى جلسات محاكمة عصام صاصا في واقعة دهس سائق أعلى الطريق الدائري    مصرع طفل غرقا في ترعة بكفر الخضرة بالمنوفية    طلاب الثانوية العامة يؤدون امتحان الاقتصاد والإحصاء.. اليوم    عاجل- أسعار الفراخ البيضاء في بورصة الدواجن اليوم الأربعاء 12-6-2024    حكم الشرع في خروج المرأة لصلاة العيد فى المساجد والساحات    هيئة الدواء: هناك أدوية ستشهد انخفاضا في الأسعار خلال الفترة المقبلة    تأثير التوتر والاكتئاب على قلوب النساء    رئيس الأساقفة جاستين بادي نشكر مصر بلد الحضارة والتاريخ على استضافتها    حبس شقيق كهربا 4 أيام لاتهامه بسب رضا البحراوي    العثور على جثة شخص مشنوق بالطريق الصحراوي بالكيلو 17 العامرية بالإسكندرية    أيمن يونس: أحلم بإنشاء شركة لكرة القدم في الزمالك    شيرين عبد الوهاب تتصدر "إكس" بخبر خطبتها، ولطيفة: يا رب ترجعي زي الأول ويكون اختيار صائب    فيديو صام.. عريس يسحل عروسته في حفل زفافهما بالشرقية    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    عاجل.. تريزيجيه يكشف كواليس حديثه مع ساديو ماني في نهائي كأس الأمم الإفريقية 2021    عيد الأضحى 2024.. الشروط الواجب توافرها في الأضحية والمضحي    رؤساء مؤتمر الاستجابة الطارئة في غزة يدينون عمليات قتل واستهداف المدنيين    أوروبا تعتزم تأجيل تطبيق أجزاء من القواعد الدولية الجديدة لرسملة البنوك    هذا ما يحدث لجسمك عند تناول طبق من الفول بالطماطم    ظهور حيوانات نافقة بمحمية "أبو نحاس" : تهدد بقروش مفترسة بالغردقة والبحر الأحمر    السيطرة على حريق نشب داخل شقة سكنية بشارع الدكتور في العمرانية.. صور    ليست الأولى .. حملات المقاطعة توقف استثمارات ب25 مليار استرليني ل" انتل" في الكيان    رسميًا.. تنسيق الثانوية العامة 2024 في 5 محافظات    خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج ب عيد الأضحى: كل عام وأنتم بخير    الكويت: ملتزمون بتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتنفيذ الدمج الشامل لتمكينهم في المجتمع    "بولتيكو": ماكرون يواجه تحديًا بشأن قيادة البرلمان الأوروبي بعد فوز أحزاب اليمين    الفرق بين الأضحية والعقيقة والهدي.. ومتى لا يجوز الأكل منها؟    هل الأضحية فرض أم سنة؟ دار الإفتاء تحسم الأمر    واشنطن بوست: عملية النصيرات تجدد التساؤلات حول اتخاذ إسرائيل التدابير الكافية لحماية المدنيين    بيمكو تحذر من انهيار المزيد من البنوك الإقليمية في أمريكا    البنك المركزي المصري يحسم إجازة عيد الأضحى للبنوك.. كم يوم؟    الحق في الدواء: إغلاق أكثر من 1500 صيدلية منذ بداية 2024    عصام السيد يروى ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    رئيس جامعة الأقصر يشارك لجنة اختيار القيادات الجامعية ب«جنوب الوادي»    63.9 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    رمضان السيد: ناصر ماهر موهبة كان يستحق البقاء في الأهلي.. وتصريحات حسام حسن غير مناسبة    تريزيجية: "كل مباراة لمنتخب مصر حياة أو موت"    حازم إمام: نسخة إمام عاشور فى الزمالك أفضل من الأهلي.. وزيزو أفيد للفريق    مصدر فى بيراميدز يكشف حقيقة منع النادى من المشاركة فى البطولات القارية بسبب شكوى النجوم    بالفيديو.. عمرو دياب يطرح برومو أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالى: موقف الرئيس السيسي تاريخى    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    وزير الخارجية الجزائري يبحث مع أردوغان تطورات الأوضاع الفلسطينية    رويترز عن مسئول إسرائيلي: حماس رفضت المقترح وغيّرت بنوده الرئيسية    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية بلة المستجدة ببني مزار    شيخ الأزهر لطلاب غزة: علّمتم العالم الصمود والمثابرة    يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انفراد.. نص حيثيات «النقض» فى قضية الحديد: عز يحتكر السوق
نشر في التحرير يوم 03 - 01 - 2015


كتب - هدى أبو بكر
حصلت التحرير على نص حيثيات الحكم الصادر من محكمة النقض، والذى يقضى بتخفيض الغرامة ضد أحمد عز الأمين العام السابق للحزب الوطنى المنحل وآخرين بشركة عز للحديد من 100 مليون جنيه إلى 10 ملايين جنيه فى قضية احتكار الحديد.
الحكم رغم أنه قضى بتخفيض الغرامة عملا بالعقوبة الأخف فإن حيثياته أكدت بين سطورها ارتكاب عز جريمة الاحتكار، وأنه استحوذ على السوق بنسبة تراوحت بين 58% و68% من إنتاج الحديد.
حكم محكمة النقض صادر فى 25 نوفمبر الماضى بالدائرة (د) جنايات فى الطعن المقيد برقم 2898 لسنة 84 القضائية، فى الدعوى المرفوعة من أحمد عز وعلاء سعد أبو الخير العضو المنتدب لشركة حديد الدخيلة وسمير رؤوف فتح الله مدير المبيعات بالشركة، وقضى بتخفيض الغرامة الصادرة من المحكمة الاقتصادية ضد المتهمين فى قضية احتكار الحديد إلى 10 ملايين جنيه بدلا من 100 مليون جنيه.
وقالت الحيثيات، إن الحكم الصادر من المحكمة الاقتصادية بتوقيع عقوبة على المتهمين بغرامة 100 مليون جنيه استند إلى نص المادة 22 من القانون رقم 190 لسنة 2008 بتعديل بعض أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 2005، فى حين أن الواقعة المنسوبة إلى الطاعنين قد جرت قبل سريانه، فتظل محكومة بالعقوبة المقررة فى المادة 22 من القانون الأخير قبل تعديلها باعتبارها الأصلح للطاعنين.
واستندت محكمة النقض فى تخفيض العقوبة إلى نص المادة 5/1 من قانون العقوبات (يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها)، وقالت الحيثيات، إنه لا يجوز أن يعاقب شخص بعقوبة أشد صدر بها قانون آخر بعد ارتكاب الفعل فى ظل قانون سابق كانت العقوبة فيه أخف، فإذا تعاقب قانونان ولم يكن الثانى أصلح للمتهم فيجب دائما تطبيق القانون الأول على الأفعال التى وقعت قبل تعديله لامتناع تطبيق الثانى على واقعة سبق صدورها.
حكم محكمة النقض أشار إلى تحقيقات النيابة العامة التى أثبتت أن مجموعة عز استحوذت على حصة سوقية لا تقل عن 58%، فضلا عن قدرتها على التأثير الفعال من خلال ممارستها المنفردة فى الأسعار وكذلك حجم المعروض من منتج حديد التسليح فى السوق دون أن يكون لباقى المتنافسين القدرة على الحد من هذا التأثير، وأن نسبة استحواذ المجموعة على السوق تراوحت بين 58% و68% خلال الفترة من عام 2000 وحتى عام 2006، وقالت المحكمة بناء عليه إنها اطمأنت لتوافر العلم اليقينى للمتهمين الثلاثة بالوضع المسيطر للمجموعة، وذلك من خلال ممارسات احتكارية للسوق.
وتنشر التحرير حيثيات حكم محكمة النقض بتخفيض الغرامة إلى 10 ملايين جنيه بدلا من 100 مليون جنيه، والتى أكدت فى نفس الوقت ارتكاب عز جريمة الاحتكار.
باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الثلاثاء (د)
المؤلَّفة برئاسة السيد المستشار/ سلامة أحمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ يحيى عبد العزيز ماضى
عصمت عبد المعوض
مجدى تركى
معتز زايد
نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ محمد سرور
وأمين السر السيد/ عماد عبد اللطيف
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة.
فى يوم الثلاثاء 3 من صفر سنة 1436 ه، الموافق 25 من نوفمبر سنة 2014.
أصدرت الحكم الآتى:
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 2898 لسنة 84 القضائية.
المرفوع من:
1- أحمد عبد العزيز أحمد عز
2- علاء سعد أبو الخير
3- سمير رؤوف جرجس فتح الله نعمان المحكوم عليهم
ضد:
النيابة العامة.
الوقائع:
اتهمت النيابة العامة الطاعنين فى قضية الجنحة رقم 35 لسنة 2013 جنح اقتصادى القاهرة، بأنهم فى الفترة من 16 من مايو سنة 2005 وحتى 31 من ديسمبر سنة 2006 بدائرة قسم شرطة الدقى- جمهورية مصر العربية:
- بصفتهم رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب ومدير إدارة المبيعات بمجموعة شركات العز- العز لصناعة حديد التسليح ومصانع العز للدرفلة وعز الدخيلة للصلب- المحقق لها السيطرة على منتج حديد التسليح داخل جمهورية مصر العربية والتى تزيد حصتها على 25٪ من حصة هذا السوق، والتى لها القدرة على إحداث تأثير فعال فى أسعار هذا المنتج سالف البيان وحجم المعروض منه بالأسواق المعنية دون قدرة الأشخاص المنافسين على الحد من هذا التأثير الفعال.
- ارتكبوا فعلا من أفعال الممارسات الاحتكارية أدى إلى اقتصار توزيع منتج حديد التسليح الخاص بمجموعة شركات العز سالفة البيان، على أساس فترات زمنية بين أشخاص ذوى علاقة رأسية بتوقيع جزء على الموزعين المعتمدين المتعاقد معهم مع هذه المجموعة فى حالة استخدام حصة شهرية أقل من الحصة المقررة لهم من هذا المنتج سالف البيان الخاص بهذه المجموعة بخفض الحصة المقررة من ذات المنتج لهذا الموزع فى الشهر التالى، مما ألزمهم باستخدام كامل الحصة المقررة لهم من هذه المجموعة، خشية التعرض للجزاء المصاحب، فوقعت الجريمة بناء على هذا الفعل.
وأحالتهم إلى محكمة القاهرة الاقتصادية لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا فى 30 يونيو سنة 2013 ببراءة المتهمين مما أُسند إليهم.
استأنفت النيابة العامة وقُيّد استئنافها برقم 268 لسنة 2013 مستأنف القاهرة اقتصادى.
ومحكمة القاهرة الاقتصادية -بهيئة استئنافية- قضت حضوريا بجلسة 11 من نوفمبر سنة 2013 عملا بالمواد أرقام 1 و3 و4 و8 بند ج و22 و24 و25 من القانون رقم 3 لسنة 2005 الصادر بشأن حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية. بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بتغريم كل متهم من المتهمين الأول أحمد عبد العزيز عز، والثانى علاء سعد أبو الخير، مبلغ مئة مليون جنيه، وبتغريم المتهم الثالث سمير رؤوف جرجس فتح الله نعمان مبلغ خمسمئة ألف جنيه، وبنشر الحكم فى الجريدة الرسمية وجريدتى الأهرام و الجمهورية على نفقة المحكوم عليهم وألزمتهم المصاريف الجنائية.
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض فى 15 ديسمبر سنة 2013 وأودعت خمس مذكرات بأسباب الطعن فى 2 و4 يناير سنة 2014، أربعٌ منها موقَّع عليها من المحامين/ بهاء الدين بدر أبو شقة، وأحمد شوقى أبو خطوة، وعبد الرؤوف محمد مهدى، وآمال عثمان عبد الرحيم، والخامسة ذُيلَّت بتوقيع غير مقروء.
بجلسة اليوم نظرت المحكمة الطعن منعقدةً فى هيئة غرفة مشورة، وقررت إحالة الطعن إلى المرافعة والنظر بذات الجلسة كما هو مبين بمحضرها.
حيث سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمة:
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن مذكرة الأسباب المودَعة برقم 9 لسنة 2014 تتابع بتاريخ 2/1/2014 قد ذيلت بتوقيع غير مقروء، فإنها تكون موقعة من غير ذى صفة، مما يتعين معه الالتفات عنها.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه -فى مذكرات أسبابهم الأربع- أنه إذا دانهم بجريمة ارتكاب فعل من أفعال الممارسات الاحتكارية، قد شابه التناقض والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى الإسناد وفى تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى وأركان الجريمة التى دانهم بها ودور كل طاعن فيها والشروط الواجب توافرها لاعتبار الشخص مسيطرا، وخلا من بيان مؤدى طلب رفع الدعوى وتفويض الوزير المختص فى إصداره، وما إذا كان سابقا على الطلب أم لاحقا عليه، وخلت مدونات الحكم من بيان اطلاع المحكمة على العقد المحرر بين المجموعة والموزعين وإثبات أنه يتضمن توقيعات لأطرافه، واستخلص الحكم توافر القصد الجنائى من أقوال الشهود دون بيان مضمون الشهادة التى تدل على علم الطاعنين بعناصر الجريمة واتجاه إرادتهم إلى ارتكابها، خصوصا أن أقوال الشهود تنفى توافر هذا القصد، وأن مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة لم يخطرهم بوجود مخالفات وحفظ البلاغ المقدم فى هذا الشأن، وجاءت أسباب الحكم متناقضة على النحو المبين بمذكرات أسباط الطعن، وعوّل الحكم على جزء من تقرير صادر عن مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة قبل صدور طلب الوزير المختص وأخرج عباراته عن سياقها العام، خصوصا أن التقرير انتهى إلى عدم وجود مخالفات أو أن هناك اقتصارا بالمفهوم الذى حددته المادة 8/ ج من القانون رقم 3 لسنة 2005، والتفت عن دفاعهم الشفهى والمسطور بشأن هذا التقرير الصادر من جهة فنية مختصة.
وطرح الحكم أيضا تقريرين آخرين صادرين عن جهاز حماية المنافسة وتقريرا استشاريا مقدما فى هذا الشأن، تضمنت جميعها عدم وجود ممارسات احتكارية، ولم تندب المحكمة خبيرا لاستجلاء هذا الأمر، هذا إلى جانب أن دفاع الطاعنين أمام محكمة الموضوع بنى على خلو التحقيقات التى أجريت من الدليل الفنى على ثبوت الاتهام، وأن وجود الجريمة من عدمه لا يتوافر إلا عن طريق تقرير فنى يصدر عن جهات حماية المنافسة باعتباره الجهة الفنية المختصة فى هذا الشأن، هذا بالإضافة إلى أن الطاعنين دفعوا بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة، إلا أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يصلح ردا، إذ إن الطاعن الثانى لم يواجه بأى جريمة تضمنها قانون حماية المنافسة، ولم تتضمن الشكوى التى أشار إليها الحكم إلى وقائع تتصل بالجريمة محل الاتهام خلافا لما أورده الحكم، والذى جاء على خلاف الثابت بالأوراق، ورد الحكم على الدفع المبدَى من الطاعنين ببطلان تحقيقات النيابة العامة، لاستباقها طلب الوزير المختص وفقا لنص المادة رقم 21 من القانون رقم 3 لسنة 2005 بما لا يصلح ردا خاصا، وأن الأمر فى حقيقته لم يكن تقديما لإصدار الطلب من الوزير المختص، وإنما كان استصدارا لهذا الطلب بما يؤكد أن الأمر لم يكن متصلا بالبحث عن العدالة، بقدر ما كان بحثا عن آخر آخر، كما دفعوا بعدم قبول الدعوى الجنائية لأن الطلب صدر بناء على ما طلبته النيابة العامة، وهو ما لا تملكه، لأن مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة هو الجهة الوحيدة صاحبة الاختصاص فى تحديد قيام المخالفة لقانون حماية المنافسة، وهو الأمر اللازم تحققه لانعقاد اختصاص الوزير بإصدار الطلب، ومن ثم يكون الطلب غير مستوفٍ لشرائطه، بيد أن الحكم طرح الدفع بما لا يسوغه، هذا فضلا عن أن دفاع الطاعنين المؤيد بالمستندات بنى على نفى الاتهام المسند إليهم، وأن ممثلى تسع شركات منافسة أكدوا أمام ممثلى جهاز حماية المنافسة أنهم يتعاملون مع الموزعين بنظام الحصص، وقد يتغير حجم الحصص وفقا لحالة السوق وظروف الإنتاج، إلا أن الحكم لم يتناول هذا الدفع إيرادا وردًّا، وأخيرا فقد دان الحكم المطعون فيه الطاعنين الأول والثانى، طبقا لنص المادة رقم 22 من القانون رقم 190 لسنة 2008 بتعديل بعض أحكام قانون حماية المنافسة ومنع المنافسات الاحتكارية الصادرب القانون رقم 3 لسنة 2005، فى حين أن الواقعة المنسوبة إلى الطاعنين قد جرت قبل سريانه، فتظل محكومة بالعقوبة المقررة فى المادة رقم 22 من القانون الأخير قبل تعديلها، باعتبارها الأصلح للطاعنين، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بيّن واقعة الدعوى وعرض لدفاع الطاعنين استعرض مسؤوليتهم عن الجريمة محل الاتهام بما مفاده أن مجموعة العز تتضمن ثلاث شركات ذات علاقة مرتبطة تطبيقا لمعيارى الملكية والإدارة، فإن مسؤولية الجريمة المرتكبة تقع على عاتق المتهمين الثلاثة، الأول بصفته الطاعن الأول يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة لمجموعة الشركات والعضو المنتدب لشركة العز لصناعة حديد التسليم وقت ارتكاب الجريمة، والثانى الطاعن الثانى كان يشغل وظيفة العضو المنتدب لشركة عز الدخيلة، بينما الثالث الطاعن الثالث كان يعمل مدير إدارة مبيعات مجموعة العز، وباعتبارهم المسؤوين عن الإدارة الفعلية لهذه المجموعة والقائمين على وضع السياسة البيعية للمجموعة وإبرام العقود مع الموزعين وتحديد حصة كل منهم من خلال لجنة المبيعات والإدارة العليا المنوط بهما الإدارة المركزية لمبيعات المجموعة، وقد ثبت علمهم بالجريمة وترتب على إخلالهم بالواجبات التى تفرضها عليهم تلك الإدارة فى وقوعها وذلك استنادا لما شهد به كل من مدير إدارة سياسات المنافسة بجهاز حماية المنافسة ورئيس فريق العمل المكلف بإعداد الدراسة عن أسباب ارتفاع أسعار حديد التسليم ونائب مدير البحوث والتحريات بجهاز حماية المستهلك، والذى كان ضمن فريق العمل الذى أعد الدراسة ومدير قطاع التسويق بمجموعة شركات العز بتحقيقات النيابة العامة، وما قرره الطاعن الثالث فى التحقيقات المذكورة من أنه بصفته مدير مبيعات المجموعة فإنه يختص بالاشتراك فى وضع الخطة السنوية لمبيعات منتجات المجموعة وعمل عقود الاتفاق ببيع كميات سنوية مع الموزعين الذين تتوافر فيهم الشروط العامة للتعامل فى سلعة حديد التسليح، ويقوم بوضع السياسة البيعية لجنةُ المبيعات والتى هو عضو فيها والإدارة العليا للشركة، وهى مجلس الإدارة والعضو المنتدب والذى يعتمد الموازنة السنوية للشركة، وأنه هو الذى يقوم بالتوقيع على العقود مع الموزعين بصفته مدير إدارة المبيعات، وأن الثابت من أقوال رئيس الفريق الذى أعد الدراسة بتحقيقات النيابة العامة أن المجموعة تستحوذ على حصة سوقية لا تقل عن 58٪ طوال فترة الدراسة، فضلا عن قدرتها على التأثير الفعال من خلال ممارساتها المنفردة فى الأسعار، وكذلك فى حجم المعروض من منتج حديد التسليح فى السوق، دون أن يكون لباقى المتنافسين القدرة على الحد من هذا التأثير، كما شهد رئيس قطاع التسويق بالمجموعة بأن نسبة استحواذها على هذه السوق تراوحت بين 58٪ و68٪ خلال الفترة من عام 2000 وحتى عام 2006، الأمر الذى تطمئن معه المحكمة إلى توافر العلم اليقينى للمتهمين الثلاثة، بالوضع المسيطر للمجموعة، كما أنهم قاموا بتحديد السياسة البيعية للمجموعة، وتصريف إنتاجها ووضع الخطة السنوية لمبيعات منتجاتها من حديد التسليح وعمل عقود اتفاق البيع الشهرية والسنوية مع الموزعين وذلك من خلال ممارسات احتكارية تمثلت فى إساءة استخدام الوضع المسيطر للمجموعة بتضمين عقود الموزعين الجزاء المرتبط بنظام الحصص الشهرية الذى تفرضه المجموعة، والذى أدى إلى اقتصار بعض الموزعين فى فترات زمنية على التعامل وبشكل حصرى على منتج حديد تسليم المجموعة، دون منتجات باقى المنافسين، لمّا كان ذلك، وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه بيّن واقعة الدعوى بما توافر به كل العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها فى حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وحدد دور كل طاعن فيها، وكان القانون لم يرسم شكلا خاصا تصوغ فيه المحكمة بيان الواقعة والظروف التى وقعت فيها، وأنه متى كان مجموع ما أورده الحكم -كما هو الحال فى الدعوى- كافيا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يحقق حكم القانون، ويضحى منع الطاعنين على الحكم المطعون فيه بالقصور فى غير محله... لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه فى معرض سرده للواقعة ورده على الدفع المبدى من الطاعنين بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق القانونى أورد مضمون مؤدى طلب رفع الدعوى وتفويض الوزير المختص فى إصداره، وأن الطلب المؤرخ 16/3/2011 جاء مستوفيا لشروطه وأنه تضمن صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 347 لسنة 2011 بتفويض الوزير فى تطبيق أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رقم 3 لسنة 2005 وأن الطلب تضمن الموافقة على اتخاذ إجراءات التحقيق ورفع الدعوى الجنائية، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الصدد يكون غير سديد.. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم قد أبانت فى أكثر من موضع مضمون العقد المحرر بين المجموعة والموزعين، لمنع المنتج الجديد، وأن ذلك ورد فى تقرير حماية المنافسة، كما أورد الحكم فى موضع آخر أن الثابت من أقوال رئيس فريق العمل الذى أعد دراسة جماية المنافسة أن نموذج العقد المتضمن للجزاء فى بنده الرابع قدمته مجموعة العز بموجب مستند رسمى ضمن المستندات التى طلبها الجهاز، وأثبتت المحكمة فى حكمها مطالعتها لنموذجين من العقد المقدم متطابقين ولا يختلفان إلا فى اسم الشركة، وأن الأول خاص بشركة عز الدخيلة، والثانى خاص بشركة العز لحديد التسليم، وأوردت المحكمة مضمون هذا العقد، فإن النعى على الحكم بالقصور فى هذا الخصوص يكون فى غير محله... لمَّا كان ذلك، وكان القصد الجنائى فى جريمة الممارسات الاحتكارية من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التى تفصل فيها محكمة الموضوع فى ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وكان الحكم قد أثبت أخذا بما جاء بالدراسة الواردة بتقرير جهاز حماية المنافسة وأقوال الشهود انصراف إرادة الطاعنين إلى إساءة استخدام وضع مجموعتهم المسيطر فى سوق الحديد وعلمهم بأن هذا الفعل من شأنه أن يؤدى إلى الاقتصار على توزيع منتجهم دون غيره واتجاه إرادتهم رغم هذا العلم إلى تحقيق هذه النتيجة، ومن ثم فإنه لا يكون للنعى على الحكم فى هذا الشأن وجه... لمَّا كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين أسبابه، بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة والذى من شأنه أن يجعل الدليل متهادما متساقطا لا شىء فيه باقيا يمكن أن يعتبر قواما لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لواقعة الدعوى ثم ساق أدلة الثبوت التى استمد منها عقيدته وعرض لدفاع الطاعنين وطرحه دون تناقض -على النحو المبين بالتحقيقات- فإن ما يثيره الطاعنون من دعوى التناقض فى التسبيب يكون غير سديد... لمَّا كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها ولها أن تفاضل بين هذه التقارير وتأخذ منا بما تراه وتطرح ما عداه، إذ إن ذلك الأمر يتعلق بسلطتها فى تقدير الدليل ولا معقب عليها فى ذلك، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء مادامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد فى تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها، كما أن لمحكمة الموضوع أن تورد فى حكمها من تقرير الخبير ما يكفى لتبرير اقتناعها بالإدانة، ما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته منها واعتمدمت عليه فى تكوين عقيدتها، فإن إغفالها إيراد تفصيلات معينة يعتبر طرحًا لها، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أسانيد حواها تقرير حماية المنافسة وأقوال رئيس فريق العمل الذى أعد دراسة ذلك التقرير، وأطرحت فى حدود سلطتها التقديرية التقرير الاستشارى المقدم من الطاعنين، فإنه لا تجوز مجادلتها فى ذلك أمام محكمة النقض، وهى غير ملزمة من بعد أن ترد استقلالا على التقرير الاستشارى الذى لم تأخذ به أو على الدفوع الموضوعية التى يستفاد الرد عليها ضمنا من أدلة الثبوت التى أوردتها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا فى واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض... لمّا كان ذلك، وكان البيّن من محضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يطلبوا من المحكمة ندب خبير أو اتخاذ إجراء ما، ومن ثم فلا يصح لهم من بعد النعى عليها لقعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هى من جانبها حاجة إليه.. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل فى المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكوّن عقيدته من أى دليل أو قرينة يرتاح إليها، إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائى لم يجعل لإثبات جريمة الممارسات الاحتكارية طريقا خاصا، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة، بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة، واطمئنانها إلى ما انتهت إليه -كما هو الحال فى الدعوى الحالية- ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعنون من خلو الحكم من الاستناد إلى دليل فنى يثبت الجريمة، يلزم صدوره عن طريق جهاز حماية المنافسة، ولا يعدو ما يثيرونه فى هذا الشأن أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك.
رئيس قطاع التسويق بالمجموعة أقر بأن نسبة استحواذها على السوق تتراوح بين 58 و68٪ من عام 2000 إلى 2006
وكان من المقرر قانون أن الجريمة تعتبر فى باب التقادم وحدة قائمة بنفسها غير قابلة للتجزئة لا فى حكم تعيين مبدأ المدة ولا فى حكم ما يقطعها من الإجراءات، ومن ثم فإن أى إجراء يوقظ الدعوى العمومية يقطع التقادم بالنسبة لكل المتهمين حتى المجهول منهم، ولو لم يكن متخذا ضدهم جميعا، وكانت إجراءات التحقيق تقطع المدة المقررة لسقوط الحق فى إقامة الدعوى العمومية بالنسبة لجميع الأشخاص، ولو لم يدخلوا فى هذه الإجراءات، والعبرة فى ذلك هى بكل ما يعد ذكرى الجريمة ويردد صداها فيستوى فيه ما يتعلق بظروف وقوعها وما يتعلق بشخص كل من ساهم فيها، وكان من المقرر أيضا أن إجرءات التحقيق لا تقتصر على قطع التقادم بالنسبة للواقعة التى يجرى التحقيق فيها، بل يمتد أثر الانقطاع إلى الجرائم الأخرى المرتبطة بها ارتباطا لا يقبل التجزئة.. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعنين بانقضاء الدعوى الجنائية لمضى أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الجريمة وأطرحه استنادا إلى أن مدة الانقطاع لم تكتمل لوجود إجراءات أنتجت أثرها فى قطع مدة السقوط قبل اكتمالها، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون، ولا يقدح فى سلامة ما استطرد إليه الحكم فى شأن الفروض الجدلية التى طرحها للبحث، إذ لا يعدو أن يكون تزيدا لا يعيبه بعد أن استوفى الرد على الدفع المذكور وانقطاعه بأكثر من إجراء من إجراءات الاستدلال فى مواجهة أحد المتهمين، وإجراءات التحقيق التى اتخذت فى الدعوى، وكذا البلاغات والدعاوى الأخرى التى كانت بين يدى جهات التحقيق المشار إليها فيه، ويضحى ما يثيره الطاعنون فى هذا الخصوص ولا سند له.. لمَّا كان ذلك، وكان البيّن من المفردات المضمومة أن النيابة العامة وجهت إلى الطاعن الثانى الاتهام بشأن الجريمة محل الدعوى، وأن الشكوى المقدمة من المبلغ ضد الطاعن الأول تضمنت قيامه بممارسات احتكارية لمنتج الحديد، ومن ثم فإن ما حصله الحكم من ذلك يرتد إلى أصول ثابتة بالتحقيقات وما ورد بالشكوى المشار إليها، ولم يحدد الحكم عن نص ما أنبأت بهما أو فحواهما، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الشأن يكون غير مقبول.. لمَّا كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعنين ببطلان تحقيقات النيابة العامة، وطرحه بما يسوغ وسرد أوجه اقتناع المحكمة بصحتها، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم فى هذا الشأن يكون على غير أساس.. لمَّا كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنون فى خصوص الغاية من طلب النيابة العامة من الوزير المختص للمرة الثالثة إصدار طلب رفع الدعوى الجنائية عن الجريمة محل الاتهام، وأنها ليست العدالة وإنما أمر آخر لا يعدو أن يكون تعييبا للتحقيق الذى جرى فى المرحلة السابقة على المحاكمة، مما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين أو المدافعين عنهم قد أثار أيهما شيئا بهذا الخصوص، فإنه لا يكون لهم أن يثيروه من بعد أمام محكمة النقض.. لمَّا كان ذلك، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقا للقانون، وأن اختصاصها فى هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء بنص الشارع وأحوال الطلب هى من تلك القيود التى ترد على حقها استثناء من الأصل المقرر، مما يتعين الأخذ فى تفسيره بالتضييق، وأن الطلب متى صدر ممن يملكه قانونا حق للنيابة العامة اتخاذ الإجراءات فى شأن الواقعة أو الوقائع التى صدر عنها ضد كل المساهمين فيها فاعلا أصليا أو شريكا، وصحت الإجراءات بالنسبة إلى كل ما قد تتصف به من أوصاف قانونية مما يتوقع رفع الدعوى الجنائية على طلب بشأنه من أى جهة كانت.. لمَّا كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق ورود طلب تحريك الدعوى الجنائية بالنسبة إلى الجريمة المسندة إلى الطاعنين من الوزير المختص على النحو الذى تستلزمه المادة 21 من القانون رقم 3 لسنة 2005، والتى لم تستلزم إلزام المختص بإصدار الطلب أن يستطلع أو يأخذ رأى جهة معينة فى هذا الصدد، وأنه بصدور هذا الطلب ممن يملكه تعود للنيابة العامة حريتها وسلطتها العامة فى مباشرة التحقيق، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الشأن يكون غير مقبول.. لمَّا كان ذلك، وكان بحسب الحكم كيفما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه طرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون من التفات الحكم عن أوجه دفاعهم المؤيد بالمستندات لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.. لمَّا كان ذلك، وكانت المادة رقم 95 من الدستور تنص على أنه ...... لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون....... ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون........ ، كما نصت المادة 5/1 من قانون العقوبات على أنه يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها.... .. لمَّا كان ذلك، وكان المستفاد من تلك النصوص وفقا للقواعد الأساسية لمشروعية العقاب أنه لا يجوز أن يعاقب شخص بعقوبة أشد صدر بها قانون آخر بعد ارتكاب الفعل فى ظل قانون سابق كانت العقوبة فيه أخف، فإذا تعاقب قانونان ولم يكن الثانى أصلح للمتهم فيجب دائما تطبيق القانون الأول على الأفعال التى وقعت قبل تعديله، لامتناع تطبيق الثانى على واقعة سبقت صدوره.. لمَّا كان ذلك، وكانت المادة رقم 22 من القانون رقم 3 لسنة 2005 بإصدار قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية -الذى وقعت الجريمة فى ظله- قد نصت على أنه مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أى قانون آخر، يعاقب على كل مخالفة لأحكام أى من المواد 6 و7 و8 من هذا القانون بغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز عشرة ملايين جنيه،..... وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب كلا من الطاعنين الأول والثانى بعقوبة الغرامة بمبلغ مئة مليون جنيه، فإنه يكون معيبا بالخطأ فى تطبيق القانون، مما يتعين نقضه -نقضا جزئيا- فيما قضى به بالنسبة إلى عقوبة الغرامة الموقعة على كل من الطاعنين الأول والثانى وتصحيحه بجعل هذه الغرامة مبلغ عشرة ملايين جنيه لكل منهما، ورفض الطعن فى ما عدا ذلك.. لمَّا كان ذلك، وكان القانون رقم 3 لسنة 2005 المنطبق على واقعة الدعوى قد نص فى المادة 21 منه على جواز التصالح، وفقا للشروط التى أوردها، وكان القانون رقم 56 لسنة 2014 الصادر فى 2/7/2014 بعد الحكم النهائى المطعون فيه، وقبل البت فى الطعن قد ورد ذات المبدأ بما أجراه من تعديل على نص المادة المذكورة، وكان ما ورد بمذكرة النيابة العامة لدى هذه المحكمة من أن القانون الأخير بمثابة قانون أصلح، وهو ما أثاره الدفاع عنهم بجلسة نظر الطعن، وكانت المقارنة فى شأن العقوبات المقررة فى كل من القانونين ليست فى صالح الطاعنين لتجاوز الغرامة الحد الأقصى المقرر فى القانون الأول، كما أن أيا منهم لم يقدم ما يفيد تمام التصالح أو أن إجراءات فى شأنه قد اتخذت -ولو لم يبت فيها بعد- فإن التمسك بهذا الوجه لا يكون له محل.. لمَّا كان ذلك، وكانت مذكرة أسباب الطعن الموقع عليها من الأستاذ بهاء الدين أبو شقة، المحامى، قد تضمنت فى صفحتها التاسعة بعد المئة بعد عبارة إنما ليكشف أن الطلب الذى قدم لتحريك الدعوى فى المرة الثالثة وبعد سابقتين لم يتم تقديم الطلب فيهما لتحريك الدعوى إحداهما بعد الثورة..... بما يؤكد أن الأمر لم يكن متصلا بالبحث عن العدالة بقدر ما كان بحثا عن أمر آخر..... وهى عبارة جارحة غير لائقة ولا يقتضيها الطعن فى الحكم، فإنه يتعين عملا بنص المادة 105 من قانون المرافعات الأمر بمحو العبارة الأخيرة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه بجعل الغرامة عشرة ملايين جنيه لكل من الطاعنين الأول والثانى، بالإضافة إلى عقوبة النشر التكميلية المقضى بها، ورفض الطعن فى ما عدا ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.